الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

المشغلون في المستوطنات يستخدمون العمال ثم يرمونهم عند اصابتهم في العمل

نشر بتاريخ: 21/10/2009 ( آخر تحديث: 21/10/2009 الساعة: 10:28 )
القدس- معا- كشفت جمعية عنوان للعامل تجاوزات خطيرة من قبل المشغلين الاسرائيليين في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية فيما يتعلق باهمال عمالهم الفلسطينيين الذين يتعرضون لاصابات عمل.

ونشرت الجمعية تقريرها الذي لاقى اصداء كبيرة في الاعلام الاسرائيلي عن طبيعة هذه التجاوزات التي لا تتناسب مع القانون والاخلاق. حيث لقب المشغلون في بعض التقارير بالأنذال.

إخلاء يضر بالعمال

والتقرير بعنوان "اخلاء العمال الفلسطينيين من مواقع العمل في المستوطنات بعد اصابتهم فيه" الذي اعتمد على شهادات العمال التي جمعتها الجمعية خلال السنتين الماضيتين.

وحسب التقرير فان العمال الفلسطينيين لاقوا مصيرهم وحدهم بعد اصابتهم في العمل، حيث ان اول ما قام به مشغلوهم هو طردهم من مكان العمل، او نقلهم بواسطة سيارة الى اقرب حاجز عسكري دون تقديم الاسعاف الاولى لهم. وادى ذلك الى ان الكثير من العمال تلقوا علاجهم بعد ساعات طويلة من وقت الاصابة.

وحسب افادات بعض العمال فانهم اضطروا الى المشي ساعات على اقدامهم من اجل الخروج من المستعمرة والوصول الى المستشفى الفلسطيني القريب.

وكشف التقرير على انه في الحالات التي قام بها اسعاف نجمة داوود الاسرائيلي باخلاء العمال كان ينقلهم الى اقرب حاجز او يسلمهم الى اسعاف الهلال الاحمر الفلسطيني بدل اخذهم الى مستشفيات داخل اسرائيل. وبهذه الطريقة يحرم العمال الفلسطينيين من حقهم في الحصول على علاج طبي مجاني داخل اسرائيل، ويتعرضون للممطالة من قبل مؤسسة التأمين الوطني للحصول على اعتراف باصابة العمل التي قد تصل اكثر من سنة.

شهادات عمالية: العمال يتلقون العلاج الاولي بعد ساعات من الاصابة

علي ابو عرة احد عمال الزراعة في مستوطنة مخورا في غور الاردن. بتاريخ 24-11-2008 في الساعة 10:30، وخلال عمله في قطف ثمار البلح، جُرِح في يده اليسرى. ونزف لمدة ربع ساعة، وحينها نقله المقاول الفلسطيني الى المستشفى في نابلس، ووصل الى هناك فقط في الساعة 18:00 بسبب الحواجز العسكرية.

ويقول ابو عرة انه لم يتم استدعاء سيارة الاسعاف الى مكان العمل. اما المشغّل، وفي رده على توجه جمعية "عنوان للعامل"، نفى ان يكون هذا العامل يعمل لديه. ويقول العامل انه يعرف فقط اسم المشغّل الشخصي، ومن بين الاسباب لذلك انه تم تشغيله بدون تصريح عمل. صورة هذا التشغيل متكررة في صفوف العمال الفلسطينيين في الزراعة في غور الاردن، عندما يكونوا يعملون عن طريق مقاولين فلسطينيين وليست لهم علاقة مباشرة مع مشغّلهم الاسرائيلي.

