الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

مركز حقوقي: إسرائيل ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بالقدس

نشر بتاريخ: 17/11/2009 ( آخر تحديث: 17/11/2009 الساعة: 11:05 )
لقدس- أصدرت وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس اليوم تقريرها الشهري، والذي يرصد الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق الاجتماعية والاقتصادية في القدس الشرقية المحتلة خلال شهر تشرين أول من العام 2009.

وأشار التقرير إلى أن شهر تشرين أول المنصرم سجلا تصعيدا إسرائيليا غير مسبوق فيما يتعلق باستهداف الأماكن المقدسة خاصة المسجد الأقصى وفرض قيود مشددة على وصول المصلين إليه وأداء صلواتهم فيه، بلغ ذروته في سلسلة اقتحاماته من قبل الشرطة وفرض حصار على المصلين داخل مبانيه.

كما سجل تصعيد إسرائيلي آخر خلال الشهر المذكور بهدم منازل المقدسيين وإرغامهم على هدم منازلهم بأيديهم، ومصادرة أراضيهم ، وتوسيع المستوطنات المقامة عليها وبناء أحياء استيطانية جديدة عليها، ومواصلة سياسة تهويد المدينة المقدسة من خلال تخصيص عشرات ملايين الدولارات، وتبني برامج في مجالات الإسكان والتعليم والثقافة لتعزيز التواجد والحضور الاستيطاني في البلدة القديمة وسلوان، ومنطقة ما يسمى بالحوض المقدس، وهي المنطقة المحيطة بالبلدة القديمة ، في حين سجل ارتفاع في عمليات الاعتقال والتنكيل ، والاعتداءات على خلفية عنصرية من قبل متطرفين يهود على مواطنين مقدسيين.

وفيما يلي إجمال لهذه الانتهاكات:

أولا- الاعتداء على المقدسات وانتهاكات حرية العبادة والحريات العامة:
سجل شهر تشرين أول الماضي انتهاكات إسرائيلية خطيرة فيما يتعلق بالاعتداء على المقدسات الإسلامية في القدس ، خاصة في المسجد الأقصى التي اقتحمت ساحاته أكثر من مرة، واعتدي على المصلين داخله، كما ضرب حصار شرطي على بواباته وعلى مسجدي الصخرة والقبلي حيث حوصر المئات من المصلين ، وتعرضت نسوة وأطفال للضرب من قبل الشرطة خلالها اقتحام ساحاته، ومطاردتها للمصلين الذين كانوا يحتجون على محاولات متطرفين يهود لاقتحامه.

ففي الرابع من تشرين أول اقتحمت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية باحات المسجد الأقصى ، بعد أن كانت أغلقت بواباته واشتبكت مع المصلين مستخدمة قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية ما تسبب في إصابة 23 مصليا، واعتقال 17 آخرين، من بينهم حاتم عبد القادر مسئول ملف القدس في حركة فتح، والشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر محملة إياهما مسئولية إثارة ما أسمته الاضطرابات في المسجد الأقصى، وبعد احتجازهما لساعات تقرر إبعاد عبد القادر عن البلدة القديمة مسافة 150 مترا لأسبوعين، وإطلاق سراحه بكفالة مقدارها 20 ألف شيكل، في حين أبعد الخطيب عن كامل مدينة القدس لأسبوعين، وبكفالة مقدارها 10 الآف شيكل.

وكانت الشرطة الإسرائيلية فرضت في ذلك اليوم قيودا مشددة على دخول المصلين للمسجد الأقصى بحيث لم تسمح إلا لمن هم فوق الخمسين عاما من الدخول إليه منتهكة بذلك حرية العبادة. كما طالت إجراءات المنع مسئولو الأوقاف الإسلامية ، وحراس المسجد الأقصى بما في ذلك مدير عام أوقاف القدس الشيخ عزام الخطيب، ومدير المسجد حسن براغيث من الالتحاق بوظائفهم داخل الأقصى، واعتقل اثنين من الحراس، وهما سامر صيام بالقرب من باب الناظر، وطارق الهشلمون، الذي تقرر إبعاده عن المسجد الأقصى لمدة أسبوعين، إضافة إلى اعتداء الشرطة بالضرب على العديد من المواطنين من بينهم عبد الله صيام نائب محافظ القدس، ومأمون العباسي، وأشرف الشرباتي من حراس المسجد الأقصى.

