التنس الأرضي: لعبة عريقة ومستوى متواضع للغاية فلسطينياً
نشر بتاريخ: 25/10/2009 ( آخر تحديث: 25/10/2009 الساعة: 21:53 )
تعتبر لعبة التنس الأرضي من الألعاب العريقة على الصعيد العالمي. فمشاهير اللاعبين الذين يحتلون مراكز متقدمة عالمياً، مثل الإسباني "رفائيل نادال" والسويسري "روجر فيدرير" وغيرهم يجنون مبالغ طائلة من إحترافهم في هذا المجال. وبالإضافة للعائد المادي الكبير، فإن التنس الأرضي تعد من الألعاب المميزة نظراً لأنها تتطلب ممن يمارسها تآزر النواحي الجسمية، العقلية، والنفسية.
فمن الجانب الجسمي تحتاج ممارستها إلى درجة عالية من اللياقة البدنية وسرعة الحركة وقوة الساعد، ومن الناحية العقلية تعد اللعبة من أكثر الألعاب التي تتطلب من اللاعب إتخاذ قرارات سريعة تنم عن درجة عالية من الذكاء وسرعة البديهة. فاللاعب الجيد يقرر كيف يرد على خصمه وأين يضع الكرة ومتى وأين يجب عليه أن يتقدم نحو الشبكة أم يتخذ موقفاً دفاعياً في خلفية الملعب الذي يمتد لأكثر من 11متراً من كل جانب.
ومن الناحية السيكولوجية، يعلم كل من مارس اللعبة أن العامل النفسي يعد حاسماً فيها، فاللاعب الخبير، الواثق من نفسه، يستطيع أن يقلب النتيجة المتأخرة إلى فوز، والعكس صحيح في غالب الأحيان. ما أردت التوصل إليه من هذه المقدمة البسيطة هو أن رياضة التنس الأرضي مميزة وجديرة بالإهتمام وعلى الرغم من ذلك فإن رياضة التنس الأرضي محدودة الإنتشار ومتواضعة الإمكانات في فلسطين، فما هي الأسباب وكيف يبدو مستقبل اللعبة؟
هناك جملة من الأسباب التي تحول دون إنتشار لعبة الأرضي على الصعيد الفلسطيني. أول هذه الأسباب عدم وجود البنية التحتية التي تساند ثقافة فاعلة للعبة. فعدد الملاعب في بلدنا يكاد أن لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وحسب خبرتي الشخصية المتواضعة، فإن جامعة بيت لحم هي الرائدة في مجال التنس الأرضي نظراً لوجود ملعبين متجاورين فيها. حيث يحاول أعضاء إتحاد التنس الأرضي، الزملاء عيسى رشماوي وسمر الأعرج، جاهدين أن يبقوا اللعبة على قيد الحياة على الرغم من شح الأمكانات ومحدوديتها.
ففي كل عام تحتضن بلدية بيت لحم ضمن أسبوعها الرياضي بطولةً مفتوحة لكافة الأعمار، وليس مستغرباً القول بأن مستوى المشاركين متواضع للغاية. غير أن اللافت للإنتباه هو مشاركة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 – 16 سنة والذين ينتظرهم مستقبل واعد إن تلقوا الرعاية المطلوبة. وهذا يقودنا إلى السبب الثاني وهو غياب اللعبة من الأجندة المدرسية، بإستثناء بعض المدارس الخاصة كمدرسة الفرندز في رام الله. فمن المعلوم أن معلم التربية الرياضية يواجه تحدي كيفية إشغال صف كبير يصل عدد لاعبيه إلى 40 طالب أحياناً، لذا فهو لا يستطيع أن يفرد الملعب- إن توفرت الساحة الملائمة-للاعبين أو أربعة في أحسن الأحوال.
ومن هنا، تعد ألعاب أخرى ككرة القدم، الطائرة، والسلة ألعاباً جماعية مقنعة مدرسياً. ومن الأسباب التي تعد وجيهةً أن اللعبة مكلفة ولا تخلو من تعقيدات لوجستية وفنية مثل: إرتفاع التكاليف وندرة توفر مضاربها وكراتها، صعوبة فهم قوانينها، وأخيراً حاجتها لمساحات واسعة وملاعب مغلقة أحياناً.
وبالرغم من المبررات السابقة، فإني أعتقد أن مستقبل اللعبة سيكون واعداً في فلسطين. فقد بدأ عدد لا بأس به من اللاعبين يمارسون اللعبة في العديد من الأماكن كجامعتي بيرزيت والنجاح، إضافةً إلى مدرسة الفرندز وجامعة بيت لحم كما أشرت سابقاً.
كما أن متابعة البطولات العالمية المشهورة كبطولة "ويمبلدون" وبطولة الولايات المتحدة المفتوحة على الفضائيات أصبحت تستقطب العديد من اللاعبين الفلسطينيين، والعديد منا يعشق اللعبة ويعتبرها من السهل الممتنع. ولعل العامل الجوهري الذي لابد أن أختم به فهو أهمية التدخل الرسمي المتمثل في وزارة الرياضة والشباب الفلسطينية واللجنة الأولمبية. فالزملاء الفاعلين في إتحاد التنس الأرضي يتذمرون، وبشكل مستمر، من الأهمال الرسمي وعدم توفر أي نوع من الدعم المادي أو المعنوي لهم. فهم غير قادرين على تنظيم أو إدارة أي بطولة محلية أو خارجية بسبب شح الإمكانات.
ومع الإحترام والتقدير لكافة الإتحادات الرياضية، فإن لعبة التنس الأرضي يمكنها أن تساهم في تمثيل فلسطين في العديد من المحافل العربية والدولية. وللتذكير فإن هبة الجماهير السويدية ومحاولة منعها لمنتخب التنس الإسرائيلي من اللعب في بلدهم قد إحتلت عناوين الأخبار قبل أربعة شهور. آملاً أن تلقى هذه الدعوة للإهتمام باللعبة ونشر ثقافتها صدى يدفع العديدين للكتابة والمناقشة.
بقلم: د. حسن عوض – دائرة التربية وعلم النفس /جامعة بيرزيت