فياض:مستمرون في بناء مؤسسات الدولة رغم الاحتلال، ولسنا فريق مساومة
نشر بتاريخ: 28/10/2009 ( آخر تحديث: 28/10/2009 الساعة: 22:14 )
رام الله - معا - قال رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض "إن إعلان الاستقلال عام 88 يعد تنازلا تاريخيا مؤلما من الفلسطينيين ويجب التعامل معه على هذا الأساس"، موضحا أن البرنامج الوطني لمنظمة التحرير يستند إلى إعلان 88، وهذا أقصى ما يمكن الوصول إليه " لكن المفاوضات التي انطلقت وتكللت باتفاق أوسلو وما تبعها خلال العملية السياسية الجارية باتت كلاماً نظرياً واجتماعات بعد اجتماعات، ولا يمكن اليوم، ولا بعد مئة عام، أن نتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل إذا ما مضينا في العملية السياسية على المنوال نفسه.
لذلك لا بد من أن يتحرك المجتمع الدولي لينقل القضية الفلسطينية إلى مجلس الأمن لتثبيت حق الشعب الفلسطيني في ما لم يمنحه إياه اتفاق أوسلو، وهو حقه في إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة سنة 1967. وهذا يعني اتخاذ قرار في مجلس الأمن بموجب الفصل السابع".
هذا وأكد فياض ان الحكومة عازمة على تنفيذ خطتها لبناء الدولة وإنهاء الاحتلال، معتبرا أن جوهر الخطة يقوم على البناء من "أجل التعجيل في إنهاء الاحتلال، البناء على الرغم من الاحتلال لإنهاء الاحتلال، وكذلك إقامة بنية تحتية وبناء مؤسسات ومأسسة آليات الحكم والإدارة كافة.
فالاحتلال سبّب كثيراً من مشكلاتنا، وهو المعوق الأكبر، لكن هذا لا يمنع من أن نبذل جهداً أكبر وأفضل، وأن نرتب أمورنا بشكل أفضل. فمن غير المقبول ألاّ نعمل في الأمور التي لا يستطيع الاحتلال إعاقتها، كما أنه لا يجوز التعامل مع وجود الاحتلال كمبرر للعجز أو الفشل أو الإفشال الذاتي".
في سياق آخر قال فياض خلال مقابلة أجرتها "مجلة الدراسات الفلسطينية" في رام الله، ونشرت في العدد 78 الذي صدر اليوم. إن مهمة الجنرال دايتون "هي الإشراف على عملية تدريب الأفراد الجدد في الأجهزة الأمنية فقط، وكل ما تم تدريبه حتى الآن هو 2000 عنصر اختارتهم السلطات المعنية بنفسها". وأوضح " أن دايتون لا علاقة له على الإطلاق بالناحية الأمنية، فهو يعمل لدينا ولسنا نحن من يعمل لديه".
هذا واعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني أن "العنف ما عاد جزءاً من العمل النضالي الفلسطيني بعد اتفاق أوسلو" رافضا أقوال بعض الأطراف بأن " في فلسطين فريق مقاوم وآخر مساوم" مبينا أن الموجود هو الاحتلال " ولا خلاف على ضرورة إنهائه، لكن المقاومة ليست فوضى السلاح".
كما تحدث رئيس الوزراء في المقابلة التي أجراها كل من " خالد فراج، سليم تماري، كميل منصور من مجلة الدراسات"، عن الكثير من القضايا التي تتعلق بالشأن الفلسطيني، ومنها تحركاته اليومية بين الجماهير الفلسطينية، إضافة إلى ملف الاعتقال السياسي، وما يتعلق بمعاملة المحتجزين لدى الأجهزة الأمنية، وكذلك عن الطريق الثالث الذي قال إنه ليس حزبا سياسيا.
وفيما يلي مقتطفات من المقابلة :
مؤسسة الدراسات: أنت وحكومتك وضعتما خطة لسنتين، فما هو المتوقع إنجازه خلال هذين العامين؟
د. فياض: الجوهر في الخطة هو البناء من أجل التعجيل في إنهاء الاحتلال، البناء على الرغم من الاحتلال لإنهاء الاحتلال، وكذلك إقامة بنية تحتية وبناء مؤسسات ومأسسة آليات الحكم والإدارة كافة.
الاحتلال سبّب كثيراً من مشكلاتنا، وهو المعوق الأكبر، لكن هذا لا يمنع من أن نبذل جهداً أكبر وأفضل، وأن نرتب أمورنا بشكل أفضل. فمن غير المقبول ألاّ نعمل في الأمور التي لا يستطيع الاحتلال إعاقتها، كما أنه لا يجوز التعامل مع وجود الاحتلال كمبرر للعجز أو الفشل أو الإفشال الذاتي، وأنا أعتبر التقصير في الأداء الجيد شكلاً من أشكال الإفشال الذاتي. لا يجوز أن نبرر سوء الإدارة بوجود الاحتلال، وذلك على الرغم من أن سوء الإدارة ليس مبرراً لاستمرار الاحتلال.... وأخيراً، أود التوضيح أنني لا أراهن على الموقف الأميركي ولا على المجتمع الدولي، بل على أنفسنا، ويجب أن نعمل على أن نكون في أحسن حالاتنا.