وفي الخامس من ذات الشهر عززت الشرطة قواتها في محيط البلدة القديمة من القدس ، وواصلت إغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما. كما استمر حصارها على مئات المصلين داخل المسجد القبلي لليوم الثاني على التوالي.

أما في السادس من شهر تشرين أول فقد نشرت الشرطة أكثر من 3000 من عناصرها في محيط المدينة القدس ، مع مواصلة حصار المصلين داخل الأقصى لليوم الثالث على التوالي، واعتقل أفراد منها الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر من خيمة الاعتصام في حي واد الجوز، بعد اتهامه بالتحريض على أعمال الاحتجاج التي شهدتها القدس في ذلك اليوم.

ومنعت عناصر الشرطة المتواجدة على بوابات المسجد الأقصى في ذلك اليوم حراسه من الالتحاق بوظائفهم مشترطة عليهم تسليم بطاقاتهم الشخصية لها إلى ما بعد انتهاء دوامهم، كما سدت أبواب المسجد ولم تبق إلا على ثلاثة منها مفتوحة إلى وقت صلاة العصر ، ثم تغلقها ولا تبقي إلا بابا واحدا مفتوحا.

وأدت إجراءات الحصار حول البلدة القديمة في حينه إلى تعطل الدراسة لليوم الثالث على التوالي في المدرسة الشرعية ومدرسة الأقصى داخل المسجد .

وفي السابع من الشهر المنصرم نفذت الشرطة الإسرائيلية حملة اعتقالات واسعة طالت نحو 75 شابا وفق مصادر الشرطة من بينهم 24 معتقلا هم دون سن الثامنة عشرة، حيث اتهم هؤلاء بمهاجمة أفراد الشرطة وإغلاق الشوارع، وإلقاء حجارة وزجاجات فارغة، والإخلال بالنظام العام، وتنظيم مظاهرات غير مشروعة. وترافقت حملة الاعتقالات هذه مع استمرار الانتشار الشرطي حول المسجد الأقصى والتهديد باقتحامه لإخراج المعتكفين من داخله.

وكان الآلاف من المصلين اضطروا يوم 9 تشرين أول من أداء صلاة الجمعة في الشوارع والساحات العامة المحيطة بالبلدة القديمة والمسجد الأقصى بعد منعهم من من الدخول إلى البلدة القديمة والصلاة في المسجد الأقصى بسبب القيود التي فرضتها الشرطة على دخول هؤلاء المصلين.

وفي العاشر من تشرين أول أحبط المواطنون محاولة مئات المتطرفين اليهود اقتحام المسجد الأقصى خلال احتفالاتهم بعيد نزول التوراة، حيث نظم هؤلاء مسيرات استفزازية بالقرب من سوق القطانين، وحاولت الشرطة إرغام أصحاب المحلات على إغلاق محلاتهم هناك تسهيل تنظيم المسيرة.

وسجل يوم الـ 25 من تشرين أول ذروة الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى خلال الشهر المذكور ، حيث اقتحمت الشرطة باحات الأقصى في ذلك اليوم مرتين، وانهالت بالضرب المبرح على عدد من المصلين هناك، ما أوقع 30 مصابا، كما ضربت عناصر من الشرطة الخاصة الحصار مجددا على المسجد الأقصى، واقتحم أفرادها غرفة المعدلات الصوتية الخاصة بالمؤذن، وعطلت الأجهزة الصوتية، وقطعت الكهرباء عن المسجد، كما منعت آذان الظهر من مآذن الأقصى المختلفة.