عامل اخر هو محمود شطي من منطقة رام الله، حيث عمل في المنطقة الصناعية عطروت في مصنع للدجاج، بتاريخ 22-3-2009 اصيب بكف يده اليسرى. وسافر العامل لوحده الى حاجز قلنديا ومن هناك نقله افراد عائلته الى المستشفى الحكومي في رام الله. مشغّله وقّع على استمارة التأمين الوطني 250 بموجبها يعترف بحادث العمل. كانت للعامل قسائم راتب وتصاريح عمل عرضها امام التأمين الوطني. ومع ذلك، حتى اليوم لم تعترف مؤسسة التأمين الوطني بالحادث، بادعاء عدم تقديم كل الوثائق الطبية المطلوبة لها. ويدّعي العامل بانه يعاني من مشاكل طبية نتيجة الحادث وهو يحتاج حتى الان الى العلاج الطبي. كذلك فصل الشطي من العمل، وليس له دخل، ولذلك فهو لا يستطيع ان يستمر في تلقي العلاجات الطبية على حسابه في عيادة خاصة في رام الله.

اما العامل يوسف نجادة فعمل في مستوطنة زراعية واسمها تومر في غور الاردن. وبتاريخ 21-8-2008 اصيبت عينه اليمنى نتيجة دخول نشارات خشبية في الساعة 8:00 صباحا، وسافر نجادة بقواه الذاتية بسيارة اجرة الى المستشفى في اريحا، وهناك تلقى الاسعاف الاولي وتم نقله الى عيادة مسّلم في رام الله. كذلك سافر الى رام الله بسيارة اجرة ايضا، وعندما وصل الى العيادة نقل بواسطة سيارة الاسعاف التابعة للهلال الاحمر الى مستشفى سانت جورج في القدس ووصل الى هناك في الساعة 14:00.

وايضا العامل عبد الغني بني منيه الذي عمل في مستوطنة زراعية تسمى تومر واصيب في عينه في غور الاردن بتاريخ 15-1-2009. ونقل من مكان العمل بواسطة سيارة ترانزيت الى قرية عقربا ومن هناك سافر بسيارة اجرة الى المستشفى في نابلس. ومرت ساعة منذ اصابته حتى تلقيه الاسعافات الاولية.

حسام قطاش عامل اخر من المستوطنة الصناعية ميشور ادوميم اصيب في عينه عند عمله بتاريخ 27-5-2009. وحسب ما هو مسجل في ورقة لنجمة داود الحمراء: فانه تم نقل العامل بسيارة الاسعاف التابعة لنجمة داود الحمراء من المستوطنة الى سيارة الاسعاف التابعة لـ "الهلال الاحمر" التي نقلته الى المستشفى في رام الله.

اما العمال بشير دراوشة وحسن حناوي، سوية مع ثلاثة عمال اخرين، اصيبوا عندما سقطوا من رافعة عن ارتفاع حوالي 12 مترا في مستوطنة مسؤاه في شهر تشرين الاول/ اكتوبر 2008. وتم نقلهم بواسطة سيارة اسعاف اسرائيلية الى حاجز اريحا ومن هناك تم نقلهم الى المستشفى في اريحا بواسطة سيارة الاسعاف التابعة للهلال الاحمر.

وقد توجهت جمعية "عنوان للعامل" مرتين الى مستوطنة مسؤاه الذي يشغّل العمال بطلب التوقيع على استمار التأمين الوطني 250، ولكن لم يكلّف مسؤولو المستوطنة انفسهم عناء الرد. واشار العمال الى انهم لا يستطيعون تغطية مصاريف العلاج الطبي في المستشفى في نابلس من جيوبهم. وعاد اثنان منهم الى العمل على الرغم من عدم استيفاء العلاج الطبي.

المشغلون الاسرائيليون يتنصلون من المسؤولية

وحسب التقرير الذي اعدته الجمعية فان العمال الفلسطينيين الذين يحصلون على الاسعاف الاولي في مستشفى فلسطيني يضطرون بعد ذلك الى مواصلة العلاج على حسابهم، لانه لا يوجد تسوية بين مستشفيات السلطة الفلسطينية مع التأمين الوطني الاسرائيلي لمعالجة مصابي العمل في المستوطنات مجانا. على الرغم من ان العمال يستحقون الحصول على استعادة المصاريف الطبية، ولكن يتم ذلك فقط بعد ان يتم الاعتراف بالحادث من قبل التأمين الوطني كاصابة عمل، الاجراء الذي يأخذ وقتا طويلا احيانا، خاصة اذا تنصل المشغّل الاسرائيلي عن مسؤوليته.

