مناهضة عقوبة الاعدام- "الحكم يدوم مع الكفر ولا يدوم مع الظلم"
نشر بتاريخ: 18/12/2009 ( آخر تحديث: 18/12/2009 الساعة: 15:04 )
رام الله - تقرير معا - "الحكم يدوم مع الكفر ولا يدوم مع الظلم"، بهذه المقولة التي قالها احد العلماء الايرانيين، استعانت النائبة نجاة ابو بكر في الحديث عن موقفها الرافض لتطبيق عقوبة الاعدام في فلسطين، وتأكيدها خلال المؤتمر الفلسطيني الثاني لمناهضة عقوبة الاعدام، على حاجة الشعب الفلسطيني ان تسود قوانين المحبة والانسانية في مواجهة ما وصفته "بالتشقق" الذي بدا يصيب مجتمعنا ويهدد وحدته اضافة الى القوانين الجائرة والسياسية الاحتلالية التي سعت اسرائيل لفرضها على شعبنا.
وقالت ابو بكر " اجد نفسي متحيزة على الدوام لكل ما هو انساني ولذلك انا اعارض قانون الاعدام واستبداله بعقوبة السجن المؤبد مع الاشغال الشاقة مع اهمية العمل على التأطير الفكري للانسان الذي يرتكب جرائم تؤدي الى الوصول الى مثل هذه الاحكام".
وكانت ما تحدثت به ابو بكر جزءا من جملة المداخلات التي شهدها المؤتمر الذي لم يحظى باقبال كبير رغم تأكيد القائمين على عقده ان عددا كبيرا من الدعوات وجهت للشخصيات القانونية والحقوقية والسياسية للمشاركة فيه، الامر الذي دفع القائمين على تنظيم المؤتمر التعهد باعادة تقييم تجربة التحالف الفلسطيني لمناهضة عقوية الاعدام الذي يضم في عضويته الطوعية العديد من المؤسسات الحقوقية والقانونية الاهلية بما يفتح المجال لتقييم هذه التجربة وتطويرها والوقوف على الاخفاقات في هذا المجال.
ورغم الاصوات المنتقدة لعمل التحالف واخفاقه في متابعة التوصيات التي خرجت عن المؤتمر الاول والذي خصص لذات الغرض، الا ان المؤتمر عمد للخروج بمجموعة من التوصيات التي كان ابرزها، فصل القضاء العسكري عن القضاء المدني، وعدم احالة أي مدني تحت أي ظرف كان للقضاء العسكري، وضرورة اجراء تعديلات على القانون للحد وتقليص عقوبة الاعدام، وتعليق تطبيق عقوبة الاعدام المنصوص عليها في القانون الفلسطيني الى حين العمل على الغاء هذه النصوص نهائيا.
كما دعا المشاركون الى تنظيم حملات تثقيف جماهيرية لتعزيز دور القانون وتعزيز دولة العدالة واحترام حقوق الانسان، في حين طالبوا الاعلاميون والنخب السياسية والاكاديميين والدعاة للاسهام بالتوعية ودعوة التحالف لمناهضة عقوبة الاعدام تقييم تجربته وتطوير اليات عمله، كما طالبوا باهمية الالتزام بقرارات المحكمة العليا التي خطأت اعتقال مدنيين بقرارات من النياية العسكرية.
وقالت المديرة التنفيذية للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان رندة سنيورة " ان استمرار المحاكم العسكرية في اصدار احكام الاعدام يشكل انتهاكا لحق الانسان في الحياة ومخالفة صريحة وواضحة للمادة السادسة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية"، مشيرا الى ان عام 2009 شهد صدور 16 حكما بالاعدام من قبل المحاكم العسكرية و13 حكما منها صدرت في غزة وثلاثة احكام في الضفة.
وقالت" المحاكم العسكرية تفتقر الى معايير وضمانات المحاكمة العادلة وتصدر احكامها وفقا للمادة 131 فقرة (أ) من قانون العقوبات الثوري لمنظمة التحرير لعام 1979، مؤكدا قلق التحالف إزاء إصدار أحكام الإعدام من المحاكم العسكرية، والصادرة عن المحاكم المدنية.
