الإثنين: 18/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مختصون يحذرون: مياه غزة في الرمق الأخير

نشر بتاريخ: 16/12/2009 ( آخر تحديث: 16/12/2009 الساعة: 18:22 )
غزة- معا- المياه في غزة القصة القديمة الجديدة، والتهديد المستمر لحياة العديد من الأبرياء، لا لشيءالا لانهم تواجدوا في منطقة تتناهشها الصراعات السياسية وفرض إرادة الطرف الأقوى.

فالخزان الجوفي هنا في تناقص مستمر، في انتظار هجومٍ مفاجئ من مياه البحر، ليحق عليه القول ولا يستطيع أحد الاستفادة منه في أي استخدام آدمي.

"إن لم يحدث تغيير في وضع المياه الحالي، سيتوفى العديد من السكان بسبب نوعية المياه السيئة، خاصة في مناطق تجمعات اللاجئين" جاء ذلك في كلمة لكيتس غورنج ممثل مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في المؤتمر الذي عقده مركز الميزان لحقوق الإنسان اليوم في مدينة غزة بالتعاون مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.

ويقول غورنج مضيفاً :أن الوصول إلى المياه ليس ترفاً أو كماليات من باب الترفيه وإنما هو حق أصيل من حقوق الإنسان ،وانتهاك هذا الحق يعني انتهاك العديد من الحقوق الأخرى مثل الحق في الحياة والمأكل والصحة.

وفيما يتعلق بالمياه الجوفية يؤكد غورنج أن هذه المياه تعتبر المورد الأساسي للمياه في قطاع غزة وهي الآن ملوثة بالصرف الصحي ومياه البحر، كما أنها تتعرض لاستنزاف شديد من قبل المستخدمين، بالإضافة إلى النقص الشديد بالمعدات والمواد اللازمة بسبب الحصار وإن لم يكن كل هذا كافياً فالعمليات العسكرية الإسرائيلية زادت الأمر سوء، وتركت آثاراً وخيمة على القطاع المائي، حيث تم تدمير مائة بئر جوفي خلال عمليات عسكرية عام 2003،وفي رفح وحدها تم تدمير ثلاثين كيلومتر من الأنابيب الخاصة بالقطاع المائي عام 2004.

وبالنسبة للمسئولية التي تتحملها إسرائيل في هذا الجانب ،قال غورنج أن إسرائيل طرف باتفاقيات حقوق الإنسان وعليها الالتزام بحق الفلسطينيين في الحصول على المياه ،ولكنها تقوم بانتهاك ذلك يومياً في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وختم غورنج حديثه عن المياه بالتأكيد على أن هناك ثلاث نقاط رئيسية يجب التركيز عليها،وهي:ضرورة إدخال المواد والمعدات اللازمة لتصحيح الوضع المائي،وأن على إسرائيل السماح بإدخال المياه من الضفة إلى غزة، وأن المياه والطعام يجب أن لا تستخدم للضغط السياسي أبداً.

أما ممثل منظمة (واش ادفوكسي)وأحد أفراد فريق الضغط من أجل المياه مارك بتل،قال: إن موضوعات المياه والصرف الصحي في قطاع غزة مواضيع معقدة جداً في كل مناطق القطاع،حيث أن محطة الصرف الصحي في بيت لاهيا تتلقى أكثر من طاقتها، وبالتالي فإن البئر الجوفي أسفل هذه المنطقة يتلقى مياه غير معالجة، وإحدى المشاكل المتعلقة بهذه المحطة هو التأخر في بناء محطة أخرى مساندة لها شرق جباليا وذلك بسبب منع دخول المواد اللازمة نتيجة الحصار، حيث كان من المفترض أن تنتهي المرحلة الأولى من هذا المشروع عام 2004،وبالانتقال إلى مدينة غزة نجد أن المحطة الموجودة هناك أيضاً تتحمل فوق طاقتها، لذلك فهذه المحطة توجه كمية كبيرة من المياه غير المعالجة إلى البحر مما يساهم بشكل كبير في تلويثه،ووصولاً إلى منطقة وادي غزة فمياه الصرف الصحي التي تجري في الوادي تأتي من النصيرات والبريج لتصب مباشرة في البحر كما أنها تساهم بشكل كبير في تلويث البئر الجوفي.

وفي مدينة خان يونس تم بناء مشروع طارئ لمعالجة مياه الصرف الصحي ولكنه لا يسد الحاجة للمحطة الرئيسية في المدينة والتي تأخر بناؤها بسبب قلة الموارد المتاحة في ظل الحصار،ووصولا ً إلى أقصى جنوب القطاع(رفح) فهناك تم بناء محطة جديدة لمعالجة الصرف الصحي باستخدام الكتل الإسمنتية التي كانت تمثل جدراناً للمستوطنات التي تم الانسحاب منها في قطاع غزة بعد أن تعذر إدخال المواد اللازمة لبناء المحطة.

وأضاف بتل: أن الشواطئ في غزة لا تصلح للسباحة وأن إسرائيل أبدت قلقها من وصول المياه الملوثة إلى منطقة المجدل وتل أبيب،مؤكداً أن العديد من المشاريع المائية مؤجلة الآن في قطاع غزة بسب الحصار ونقص الإمدادات.

وعن آثار الحرب الأخيرة على قطاع المياه قال بتل :إن منطقة عزبة عبد ربه المنكوبة تعاني الآن من عدم وجود شبكة مياه فيها حيث يعتمد عشرة آلاف مواطن هناك على خزانات المياه المؤقتة،وأوضح أن شبكات المياه تعاني من تلوث بنسبة 70% بالبكتيريا،و56% من الآبار ملوثة بالنترات و57% منها ملوثة بالكورايد ،مما يترك 5% إلى10% من المياه فقط صالحة للشرب،مما يهدد مفهوم المياه الآمنة.

بدوره تحدث مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل منذر شبلاق عن أهمية إدارة الخزان الجوفي بشكل مدروس ،وإعادة التوزيع الجغرافي للآبار بما يساهم في تحسن الوضع المائي،وطالب بمحاربة الضخ الجائر من الآبار غير القانونية.

وأكد أن باستطاعة الفلسطينيين في غزة أن يقدموا الكثير من الحلول الخلاقة، وإن كانت تساهم بشكل طفيف بحل المشكلة، كما حدث عندما استخدم المهندسون الكتل الإسمنتية من مخلفات المستوطنات في بناء محطة المعالجة في رفح.

وكمحصلة لكل الآراء السابقة نجد أنه كثيراً ما تحدث المختصون في غزة عن موضوع التهديد الخطير الذي يستهدف قطاع المياه في غزة،وطرحوا العديد من الحلول الواجب تنفيذها بأسرع وقت، ولكن الاستجابة لهذه الطروحات لم تأت بعد، وإلى حين أن يصحو المجتمع الدولي من سباته مازال أهالي غزة مهددون بفقد مصدر الحياة الخاص بهم مما يضع القطاع في مرمى نوع جديد من الهجرة الباحثة عن مأوى تتواجد فيه أبسط شروط الحياة.