مياه غزة.. مخزون مهدد.. وبدائل محدودة.. وكابوس يؤرق المواطنين
نشر بتاريخ: 03/11/2009 ( آخر تحديث: 03/11/2009 الساعة: 10:46 )
غزة- تقرير معا- مياه غزة... والفوبيا الجديدة التي استشرت بين سكان القطاع تاركة إياهم في مهب الريح في قضية مستقبلهم الصحي وأمنهم المائي،خاصة بعد صدور تقرير منظمة العفو الدولية"آمنستيي" و الذي اظهر مدى تدهور وضع المياه في القطاع،حيث أصبح سكان غزة في حيرة من أمرهم حول المصدر الذي يجب أن يحصلوا على مياه الشرب منه،فهل يكتفوا بأجهزة تصفية المياه المنزلية وهل هي قادرة على إزالة كل المواد المضرة الموجودة في الماء،أم هل يتجهوا إلى محطات التحلية في ظل وجود الحصار و منعه لدخول قطع الغيار و المعقمات لهذه المحطات ،أم عليهم أن يتجهوا للمياه المعدنية المستوردة والمعبأة خارج القطاع وذات السعر المرتفع مقارنة بما تحتاجه المنازل في استهلاكها اليومي.
وزارة الزراعة وسلطة المياه المقالة في غزة عقدتا ندوة بهذا الخصوص تحت عنوان "تقرير آمنستي وحرب المياه في فلسطين" وحضر الندوة العديد من المختصيين و المهتمين كان أبرزهم وزير الزراعة في الحكومة المقالة محمد رمضان الآغا و مدير عام سلطة المياه المهندس محمد ربيع احمد.
قال وزير الزراعة المقال إن تقرير منظمة العفو الدولية "آمنستي "هو الأول من نوعه الذي تصدره منظمة دولية ولكنه يقف في منطقة وسطى بين الحياء و العدل في عرضه للحقائق.
وأضاف أن الحروب التي شنتها إسرائيل كانت في معظمها حروبا مائية رافعة شعار"أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل"،حيث اهتم التقسيم عام 1948 بتوزيع المياه إلى صالح إسرائيل،وفي حرب 1967 ضمت إسرائيل جزءا كبيرا من مياه الأردن، وفي حرب لبنان كانت هناك محاولة للوصول لنهر الليطاني ومذكراً بالعبارة التي قالها وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك "موشى ديان":"لم أكن أفكر بالحرب في الجولان لولا ضغط المزارعين في الأغوار و حوض الأردن"
وفي الحرب الأخيرة على قطاع غزة تم تدمير مئات الآبار في قطاع غزة وشبكات الري ومحطات التحلية و الصرف الصحي.
ووصف إدارة المياه في قطاع غزة خلال وجود الاحتلال بأنها كانت عبارة عن استنزاف للمياه من خلال تشجيع زراعة محاصيل تستهلك المياه بنسبة مرتفعة تصدر في النهاية إلى إسرائيل.
أما في الضفة،فيقول الآغا إن القانون الإسرائيلي المطبق في المناطق Cو Bلا يسمح بالاستفادة من المياه،ويحدد استخدامات المياه للفلسطينيين كما ساهم بناء جدار الفصل العنصري في فصل مناطق حيوية للمياه عن الضفة الغربية.
وقال الآغا إن غزة تجاوزت الخطوط الحمر في أزمة المياه منذ أكثر من 20 عام،قائلاً"أصبحنا نأكل اللحم الميت في قطاع غزة".
وعن مشاريع المياه التي نفذت في قطاع غزة قال الاغا إن المشاريع السابقة و منذ 1994 لم تكن تنموية وكلها لا تخدم الإدارة الإستراتيجية للمياه،مثل :مشاريع الصرف الصحي والمفترض أن يكون هدفها إعادة الاستخدام للمياه بينما لم يتم توجيهها في هذا الاتجاه،بل إن وجود برك الصرف الصحي ساهم في تسميم الخزان الجوفي.
أما مشاريع التحليه فيوجد 60 محطة تحليه تنتج 30 مم مكعب من المياه للشرب ، والمياه العادمة منها يتم صرفها في شبكات الصرف الصحي،مما يشكل هدراً للمياه.
وأكد الآغا أن إعادة هيكلة قطاع المياه واستخدامات مياه الري بالإضافة إلى هيكلة المحاصيل تساهم في مواجهة مشكلة المياه في القطاع.
