"اسرة الرئاسة" تروي حكايات يومية مع الراحل عرفات
نشر بتاريخ: 16/11/2009 ( آخر تحديث: 16/11/2009 الساعة: 18:34 )
غزة - معا - الحلقة الثانية - كان يقف أمام بحر غزة صباحا يتأمل الشاطئ وقوارب الصيد يتساءل عن ميناء للصيادين ويقول أنهم يستحقون ميناء لهم لان البحر مورد رزقهم الوحيد.
وقال عبد الله النجار من أسرة الرئاسة في سلسلة الحلقات التي تعدها وكالة معا عن الراحل عرفات في الذكرى الخامسة لاستشهاده، كان ابوعمار عندما ينام بالمنتدى ويستيقظ باكرا وينزل الى شاطئ البحر يشمّر بنطاله ويمشي على الشاطئ ويبلل قدميه من مياه بحر غزة قبل البدء في يوم عمل لا نعرف في أي ساعة قد ينتهي.
في بدايات تأسيس السلطة كان شارع البحر مفتوحا أمام حركة السير وعربات الكاروا، كان يمر رجل بسيط على عربة كاروا يجرها حمار يسأل من بتواجد على باب المنتدى.. مرحبا السلام لابو عمار وازا موجود سلمولي عليه.
أسس أبو عمار مقر الرئاسة بخبرات بسيطة ممن كانوا بالخارج في مكتبه في تونس وممن كانوا في الارض المحتلة، كان في تلك الفترة توظيف وتطوير الخبرات بما يتناسب مع انشاء سلطة وطنية للمرة الاولى والمتطلبات الجديدة للرئاسة.
أسرة الرئاسة
الرئيس هو من أطلق مصطلح "أسرة الرئاسة" على طاقمه.. كان دائما يفكر بشكل عائلي، ويوضح النجار أن الختيار يكره الوحدة لا يحب ان يقف وحيدا أو يأكل وحيدا عندما يأتي موعد الطعام ينادي علي كل الموجودين يلا اتفضلوا... كنا لا نستطيع ان نرفض لانه كان يصر على من حوله أن يتناولوا الافطار أو الغذاء معه حتى وان كان الاكل على شرف ضيف لفلسطين.
كانت مواعيد الغذاء منتظمة من الساعة الواحدة والنصف حتى الثانية، ولكن العشاء في علم الغيب موعده عندما ينهي لقاءاته وانشغالته يجهز العشاء.
ويذكر صبح المصري مدير البرتوكول في مقر الرئاسة انه بعد أن أتم التجهيزات لاستقبال رئيس الوزراء الاردني عبد السلام المجالي كان افطار رمضان جاهزا، وقفت انهي الاجراءات فطلب مني الرئيس ابو عمار تناول الافطار معهم الا انني وقفت بجانبه وقلت له لدي ضيوف في بيتي فطلب مني ان اتناول القليل من الاكل حتى اتمكن من الوصول لبيتي.
أبو عمار والغلابا
الرئيس المشغول بهموم الناس والبريد اليومي لاحتياجات المواطنين، كان أثناء اجتماعاته يتفقد احتياجات الناس وهو اخر شئ يقوم بالانتهاء منه، ولا نتذكر يوما انه غفل عن البريد كان يتعامل مع حاجات الناس ويتذكرها دائما.
كان الختيار يتدخل في مشاكل العائلات يدفع الاموال التي من شأنها ان تحل الصراعات بين الناس مثل الديه او الديون.
وخلال حصاره في المقاطعة كان يطلب كشوف المحتاجين كي يوقعها، وفي احد الليالي عندما اشتد عليه الحصار بالمقاطعة في رام الله وقام جيش الاحتلال في تلك الليلة بقصف المقر طلب في ساعة متأخرة 5 كشوف كل كشف فيه 70 محتاج كي يوقعه لان موعد العيد قد اقترب.
