باحثون يدعون إلى تنمية مهارات القراءة لدى الطفل وتعزيز التعاون بين المؤسسات التربوية المختلفة
نشر بتاريخ: 10/04/2006 ( آخر تحديث: 10/04/2006 الساعة: 08:42 )
غــزة- معا- دعا خبراء ومختصون في مجال التربية وعلم النفس إلى زيادة الاهتمام بتنمية مهارات القراءة لدى الأطفال والعمل على تحفيز هذه الموهبة لديهم بما يساهم في الارتقاء بوعيهم وتشجعيهم على هذه العادة وتحبيبها لهم، مع التأكيد على دور المؤسسات التربوية والأهل في هذا الأمر.
جاء ذلك خلال اليوم الدراسي الذي نظمته كلية مجتمع العلوم المهنية والتطبيقية بغزة تحت عنوان "القراءة لدى الأطفال ..مشكلات وحلول" ضمن فعاليات معرض تربية الطفل السادس الذي انطلق أمس في الكلية بمشاركة العديد من الشخصيات والمؤسسات المهتمة بالطفولة.
وفي كلمة له نيابة عن عميد الكلية خلال افتتاح اليوم الدراسي اكد المهندس يوسف الغريز نائب العميد للشؤون الإدارية على أهمية هذه الأنشطة في تنمية الوعي بمشاكل الطفولة، وسبل الارتقاء بها ورعايتها وأضاف "منذ نشأة الكلية وهي تعمل على الاهتمام بهذه الشريحة التي تشكل أساس ومستقبل كل المجتمعات وذلك عبر تخصيصها قسما واختصاصا يهتم بتربية الطفل ليخرج طالبات ومربيات يتقن التعامل مع الطفولة بأفضل السبل العلمية والمهارات العملية اللازمة لذلك".
وشدد الغريز على استمرار الكلية في هذه السياسة وترحيبها بالتعاون مع مختلف المؤسسات الحكومية والأهلية من اجل الوصول الى افضل النتائج التي تخدم أطفالنا وتسير بهم نحو مستقبل أفضل.
وخلال كلمته اوضح الدكتور هشام غراب رئيس قسم الأكاديمي اختصاص تربية الطفل ان هذا اليوم الدراسي يهدف الى بيان أهمية القراءة في تنمية وتطوير المهارات المتعددة لدى الأطفال، والعمل على تشخيص مشكلات القراءة وطرح أساليب وطرق لعلاجها، وأضاف "نعمل خلال هذا اليوم معكم على عرض تجارب حديثة في مجال تنمية مهارات القراءة، وتشجيع توظيف التكنولوجيا في مجال تعليم القراءة".
وشدد غراب على أهمية هذا الموضوع نظراً للظروف القاسية التي مر بها الشعب الفلسطيني نتيجة الاحتلال مضيفا بأن فئة الأطفال من أكبر الفئات التي تأثرت في المجال التعليمي حيث شكل ذلك انعكاساً سلبياً في امتلاك الأطفال لمهارات القراءة التي هي مفتاح للكتابة وغيرها من المهارات التعليمية على حد تعبيره.
مهارات ومعوقات
وفي ورقة العمل التي قدمتها الباحثة ختام السحار المحاضر في الجامعة الاسلامية تحت عنوان "مهارات القراءة عند الأطفال" أكدت خلالها على أهمية القراءة في تنمية وعي الطفل وتوسعة مداركه، وأضافت "أن القراءة تعد من أهم وسائل الاتصال البشري فيها تنمي معلوماته وبها يتعرف علي الحقائق المجهولة، فكثير من العلماء والمفكرين نبغوا في مجالات العلوم عن طريق القراءة تحت ما يسمي بمهارات التعليم الذاتي".
واستعرضت السحار أهم صعوبات القراءة التي يواجهها الطفل وتعمل على إعاقة هذه العادة وأضافت ان من هذه الصعوبات انخفاض معدل التحصيل الدراسي للطفل، وضعف القراءة الشفوية لدي الطفل، إضافة لضعف في فهم ما يقرأ".
وأوصت السحار خلال كلمتها بضرورة ان تساهم كافة المؤسسات التربوية في تذليل صعوبات ومعوقات القراءة لدى الطفل مشيرة الى ان هذا الدور يتنوع ما بين دور المنزل المتمثل في توسيع آفاق وخبرات الطفل عن طريق مقابلة أشخاص جدد والتعرف علي أماكن وأدوات ولعب جديدة، ومواجهه مواقف متنوعة ثم مناقشتهم في هذه الخبرات والمواقف الجديدة، والتعليق عليها بقصد تثبيتها وتعميقها اضافة الى الاستعانة بما يقدمه التلفاز من برامج لتنمية ميول متنوعة لدي الطفل ودفعه إلي المزيد من القراءة.
ولا يقتصر الامر على المنزل فهناك دور لدور الحضانة ورياض الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة حيث تعتبر مرحلة رياض الأطفال امتدادا للأسرة لذا فان البرامج التعليمية في رياض الأطفال ليست إلا استمراراً للخبرات العامة على حد تعبير الباحثة والتي اضافت ان هذه المرحلة تعتمد على إثراء المحصول اللغوي للطفل عن طريق التحدث، وحفز الأطفال علي القراءة والكتابة من خلال الأنشطة.
واكدت الباحثة على اهمية دور المدرسة في تحقيق التربية القرائية حيث تتيح المدرسة لتلاميذها العون الكافي كي يحبوا القراءة، ويمكن أن تقوم المدرسة بادوار متعددة لتكوين عادة القراءة لدى الأطفال على حد تعبيرها.
مشكلات وحلول
ومن زاوية اخرى جاءت ورقة الباحث الدكتور عبد الفتاح ابو زايدة أستاذ النقد الأدبي تحت عنوان مشكلات القراءة عند الطفل لتستعرض اهم هذه المشاكل وتصف الحل الشافي لها واضاف الباحث خلال كلمته ان من هذه المشاكل ما يتعلق بالمؤسسة التعليمية مثل وجود عيوب في الكتاب المدرسي من قبيل صعوبة الكلمات والعبارات إلى جانب شكلية الكتابة من حيث الصغر أو الكبر أو اللون، وكلها أسباب مؤثرة في عملية القراءة، اضافة الى ضعف المعلم".
واوضح الباحث ان هناك جانبا اخر أسري أجتماعي مشيرا الى ان إهمال أولياء الأمور لأطفالهم التلاميذ وقلة اعتنائهم بهم يؤثر بشكل سلبي على سلوك الطفل/التلميذ طريق القراءة.
ودعا الباحث في ختام كلمته الى زيادة الاهتمام بعلاج هذه المشكلات واوصى بأن يتم اختيار الكفاءات التربوية العلمية القادرة على التعامل مع الطفل في المرحلة الأولى بما يتناسب وعمره ووضعه النفسي، واضاف "يجب ان تكون هناك نظرة متجددة في الكتاب المدرسي وتلافي سلبياته التي نجد أنها لا تناسب التلميذ في هذه المرحلة، وتتسبب في إعاقة المقدرة القرائية لديه ".
كما دعا ابو زايدة الى تعاون أولياء الأمور مع المدرسة، وإنشاء حوار إيجابي فاعل بين الطرفين بحيث يحل اقتسام المسئولية بدل اللوم والتعانف.
بين الحداثة والتقليد
وفي ورقة العمل التي قدمتها تحت عنوان "تعليم القراءة بين الحداثة والتقليد" استعرضت الدكتورة فاطمة صبح المستشارة التربوية لشؤون الطفولة بمؤسسة أنيرا اهم مراحل تعلم القراءة والتطورات التي حدثت عليها خلال الفترة الماضية وقالت " ان المرحلة الأولى وهي مرحلة الاستعداد للقراءة.
وترتبط بها عوامل كثيرة مختلفة كل منها وثيق الصلة بالعوامل الأخرى كثير التفاعل معها عظيم التأثير فيها وهي الاستعداد الجسمي، والاستعداد العاطفي، والاستعداد التربوي، اضافة للاستعداد العقلي.
وقدمت الدكتورة صبح عدة مقترحات لنماذج من الأنشطة المخططة لتطوير مهارات القراءة، مثل بعض الأنشطة المخططة لتطوير فهم الارتباط الحاصل بين الكلام المنطوق والكلام المكتوب، إضافة لنماذج من الأنشطة المخططة لتطوير مهارة استخدام قرائن السياق كإستراتيجية للقراءة.
مهمة الجميع
بينما اكد الدكتور داود حلس المحاضر في الجامعة الإسلامية خلال ورقته التي قدمها تحت عنوان "صعوبات القراءة عند الأطفال أسبابها وأهمية تشخيصها" على ضرورة الاهتمام بالقراءة الصامتة والجهرية وترسيخ المهارات الأساسية لدى التلاميذ خاصة في المرحلة الأساسية الدنيا.
وأضاف حلس " أنه من الضروري التعاون بين كليات التربية وكليات المجتمع ووزارة التربية والتعليم في العمل الجاد بإعداد اختبارات تشخيصية للقراءة بنوعيها الصامتة والجهرية لجميع مستويات التعليم الأساسي من الصف الثالث إلى الصف العاشر".
ودعا حلس الى إتباع أساليب التقويم والمتابعة للوصول الى أفضل سبل تعليم للقراءة وأضاف "ينبغي عدم التسرع في تعليم القراءة للمبتدئين خاصة إذا كانوا في رياض الأطفال إذ ينبغي أولاً التركيز على مهارات الاستعداد القرائية والكتابية, ومن ثم إتباع أساليب التقويم الحديثة للقراءة".
تدريب المعلمين
وفي ورقة عمل قدمها الباحثان الدكتور خليل حماد والدكتور ناهض فورة المحاضران في جامعة الأقصى تحت عنوان مشكلات القراءة في المرحلة الابتدائية ومقترحات لعلاجها اوصى الباحثان بالعمل على إيجاد حلول ومقترحات لتذليل صعوبات تعلم القراءة بالمرحلة الابتدائية مع الحرص على تصنيف مشكلاتها بهدف فهم المادة المقروءة وتنمية فهم المفردات وتطوير مهارات القراءة الضرورية للفهم الجيد، مؤكدين على ضرورة تهيئة الفرصة للمتعلم كي يكتسب خبرات غنية ومصقولة من خلال عملية القراءة والعمل تنمية الاستماع بالقراءة وجعلها عملية مسلية، اضافة للعمل على تنمية الرغبة في القراءة وذلك عن طريق مراعاة ميول الأطفال فيما يقرؤون.
طفلك قارئا..كيف؟!
وفي اطار آخر دعا الباحث الأستاذ رجاء طموس المحاضر في الكلية إلى تعزيز دور وسائل الاعلام في تنمية مهارة القراءة وتقويتها وأضاف في ورقة العمل التي قدمها تحت عنوان كيف تجعل الطفل قارئاً؟ بالاشتراك مع الدكتور هشام غراب " انه من المهم ان تقوم هذه الوسائل بتقديم بعض الموضوعات الخاصة بالأطفال إضافة إلى بعض البرامج التي تحض على الاطّلاع والقراءة وذلك من خلال التلفاز والإذاعة وبرامج المسابقات الثقافية".
ووجه طموس انتقاد لبعض وسائل الإعلام كالتلفاز معتبرا أنه يعد منافسا قويا للقراءة والكتاب حيث يتغلب عليها في شدة مؤثراته المعتمدة علي الصوت والصورة والحركة مشيرا الى انه يمكن التغلب على تلك العقبة من خلال تقديم برامج مفيدة ومحببة للأطفال تدعّم فكرة القراءة والاطلاع وتحث عليها.
كما اكد الباحث على دور الدولة في هذا الاطار وذلك من خلال إنشاء المكتبات العامة والمكتبات المتخصصة بالطفولة.
العلاج بالقراءة
واستعرض وائل المبحوح الباحث في برنامج غزة للصحة النفسية مفهوما جديدا يتعلق بما يسمى العلاج بالقراءة أو Bibliotherapy، مشيرا الى بدايات هذا العلم التاريخية ومضيفا ان أول من كتب عجالة عن هذا الموضوع هو المرحوم محمد أمين البنهاوي حيث نشر مقالة في إحدى الجرائد السيارة ثم ضمنها أحد كتبه.
وأوضح المبحوح ان هذا العلم يتمثل وفق تعريف بعض العلماء في العلاج المساعد أو الخاص باستخدام مواد القراءة واضاف أن الدراسات الحديثة أظهرت فاعلية هذا النوع من العلاج في تغيير السلوك والحالة النفسية بشكل كبير، حتى أن العديد من تلك الدراسات لم تجد هناك فارقاً إحصائياً يعتد به بين النتائج التي حققتها جلسات المعالج النفسي، وتلك التي تحققت من خلال العلاج بالقراءة على حد تعبيره.
واوضح المبحوح ان العلاج بالقراءة يتطلب وجود عدة عناصر حتى يؤدي دوره بفاعلية مثل العناصر البشرية وهي المريض، وعضو أو أعضاء من الهيئة الطبية أي مهنة الطب، وأمين مكتبة، ثم القيام بتحليل دقيق لحالة المريض ثم تحليل لاحتياجاته من جانب الهيئة الطبية، إضافة لبعض العناصر الأخرى مثل الكتب والوصف الدقيق للحالة والعلاج المطلوب.
وفي ختام كلمته أوصى الباحث المتخصصين في علوم المكتبات والمعلومات، وعلم النفس، والتربية بالعمل على البحث والنشر والتجريب في هذا المجال الحيوي، وأضاف "أنه من المهم إدخال العلاج بالقراءة ضمن المقررات والبرامج الأكاديمية والتدريبية لإعداد المكتبيين العرب، وتدريبهم على ممارسته".