وشددت على ضرورة عدم جواز إفلات أي مجرم من العقاب، موضحة في الوقت ذاته أن إصدار العقوبة يتنافى والسياسة الجنائية الحديثة التي تستند إلى الإصلاح وليس إلى إزهاق الروح.
واقر عصام العاروري مدير عام مركز القدس للمساعدة القانونية، عدم وجود مؤشرات قوية لامكانية احداث تغيير حقيقي في موضوع عقوبة الاعدام بدون التأثير على الثقافة القائمة على الثأر واخذ القانون باليد وقال " الحالات التي نفذت فيها عقوبة الاعدام سواء بشكل رسمي او خارج نطاق القانون تمت تحت تأثير الشارع وممارسة الضغط رغم وجود ضحايا ابرياء منها".
واشار الى ان حالات الاعدام خارج نطاق القانون تفوق حالات الاعدام الرسمي، مؤكدا ان بناء استراتيجية فلسطينية لمناهضة عقوبة الاعدام يجب ان تتم على ثلاث مستويات، هي النهوض بالثقافة المجتمعية فيما يخص رفض الثأر واخذ القانون باليد، واهمية تطوير وتفعيل دور الجهاز القضائي بمفهومة الشامل، والاصلاح التشريعي وخاصة فيما يتعلق بقانون العقوبات والفصل بين القضاء العسكري والمدني والغاء القانون الثوري لمنظمة التحرير لعام 1979 الذي رأى فيها انه يقوض اسس التشريعات المدنية ويشكل تهديدا كاملا للتشريعات الفلسطينية الحديثة.
وقال " ان التعامل مع هذه الاسس كمنظومة متكاملة هو وحدة الكفيل باجراء تغيير حقيقي يضعنا في مصاف الامم التي تحترم الحق في الحياة ".
الى ذلك اشار المحامي موسى ابو دهيم الذي استعرض واقع ومستجدات عقوبة الاعدام الى انه في الواقع الفلسطيني، فان هناك 92 حكما بالاعدام صدرت منذ قدوم السلطة الوطنية نفذ منها 14 حكما، موضحا ان تنفيذ هذه الاحكام في غزة تم ميدانيا بعد العدوان على غزة من قبل مليشيات مسلحة وافراد، موضحا انه خلال 2009 صدر حتى الان 16 حكما منها 13 في غزة و3 في الضفة وان الرقم مرشح للارتفاع في الفترة المقبلة.
واشار ابو دهيم الى ان المحاكم العسكرية استندت على قانون العقوبات الثوري لعام 1979 باستثناء حكم واحد في غزة استند على قانون القضاء العسكري رقم 4 لسنة 2008 في قطاع غزة، موضحا ان التهم التي وجههت للمتهمين كانت التخابر مع العدو، الخيانة العظمى، القتل قصدا، تسريب اراضي فلسطينية للاسرائيليين، مؤكدا انه منذ عام 2006 فان رئيس السلطة الوطنية لم يصادق على اي حكم اعدام.
واكد رئيس المحكمة العسكرية القاضي أحمد مبيض، على أن عقوبات الإعدام ما زالت سارية الامر الذي تجعل القاضي ملزم بالاخذ بها وتطبيقها وقال" المحكمة لا تبتكر العقوبات إنما تطبقها"، مؤكدا اهمية العمل من اجل تعديل القوانين والابتعاد عن انتقاد المحاكم سواء العسكرية أو المدنية، موضحا في الوقت ذاته ان القضاء العسكري هو قضاء متخصص وليس استثنائي، وهو جزء من منظومة العدالة الفلسطينية.
واثيرت خلال جلسات المؤتمر جملة انتقادات للتحالف الفلسطيني لمناهضة عقوبة الاعدام، من حيث عدم قدرة التحالف على احداث تاثير ملحوظ باتجاه تحقيق اهدافه التي يسعى من اجل وفشله في ترجمة توصيات المؤتمر الاول على الاض، حيث وصلت بعض الانتقادات بالقول " ان بعض المداخلات التي قدمت خلال المؤتمر الثاني كانت نسخة طبق الاصل عما قدمت في المؤتمر الاول"، الامر الذي وضع القائمون على تنظيم المؤتمر في موقع الاتهام وسط اطلاق بعض الكلمات الساخرة التي تطالب باعدامهم لعدم تنفيذهم توصيات المؤتمر الاول.