ويقول ناصر نصار من أسرة الرئاسة، لقد وصلني يوما تقرير من احد الشركات التي تعاني من مشاكل، وكان التقرير من 6 صفحات وكان علي اختصاره لتقديمه للرئيس، اختصرته الى ثلاثة اسطر وفاجئني الرئيس انه على علم بمشكلة هذه الشركة لانها عرضت عليه قبل 6 اشهر، وكان كل ما يكتبه الرئيس نتعامل معه كتعليمات صادرة عنه، فاعاد الكتاب بملاحظات دونها تزيد عن 3 اسطر كان ابوعمار لا ينسى شيئا من هموم الناس ولديه قوة ذاكرة غير عادية.
كان احيانا يطلب منا في ارشيف الرئاسة ملفا محفوظا لدينا يقول انني اريد تلك المعلومة الموجودة في الملف الاحمر مثلا، وان القضية كذا موجودة وان نسلمها بتاريخ كذا، نعود لارشيفنا نبحث عما اراد، كان لديه ذاكرة قوية جدا بحيث انه كان يتذكر الاسماء والاشخاص والاحداث بشكل لا يصدق.
أتذكر في احدي المرات كنا نتصفح جريدة محلية قرئنا مقالا لفتاة جامعية من بيت لحم بعنوان " الأنني ابنة فلاح لا استطيع دفع الرسوم الجامعية" وفي التفاصيل ان الرسوم التي تحتاجها 250 دينار اردني، حيث كان لدينا دائرة في مقر الرئاسة ترصد المناشدات في الصحف والمجلات وعبر وسائل الاعلام،
فأعطي ابو عمار تعليماته لصرف 1200 $ لها، ايضا كتب المساعدات التي كانت تأتي للرئيس كان يتعامل معها بجدية بالغة كان مؤمنا ان من يلجأ لياسر عرفات يكون بحاجته ولا يكذب و على الرئيس تلبية طلبه.
البرتوكول وأبو عمار
لم يمنع البرتوكول ياسر عرفات من مجاملة الناس، فعندما كان يسير الموكب ويجد في طريقه بيت للعزاء كان يتوقف الموكب لانه يجب أن يأخذ بخاطر الناس، كان يرى انه معيبا ان يمر قائد الشعب الفلسطيني في طريق فيه بيت عزاء ولا يشارك الناس ويواسيهم في فقيدهم.
يروي النجار... كان في أحد المرات زائرا لبيت عزاء يقع في منطقة الفالوجة بجباليا وهو في طريقه الى مكتبه بعد أن انهى واجبه وجد عزاء اخر لا نعرف لمن نزل وأخد بالخاطر على الرغم من وجود مواعيد له في مقر الرئاسة.
ويذكر النجار، في أحد المرات كان الرئيس يغادر مكتبه باتجاه معبر رفح متجها الى طائرته في مطار العريش وهو في طريق صلاح الدين ذاهبا للمعبر كانت سيدة تقف على جانب الطريق ولوحت له فصرخ على السائق والمرافقين ان يقفوا قالوا له ان موعد رحلة الطائرة قد اقترب، قال لهم اوقفوا السيارة ان هذه الامرأة اشارت لي بالوقوف، فأنزل الرئيس المرافقين ليعرفوا ماذا تريد السيدة المسنة من عرفات، قالت لهم لا اريد شئ فقط اردت ان احيي موكبه قالوا لها ماذا تريدين ان تطلبي من الرئيس قالت اريد ان ابوس يديه.. الله ينصره على من يعاديه قالوا لها، والله اذا ما طلبتي منا شئ راح يبهدلنا فقالت لهم لا شئ.
عادوا للرئيس وهو ينتظر بسيارته قالوا له انها تريد ان تسلم عليك فقط فقال لهم خذوا عنوانها واذهبوا لها وقدموا لها المساعدات التي تحتاجها
كان يتعامل مع الشعب كعائلة واحدة.