وفي السادس والعشرين من الشهر ذاته أصدرت محكمة إسرائيلية قرارا جديدا بإبعاد حاتم عبد القادر مسئول ملف القدس في حركة فتح عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى لمدة 21 يوما، بعد أن كانت اعتقلته لنحو عشر ساعات، ثم أفرجت عنه بكفالة مالية مقدارها 10 آلاف شيكل.

وكانت الشرطة الإسرائيلية اعتقلت في اليوم ذاته أيضا الشيخ يوسف ألباز إمام مسجد اللد ، والصحافي محمود أبو عطا المنسق الإعلامي للحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر ومنعته من دخول المسجد الأقصى.

فيما بلغ إجمالي عدد المعتقلين على مدى ثلاثة أيام من التوتر الذي شهدته البلدة القديمة من القدس أكثر من 100 معتقل باعتراف الشرطة الإسرائيلية ذاتها، تعرض غالبيتهم للتعذيب والضرب والتنكيل خلال احتجازهم كما أفاد عدد من المفرج عنهم.

ثانيا- هدم المنازل ومصادرة الأراضي والاستيطان:
شهد شهر تشرين أول تصعيدا إسرائيليا نوعيا فيما يتعلق بهدم منازل المقدسيين سواء من قبل المقدسيين أنفسهم عبر إرغامهم على هدم منازلهم بأيديهم ، أو من خلال أطقم الهدم التابعة لبلدية الاحتلال في القدس، حيث بلغ عدد المنازل التي هدمت خلال الشهر المذكور 14 منزلا بعضها قيد الإنشاء، وفي مراحل البناء الأولى، فيما غالبيتها مأهولة بقاطنيها من الأطفال والنساء.

ففي الثاني عشر من تشرين أول هدمت الجرافات التابعة لبلدية الاحتلال في القدس منزل المواطن أمجد ألترياقي في حي المروحة في بيت حنينا بعد اقتحامه وإخراج من فيه بالقوة، دون إمهاله الفترة الكافية، ما تسبب في تدمير الجزء الأكبر من الأثاث.

وتبلغ مساحة المنزل 50 مترا مربعا، وهو عبارة عن غرفة وصالة وتوابعها، ويقطنه عائلة المواطن ألترياقي المكونة من 7 أنفار. كما هدمت الجرافات في ذات المنطقة سورا من الإسمنت يعود للمواطن سامي الرازم، إضافة إلى أساسات منزل آخر قيد الإنشاء.

في حين أصدرت محكمة إسرائيلية في اليوم ذاته قرارا بتجميد هدم منزلي المواطنين خليل أبو غوش ، وماجد أبو عيشة في بيت حنينا لمدة 45 يوما.
وفي السابع والعشرين من الشهر ذاته هدمت جرافات البلدية 9 منازل، من بينها بناية من ثلاثة طوابق تشتمل على أربع شقق سكنية وتسوية تعود للمواطن علي نمر ثلاثة من أنجاله ، وهم علي ( 6أنفار)، مراد ( 7 أ،فار ) ، وعبد ( 5 أنفار )، وتبلغ المساحة الإجمالية للبناية بطوابقها الثلاثة 750 مترا مربعا، علما بان المبنى كان شيد قبل 15 عاما.

واشتكت العائلة من تعرض أفرادها للضرب من قبل عناصر الشرطة الخاصة الإسرائيلية وأطقم الهدم التابعة للبلدية خلال تنفيذ عملية الهدم ، حيث أصيبت نساء وأطفال برضوض مختلفة.

