السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

من وحي الذاكــــرة -لندن ... مربط خيولنا *كتب : محمد العباسي

نشر بتاريخ: 15/12/2009 ( آخر تحديث: 15/12/2009 الساعة: 22:15 )
عنوان من وحي الذاكرة لهذه الحلقة مقتبس من الأهازيج الفلكلورية التي كان يرددها الفلسطينيون في أعراسهم " لندن ... مربط خيولنا " دلالة على ما قدمه الانجليز من دعم لليهود باقامة دولتهم اليهودية في فلسطين خاصة وزير خارجيتهم في ذلك الوقت بلفور والذي اصدر وعده المشؤوم عام 1917 بمنح ارض بلا شعب لشعب بلا ارض حسب ادعاءات الصهاينة واقامة دولة يهودية في فلسطين وكان الوعد سبباً في نكبة و تشريد الشعب الفلسطيني واجباره على الهجرة الى الخارج بسبب القتل والمجازر التي ارتكبها اليهود ضدهم وأن ترديد هذه الأغنية يدلل على أن الشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني من هذا الوعد على الانتقام من الانجليز اذا قدر الله لهم ذلك وأن تكون لندن مدينة الضباب مربطاً لخيولهم .

مسرح هذه الحلقة يدور في النصف الأول من عام 1996 في مصيف فلسطين ...مدينة رام الله وعلى أحد جبالها حيث يقبع مجلس التعليم العالي الفلسطيني وفي احدى البنايات الجميلة قام شاب انجليزي بزيارة صديقه الفلسطيني سامر سلامة زميلي في العمل الذي كان يدرس معه في جامعة "هيل" البريطانية للحصول على درجة الماجستير في علم الكمبيوتر وكالعادة عرفني سامر بزميله البريطاني القادم من مدينة " سندرلاند " وخلال زيارته طلب منه ترتيب زيارة للحرم القدسي الشريف حيث قمت بتوفير ذلك عن طريق شقيقي والذي كان يعمل في مكتب مدير الأقصى وتم الأمر حسب ما اتفقنا عليه , وقام بزيارة قبة الصخرة والمسجد الأقصى والمسجد المرواني والمتحف الاسلامي وبعد هذه الزيارة بفترة شهرين وعن طريق المزاح قلت لسامر بأنني ارغب متابعة كأس الأمم الأوروبية والتي تقام في بريطانيا في الشهر السادس من صيف عام 1996 وأخذ صديقي كلامي على محمل الجد وقام فوراً بارسال رسالة بالبريد الالكتروني مخبراً صديقه البريطاني بهذه الرغبة .

وتتسارع الأحداث ويأتي الرد بسرعة بموافقة هذا الشاب باستضافتي في بيته لمدة اسبوعين على أن أقوم بارسال برنامج مباريات المجموعات وفي أي مدينة ستقام هذه التصفيات اليه وقمت بهذا العمل مسروراً وفرحاً حيث أن الحلم أصبح حقيقة ولم أصدق بأن هذا الشاب البريطاني قد استضافني هذه الفترة رداً للجميل بترتيب زيارته للمسجد الأقصى واعتبرت ذلك غريباً بعض الشيء الا أنني بقيت مصمماً على القيام بهذه الرحلة وحاولت المستحيل بتنفيذها وقمت بزيارة السيد مأمون قاسم والذي كان يعمل حينها في المجلس الثقافي البريطاني وعن طريقه حصلت على تذكرة الطائرة لهذا الهدف لأنني كنت حينها رئيساً للإعلام الرياضي الفلسطيني وانقلب المزاح الى جد وهبطت بي طائرة الخطوط الجوية البريطانية في مطار هيثرو ومنه الى مطار نيو كاسل حيث قررت متابعة مباريات المجموعة الثانية والتي تضم منتخبات فرنسا , بلغاريا , رومانيا واسبانبا على استاد " سانت جيمس بارك نيو كاسل " ووجدت فيليب في انتظاري في المطار المذكور ورحب بوجودي ولكن دون قُبل وعناق ونقلني الى بيته في مدينة " سندر لاند " والذي تبعد عن نيو كاسل ثلاثين دقيقة .

وبعد الاستراحة وتناول طعام الغذاء قادني فيليب الى غرفتي التي سأقيم فيها مدة الضيافة , قام بعدها بالاتصال بالاتحاد الانجليزي لكرة القدم لمعرفة امكانية متابعة المباريات كصحفي فلسطيني فتم اعلامه بمقابلة عضو الاتحاد الأوروبي في استاد نيو كاسل من أجل هذا الهدف وفي اليوم التالي ذهبنا الى مكان تواجد عضو الاتحاد لمعرفة كيفية متابعة المباريات وخلال سفرنا أرشدني على كيفية ركوب القطار وحضور المباراة والعودة الى البيت, ولحسن الحظ أن عضو الاتحاد الاوروبي " سلفتوري " في استاد نيو كاسل كان ايطالي الجنسية قام بمساعدتي ومنحني بطاقة الكريدتيشن بعد تعرضي لعدة اسئلة منه وطلب مني الحضور اليه في أي وقت أريد طلباَ لمساعدته وفوجئت مرة أخرى بمساعدته الثانية والتي طلب فيها من مساعدته الادارية أن تقوم بارسال فاكس الى المركز الإعلامي في استاد ويمبلي الشهير باصدار بطاقة كريدتيشن أخرى لمتابعة مباريات البطولة المتبقية وحمدت الله وشكرته على كل ما قُدم لي من خدمة ومساعدة وأن كافة العوائق التي كنت أتوقعها قد حُلت بهذه السهولة واعتبرت ذلك من رضا الله ورضا الوالدين وودعني فيليب مُلوحاً في محطة القطارات في مدينة " سندر لاند " متجهاً الى " لندن ... مربط خيولنا " لمتابعة مباريات البطولة المتبقية وكان بانتظاري أصهار الصديق عماد عكة الذين أقمت في منزلهم حتى المباراة النهائية وعدت الى فلسطين وانكشف لي بأن العلاقات بين الحكومات المعادية للشعب الفلسطيني تختلف كلياً عن العلاقات بين أفراد هذه الدول والشعب الفلسطيني .