الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

دراسة: عشرات آلاف الأطفال الفلسطينيين يعيشون تحت خطر التهجير

نشر بتاريخ: 27/10/2009 ( آخر تحديث: 28/10/2009 الساعة: 09:20 )
رام الله - معا - كشفت دراسة بحثية أنجزتها مؤسسة انقاذ الطفل في الارض الفلسطينية المحتلة، عن ان 49% من المواطنين من افراد العينة القاطنين في المناطق الاكثر خطرا "مناطق ج" من الضفة الغربية والشريط الحدودي من غزة ، قد تم تهجيرهم قسرا مرة واحدة على الاقل منذ عام 2000 ، مقارنة مع 15 % من افراد العينة القاطنين في اماكن اخرى، مؤكدة ان العائلات المهجرة تتعرض الى ظروف حياتية اقسى واصعب مما كانت عليه قبل تهجيرهم بغض النظر عن السبب الذي ادى الى تهجيرهم.

واكدت تلك الدراسة التي عرضت نتائجها، امس، في مؤتمر صحفي عقد في جميعة الهلال الاحمر في البيرة، ان هدم البيوت وفقدان مصدر الدخل يشكلان دوافع رئيسية لتهجير العائلات، موضحة تعرض عشرات آلاف الاطفال الفلسطينيين للعيش تحت خطر التهجير القسري بسبب ممارسات الاحتلال وما ينتج عنها من اثار اقتصادية واجتماعية ونفسية مدمرة على الأطفال وعائلاتهم، موضحة انه في الوقت الذي جرى تركيز الانتباه على عمليات هدم المنازل وتهجير السكان الفلسطينيين من تجمعاتهم السكانية، الا ان البحث كشف عن ان ظروف الحياة غير المحتملة تدفع العائلات الى هجر أراضيهم ومنازلهم.

وحسب الدراسة فان سكان المناطق الريفية في الضفة الغربية والمناطق الحدودية لقطاع غزة (الشريط الحدودي )، يكابدون ظروفا معيشية غاية في التردي مثل نقص المياه والغذاء بشكل يومي، وارتفاع معدلات البطالة وتشتت وانقسام العائلات وعدم قدرة الاطفال على الذهاب الى مدارسهم.

واوضحت الدراسة ان 37% فقط من سكان المناطق الأكثر خطرا يملكون غذاء كافيا مقارنة مع 70% ممن يسكنون في مناطق اخرى، وان 92% من العائلات القاطنة في المناطق الاكثر خطرا في الضفة الغربية لا تستطيع الوصول الى الخدمات الصحية مقارنة مع 34% من العائلات القاطنة في اماكن اخرى، في حين ان 2% من سكان تلك المناطق يستطيعون الوصول الى خدمات الصرف الصحي، كما ان 9% فقط من سكان العائلات القاطنة في المنطقة الحدودية قالت انها تشعر بالامن والحماية مقارنة مع 55% من العائلات التي تعيش في مناطق اخرى.

وحذرت مؤسسة انقاذ الطفل، من ان العائلات القاطنة في الاماكن الاكثر خطرا هم حقيقة اكثر فقرا وضعفا من العائلات الفلسطينية الاخرى، كما اكدت ان العوائق المفروضة على الحركة والوصول اضافة الى صعوبة التنسيق مع سلطات الاحتلال الاسرائيلية تمثل اكبر الصعوبات التي تقف حائلا دون الوصول الى تلك العائلات.

وعلقت مدير مؤسسة انقاذ الطفل، سلام كنعان، على تلك النتائج قائلة " كنا نعلم دائما ان الحياة في هذه المناطق قاسية ، اما الان فقد اصبحنا على يقين بمدى سوء الاوضاع من العائلات التي قابلناها والتي كانت على حافة الانهيار".

واضافت" في ظل انعدام المستقبل الآمن فان حياة الاطفال معرضة للهلاك"، موضحا ان سكان تلك المناطق لديهم الشعور المستمر بالخوف من فقدان استقرار الحياة الممزوج مع المعاناة اليومية لتحقيق ابسط المتطلبات الامر الذي ترك الاطفال في حالة من الاكتئاب والصدمة النفسية .

وتؤكد الدراسة ان حوالي نصف السكان الفلسطينيين القاطنين في تلك المناطق التي صنفت مناطق (ج) حسب اتفاق اوسلو، تم تهجيرهم قسرا من منازلهم او اماكن سكناهم منذ عام 2000 في اعقاب تصاعد النزاع بين الاسرائيليين والفلسطينيين.

والقت كنعان باللوم على المؤسسات الدولية والسلطة الفلسطينية ومؤسساتها وقالت " من غير المقبول ابدا ان يكون هناك القليل جدا من المساعدات تصل الى هذه المناطق رغم وجود خطر حقيقي وكبير يواجه الاطفال في تلك المناطق"، داعية المجتمع الدولي والهيئات الداعمة والسلطة الفلسطينية الى اعطاء هذه المناطق المهمشة اولوية عاجلة من خلال التنسيق لاستجابة شاملة وموحدة.

