سيناريوهات: انتخابات باتفاق او بلا اتفاق او استمرار الوضع القائم
نشر بتاريخ: 13/10/2009 ( آخر تحديث: 14/10/2009 الساعة: 08:23 )
رام الله -معا- في اوج المعركة الإعلامية الطاحنة التي بدأتها حركة حماس في اعقاب قرار تاجيل غولدستون، ومساعيها لاستغلال ذلك في اطار تحقيق مكاسب سياسية وشعبية، وطبيعة الردود الصادرة عن قيادات ومسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية، فانه من الواضح ان تداعيات المعركة حول هذا التقرير وتبعاته انه سيلقي بظلاله الثقيلة على المرحلة المقبلة بالنسبة للفلسطينيين خاصة على صعيد المصالحة الوطنية وموضوع الاستحقاق الدستوري الذي يحل موعده في نهاية ليلة الـ (24) من الشهر الجاري المقرر ان يشهد اصدار الرئيس محمود عباس المرسوم الرئاسي لاجراء الانتخابات باعتبار هذه الخطوة استحقاق دستوري، الامر الذي يفتح الطريق لمحاولة التنبؤ بسنياريوهات عديدة اقلها ضررا تحقيق انجاز التوافق الوطني والاتفاق على اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها المقرر الـ (25) من كانون ثاني 2010.
ومن بين السيناريوهات المحتملة للتعامل والاكثر واقعية في ظل وجود مؤشرات على تدمير جهود المصالحة الوطنية، وعدم الوصول الى اتفاق وطني، هو ان يقدم الرئيس عباس على الدعوة لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في موعدها المقرر وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، باعتبار ان الوطن كله دائرة واحدة حيث يستند الرئيس في ذلك الى القرار بالقانون الذي اصدره في 2-9-2007 والذي اكد فيه على اعتماد التمثيل النسبي، وضرورة ان يحصل الرئيس في هذه الانتخابات على الاغلبية المطلقة (1+50)، حيث يتيح اجراء الانتخابات وفق هذه الطريقة اجراء الانتخابات في جميع الاراضي الفلسطينية واعتماد نتائجها حتى لو عملت حماس على تعطيل اجراء الانتخابات في قطاع غزة، كما تتيح هذه الخطوة نزع غطاء شرعية الانتخابات عن كتلة حماس الانتخابية "كتلة الاصلاح والتغيير "، ويجعلها خارج النظام السياسي ليس فقط بل يورطها في الظهور بمظهر المخرب لاجراء هذه الانتخابات، مع الحفاظ على تمثيل قطاع غزة بشخصيات وقيادات يشاركون ضمن القوائم الانتخابية التي تكتسب صفة التمثيل العام بغض النظر عن طبيعة الشخصيات والمكان الجغرافي لتواجدهم، حيث يتيح هذه النظام للفلسطينيين اينما كانوا بالمشاركة في الادلاء باصواتهم لصالح القوائم الانتخابية المتنافسة بمعنى ان المواطنين في الضفة سيكون بمقدورهم انتخاب قيادات من غزة مرشحة ضمن القوائم بما يضمن تمثيل قطاع غزة حتى لو لم تسمح حماس اجراء الانتخابات في القطاع..
ومن الواضح ان اللجوء لمثل هذا السيناريو يتطلب بالاصل الحصول اولا على دعم دولي لاجراء الانتخابات في موعدها، وسماح اسرائيل لاجراء الانتخابات دون تدخل خاصة في مدينة القدس المحتلة التي تدور حولها صراع سياسي مع سلطات الاحتلال، اضافة اعادة تحديث السجل الانتخابي من قبل لجنة الانتخابات وإصدار تعليمات جديدة بشأن الية اجراء هذه الانتخابات وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، وفتح باب الترشيح للانتخابات وتحديد مواعيد إجراء الحملات الانتخابية للقوائم الانتخابية.
ومن المقرر ان يكون مثل هذا المقترح مطروحا على اجتماع المجلس المركزي للمنظمة الذي سيعقد اجتماعا له في نفس اليوم الذي يتطلب فيه من الرئيس عباس ان يصدر مرسومه الرئاسي لاجراء الانتخابات في موعدها.
