تضارب في وجهات النظر حول مشروع القرار الخاص بتقرير غولدستون
نشر بتاريخ: 04/11/2009 ( آخر تحديث: 04/11/2009 الساعة: 16:19 )
بيت لحم- معا- يرى خبراء في القانون الدولي أنه ثمة احتمال قوي بأن تصوت الجمعية العمومية للأمم المتحدة اليوم الأربعاء لصالح تقرير غولدستون، لكنهم يقولون "إن الصياغة الضعيفة لمشروع القرار الذي تقدمت به المجموعة العربية ستحول دون تحقيق أي تقدم مستقبلي حول التقرير".
وفي هذا الصدد برزت على الأقل وجهتا نظر مختلفتان. فبعض خبراء حقوق الإنسان يقولون إن القرار المتوقع بصيغته الضعيفة سيبدو كأنه انتصار رغم أنه سيمنع الجمعية العمومية من إحراز أي تقدم حول الموضوع وهذا ليس الهدف على المدى البعيد. غير أن دبلوماسيا فلسطينيا كبيرا دافع عن صياغة مشروع القرار العربي في مقابلة مع وكالة "معا" الثلاثاء موضحا أن نقاده من خبراء القانون الدولي لم يفهموا فحواه.
ومن بين هؤلاء النقاد أستاذ القانون الدولي في جامعة برنستون الأمريكية ومقرر حقوق الإنسان في المناطق الفلسطينية ريتشارد فولك الذي قال في حديث لوكالة معا إن مشروع القرار الذي قدمته المجموعة العربية يعبر عن تأييده لتقرير غولدستون لكنه أغفل المطالبة بتنفيذ والتحقيق في التوصيات التي جاءت في تقرير غولدستون.
وحسب مشروع القرار يتعين على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقديم تقرير غولدستون حول الحرب الإسرائيلية على غزة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، علما بأن التقرير يتهم كلا من إسرائيل والمجموعات المسلحة الفلسطينية بارتكاب جرائم حرب إبان الحرب التي دارت رحاها مدة أسبوعين.
كما أن مشروع القرار يطالب إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية بإجراء تحقيقات خاصة بهم، وأن يطلع بان كي مون الجمعية العمومية على مدى التقدم في هذه التحقيقات إن حدثت.
يقول ريتشارد فولك مقللا من شأن مشروع القرار العربي: "إذا أقرت الجمعية العمومية مثل هذا التقرير بصياغته الضعيفة، سيكون ذلك انتصارا لواشنطن وتل أفيف، وخيبة أمل لمن يطالبون بتحميل إسرائيل المسؤولية."
ويضيف أن التصويت لمثل هذا القرار الضعيف "سيولد خيبة أمل لدى نشطاء حقوق الإنسان حول مقدرة الأمم المتحدة على ضمان الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني."
ويشير فولك إلى أنه من غير المتوقع أن يقر مجلس الأمن هذا المشروع بسبب حق الفيتو الذي تتمتع به الدول الخمس دائمة العضوية وهي الولايات المتحدة، وبريطانيا، وروسيا، وفرنسا، والصين. لذا فإن نشطاء حقوق الإنسان يحثون الجمعية العمومية للاستعداد لهذا الاحتمال (الفيتو) وإبقاء المجالات مفتوحة لإجراءات مستقبلية أخرى حول التقرير.
يقول فولك: "من الأفضل أن تحتفظ الجمعية العمومية بالحق في أن تحوّل تقرير غولدستون إلى محكمة الجرائم الدولية، أو أن تقيم محكمة خاصة لهذا الغرض إذ أنه لا يوجد في ميثاق الجمعية العمومية ما يحول دون ذلك."
أما ممثل فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور فيرى أن مشروع القرار لا يعني أبدا نهاية المطاف بالنسبة لتقرير غولدستون إذا ما اقرت الجمعية العمومية هذا المشروع. ويؤكد منصور أن قانون محكمة الجنايات الدولية الذي أقر في روما لا يسمح للجمعية العمومية بتحويل الموضوع إلى تلك المحكمة.
ويرى منصور وجود احتمال آخر وهو أن يقوم مدعي عام محكمة الجنايات الدولية لويس مورينو أوكامبو باتخاذ إجراءات قضائية حول الحرب الأخيرة في غزة دون الرجوع إلى الأمم المتحدة، غير أنه يستدرك قائلا إن مورينو ليس متحمسا للقيام بتلك المبادرة.
ويضيف منصور عبر الهاتف من نيويورك: "علينا أن نستمر في طرق باب مجلس الأمن لحثه على تحمل مسئولياته تجاه تنفيذ القرار."
ويعاود منصور الدفاع عن مشروع القرار الذي تقدمت به المجموعة العربية قائلا إنه سيحظى بتأييد واسع من دول أوروبا وغيرها من خارج إطار الجامعة العربية كمنظمة عدم الانحياز، ومنظمة المؤتمر الإسلامي التي ساهمت في صياغته. ويضيف أن مثل هذا التأييد سيكون له الإيجابي لصالح الفلسطينيين على المدى البعيد.
ويرى منصور أن الأجواء العالمية دخلت مرحلة جديدة من المساءلة ومناهضة الحصانة لأي طرف بعد تأسيس محكمة الجنايات الدولية، وعليه فإن "إسرائيل ستفكر ألف مرة قبل أن تقدم على عملية مماثلة في قطاع غزة، كما أن الإخوة في حماس سيفكرون مليا قبل أن يطلقوا الصواريخ على السكان المدنيين."
ويضيف منصور: "لكن الرحلة طويلة، ومن يعتقد أنه مجرمي الحرب الإسرائيليين سينالون عقابهم في الغد القريب، فلا ألومه على الإفراط في التفاؤل."
محمود أبو رحمة منسق العلاقات الدولية في مركز الميزان لحقوق الإنسان يتفق مع رياض منصور بأن الجمعية العمومية غير مخولة بتحويل تقرير غولدستون إلى محكمة الجنايات الدولية.
يشير أبو رحمة إلى أن صياغة القرار ستكون حاسمة، وأن الجمعية العمومية ينبغي أن تصادق على التوصيات التي جاءت في التقرير ونحن نريد قرارا قويا."
ويؤكد أنه إذا لم يتبنى مجلس الأمن قرار بشأن تقرير غولدستون، فإن الجمعية العمومية "تلقائيا" ستكون مخولة باتخاذ خطوات جديدة.
من جانبها قالت إنغريد غاسنر مديرة مركز بديل لحقوق لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين: "قرار الجمعية العمومية سيكون حاسما لأنه سيحدد ما يمكن القيام به خلال الأسابيع أو الأشهر القادمة."
وتضيف ساخرة: "إن العبارة في مشروع القرار العربي التي تدعو الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن يطلع الجمعية العمومية على سير التحقيقات الإسرائيلية والفلسطينية حول توصيات غولدستون، هي بمثابة دعوة لإلقاء الموضوع على الرف،" مشيرة إلى مئات القرارات التي ظلت على الرف ولم تتابع.
وأشارت غاسنر إلى أن مشروع قرار بصياغة قوية قد لا يحظى بأصوات الدول الأوروبية، لكن الجمعية العمومية ستصادق عليه رغم ذلك.