د. فياض: مشروع الاقراض الصغير جزء من خطة الحكومة لاقامة الدولة
نشر بتاريخ: 13/12/2009 ( آخر تحديث: 13/12/2009 الساعة: 14:16 )
رام الله- معا- افتتح رئيس الوزراء د.سلام فياض مؤتمر الشبكة الفلسطينية للاقراص الصغير، معتبرا اياها مبادرة خلاقة لتوفير تبادل للرأي حول واقع ومستقبل صناعة التمويل الصغير في فلسطين، في ظل تزايد ظاهرة البطالة والفقر جراء اعتداءات الاحتلال المستمرة، وإن صناعة التمويل الأصغر في فلسطين تأتي منسجمة في أهدافها مع خطة الاصلاح والتنمية القائمة على توفير كل الظروف لتخفيف الفقر والبطالة وتمكين الأسر الفقيرة، وتلتقي مع استراتيجية العمل كما حددتها خطة العامين "فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة".
ويأتي هذا المؤتمر كأحد انجازات هذا التشبيك مما يسلط الضوء على واقع واحتياجات وآليات عمل مؤسسات الاقراض الصغير ومتناهي الصغر في فلسطين، والدور الهام الذي تقوم به".
واوضح د.فياض ان البرنامج يستههدق عمل الحكومة للعامين القادمين بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية القوية والقادرة على تلبية احتياجات المواطنين وتنمية إمكانياتهم وتعزيز قدرتهم على الصمود، وتقديم الخدمات الأساسية لهم بالرغم من الاحتلال وممارساته، وذلك في اطار سعي السلطة الوطنية لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، والتي سيشكل النجاح في انجازها رافعة أساسية لانهاء الاحتلال الاسرائيلي، ونيل استقلالنا الوطني.
ويأتي هذا البرنامج منسجما مع تطلعات شعبنا في الحرية والسيادة، فلقد آن الآوان لنا كشعب واقع تحت الاحتلال أن نحصل على حريتنا وحقوقنا الوطنية التي يكفلها القانون الدولي، وذلك دون الخضوع لأية شروط يحاول المحتل فرضها علينا، ولتحقيق هذه الغاية فنحن بحاجة إلى اجراءات ايجابية وتدخلات بناءة على المستويين المحلي والدولي من أجل وضع حدٍ للاحتلال والتوصل إلى تسوية سياسية عادلة تنصف شعبنا الفلسطيني بعد العقود الطويلة التي عانى فيها ومُنع من تحقيق تطلعاته نحو الاستقلال والحرية.
وجاءت كلمة فياض كما يلي : " اسمحوا لي بداية أن أتقدم للقائمين على هذا المؤتمر الهام بالشكر الجزيل على المبادرة الخلاقة بتوفير منبر لتبادل الرأي حول واقع ومستقبل صناعة التمويل الصغير في فلسطين، فكما هو معلوم للجميع فإن مجتمعنا الرازح تحت وطأة الفقر والبطالة جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي وممارساته، في أمس الحاجة لمثل هذه الصناعة لدورها في تمكين الفقراء وتخفيف الفقر والبطالة، ولخصوصية استهدافها شرائح مجتمعية مهمشة وفي أمس الحاجة للأخذ بيدها ومساعدتها وبناء قدراتها في مجال الانتاج وكسب العيش والحياة الكريمة. وليس من المستغرب أن تشكل المرأة أغلبية من بين المستفيدين من البرامج العاملة حاليا في فلسطين".
واضاف د.فياض، ان المنشآت الإقتصادية الصغيرة والمتناهية في الصغر تشكل جزءاً مهما من نسيج اقتصادنا الوطني، ويحتل هذا القطاع ركنا مهما في استراتيجية السلطة الوطنية الفلسطينية لمكافحة الفقر والبطالة، خاصة في المناطق المهمشة والفقيرة، وتلعب المشاريع المنفذة في هذا القطاع دورا مهما في دعم صمود المواطن الفلسطيني.
واشار ان السلطة تسعى عبر مؤسساتها المختلفة الى النهوض بهذا القطاع عبر تخصيص المزيد من الدعم والتمويل للمشروعات، خاصة تلك التي توفر فرص عمل جديدة، قائلا :" ندرك جيدا حاجة هذا القطاع إلى الدعم المادي والقانوني، بما في ذلك دعم مؤسسات الإقراض لتزيد حجم رأس مالها، وتشجيع البنوك على مساعدة أصحاب المنشآت الصغيرة لتطوير أعمالها ودخول معترك المنشآت المتوسطة والكبيرة، بالإضافة إلى تطوير مفاهيم جديدة في هذا البناء الهام وتوسيع قاعدة المستفيدين والمنتفعين من برامجه".
وحيا د.فياض قيام مؤسسات الاقراض الصغير في فلسطين بالتشبيك فيما بينها وتأسيس الشبكة الفلسطينية للاقراض الصغير.