كما هدمت جرافات البلدية في المنطقة ذاتها منزلا آخر يعود للمواطن احمد ا[و سرحان تبلغ مساحته 120 مترا مربعا. وكان الجزء ألكبر من هذا المنزل هدم الجزء الأكبر منه على يدي صاحبه في وقت سابق بموجب قرار صادر عن البلدية، علما بأنه يؤوي أسرة مكونة من 12 نفرا. ووفقا لصاحب المنزل ، فقد أرسل إلى البلدية قبل أن تقوم بهدم منزله صورا فوتوغرافية تظهر تنفيذه قرارها بهدم الجزء الأكبر من منزله بيديه، إلا أن البلدية رفضت الأخذ بما قام به ، وأرسلت جرافاتها من جديد لتسوي المنزل بالأرض.

وفي ضاحية السلام قرب عناتا شمال شرق القدس ، هدمت الجرافات الإسرائيلية منزلا آخر يعود للمواطن خميس شحادة سعيد الطحان ، والبالغة مساحته 60 مترا مربعا، وتقطنه عائلة مكونة من 9 أنفار، علما أن البلدية كانت هدمت المنزل قبل ذلك مرتين.

وفي حي الصلعة هدمت بلدية الاحتلال مسكنا عبارة عن بركس يؤوي عائلة المواطن عاطف أبو دويح المكونة من 6 أنفار، علما أن البلدية كانت هدمت منزلا لعائلة المواطن أبو دويح في وقت سابق تبلغ مساحته 160 مترا مربعا، ما اضطره لبناء البركس لإيواء أسرته وأطفاله. وفي ذات اليوم هدمت الجرافات الإسرائيلية غرفة مساحتها 30 مترا مربعا تعود للمواطن الضرير عبد الله سلامه شقيرات في حي الفاروق من أراضي جبل المكبر بدعوى البناء غير المرخص.

وكان المواطن حسني أبو سرحان من سكان حي جبل المكبر اضطر يوم 17 تشرين أول على هدم منزله بيديه تنفيذا لقرار أصدرته البلدية يوم 15 أيلول 2009 ، تفاديا لدفع غرامة مالية مقدارها 70 ألف شيكل. وتبلغ مساحة المنزل 110 أمتار، وتقطنه عائلة المواطن أ[و سرحان المكونة من 6 أنفار.

وفي شعفاط إلى الشمال من مدينة القدس، اضطر المواطن راشد النتشة إلى هدم جزء من مخبزه تنفيذا لقار صادر عن البلدية. وتبلغ مساحة المخبز 110 أمتار ، وكانت البلدية فرضت على صاحبه في وقت سابق غرامة مالية مقدارها 5000 شيكل.

يأتي ذلك في وقت طالبت فيه جمعية "عطيرت كهانيم" الإسرائيلية وزير الداخلية الإسرائيلي إيلي يشاي بإقامة حديقة وطنية على أراضي العيسوية والطور إلى الشرق من البلدة القديمة من القدس ، لمنع إقامة حي فلسطيني في المكان.

وكان مخطط إقامة هذا الحي أقر من قبل البلدية قبل أكثر من سنة، إلا أن وزير الداخلية الإسرائيلي أعاق تنفيذ هذا المخطط وعطله بدعوى أنه يسمح ببناء أكبر مما ينبغي للفلسطينيين في القدس. في حين رفضت اللجنة القطرية للبناء والتنظيم في بلدية القدس المشروع الهيكلي لحي بشير وواد ياصول في سلوان، حيث يتهدد الهدم هناك 60 منزلا.

وتخطط السلطات إلى مصادرة 550 دونما من أراضي حي الفاروق وواد ياصول وعين اللوزة وبئر أيوب وحي البستان، وواد حلوة، ومنطقة الطنطور، وواد الجوز وفق المخطط تنفيذ مخطط الحوض المقدس.

وتزامنا مع عمليات الهدم التي نفذتها البلدية الإسرائيلية في القدس، فقد تواصل مسلسل مصادرة أراضي المواطنين المقدسيين، وتوسيع المستوطنات اليهودية المقامة على أراضي المواطنين في المدينة، في وقت رصدت فيه الحكومة الإسرائيلية عشرات الملايين من الدورات لتعزيز الوجود الاستيطاني اليهودي في المدينة المقدسة.