وهناك مشغّلون مستعدون في البداية ان يدفعوا مصاريف العلاج، ولكن اذا تطلب الامر علاجا متواصلا وباهظ الثمن، يقومون بقطع العلاقة مع العامل. في معظم الحالات، يفصل المشغّلون العامل الذي اصيب في العمل او انهم يطلبون منه العودة الى العمل حالا، حتى لو قبل ان يشفى.

ويشير العمال الى ان مشغّليهم لا يدفعون لهم مقابل ايام الغيابات بسبب الحادث، وفي حالات كثيرة يرفضون كذلك تعبئة الوثائق لكي يمكّنوا العمال من الحصول على مخصصات الاصابة من مؤسسة التأمين الوطني. ولا يصر العمال على ذلك لانهم لا يريدون ان يفقدوا مصدر رزقهم او/ ومصادر رزق اقاربهم من العائلة الذين يعملون في نفس المكان. وبذلك نشأ ضغط على العامل المصاب بان لا يطالب بتفعيل حقوقه بموجب القانون.

طرق متابعة التأمين الوطني الاسرائيلي لقضايا العمال الفلسطينيين المصابين

بموجب انظمة التأمين الوطني من سنة 2005، فان كل عامل فلسطيني يعمل لدى مواطن اسرائيلي في المناطق الفلسطينية واصيب في حادث عمل، فانه يستحق الحصول على:

1. علاج اولي في داخل اسرائيل ومتابعة طبية لمدة سنة في اسرائيل.
2. دفع مقابل ايام الغياب عن العمل (75 % من الراتب) حتى 90 يوم عمل.
3. دفع مقابل نسب العجز التي تحددت من قبل اللجنة التابعة للتأمين الوطني بعد انتهاء العلاج.
وحسب التأمين الوطني الاسرائيلي، فانه يحق للعامل تقديم دعوى للحصول على مخصصات الاصابة فقط خلال سنة من تاريخ اصابته. وكل توجه يتم تقديمه بعد ذلك، لن يتم معالجته في التامين الوطني.

مؤسسة التأمين الوطني نفسها لم تبلغ العمال والمشغّلين بهذه الحقوق، ولذلك فان عمالا كثيرين اصيبوا في العمل لم يستطيعوا استخدام حقهم بتقديم دعوى للتأمين الوطني. هكذا بقي الوضع حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، حينها بدأت جمعية "عنوان للعامل" نشر المعلومات في موقع الانترنت التابع لها، في صفحات معلومات وفي الورشات المخصصة للعمال الفلسطينيين.

وفي الملفات المذكورة اعلاه ويتم معالجتها من قبل جمعية "عنوان للعامل"، فان العمال لم يتم نقلهم بواسطة سيارة اسعاف اسرائيلية الى مستشفى اسرائيلي، وهناك اسقاطات لذلك وهي: ان العمال لم يحصلوا على علاج طبي اولي فوري، بل بعد وقت طويل حتى ساعات، الامر الذي سبّب لهم معاناة والما زائدين لا بل ربما زادت خطورة الاصابة واطالة فترة الشفاء. ودفع العمال اموالا مقابل تلقي العلاج الطبي في السلطة الفلسطينية. ومن اجل الحصول على استعادة هذه الاموال، يجب عليهم تقديم دعوى في التأمين الوطني. معالجة معظم هذه الطلبات يستغرق وقتا يمتد اشهرا: ويُطلَب من العمال تقديم وثائق طبية معترف بها من قبل التأمين الوطني، وان يوقّع مشغّلوهم على استمارة الدعوى للاعتراف بحادث العمل.

