الرئيس: الوضع في القدس خطير جدا جراء ممارسات وانتهاكات المتطرفين
نشر بتاريخ: 28/10/2009 ( آخر تحديث: 28/10/2009 الساعة: 18:18 )
بيت لحم- معا- أكد الرئيس محمود عباس أن الوضع في القدس الشريف خطير جدا جراء ممارسات وانتهاكات المتطرفين، التي تتم تحت غطاء رسمي إسرائيلي.
وقال الرئيس عباس في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للملتقى الدولي للقدس الذي تنظمه وكالة بيت مال القدس تحت رعاية الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، وبتعاون مع مؤسسة الشهيد ياسر عرفات، إن "الوضع في القدس الشريف خطير جدا بعد أن مهد لذلك غلاة التطرف والاستيطان وبغطاء رسمي، وأصبحت القدس عنوان المواجهة وموضوعها ومضمونها".
وأبرز أن هذه الانتهاكات والاعتداءات التي تطال الإنسان والتاريخ والتراث الحضاري والإنساني والمقدسات والشجر والحجر تهدد الاستقرار في المنطقة والعالم، مسجلا أن هذه الانتهاكات يواجهها الشعب الفلسطيني بإمكاناته المحدودة وتصميم وعزيمة للتشبث بأرضه ومقدساته.
وأضاف أن مدينة القدس مثلت على مر الزمن نموذجا للتعايش والسلام انطلق شعاعه إلى العالم بأسره، مضيفا أن قمم الكنائس ومآذن المساجد تعانقت في هذه المدينة المقدسة وهب أبناؤها مسلمون ومسيحيون دفاعا عنها باعتبارها "عاصمة الروح والهوية، عاصمة الشعب الفلسطيني الأبدية، لتبقى إلى الأبد عنوانا للسلام والإيخاء والمحبة ورمزا للمثل الإنسانية النبيلة".
واعتبر الرئيس عباس أن نصرة القدس اليوم، وهي تعيش هذه المحنة، إنما هو انتصار لهذه القيم والمثل ولروح الشرائع والعقائد والتعايش بين الثقافات والأديان على اختلافها وتنوعها، مؤكدا أن السلام الذي يستجيب بالضرورة للحقوق الفلسطينية التي أقرتها الشرعية الدولية والاتفاقات الثنائية والتزامات القانون الدولي، يبقى الهدف الأسمى للفلسطينيين.
وأكد أن الجانب الفلسطيني التزم بخيار السلام رغم العراقيل المتعمدة، مؤكدا أن الفرصة متوفرة لإجراء مفاوضات جادة وحقيقية.
وعبر عن امتنانه للملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، هذه اللجنة التي ما فتئت منذ تأسيسها، يؤكد الرئيس، تعمل على توفير المساعدات لعدد كبير من المشاريع التي تدعم صمود وبقاء المقدسيين حماة وحراسا لمدينتهم ولأقصاها المبارك ولكنيسة القيامة.
كما عبر عن شكره "للأشقاء" العرب والمسلمين لمواصلة الجهود لحماية القدس أمام الهجمة الاستيطانية التي استعرت بصورة جنونية في الأشهر الأخيرة واستمرار الاعتداءات اليومية بأشكالها المختلفة بدءا من حفريات تحت المسجد الأقصى، وبجواره ومصادرة واحتلال مساكن المواطنين الفلسطينيين مسيحيين ومسلمين وتدميرها وفرض الضرائب الباهضة متعددة الأشكال والحصار التام للمدينة بسبب جدار الفصل، وصولا إلى الإعلان الصريح من طرف الحكومة الإسرائيلية الحالية بأنها مصممة خلافا لكل القرارات الدولية والاتفاقات السابقة، على المضي في سياساتها التي ستشعل نيران حرب ذات أبعاد دينية.
افتتاح أعمال ملتقى القدس الدولي بالرباط
افتتحت، صباح اليوم الأربعاء بالرباط، أشغال ملتقى القدس الدولي، الذي تنظمه وكالة بيت مال القدس تحت رعاية الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، بحضور الرئيس محمود عباس.
وتميزت الجلسة الافتتاحية لهذا الملتقى، الذي يقام بتعاون مع مؤسسة الشهيد ياسر عرفات، بالرسالة التي وجهها الملك محمد السادس للمشاركين، والتي تلاها وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي الطيب الفاسي الفهري.