فقد سلمت السلطات العسكرية الإسرائيلية يوم 7 تشرين أول قرارات مصادرة أراض لمواطنين في بلدة عناتا إلى الشمال الشرقي من مدينة القدس في منطقة الخان الأحمر واستملاكها لصالح الجيش الإسرائيلي. وفي اليوم ذاته دشن المستوطنون المرحلة الثانية من بناء حي استيطاني يهودي جديد في مستوطنة نوف تسيون المقامة على أراضي المواطنين في جبل المكبر، يشمل بناء 104 وحدات استيطانية جديدة. ويسكن الحي الاستيطاني نوف تسيون الواقع في قلب جبل المكبر حوالي 80 عائلة، ضمن مجموعة أولى من المستوطنين.

ثالثا- تهويد البلدة القديمة من القدس:
وفيما يتعلق بإجراءات تهويد المدينة المقدسة أشار التقرير إلى قرار الحكومة الإسرائيلية تخصيص ميزانيات ضخمة لتوسيع الاستيطان اليهودي وتهويد القدس ، خاصة محيط البلدة القديمة، حيث رصدت تلك الحكومة مبلغ 50 مليون دولار لتوسيع مستوطنتي معاليه أدوميم شرق القدس وجبل أبو غنيم ( هارحوما ) إلى الجنوب من المدينة المقدسة. إضافة إلى رصد 20 مليون دولار لتعزيز الوجود الاستيطاني اليهودي في سلوان والمناطق الأخرى المحيطة بالبلدة القديمة من القدس، ومنطقة باحة البراق ، وحول المسجد الأقصى، وكذلك تخصيص مبلغ 106 ملايين دولار لربط التجمعات الاستيطانية اليهودية الضخمة بمركز المدينة عبر شبكة متطورة من طرق المواصلات المختلفة.

وكانت شركة إيغد الإسرائيلية دشنت مؤخرا خط حافلات للربط بين الأحياء الاستيطانية اليهودية في القدس الشرقية. ووفقا لمخطط وضعته البلدية ووزارة المواصلات، فسيتم في فترة لاحقة إغلاق محيط البلدة القديمة أمام حركة السيارات والمركبات الخاصة، فيما ستعمل حافلات لشركة إيغد في خط حول منطقة أسوار البلدة القديمة، بهدف تسهيل تنقل المستوطنين في المستوطنات القائمة على تخوم المدينة المقدسة.

وتشير الوقائع على الأرض إلى أن الحكومة الإسرائيلية بدأت مؤخرا بتنفيذ سلسلة من البرامج والمشاريع الأخرى الهادفة إلى تعزيز الوجود اليهودي في المدينة المقدسة، وإلغاء طابعها وهويتها العربية.

ففي السابع والعشرين من تشرين أول 2009 افتتح جدعون ساعر وزير المعارف الإسرائيلي برنامجا استفزازيا لزيادة ما يسمى "ارتباط الطلبة اليهود في القدس"، وذلك تحت شعار " سنصعد للقدس". واختارت وزارته بلدة سلوان إلى الجنوب من المسجد الأقصى لإجراء طقوس افتتاح هذا البرنامج باعتبار سلوان " مدينة داود"، وفق ما يطلقون عليها.

ووفقا للمخطط الذي بلورته وزارة المعارف يتوجب على كل طالب زيارة القدس على الأقل ثلاث مرات خلال دراسته في المرحلة الأساسية، وفي حال طبق هذا البرنامج سيرتفع عدد الطلبة اليهود الذين يزورون القدس سنويا من 290 ألف طالب إلى 450ألفا. وتقدر ميزانية هذا البرنامج بحوالي 15 مليون شيكل سنويا ، ويهدف إلى دعم سياسة تعميق الارتباط بالقيم وبإرث إسرائيل والقدس، وفق ما نقل عن وزير المعارف الإسرائيلي.