وقال د.فياض :" إنني على ثقة بالتفاف شعبنا حول هذه الأهداف، وأنه بتكاتف أبناء شعبنا واصرارهم على إنهاء الاحتلال وإقامة دولتنا المستقلة نستطيع أن ننجح في مسعانا، وإن شعبنا الفلسطيني الذي يلتف حول برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، برنامج حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة، وهو يراكم يوميًا الانجازات وتتعاظم ثقته بالقدرة على تحقيق المزيد منها، سوف يحالفه النجاح والتوفيق، بإذن الله، من خلال وحدتنا الوطنية وروح التعاون التي تضع الهدف الأسمى المتمثل في التحرر الوطني فوق كل المصالح الأخرى، لذلك، يولي برنامج الحكومة اهتماماً كبيرًا لضرورة إشراك جميع فئات المجتمع وأطيافه بدورها في تنمية مؤسساتنا وتطويرها، والشراكة في جهد الحكومة للوصول الى هذا الانجاز الوطني الهام. إننا ندرك تمام الإدراك تطلع شعبنا نحو حكومة توفر له الأمن والتنمية والخدمات الأساسية في مختلف المجالات، وفي ذات الوقت تحترم حقوق أفراده وحرياتهم. كما إننا نؤمن بأنه لا يمكن بناء هذه المؤسسات وضمان ديمومتها إلا من خلال الشراكة المعقودة بين الحكومة والمواطنين".
واوضح لقد حددنا في خطة وبرنامج الحكومة الأسس الوطنية، والأهداف والنشاطات التي تقع على رأس سلم أولويات مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية خلال العامين القادمين، إن الحكومة، وهي تواجه القيود والعراقيل التي تفرضها سلطة الاحتلال، تكافح بشكل مستمر ودائم في سبيل توفير الدعم للفئات المهمشة والأقل حظًا في بلادنا، ومما لا شك فيه أن صناعة التمويل الصغير تلعب دورا مهما في هذا المجال، وبالتأكيد ستشكل إضافة هامة في جهد الحكومة لاستكمال بناء مقومات الدولة.
وقال ان السلطة الوطنية الفلسطينية تدرك أهمية ودور مؤسسات التمويل الأصغر في تخفيف الفقر والبطالة، وتنظر باهتمام الى تضافر جهود القطاعين العام والخاص لتطوير السياسات الوطنية المناسبة لتنمية هذا القطاع، وقد عبرت الحكومة عن التزامها بالفئات الفقيرة والمهمشة من أبناء شعبنا عبر العديد من المبادرات، وعلى رأسها توفير التمويل للمشاريع الانتاجية، وكما تذكرون، فقد قامت وزارتا الشؤون الاجتماعية والعمل بتطوير برنامج تمكين الأسر الفقيرة، وهو برنامج طموح للتمويل الأصغر، وخصص جزء من مساهمات الصناديق العربية والاسلامية وغيرها لهذا الغرض. وتسعى السلطة لتوفير الظروف المثلى من أجل تعزيز دور هذا القطاع في جهود التنمية المستدامة".
واضاف :" إن هذا القطاع لم يحظ بالرعاية الكافية خلال السنوات الماضية على الرغم من أهميته في سياق محاربة الفقر والبطالة، ويتطلب ذلك مراجعة معمقة لواقع هذا القطاع بهدف توفير مقومات الاستدامة وسلامة وكفاءة المؤسسات المعنية به، لأهمية مساهمتها في تحقيق التنمية الاقتصادية. وهذا ما نحن عازمون على إنجازه".
وقال :" ندرك جيدا بأن تجربة فلسطين حديثة ومتواضعة في هذا القطاع، ولكن دولا عديدة أطلقت مبادرات يعتد بها في هذا المجال. وإنني أدعوكم للاستفادة من هذه التجارب والبناء عليها في توطين صناعة التمويل الأصغر، وآمل أن يوفر مؤتمركم اليوم فرصة سانحة لمراجعة هذا التجارب والاطلاع عليها واشتقاق ما هو مفيد منها لواقعنا. ولا بد من الاستثمار في الموارد البشرية للعمل في هذا المجال، وبناء شبكة علاقات مميزة مع المنابر الدولية المتعلقة بالإقراض المتخصص للتعرف على تحدياتها ونظم عملها وحوكمتها".
ونظرا لحداثة عهد هذا القطاع وعدم تنظيمه، فإن الإطار القانوني لهذا القطاع يعاني من واقع الضعف والشرذمة وغياب التخصصية، وبمراجعة سريعة لهذا الواقع نجد أن المؤسسات العاملة في هذا القطاع تشمل شركات ربحية وغير ربحية، ومنظمات اهلية وتعاونية، ومؤسسات دولية، وتعمل كل منها وفق إطار مرجعي مختلف عن الأخرى.
وقال :" لقد أدت هذه الشرذمة وتعددية المرجعيات الى غياب الرقابة الفعالة ومحدودية الشفافية وضعف مبادئ الحوكمة، ويحد هذا الواقع من إمكانية نمو هذا القطاع ونجاح مؤسسات الإقراض في تأدية مهامها على أكمل وجه وتلبية احتياجات الشرائح المجتمعية المستهدفة، إن إصلاح وتوحيد الإطار القانوني الناظم لهذا القطاع وتحديد مرجعية واضحة للمؤسسات العاملة فيه، وبناء نظام رقابي فعال، تعتبر أولوية مهمة لنا".