وحضر هذه الجلسة، بالخصوص، الوزير الأول عباس الفاسي وعدد من أعضاء الحكومة والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، والمدير العام لوكالة بيت مال القدس عبد الكبير العلوي المدغري، إلى جانب عدد من الشخصيات السياسية البارزة عربية وأجنبية.
وسيناقش الملتقى عددا من المواضيع منها الوضع بالمدينة المقدسة، في جوانبه السياسية والقانونية والإنسانية، وكذا وضعها كنموذج للتعايش بين الديانات التوحيدية الثلاث.
وفي كلمته التي وجهها إلى المشاركين في ملتقى القدس الدولي دعا الملك محمد السادس إلى الضغط على إسرائيل للتخلي عن ممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
وقال: "ندعو المجتمع الدولي وفي طليعته الرباعية الدولية والاتحاد الأوربي للضغط على إسرائيل للتخلي عن ممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وحملها على العودة الفورية إلى طاولة المفاوضات والالتزام بالمقررات الأممية والاتفاقات المبرمة بين الأطراف المعنية، والعمل الصادق على إيجاد حل عادل ودائم ونهائي لهذا النزاع".
ووجه نداء إلى كل الإرادات الحسنة من أجل التحرك العاجل قصد خلق تحالف عالمي بين كل القوى الملتزمة بالسلام والضمائر المؤمنة بقيم التسامح والتعايش لإنقاذ مدينة السلام ومهد الأديان السماوية.
وأضاف أنه "من منطلق الأمانة التي نتقلدها، بصفتنا رئيسا للجنة القدس، ما فتئنا نبذل المساعي الدبلوماسية، لدى رؤساء الدول الفاعلة، وقداسة البابا، والهيئات الدولية المعنية، من أجل الحفاظ على الطابع الخاص للقدس، وفقا للقرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والالتزامات المتبادلة بين الأطراف المعنية.
كما خاطبنا المجتمع الدولي، كلما دعت الضرورة والظروف إلى ذلك، للتدخل الحازم قصد وقف الانتهاكات الآثمة، والحفريات المشبوهة في مواقع متعددة بالحرم القدسي الشريف، معربين عن شجبنا القوي للتطاول الاستفزازي على مقدساتنا الإسلامية، كما حدث، في الآونة الأخيرة، مع اقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك، خاصة باب المغاربة".
وذكر بأنه ما فتئ يعبر عن إدانته لكل الممارسات الإسرائيلية العدوانية، وسياستها الاستيطانية ومشاريعها التوسعية، باعتبارها تشكل إخلالا جسيما بالأوضاع والتوازنات السكانية والعمرانية في القدس المحتلة، ولتماديها في نهج سياسات الهدم والضم، ومصادرة الأراضي والممتلكات والترحيل والعزل والحرمان من حق ولوج أماكن العبادة، في انتهاك صارخ للشرائع السماوية والمواثيق الدولية.
وأكد الملك محمد السادس عزمه الوطيد، وبتظافر كل الجهود الخيرة والمخلصة، على مواصلة تقديم المغرب لدعمه التضامني المطلق لأهالي القدس، وتنفيذ برامج عمل وكالة بيت مال القدس الشريف بهذه المدينة المباركة، كما ناشد منظمة "اليونسكو" ولجنة التراث العالمي تحمل مسؤولية صون وحماية المعالم الدينية والأثرية والتاريخية للقدس.
ومن جهة أخرى حذر إسرائيل من مخاطر تسخير موروثها الثقافي والروحي، كعامل لتأجيج مشاعر العداء والتطرف، وضرب قيم المحبة والتسامح بين أتباع الديانات السماوية. وهي القيم المثلى التي حافظ عليها الحكم الإسلامي عبر قرون في بيت المقدس.
وعبر أيضا، عن عزمه مواصلة الاتصالات "مع كل أصدقائنا وشركائنا، لإخراج عملية السلام من حالة الاحتقان التي تواجهها، جراء العراقيل التي تثيرها إسرائيل، أمام إطلاق مفاوضات بناءة، تؤسس فعليا لحل دائم وشامل، تتبوأ فيه قضايا الوضع النهائي، ولا سيما القدس، مكانة محورية وحاسمة، مؤكدين رفضنا لأي تسوية جزئية، ذات طابع إجرائي محدود".
كما أكد دعمه للرئيس محمود عباس، وللسلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية ملحا جلالته على أن الوحدة الوطنية، واستقلالية القرار الفلسطيني، هما السبيل الوحيد لضمان القدرة التفاوضية اللازمة، من أجل إحقاق الحقوق الفلسطينية.