في مقابل ذلك تبذل الدوائر الإسرائيلية الرسمية جهودا حثيثة لشطب كل ما له صلة بالحضارة والتراث العربي والإسلامي في المدينة المقدسة، بما في ذلك الآثار الرومانية والبيزنطية في سياق مخطط التهويد الذي تنفذه تلك الدوائر.

وكان عام الآثار الإسرائيلي الشهير تسفرير كشف الشهر الماضي عن قيام سلطة الآثار الإسرائيلية مؤخرا بالموافقة على إقامة بناء من ثلاثة طوابق على خرائب مبنى روماني قديم في ساحة البراق. ويعد للبناء في الموقع "صندوق إرث حائط البراق"، وهو عبارة عن جمعية حكومية إسرائيلية تشرف على الحائط ومحيطه.

ويدعم إقامة المبنى صموئيل رافينوفتش حاخام حائط البراق، ويطلق على المبنى على اسم " مبنى القلب"، ومن المقرر أن يستخدم متحفا ومؤسسة تربوية للصندوق وسيرتفع ثلاثة إلى أربعة طوابق. وتشرف على مخطط البناء عالمة الآثار الإسرائيلية عدنه كرمي، وسيتضمن أرشيفا ومكتبة ومركز زيارات,
ووفقا للمخطط سيوجه الشارع الروماني في الطابق السفلي من المبنى، ما يمكن الزائر من الوصول إليه.

رابعا- أعمال التنكيل:
كما حفل شهر تشرين أول بسلسلة غير منتهية من أعمال التنكيل على أيدي مستوطنين وعناصر الشرطة الإسرائيلية طالت العديد من المواطنين الأبرياء.

ففي حي الشيخ جراح اعتدى مستوطنون مساء يوم 20 تشرين أول على عائلة الغاوي وأصابوا سبعة من أفرادها بجروح، كما اعتقلوا 5 آخرين. وشارك في الاعتداء نحو 50 مستوطنا، ما أدى إلى إصابة فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة في الثالثة عشرة من عمرها، وإصابة 5 أطفال آخرين عرف من بينهم: عبد الرحمن وسارة وأيمن الغاوي، ونور المغربي.

وكانت الشرطة الإسرائيلية استجوبت يوم 11 تشرين أول المواطن ناصر الغاوي وزوجته إلى مركز شرطة المسكوبية، وحققت معهما حول اتهامات لهما بتهديد رئيس جمعية نحلات شمعون بالقتل. ثم أفرجت عنهما لاحقا بكفالة مالية مقدارها 5 آلاف شيكل.

وفي المسجد الأقصى بالقدس أصيب في اليوم ذاته طفل في الثامنة من عمره من عائلة ادكيدك بحالة إغماء بعد رشه بالغاز المسيل للدموع من قبل شرطي إسرائيلي. ولم يسلم من أعمال التنكيل هذه الأطقم الطبية حيث منع أفرادها من العمل وتقديم العلاج لمحتاجيه بالقوة، بل أن بعضهم تعرض للضرب والإصابة.

ففي الخامس والعشرين من تشرين أول اعتدت عناصر من الشرطة الإسرائيلية بالضرب على المسعفة فاتنة الزغير من جمعية المسعفين العرب خلال تقديمها الإسعاف لجريح في أحداث المسجد الأقصى في منطقة باب الأسباط.

