فرقه الجدار عن أسرته وبات يسترق رؤية أبنائه ويخشى على والده المريض
نشر بتاريخ: 10/12/2009 ( آخر تحديث: 10/12/2009 الساعة: 18:37 )
بيت لحم- خاص معا- سعيد موسى درويش شاب في الثلاثين من العمر، كان من سكان مخيم عايدة قبل ان يفصل بيته جدار الفصل ويلقي به مع اربع عائلات أخرى من المخيم خلف الأسوار.
ومنذ ان اقامت اسرائيل الجدار في منطقة مخيم عايدة عام 2002، بدأت معاناة درويش وعائلته، إلا أن هذه المعاناة اصبحت أقل وقعا بعد أن حصل وأفراد عائلته على تصاريح للدخول عبر حاجز ( 300) شمال بيت لحم ليصل الى بيته خلف الأسوار.
إلا أن هذا الحال تبدل منذ 9 تشرين الثاني الماضي بعد أن انتهت صلاحية تصاريح الدخول للعائلة، ورفضت الإدارة المدنية تجديدها بحجة أنه لا يوجد لهم ملف في مقر الإدارة ببيت إيل، الامر الذي دفع درويش لخوض معركة صعبة في سبيل الحصول على حقه بالوصول الى بيته، ولكن هذه المعركة ما زالت قائمة ومعاناة العائلة تتفاقم يوما بعد آخر.
"انتهت سياسة الجزرة وبدأوا معنا بسياسة العصا"، بهذه الكلمات عبر سعيد درويش لـ "معا" عن مأساته، فبعد أن كانت اسرائيل تصدر لهم تصاريح الدخول المؤقتة للوصول الى بيوتهم في وقت تساومهم بكل الوسائل لتركها، ها هي اليوم ترفض حتى وصولهم الى تلك البيوت كي تزيد من معاناتهم وصولا إلى تهجيرهم القسري منها.
وأشار إلى ان قوات الاحتلال كانت تقوم باعتقاله هو ووالده رغم مرض والده وتقتادهما الى مراكز توقيف المسكوبية أو عطاروت وتحاول اجبارهما التوقيع بالقوة على تعهدات بعدم دخول المنطقة التي يسكنونها خلف الجدار.
ورغم عدم حصوله على تصريح يحاول درويش يوما بعد آخر الوصول الى بيته، إلا أنه يتعرض في كل مرة للاحتجاز والاهانة والمعاملة القاسية من قبل جنود حاجز ( 300) الذين يرفضون دخوله الى "القدس" بدون تصريح ساري المفعول.
عائلة درويش خلف الجدار تضم 17 فردا، يقطنون بيتين منذ العام 1973، من بينهم سعيد وعائلته التي تضم 6 أفراد إلى جانب والده المسن ( 75 عاما) والذي يعاني من مشاكل صحية في القلب ويستخدم منظم لنبضات القلب، يقول سعيد: حياة والدي الآن باتت في خطر، فلم يعد بالامكان نقله للعلاج سواء في مستشفى المقاصد بالقدس أو الحسين في بيت جالا، لقد بت أخشى ان يكون مصيره كمصير والدتي التي توفيت عام 2006 ونحن عاجزون عن نقلها الى المستشفى بسبب اجراءات الاحتلال.
أبناء سعيد مع أقرانهم من أبناء العائلات المعزولة خلف الجدار يتوجهون يوميا الى مدرسة وكالة الغوث في مخيم عايدة، عبر طريق حقلي يمتد لمسافة 1 كيلو متر وصولا الى الحاجز ومن ثم يسير الاطفال مسافة تزيد عن 2 كيلو متر حتى يصلوا الى مدرستهم، وهذا يسبب لهم المعاناة خاصة في فصل الشتاء والطريق الموحل الذي يضطر لسيره هؤلاء الاطفال لقطاع المسافات التي يجبرهم على سيرها جدار الفصل وحواجز الاحتلال.
ويتعرض منزل درويش كباقي المنازل المعزولة خلف الجدار للاقتحام من قبل قوات الاحتلال كل شهرين او ثلاثة، ويجري تفتيشها بدقة كما يتم حصي الافراد المتواجدين فيها وتصوير المنازل، بحجة التأكد من عدم وجود أناس مقيمين بصورة "غير شرعية" في هذا المكان.
