"القدس عبر العصور" عنوان لقاء نظمته مديرية الاعلام في الجنوب
نشر بتاريخ: 13/10/2009 ( آخر تحديث: 13/10/2009 الساعة: 17:51 )
الخليل-معا- نظمت وزارة الإعلام، مديرية الجنوب، اليوم، وبالتعاون مع قسم التاريخ في جامعة الخليل ندوة تاريخية بعنوان " القدس عبر العصور " ، بحضور 30 معلما ً لمادتي التاريخ والتربية الوطنية من مديريات التربية في المحافظة ومجموعة من الطلبة المتميزين من كافة مدارس المحافظة وذلك ضمن سلسلة من الفعاليات والأنشطة التي تنظمها وزارة الإعلام الفلسطينية لنصرة القدس وفضح ومقاومة ممارسات الاحتلال في المدينة المقدسة .
وأدار الندوة د. عبد القادر الجبارين، رئيس قسم التاريخ في الجامعة وحاضر فيها كل من : د. محمد العلامي، المتخصص في تاريخ فلسطين القديم حيث قدم مداخلة بعنوان " تاريخ القدس ما قبل الإسلام " ، والدكتور شوكت حجة حيث قدم مداخلة عن تاريخ القدس في العصر الإسلامي .
تبعه د. احمد غريب، مقدما مداخلة عن الوضع الجغرافي والديموغرافي للقدس والتغيرات التي طرأت على المدينة في عهد الاحتلال .
وقال د. الجبارين في بداية مداخلته ان القدس عربية المنشأ والحضارة والتاريخ إسلامية الهوية وهي مفتاح السلم والحرب في العالم ولن يقبل فلسطيني واحد التنازل عن حقه في كون هذه المدينة عاصمة فلسطين الأبدية حسب كافة الشرائع والقوانين الدولية وحسب قناعاتها الدينية والوطنية التي يجب ترسيخها بالعلم والمعرفة .
وحاضر د. العلامي عن تاريخ القدس القديم حيث استعرض إشكاليات مصادر دراسة تاريخ فلسطين القديم واعتماد الكثير بل معظم الدراسات على التوراة كمصدر رئيسي ، كذلك الحملات الأثرية اعتمدت في كثير من صياغة تصوراتها عن تاريخ فلسطين والقدس القديم على أجزاء التوراة الثلاث وصاغ لدى الكثير من الباحثين تصورات مسبقة وأحكام جاهزة عن تاريخ فلسطين القديم . علماً بأن معظم التنقيبات الأثرية دحضت ولم تثبت ادعاءات الأثريين الذين سعوا الى تزوير الحقائق وخدمة الهدف التوراتي .
وأضاف أن في سبعينيات القرن العشرين ظهر اتجاه جديد درس تاريخ المنطقة بشكل مستقل عن الروايات التوراتية وبشكل محايد وهذا ما يجب علينا كفلسطينيين وعرب ومسلمين التركيز عليه .
واستعرض العلامي تاريخ القدس منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد مرورا بحقب تاريخية وعصور وحضارات متعددة ، وتابع الدكتور شوكت حجة المتخصص في التاريخ الإسلامي بمداخلة تحت عنوان " القدس في الفترة الإسلامية والتسامح الديني " ، مؤكدا على أهمية القدس الدينية لدى المسلمين وارتباطها بالعقيدة الإسلامية من خلال القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ومدى قدسية هذه المدينة من خلال ربطها بالمدن الإسلامية الأخرى كمكة المكرمة .
وأضاف حجة إن ارض فلسطين والقدس هي ارض رباط لذا بات الصمود في هذه الأرض لكونه واجب وطني واجب ديني أيضا ً وان القدس حظيت على مدار التاريخ الإسلامي ومنذ بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم باهتمام المسلمين قادة وشعوب .
وتحدث عن الفتح الإسلامي بل تسليم مفاتيح القدس للخليفة عمر بن الخطاب من قبل أهلها الأصليين والعهدة العمرية وتأمين كل أصحاب الديانات على أنفسهم وممتلكاتهم وحريتهم الدينية وأضاف استمر الاهتمام الإسلامي في العهد الأموي وقد زارها كل خلفاء بني أمية حتى إن معاوية جاءته البيعة بالخلافة وهو في القدس .
وفي الفترة العباسية حظيت المدينة باهتمام الخلفاء العباسيين وزارها العديد منهم وحظي كل أصحاب الديانات بحرية العبادة والإقامة في القدس حتى انه ترجمت أول توراة الى اللغة العربية في هذا العصر ، وبقيت القدس تشكل رمزا مهما للعالم الإسلامي في عهد المماليك و العثمانيين الى أن سقطت الدولة العثمانية ووقعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني .
وقال الدكتور اغريب، المتخصص في علوم الجغرافيا، رئيس مركز الخليل للدراسات والاستشارات ان مصدر التاريخ فيما يخص القدس أصبح في الوقت الحالي القوة العسكرية الإسرائيلية التي عملت على مدار سنين الاحتلال الى تغيير المعالم الجغرافية وخلخلة الموازنة الديموغرافية للقدس ومحاصرة آمال الفلسطينيين في جعل الشطر الشرقي عاصمة الدولة الفلسطينية حيث تبوأت الصدارة على مداولات المؤتمر الصهيوني الأول في بازل مرورا بتسجيل الكثير من التوصيات في مؤتمرات هيرتسليا السنوية والندوات الاستراتيجية في مراكز الأبحاث الإسرائيلية التي دعت الى وضع المخططات المحكمة لدفع المقدسيين العرب خارج القدس وتهيأة الظروف للسكان اليهود للإخلال بالميزان الجغرافي والديموغرافي للمدينة.
وبعد نكبة 48 أخليت القدس الغربية من سكانها العرب وفي عام 1967 وبعد احتلال الجزء الشرقي من المدينة عملت إسرائيل على السيطرة على الأودية والطرق والقمم حول القدس وضمت أكثر من 70 كيلو متر من الأراضي المحيطة بها حتى وصل عدد السكان اليهود عام 2001 الى 11% مقابل 67% مسلمين و22% مسيحيين ومن خلال ما يسمى بمشروع E1 و E2 صادرت إسرائيل حوالي 75 كيلو متر لصالح مستعمرات ابو غنيم ومعالي ادوميم ، بحيث أصبح وضع القدس الجغرافي الآن على النحو التالي : 34% أراضي مصادرة للاستعمال العام و13% أحياء عربية و24% أراضي خضراء و9% مخصص لتوسيع المستوطنات وأصبحت القدس محاطة بمجموعة من المستوطنات معالي ادوميم من الشرق وغبعات زئيف من الغرب ومجمع مستوطنات بنيامين من الشمال وجوش عتصيون من الجنوب .
ومن الناحية السكانية وصل عدد المستوطنين اليهود في القدس في العام 2009 الى 246 ألف يتمركزون في 26 بؤرة استيطانية مقابل 310 آلاف عربي وتتوقع الأوساط الإسرائيلية الى ان يصبح سكان القدس الكبرى (حسب الزعم الإسرائيلي ) الى 817 ألف نسمة عام 2010 منهم 76% من السكان اليهود .
وكان خالد خنة نائب مدير مديرية الإعلام في الخليل قد افتتح الندوة بكلمة ترحيبية وكلمة شكر لجامعة الخليل على استجابتها لوزارة الإعلام وتنظيم هذه الندوة ، ودعا مدرسي مادة التاريخ والتربية الوطنية إلى ايلاء موضوع القدس وتاريخها الأهمية القصوى وإبقاء ذاكرة الأجيال متقدة ومتحفزة بما يخص جذورهم وأصولهم وارتباطهم بالقدس ودعا الباحثين والأكاديميين الى التصدي والعمل على دحض كل الافتراءات الإسرائيلية المزعومة حول حقهم في المدينة المقدسة .
وأضاف ان وزارة الإعلام في موضوع القدس ستعمل مع كافة الفئات والجهات على المستوى الداخلي والخارجي وستركز في المرحلة المقبلة على العمل مع الأطفال حيث سينطلق مطلع الأسبوع المقبل مشروع " زهرة المدائن في عيون الأشبال والزهرات " .
وفي نهاية الندوة أطلقت وزارة الإعلام مسابقة حول أفضل موضوع مكتوب أو مصور عن القدس وحول أفضل تصور لإدخال موضوع القدس في الأنشطة المدرسية حيث ستشكل لجنة برئاسة قسم التاريخ في الجامعة وعضوية وزارة الإعلام لاختيار أفضل المواضيع ونشرها وستقدم جوائز للمواضيع المميزة .
وفي سياق تعقيبه على الندوة استطرد إسماعيل جحشن مدير مديرية الجنوب – الخليل، مؤكدا على أهمية هذه الندوة والتي تأتي في إطار عمل الوزارة وأنشطتها المتعددة التي تسعى دوما الى إبقاء موضوع القدس عنوانا رئيسيا لدى كل الأجيال الفلسطينية المتعاقبة وعلى أجندة المفاوض والسياسي الفلسطيني لما تكتسبه هذه القضية من أهمية في بلورة الشخصية الوطنية الفلسطينية على الأرض الفلسطينية بشكل ديني وتاريخي وحضاري وإنساني .