كما تعرضت أطقم إعلامية لاعتداءات مماثلة في اليوم ذاته من قبل الشرطة عرف من بينهم :عطا عويسات، ومحفوظ أبو ترك، ومحمود عليان،وميسة أبو غزالة، وديالا جويحان، في حين اقتحمت عناصر من الشرطة يوم 20 تشرين أول منزل إيهاب الجلاد منسق الهيئة الشعبية المقدسية، وصادرت 3 أجهزة كمبيوتر وذاكرات رقمية وأجهزة الكترونية أخرى وأوراقا وأقراصا مدمجة من إنتاج الهيئة، فيما جرى التحقيق معه حول الاعتكاف والرباط في المسجد الأقصى.

وفي بلدتي أبو ديس وجبع بمحافظة القدس أصيب ثلاثة مواطنين في اعتداء لجنود إسرائيليين عليهم يوم 6 تشرين أول. فقد أصيب الشاب محمد خالد شحادة ( 19 عاما ) برصاصة مطاطية في رجله اليسرى أطلقها عليه جنود إسرائيليون. كما أصيب المواطن مصطفى عماد روبين حجازي ( 20 عاما ) من سكان أبو ديس جراء إصابته بعيار مطاطي في يده اليسرى.

وفي قرية جبع أصيب المواطن احمد موسى محمد مليحات ( 18 عاما ) برضوض وكسر في الفك بعد الاعتداء عليه بالضرب من قبل جنود إسرائيليين. وكان الفتى جاسر محمد عبد ربه ( 14 عاما ) تعرض للضرب المبرح من قبل عناصر وحدة خاصة إسرائيلية في منطقة الكسارات قرب المخيم، وتم اعتقاله ونقله إلى جهة غير معلومة.

وعلى حاجز مخيم شعفاط شمال القدس نكل جنود إسرائيليون هناك بسائقي 3 حافلات عامة، واعتقلوا محمود ديبة المسؤول عن حركة سير الحافلات في المخيم، بذريعة عدم الالتزام بتعليمات جنود الحاجز فيما يتعلق بإنزال الركاب قبل الحاجز ، وإعادة تحميلهم من جديد بعد اجتياز الحاجز، وإخضاع الركاب لتفتيش دقيق.

ومثل أعمال التنكيل هذه والتي باتت يومية ما يتعرض له طلبة جامعة القدس في أبو ديس من حملة البطاقة الزرقاء على حاجز الزعيم شرق القدس، حيث يتم إنزالهم عند الحاجز وتسليمهم استدعاءات للتحقيق على معبري قلنديا والزيتونة، وقد سجل خلال الشهر المنصرم استجواب العشرات من هؤلاء الطلاب، حول تخصصاتهم الدراسية، وطبيعة أنشطتهم في الجامعة.

وفي معرض توصياته إزاء الانتهاكات الإسرائيلية خلال شهر تشرين أول المنصرم أكد التقرير إلى ان القانون المنطبق في الأراضي التي احتلت عام 1967 بما فيها القدس، يتمثل في ميثاق الأمم المتحدة - قرار الجمعية العامة 2625 (د-25) "عدم مشروعية أي حصول على الأرض ينشأ عن التهديد بالقوة أو عن استعمالها" وحق الشعوب في تقرير المصير والقانون الإنساني الدولي واللائحة المرفقة باتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وانطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأرض الفلسطينية المحتلة وقانون حقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية حقوق الطفل والعلاقة بين القانون الانساني الدولي وقانون حقوق الانسان وانطباق صكوك حقوق الانسان خارج الإقليم الوطني وانطباق تلك الصكوك في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وأوصى التقرير بضروروة وضع حد لانتهاكات حكومة الاحتلال الاسرائيلية للقوانين الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني الخاضع للاحتلال في السكن وفي الحياة والتجمع والتوقف عن مصادرة الأراضي والاستيلاء على الممتلكات الفلسطينية وأعمال التدمير بخاصة للمنازل المقدسية ووضع حد لانتهكاتها للحريات الدينية والتعديات على دور العبادة وتمكين المؤمنين من الوصول الحر اليها، والتوقف عن اقتحاماتها المتكرر للمقدسات الفلسطينية، والتوقف الفوري عن اعمال الحفر الجارية بجوار وأسفل المسجد الأقصى، والتوقف الفوري عن العمل بما يسمى ببرنامج السياحة الذي تتيح السلطات الاسرائيلية للمتطرفين اليهود الدخول الى الحرم القدسي الشريف لتأدية شعائرهم وطقوسهم.