كما طالبت إسرائيل الى وقف الأعمال المؤدية الى التهجير القسري بما في ذلك هدم المنازل والى تحديد سياسة واضحة في المناطق الحدودية لقطاع غزة بما يتفق مع مسؤولياتها والتزاماتها القانونية بحماية السكان المدنيين الواقعين تحت سلطة الاحتلال".

من جانبه اكد المنسق المقيم للشؤون الإنسانية في الامم المتحدة، ماكس كيلبرد، اهمية استجابة مؤسسات المجتمع الانساني والدولي لتلبية هذه الاحتياجات ، مشيرا الى ان هذا التهديد يعرض 60 الف فلسطيني لخطر التهجير.

وشدد على ايلاء نقل معاناة هؤلاء الاشخاص للمؤسسات الدولية، موضحا ان زيارته لقطاع غزة ومشاهدته للكثير من المعاناة للسكان كشفت له ان العالم لا يعلم حجم هذه المعاناة .

وقال " زرت قطاع غزة بعد الحرب عليها وتبين لي ان هناك اشخاصا بقوا ثلاثة اسابيع دون ان يعرفوا الى اين يتجهون واكتشفت ان غزة هي المنطقة الوحيدة في العالم التي يواجه فيه الناس الموت دون ان يكون بامكانهم الهروب منه".

واكد ان جملة الممارسات التي تمارس بحق الفلسطينيين في الضفة وغزة تستهدف النيل من كرامتهم التي يجري منعها في الضفة وغزة.

وقال " المستوطنات والبوابات والحواجز والشريط الحدودي كلها غير قانونية وتحدي للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وخرق للمعاهدات الدولية لذلك فان الاحتلال لابد ان ينتهي ".

من ناحيته قال مدير مكتب المساعدات الإنسانية في الاتحاد الأوروبي ، هيرفي كيفيف، ان الإحصائيات والأرقام التي اوردتها الدراسة تساعد على فهم الحقائق ويساعد في تقديم المساعدات.

واضاف " هذه الدراسة تقول لنا وللمجتمع الانساني الدولي انكم لن تقدموا المساعدات لسكان هذه التجمعات ونحن جاهزون للقيام بما هو مطلوب منا وتوفير الخدمات الاساسية للسكان فيها لتجنب التهجير.

وقال" ان التحدي الاكبر يتمثل في ايجاد حل دائم قابل للاستمرار ".

من جانبها اكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية، في حكومة فياض، ماجدة المصري، ان هذه الدراسة تعكس حجم الاستهداف الاسرائيلي للسكان في مناطق (c) التي تسعى اسرائيل لتكريسها كمناطق متنازع عليها وليست كاراض فلسطينية محتلة، موضحا ان هذه الدراسة تمثل دليل عمل يمكن الاستناد عليها من قبل الحكومة الفلسطينية في تقديم الدعم للسكان في هذه المناطق.

واوضحت ان الحكومة الحالية تولي سكان هذه المناطق اهمية بالغة على مختلف الصعد، معلنة عزم وزارة السؤون الاجتماعية فتح مكاتب فرعية في هذه التجمعات لتقديم الخدمات لسكانها .

وقالت ما تقوم به اسرائيل في هذه المناطق وسياسة هدم المنازل ومنع تشييد المنازل الجديدة يدلل بشكل واضح على رفض اسرائيل للسلام الحقيقي وقطع الطريق على اقامة الدولة المستقلة".

واوضحت ان 95% من طلبات الحصول على تراخيص البناء في هذه المناطق ترفضها سلطات الاحتلال في حين ان 1.8% من التصاريح التي يقدمها المستوطنون لبناء المستوطنات ترفض لاسباب امنية .

واشارت الى ان اكثر من نصف العائلات التي تم استطلاع ارائهم والقاطنين في الاماكن الاكثر خطرا من الضفة لا تصلهم المساعدات من المؤسسات الدولية والمحلية بالمقارنة مع 8% من العائلات التي تقطن في الشريط الحدودي لغزة.

واوضحت ان العائلات الاكثر احتياجا للمساعدة القانونية لا تستطيع تلقي هذه المساعدة وان معظم الاسر القاطنة في المناطق الاكثر خطرا وفي باقي المناطق ايضا لم تتمكن من الحصول على المساعدة القانونية بعد استلامها اوامرا بهدم منازلها او مصادرة اراضيها.

وقد مول هذا البحث مكتب المساعدات الانسانية التابع للاتحاد الاوروبي ضمن مشروع بعنوان" الحماية والمنع ".