وهناك مشغّلون يتنصلون من مسؤوليتهم او يهملون في تعبئة الاستمارة وحينها يفتح التأمين الوطني تحقيقا من اجل التحقق من وجود علاقة عامل- مشغّل بين الطرفين وان الحادث وقع بالفعل في وقت العمل. ويستغرق مثل هذا التحقيق اشهرا طويلة، لا يستطيع العمال فيها العمل بسبب الاصابة، او انه تم فصلهم من العمل اصلا، ليبقوا بدون دخل، فيضطرون الى تمويل العلاجات الطبية بانفسهم، ولا يحق لهم استخدام حقهم في الحصول على علاج ومتابعة طبية مجانا في اسرائيل حتى يتم الحصول على اعتراف التأمين الوطني.

كذلك بعد اعتراف التأمين الوطني بحادث العمل، تواجه العامل المصاب سلسلة من المعيقات البيروقراطية التي تصعّب عليه استدعاءه الى المستشفى او الى العيادة في اسرائيل. في حالات معينة لا توجد امكانية للتغلب على تلك المعيقات، ويبقى العامل بدون متابعة طبية وبدون الوثائق الضرورية التي تمكّنه من الحصول على مخصصات الاصابة من مؤسسة التأمين الوطني عن كامل الفترة التي لم يكن يستطيع العمل فيها.

ردود السلطات الاسرائيلية

توجهت جمعية "عنوان للعامل" في الاشهر الاخيرة للمحافل التالية من اجل الحصول على توضيح حول كيفية ادارة المحافل في حال وقوع حادث عمل لعامل فلسطيني في المستوطنات.

• صندوق المرضى كلاليت: قيل ان العمال الفلسطينيين يستطيعون الحصول على علاج طبي في عيادة مكور باروخ في القدس عندما يبرزون استمارة التأمين الوطني 250 او مصادقة اعتراف من مؤسسة التأمين الوطني (وتبين انه من اجل حدوث ذلك فانه يجب على العمال الحضور الى العيادة، ولكن تلك العيادة ترفض استدعاءهم مسبقا للزيارة، وبدون استدعاء لا توجد امكانية للحصول على تصريح دخول للمناطق الاسرائيلية).
• مؤسسة التأمين الوطني: لم ترد بعد على توجه جمعية "عنوان للعامل".
• نجمة داود الحمراء: قاموا بتحويل جمعية "عنوان للعامل" الى منسقة الصحة في الادارة المدنية.
• منسقة الصحة في الادارة المدنية: لم ترد على توجهنا بعد.

ما العمل؟
ان نقل العمال عن طريق نجمة داود الحمراء الى اسرائيل يوفر عليهم الالم والمماطلة لعدة اشهر امام مؤسسة التأمين الوطني. ولذلك:
• يجب العمل من اجل ضمان ان يحصل العمال الذين اصيبوا في العمل على علاج طبي اولي في العيادة او المستشفى في اسرائيل. ومن المفروض ان تقوم سيارة الاسعاف التابعة لنجمة داود الحمراء بنقل العمال الى اسرائيل وليس نقلهم عبر الحاجز الى سيارة الاسعاف الفلسطينية التي تقلّهم لتلقي العلاج في مناطق السلطة الفلسطينية.

• ابراز وثيقة طبية اولية من عيادة او مستشفى في اسرائيلي يقصّر كثيرا الاجراءات في التأمين الوطني، وبذلك تُمهد الطريق امام مواصلة تلقي العلاج في اسرائيل على حساب مؤسسة التأمين الوطني والحصول على دفع مقابل ايام الغيابات عن العمل.

• اذا كانت الاصابة خطيرة ويتواصل تلقي العلاج لاكثر من 90 يوما، يجب على العامل ان يطلب استدعاءه للجنة الطبية التابعة لمؤسسة التامين الوطني التي تحدد له نسب العجز، بشكل مؤقت او دائم ليتم الدفع بموجبها.