إن الاحتلال بكل تأكيد لا يريد أن يسهل أمورنا، ولذلك لا سبيل أمامنا إلاّ أن نعتمد نظرية تقول: يجب أن نبني على الرغم من الاحتلال لإنهاء الاحتلال. ثم إن الأوان آن لأن تضع الحكومة برنامجاً تفصيلياً لعملها، وأن تعمل بجدية على إنجازه.
مؤسسة الدراسات: وإذا حدث تغيير حكومي، هل هناك ضمانة بأن الحكومة التالية ستتبنى الوثيقة؟
د. فياض: لا يوجد ضمانة بأن يتم تبني هذه الوثيقة، لكن من الواجب السعي لأن تصبح ملكاً لأوسع قاعدة ممكنة من الناس، ومن مختلف مؤسسات الشعب الفلسطيني، وكذلك الأطر كافة.
وبقدر ما يكون هذا الموضوع مفتوحاً للنقاش، ويشعر المواطن، أياً يكن مركزه في هذه المنظومة المجتمعية، بأن لديه فرصة لأن يساهم في هذه الفكرة، تصويباً أو إضافة أو شطباً، بقدر ما سيشكل ذلك شيئاً من الضمانة.
أمّا إذا تم تبني شيء مختلف، فآمل بأن يكون وليد ما يكفي من الدراسة والفكر، لأن ما أتطلع إليه هو أن يُعطى هذا الفكر فرصة، لا أن يُجهض قبل أن يعطى الفرصة.
مؤسسة الدراسات: ممن تخشون أن يقوم بإجهاض هذا المشروع؟
د. فياض: أكثر ما أخشاه هو عوامل الإفشال الذاتي، وعدم إعطاء هذه الفكرة الفرصة الكافية لأي سبب كان. عموماً، يوجد تقبل للفكرة، لكن ثمة أصوات هنا وهناك، وأنا لا أقول إنها ليست مهمة، إنما هي في المجمل العام تتعامل مع الشكل وليس مع الجوهر، الأمر الذي جعلني أطمئن، لأنها اكتفت بانتقاد الشكل لا الجوهر.
فحوى الانتقاد أن الوثيقة أُعدت وصدرت من دون تنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية، التي هي، لا الحكومة، الجهة المخولة إقامة الدولة وإعلانها، وهذا انتقاد غير مبرر، لأننا حكومة تقوم بالإعداد للدولة، والعمل الذي نقوم به يشكل رافعة للعمل السياسي الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية.
وكنت قد طرحت الفكرة على طاولة اللجنة التنفيذية للمنظمة في أثناء تأليف الحكومة الحالية كوسيلة لتحقيق التكامل بين دور السلطة في البناء والإعداد لقيام الدولة، وبين دور اللجنة التنفيذية للمنظمة كمرجعية عليا، وخصوصاً فيما يتعلق بالشأن السياسي، وأكدتُ للّجنة ضرورة وضع الدور المذكور للسلطة في سياق الجهد الوطني الهادف إلى إنهاء الاحتلال، وهي الفكرة الرئيسية في الخطاب الذي كنت ألقيته في جامعة القدس قبل ما يزيد على شهرين من إطلاق الوثيقة.
مؤسسة الدراسات: هل معنى ذلك أن مرجعيتنا هي إعلان الاستقلال (1988) وليس اتفاق أوسلو؟
د.فياض: نعم، لأنه صحيح أننا كفلسطينيين وافقنا على اتفاق أوسلو وما جاء فيه من ترتيبات موقتة وخرائط وتفصيلات، لكن جوهر الموضوع هو حل الدولتين. ما حدث في أوسلو وبعده كان عبارة عن سلسلة من جولات التفاوض، وهنا تفرض قوانين الطبيعة نفسها: ندخل إلى التفاوض ونمسك العصا من طرفها، ومعظم العصا مع الجانب الأقوى، وهو الجانب الإسرائيلي، وبعد كل جولة تنتهي ولا تفضي إلى حل، ننتقل إلى التي تليها ونحن ممسكون بجزء أصغر من العصا.
هذه هي المشكلة التي بحاجة إلى تصويب. وهنا، لنكن واضحين: عندما أقول البرنامج الوطني، برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، أعني بذلك مبادرة السلام الفلسطينية لسنة 1988، ليس قبل، وليس من واقع ما بعد. ويجب أن يُنظر إلى مبادرة السلام الفلسطينية لسنة 1988 كتنازل تاريخي ومؤلم، وأن يصرّح عنها بصفتها كذلك. إنها لم تُعلن هكذا، بل أُعلنت كإنجاز لأسباب سياسية واضحة، والمشكلة هي أننا نسينا أنها تنازل تاريخي ومؤلم، وبالتالي، وبحكم فشل العملية السياسية وتأكل موقفنا باستمرار، وصلنا للأسف الشديد، إلى نقطة أصبح من الضروري فيها أن تعود الأمور إلى الأصول.
هذه الدولة إذا ما كنا نريدها، فإنها ستصبح حقيقة واقعة. فالشعب الفلسطيني أبدى قدرة هائلة على أن يبقى على هذه الأرض، وصموده هو الذي أبقى قضيته حيّة، وبالتالي، إذا أردنا حلاًّ، فبداية الحل يجب أن تكون قائمة على أساس ماذا يجب أن نعمل كي يبقى هذا الشعب موجوداً على أرضه.