كما يحظر على ابناء العائلة أن يعملوا في ارضهم التي يملكونها خلف الجدار، والتي يبلغ مساحتها 16 دونما مزروعة بأشجار الزيتون واللوزيات، فقد باتت دون رعاية واستصلاح، كذلك فتربية المواشي أمر بات متعذرا لعدم القدرة على الحصول على الاعلاف.
ومن الصعوبات الكبيرة التي يعانيها المواطنون المعزولون خلف الجدار، حصولهم على الخدمات الأساسية خاصة الكهرباء والمياه، فخطوط المياه اتلفتها الجرافات الاسرائيلية وأعاد المواطنون وصلها بطرق بدائية سرعان ما يحدث فيها خلل ولا يتمكن فنيو سلطة المياه في بيت لحم من الوصول اليهم لعدم سماح سلطات الاحتلال بذلك.
وبالنسبة لدرويش فلا يسمح له بادخال أي شيء من بيت لحم الى بيته حتى الطعام يتوجب عليه شراؤه من القدس، وعندما يحتاج الى ترميم شيء في البيت يتوجب عليه الحصول على إذن من بلدية القدس رغم أنها غير مسؤولة عن شؤونهم، فكل الخدمات تقدم لهم من بلدية بيت لحم والمؤسسات الفلسطينية في المدينة.
وعن جهوده لاستعادة حقه في العودة الى بيته، أكد أنه توجه للعديد من المؤسسات القانونية والحقوقية منها "هموكيد" و"بيتسيلم" والى الصليب الاحمر طالبا التدخل لدى سلطات الاحتلال لكن دون نتيجة حتى الآن، حيث ابلغته سلطات الاحتلال انه يتوجب عليه التوجه للمحكمة العليا الاسرائيلية وفي حال حصوله على قرار منها سيتم إصدار تصريح عبور الى بيته، وهنا يشير إلى ان سلطات الاحتلال ترفض منحه تصريحا حتى ولو لعدة أيام ليتنسى له التوجه للمحكمة في القدس.
وبمساعدة من محافظ بيت لحم عبد الفتاح حمايل الذي ابدى اهتماما كبيرا بالقضية، تمكن سعيد من توكيل محام لمتابعة قضيته، كما أنه وجه كتابا لرئيس الوزراء د. سلام فياض، وينتظر ردا بخصوص التدخل لانهاء معاناته أو على الأقل الحد منها.
وحتى تتضح معالم "معركة البقاء" لدى موسى درويش، سيبقى مقيما في فندق "الكونتننتل" الذي يعمل فيه حارسا في بيت لحم، يسترق لقاء ابنائه اثناء قدومهم للمدرسة في مخيم عايدة، وتبقى زوجته حلقة الوصل الوحيدة بينه وبين باقي أفراد عائلته لانها تحمل هوية القدس ويسمح لها بالمرور بين بيت لحم والقدس.
وتوجهت "معا" الى منظمة "بيتسليم" لتسألها عن دورها في متابعة قضية درويش وغيره من المواطنين، فأجابت الباحثة الميدانية في المنظمة سهى زيد بأن المنظمة تلقت افادات من الاهالي في تلك المنطقة والذين يبلغ عددهم اكثر من 50 شخصا، وبعد أن وثقت شهاداتهم حول ما يتعرضون له من انتهاكات لابسط حقوق الانسان، فإن المنظمة تنوي التوجه الى الادارة المدنية الاسرائيلية لتقدم لها شكوى وتطالبها بالكشف عن أسباب رفض اعطاء تصاريح للعائلات التي تقطن خلف الجدار.
وتساءلت زيد عن سبب منع الادارة المدنية إصدار تصاريح دخول لسكان البيوت المعزولة خلف الجدار، مع أنها كانت تقوم باصدار هذه التصاريح بشكل دوري في السابق؟، غير مستبعدة ان يكون الهدف من هذه الخطوة السعي لتهجير المواطنين من اراضيهم.