ومن اكثر المخاطر التي تهدد تنفيذ مثل هذا الخيار هو امكانية رفض قبول حكومة اسرائيل اجراء الانتخابات في موعدها، الامر الذي يساهم في ادامة الحالة القائمة وتقديم اسرائيل خدمة مباشرة لحركة حماس بحيث تضمن بذلك استمرار تمتعها بالشرعية الانتخابية حتى الـ (25) من كانون ثاني، وعنده يصبح المجلس التشريعي والرئيس يتفتقدان للشرعية الانتخابية مع انتهاء الفترة القانونية لهما حسب القانون الاساسي.
اما السيناريو الثاني فانه يتمثل في وصول الاطراف المتصارعة وخاصة حركتي فتح وحماس الى توافق يقود الى التوقيع على الاتفاق الوطني والقبول بالمقترحات الواردة في الورقة المصرية، بما في ذلك تأجيل موعد اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية الى 28-6-2010، والاتفاق على طبيعة النظام الانتخابي المقرر اعتماده حيث يتطلب ذلك الاتفاق اولا على عقد جلسة للمجلس التشريعي من اجل ادخال التعديلات المطلوبة على القانون الأساسي بما يوفر الغطاء القانوني لتأجيل الموعد والتعديلات على نصوص مواد القانوني الأساسي بشأن النظام الانتخابي، خاصة وان تأجيل موعد اجراء الانتخابات يفتح الطريق امام المواطنين والمؤسسات للطعن بقرار التأجيل.
كما ان هذه السيناريو يتطلب الحصول على الضمانات المطلوبة لالتزام الأطراف على إجراء هذه الانتخاب ولكي لا يتحول موضوع الانتخابات الى مثل جلسات الحوار الوطني الذي امتدت سنوات دون الوصول الى توافق وطنى، كما يتطلب الاتفاق على طبيعة واليات عمل لجنة انتخابات مركزية التي ستتولى باستحداث السجل الانتخابي للناخبين وتنظيم اجراءات الانتخابات.
ومن العقبات امام تنفيذ هذا الخيار، تتمثل في موافقة الجانب الاسرائيلي على اجراء الانتخابات في غزة والضفة بما فيها القدس سيما انه يعمد على تكريس الفصل بين الضفة وغزة ولن يقبل بسهولة انجاز التوافق الفلسطيني وخوض الانتخابات على ارضية الاتفاق الفلسطيني، كما اجراء الاتفاق وفق هذا الخيار يتطلب توافقا فلسطينيا على كافة القضايا بما فيها اجراء الانتخابات للمجلس الوطني واللجنة التنفيذية لـ (م،ت،ف)، ومعالجة الموضوع الامني والمعابر وانهاء موضوع المصالحة الوطنية المرتبط بالاساس بعائلات واشخاص فقدوا حياة اولادهم في الصراع الدامي بين الجانبين ووضع الضوابط الضامنة لاستقرار التوافق الوطني بين الجانبين، وضمان عدم تدخل اطراف خارجية في الانتخابات ومشاركة طواقم رقابة دولية على اجراء الانتخابات تحسبا من عمليات التزوير او عملية التشكيك في النتائج اذا ما جاءت لصالح طرف على حساب طرف اخر.
اما السيناريو الثالث فيتمثل في عدم اجراء الانتخابات وعدم الاتفاق الوطني الامر الذي يبقي الوضع على حاله ويفتح الطريق امام تعويل كافة الاطراف على عامل الوقت والتعايش مع الوضع القائم في انتظار الفرصة المواتية اما لعودة السلطة الفلسطينية واجهزتها الى قطاع غزة ،او مواصلة حركة حماس لوضع الخطط للسيطرة على الضفة الغربية وتكرار ما فعلته في قطاع غزة في الضفة، واستمرار اسرائيل جني المكاسب السياسية لهذا الوضع القائم والتهرب من اية التزامات او استحقاقات سياسية يجب عليها دفعها بذريعة عدم وجود عنوان واحد للفلسطينيين يمكن التفاوض السياسي معه، وسط امكانية تكريس حالة الكفر الشعبي باستمرار هذه الحالة والانتفاض بطرق مختلفة في وجه الطرفين لانهاء هذا الوضع الذي يعتبر حالة شاذة في حياة الفلسطينيين في الضفة والقطاع.