كما اوصى التقرير بحترام حرية التعبير ووضع حد لانتهاكات الاحتلال لحرية الصحافة والتوقف عن ملاحقة الصحافيين الفلسطينيين بسبب طبيعة عملهم واحترام عمل الأطقم الطبية وعدم عرقلة عملها ووضع حد لسياسة الاعتقال والابعاد بحق المواطنين المقدسيين ووضع حد للسياسات الممنهجة في التطهير العرقي والتمييز العنصري بحق ابناء الشعب العربي الفلسطيني وإزالة كل ما يعوق تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره السياسي والاقتصادي والتوقف عن استهداف المؤسسات المقدسية، ووقف العمل بسياسة منع الاحتفالات الاجتماعية والمداهمات لتلك المؤسسات والتراجع عن قراراتها بإغلاق المؤسسات المقدسية واحترام معاهدة جنيف الرابعة وبخاصة في التعامل مع الأسرى والتوقف عن انتهاك حقوقهم المكفولة دوليا بوصفهم أسرى حرب ووضع حد لتعديات المستوطنين على المواطنين المقدسيين والتوقف عن مطاردة القيادات الدينية والسياسية بالتحقيقات والاعتقال والاحتجاز والابعاد والتوقف عن سياسة فرض الحواجز والأطواق الأمنية التي تقود حرية حركة المواطن الفلسطيني.

كما أوصى التقرير السلطة الفلسطينية بمواصلة مساعيها الحميدة لتمكين الشعب العربي الفلسطيني من تقرير مصيره وتحرره من الاحتلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس ومواصلة الحملات الدبلوماسية الدولية للضغط على الاحتلال للتوقف عن ممارساته وسياساته المخالفة للقوانين الدولية في مدينة القدس بشكل عام والأماكن الدينية بشكل خاص والتشبث بشرط العودة للمفاوضات بتوقف حكومة الاحتلال عن ممارساتها المخالفة للأعراف والقوانين الاحتلالية وبخاصة في مجال الاستيطان وانتهاكات حقوق الانسان والحريات الدينية والمدنية ومواصلة جهودها الحميدة في متابعة تقرير غولدستون في المحافل الدولية وصولا الى جلب مجرمي الحرب الاسرائيليين امام القضاء الدولي. والعمل على تفعيل قرار محكمة العدل العليا الخاص بجدار الفصل.

ثالثا – أما فيما يتعلق المجتمع الدولي، فأكد التقرير على أن:
- على الأطراف السامية الموقعة على اتفاقيات جنيف الرابعة الوفاء بتعهداتها "بأن تحترم هذه الاتفاقية وتكفل احترامها في جميع الأحوال."
- وعلى جميع الدول التي تربطها علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، استثمار هذه العلاقة للضغط على حكومة الاحتلال لانهاء ممارساتها المتعارضة مع القانون الدولي الانساني، وذلك بشتى سبل وصولا الى انهاء الاحتلال كليا عن المدينة المقدسة وعموم الأراضي الفلسطينية عام 1967.
- وإشتراط دول المجتمع الدولي التوقيع على اتفاقيات التعاون والشراكة مع اسرائيل باحترام الأخيرة للقوانين والأعراف الدولية وحقوق الانسان الفلسطيني وبخاصة حقه في تقرير مصيره على أرضه.
- على جميع المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الانسان مواصلة نشاطها الدؤوب مع حكوماتها لفضح الانتهاكات التي ترتكب بحق أبناء الشعب العربي الفلسطيني والعمل على مساءلة وملاحقة القائمين عليها.