وبهذه المناسبة، دعا د.فياض الشبكة الفلسطينية للإقراض الصغير للعمل مع سلطة النقد الفلسطينية وهيئة سوق راس المال ووزارة الاقتصاد الوطني لإنجاز مراجعة شاملة بناء على نتائج هذا المؤتمر، واقتراح مشروع الإطار القانوني المناسب لتنظيم القطاع ومأسسته، وشجع المؤسسات المعنية على مراجعة وزارة الاقتصاد الوطني لتسجيل شركات غير ربحية في ضوء تعديل قانون الشركات لتمكين الراغبين من القيام بذلك، وستعمل الحكومة على تقديم التسهيلات الممكنة والضرورية بما يشكل رافعة لهذا الجهد.
وبما ان المشروع يأتي انسجاماً مع الاجندة الوطنية التي تركز على معالجة قضايا الفقر والبطالة وتعزيز صمود المواطنين، وخاصة في المناطق الريفية والمهمشة والأكثر تضرراً من الجدار والاستيطان، توجه د.فياض إلى مؤسسات الشبكة الفلسطينية للاقراض الصغير وكل مؤسسات الاقراض في فلسطين إلى اعطاء الأولوية في برامج عملها في تلك المناطق، وبما يشمل القدس الشرقية والبلدة القديمة في الخليل والمناطق المسماة (ج) وخاصة في مناطق الأغوار ومناطق خلف الجدار وكل الأرياف والمناطق المتضررة من الجدار والاستيطان.
وقال د.فياض :" إن التقدم في مسيرة الحرية والاستقلال يتطلب العمل على تعزيز فرص الاستدامة لكل المبادرات الخلاقة في مجال البناء الوطني، وتقليل الاعتماد على المنح والمساعدات الدولية، ونعتبر العمل الذي تمارسونه كمؤسسات معنية بالتمويل الصغير مبادرة ريادية هامة وضرورية لتحقيق تنمية متوازنة. ونتطلع الى التزامكم بتحقيق زيادة مضطردة في عدد المستفيدين من برامجكم، خاصة من بين الأسر التي ترأسها نساء وأرباب الأسر العاطلون عن العمل، ويتطلب ذلك إيجاد حلول خلاقة لتخفيض كلفة التمويل، وتعزيز التعاون مع القطاع المصرفي للحصول عليه، والتوسع في تنفيذ برامج التوعية وتسويق المنتجات، والمساعدات الفنية لتمكين المستفيدين من النجاح في تنفيذ وإدارة مشاريعهم".
واعرب د.فياض عن أمله أن يخرج المؤتمر بتوصيات عملية في هذه المجالات، تؤدي الى تمكين المستهدفين من الحصول على التمويل اللازم لانشاء مشاريع جديدة و تعزيز مشاريع قائمة، وايجاد فرص عمل بالتشغيل الذاتي وتعزيز العمل الاسري.
ونظراً لأهمية هذا القطاع، اعلن د.فياض عن اعتماد الحكومة، من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية، لصندوق التمكين الاقتصادي كأحد المكونات الرئيسية للبرنامج الوطني للحماية الاجتماعية ولإخراج الأسر الفقيرة من دائرة الفقر وتلقي المساعدات إلى الاعتماد على الذات من خلال المساهمة في التنمية الاقتصادية والانتفاع منها، ودعا الى التنسيق والتعاون مع وزارات الاختصاص في استكمال التحضيرات الفنية والتشريعية المطلوبة ليرى هذا الصندوق الاستراتيجي النور على اساسها في أقرب فرصة ممكنة.
وعلى الرغم من جهود الحكومة في تخفيف الفقر والبطالة، إلا أن الحاجة، وبسبب استمرار الاحتلال وممارساته، ما زالت ماسة وكبيرة لتوفير التمويل لتأسيس مشاريع صغيرة أو تطوير مشاريع قائمة لتحقيق ذلك، قال د.فياض :" نعلم بالطبع أن الموارد المالية المتوفرة لدى مؤسسات الإقراض الصغير تعتبر متواضعة بالمقارنة مع الاحتياجات، ولذلك فإن مساهمة صندوق التمكين الاقتصادي، وتجاوز معضلة غياب الضمانات المناسبة للقروض وتوفير السيولة بأسعار مناسبة وتأمين المؤسسات العاملة في القطاع من المخاطر السياسية سيعزز بدون أدنى شك فرص الاستدامة والازدهار، إضافة الى ما تقدم، والى حين مراجعة البيئة التشريعية والتنظيمية بشكل شامل".
ودعا د.فياض سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال ووزارة الاقتصاد الوطني الى إنجاز التعليمات وإنفاذها في مجال تسجيل الشركات غير الربحية والرقابة والإشراف على المؤسسات العاملة، واعرب عن أمله أن تعالج البيئة القانونية المنتظرة في هذا القطاع جميع المسائل المتعلقة بتنوع المنتجات الاقراضية والاستجابة لحاجة السوق والأسر محدودة الدخل.