من ناحية أخرى ،تحدث الآغا عن مصائد المياه التي تضعها إسرائيل على طول الحدود الشرقية للقطاع وهي عبارة عن آبار وخزانات جوفية تحتجز المياه وتمنع الامتداد الطبيعي لها،كما يوجد أكثر من سد على وادي غزة يمنع صول المياه ويساهم في زيادة الملوحة .
وفي ختام كلمته قال وزير الزراعة إن الخزان اليوم منهك و مستنزف ويتم استهلاك الخزان الاستراتيجي ،وما لم يذكر في تقرير"آمنستي" أنه تم تجاوز ما يصلح للاستخدام الآدمي من المياه منذ 3 أعوام ،و الآن لا توجد قطرة ماء واحدة تصلح للشرب،واضعاً جميع المؤسسات الدولية أمام مسئولياتها في وقف استنزاف إسرائيل للمياه.
وأضاف إنه يجب إعادة هيكلة المحاصيل الإستراتيجية في استخدام المياه و الاتجاه إلى المحاصيل التي لا تستهلك كمية كبيرة من المياه مثل الزيتون و النحيل واللوزيات و بعض النباتات الطبية و العطرية،مضيفاً إن الإدارة السليمة ستوفر أكثر من 20مم مكعب في السنة وذلك في خطوة تشبه الإسعافات الأولية لهذه القضية .
أما عن الحلول المطروحة في تقرير"آمنستي"فقال إنها تمعن في التفاصيل دون الاهتمام بالإستراتيجية ،لضمان حقوق الأجيال القادمة مؤكداً أنه يجب أن تقف المؤسسات الدولية في وجه سرقة إسرائيل للمياه.
أما المهندس محمد ربيع احمد مدير عام سلطة المياه فقال إن المياه بأهمية قضية القدس خاصة في قطاع غزة الذي يبلغ عدد سكانه 1.5 مليون نسمة ومساحته صغيرة لا تتجاوز 365 كم مربع،ومصدره الوحيد للمياه هو المياه الجوفية خاصة مع حجز المياه السطحية عن وادي غزة.
بينما يصل معدل التغذية السنوي للخزان الجوفي 60 مليون متر مكعب و يتم سحب 160-180مليون متر مكعب لجميع الاستخدامات مما يشكل عجزاً سنوياً يصل إلى حوالي 80 مليون متر مكعب.
و انخفضت مستويات المياه الجوفية إلى حوالي 15 مترا تحت سطح البحر في منطقة رفح خلال السنوات الخيرة ،بالإضافة إلى تلوث هذه المياه حيث يوجد بها ارتفاع لتركيز الكلوريد،وارتفاع في النترات يصل إلى ثمانية أضعاف ما هو موجود في المعايير الدولية لصحة الإنسان بالإضافة إلى تسرب المياه العادمة إلى المياه الجوفيةمما جعل 90-95% من مياه آبار البلديات غير صالحة للاستخدام الآدمي لافتاً النظر إلى أهمية تحسين كفاءة شبكة المياه.
وأوصى المهندس احمد بأهمية وضع خطة شاملة متكاملة حتى عام 2020 لإدارة مصادر المياه في مشاريع لتحلية مياه البحر وإنشاء 3 محطات معالجة لمياه الصرف الصحي في الشمال و الوسط و الجنوب و معالجة المياه الجوفية وإزالة النترات،مؤكداً على أثر الحرب و الحصار الإسرائيلي في تجميد هذه المشاريع ومنع إدخال المواد و المعدات اللازمة لتأهيل وصيانة قطاع الخدمات المائية و الصرف الصحي و منع إدخال مادة الكلور اللازمة لتعقم وتطهير مياه الشرب،بالإضافة إلى سرقة المياه عن طريق إنشاء آبار مياه على طول الحدود شرقي قطاع غزة و تحويل مجرى وادي غزة مما يؤدي إلى فقد ما يقرب (20-30 مليون متر مكعب/سنة) .
و أوصى المهندس محمد احمد بأهمية وجود إدارة إستراتيجية تحمل العالم مسئوليته الأخلاقية اتجاه قضية المياه في القطاع،كما يجب حماية المياه المتبقية وإعادة هيكلة قطاع المياه بشكل أفضل وتوعية المجتمع والمزارعين بالإضافة إلى مكافحة الآبار العشوائية .
و إلى حين تحقيق كل الأفكار المطروحة لتحسين الوضع المائي في قطاع غزة ،تبقى قضية المياه كابوساً يؤرق سكان غزة،ويبقيهم في قلق مستمر على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم.