الثلاثاء: 21/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

نبيل عمرو : فتح بعد مؤتمرها السادس ما زالت على حالها

نشر بتاريخ: 06/01/2010 ( آخر تحديث: 06/01/2010 الساعة: 21:30 )
بيت لحم- معا - اعتبر نبيل عمرو القيادي في حركة فتح، وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ان حركة فتح بعد انعقاد مؤتمرها السادس لم تستعد وان اداءها ما زال على حاله" رغم سوء أداء المنافس وانحطاط أداء الخصم المحتل".

وقال: ان التغيير المنشود والرهان المعقود على حركة فتح بعد نجاحها في عقد مؤتمرها السادس لم يحدث بعد .

واضاف عمرو في مقال نشره اليوم بعنوان " واقع فتح" :ان تغير واقع فتح إلى الأفضل، لا يمكن أن يتم بمجرد استبدال أشخاص بغيرهم؛ بل إن هنالك أشياء كثيرة لابد أن تحدث كي نقول إن التغيير حصل فعلا، وإن الحركة التي أنهكها الجمود وطحنتها الخيبات والسقطات الكبيرة، هي على طريق إنهاء كل هذا.

وقال عمرو : إن فتح لم تستعد، واداؤها رغم سوء أداء المنافس وانحطاط أداء الخصم المحتل ما يزال على حاله.وانها بحاجة إلى دراسة أكثر هدوءا لوضعها.

وهي بحاجة كذلك للتخلص ما وصفه بـ" الأمراض التي زرعت في جسدها ووعيها. وأولها مرض التصنيف غير الواقعي وغير الحقيقي وغير المفيد للأجيال والاتجاهات والاتهامات فإن فعلت يمكن أن يتجدد الرهان ليس بالادعاء وإنما بالفعل".

وفيما يلي النص الكامل للمقال:

واقع فتح

بدا واضحا بعد مرور عدة أشهر على انعقاد المؤتمر السادس للحركة، أن التغيير المنشود ورهاننا الذي كان إلى الأفضل لم يحدث، إلا إذا اعتبرنا سقوط عدد من أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري هو التغيير، وكذلك قدوم وافدين جدد إلى المؤسستين القياديتين الرئيسيتين، ومن دون التقليل من شأن الذين سقطوا، والذين نجحوا، فان تغير واقع فتح إلى الأفضل، لا يمكن أن يتم بمجرد استبدال أشخاص بغيرهم؛ بل إن هنالك أشياء كثيرة لابد أن تحدث كي نقول إن التغيير حصل فعلا، وإن الحركة التي أنهكها الجمود وطحنتها الخيبات والسقطات الكبيرة، هي على طريق إنهاء كل هذا.

أولا: استعادة الشرعية

خلال المؤتمر تحدث جميع المرشحين للمواقع، عن تعهد جازم بإنهاء الظاهرة الشاذة التي تتحمل فتح مسؤولية حدوثها، وهي سقوطها في الامتحان الذي ألفت مادته ووضعت أسئلته، وأعني بذلك السلطة الوطنية.

إن فتح هي من أسس هذه السلطة ووضع تشريعاتها وملأ شواغر مواقعها التي بلغت ما يربو على مائة وسبعين ألف عنصر وكادر وقائد من رئيس الوزراء إلى الموظف الذي يعد قهوتهم ويزيل الغبار عن مكاتبهم. وبالمقابل فان الذين سخروا من المشروع وعملوا على تقويضه، أضحوا الأغلبية، وسادة الشرعية الدستورية وفق النظام الذي وضعته فتح ولم تغفل وضع الضمانات المريحة لحماية مصالحها فيه.

وهنا، وإذا كان مهما حسم الجدل الكلامي حول من المسؤول عن الكارثة وهل حماس مخلصة للوطن والمشروع وللديمقراطية وغيرها من المصطلحات المتداولة في صالوناتنا إلا أن الأهم هو أن فتح إن لم تكن هي المسؤولة عن الإخفاق فهي المسؤولة عن استعادة هذا النفوذ. فأين نحن من هذه المسألة؟ هل سنستمر في إشباعهم شتما كي يواصلوا الفوز بالإبل؟ وهل سنستمر في اللاسياسة حتى تتضاعف إبل حماس في مراعينا، لنجد أنفسنا أقلية متناقصة على مستوى الوطن وعموم الحالة الفلسطينية؟

إن الإنجاز والحالة هذه، لا يقاس ببراعة التحليل ولا بتلاوة نتائج استطلاعات الرأي، التي إن صدقت في أي مكان فإنها لن تصدق في حالتنا.

إن الإنجاز أن يقف المسؤول الأول في فتح والذي هو المسؤول الأول عن كل إطار قيادي فلسطيني ليعلن أين وصلنا، وما الذي أنجز من المهمة وما الذي تبقى.

إن القول اذهبوا ووقعوا الورقة المصرية على وجاهته لا يعني أننا تقدمنا خطوات فعلية على طريق مضمون نحو هدفنا، ومن يدري فقد يكون التوقيع الحمساوي هو الخطوة التي وإن ترددت حماس في الإقدام عليها إلا أنها تملك مقومات جدية للاستفادة منها أكثر منا.

ثانيا: استعادة السياسة

نحن الآن .. نقف وجها لوجه أمام الجدر العالية والأبواب المغلقة، وكلما أخفقنا في فتح باب ازداد زهونا، بأننا رضينا من الغنيمة بالحفاظ على الثوابت.

وإذا كانت الثوابت هي في واقع الأمر أسس الموقف الوطني، فان الحفاظ عليها أمر بديهي لا يستحق الزهو، لأن الزهو يكون منطقيا ومقبولا حين يقتنع المواطن بأن هذه القيادة تجاوزت منتصف الطريق نحو هدف تحقيقها، وهاهي عربة الإنجازات ماضية نحو الهدف.

لقد قال كثيرون من قادة فتح؛ وما علاقتنا بأمر هو من صلب اختصاص منظمة التحرير ثم ما علاقتنا بأمر ربما هو على نحو ما من اختصاص العرب والمسلمين؟

إن علاقتنا أكثر من وثيقة في هذا الشأن، فالمفاوضات كالقتال ... كانت خيارنا وقرارنا، وسواء حمل بعضنا البندقية وذهب الآخر لطاولة المفاوضات فإن من يقف وراء الاثنين هي فتح. ومن يحاسب على النجاح والفشل في الخيارين هي فتح. فهي ليست حاجة وظيفية إدارية حتى تتحدث عن الاختصاصات، إنها قائدة شعب في حال النجاح أو الفشل، فلنقل للناس أين نحن من كل هذا، وإن لم نفعل فلن يستمعوا إلينا حين نناديهم، وفي وقت الحاجة فإننا لن نجدهم.

ثالثا: استعادة فتح

قبل كل مؤتمر نعاني من الجمود والتشرذم وتصادم الأجندات. ويتحول الصراع الداخلي إلى عبء ثقيل ليس على الحركة وحدها، وإنما على كل المراهنين عليها والمتحالفين معها.

وحين نعقد مؤتمرا، نكون قد وضعنا كل الآمال على مجرياته ونتائجه، من دون أن ندقق في أمر القدرة على تحقيق هذه الآمال. كيف هو واقع الحركة الآن وأعني هنا الوضع الداخلي؟

لقد بالغنا فيما يبدو بالحديث عن تمكن جيل من حسم صراعه مع جيل آخر لتولد لدينا حركة شابة، بقياداتها وتطلعاتها وإمكاناتها.

ومع أن أي شاب جاء للمركزية أو الثوري، قد استفاد من حق تنظيمي وكفاحي بصرف النظر عن كل ما قيل عن دقة أداء المؤتمر وكثرة الخلل فيه، إلا أننا جميعا وقعنا في محظور التصنيف العمري للأفراد والتوصيف التعميمي للأجيال، وحين نتعمق أكثر في التفاصيل فإننا نكتشف أن آلافا ممن ينطبق عليهم تصنيف الشباب والكهول والعجائز هم الآن خارج إطارات فتح بل خارج أية خانة تنظيمية، لقد تم ترشيق الأجيال بضغط من هم ضمن إطار محدد حيث لا يشكلون عشرة بالمائة من مجمل أجيال فتح، أما التسعون الذين لا يعرفون أي صلة تربطهم بفتح سوى التاريخ والاسم، فلن يكون ممكنا لحركة تواجه كل هذه التحديات والصعوبات والانتكاسات توفير مناخ موات يعملون فيه، فمن أي موقع يعملون ووفق أي خطة وكيف؟

إن فتح لم تستعد، واداؤها رغم سوء أداء المنافس وانحطاط أداء الخصم المحتل ما يزال على حاله.

إن فتح بحاجة إلى دراسة أكثر هدوءا لوضعها.

وهي بحاجة للتخلص من الأمراض التي زرعت في جسدها ووعيها. وأولها مرض التصنيف غير الواقعي وغير الحقيقي وغير المفيد للأجيال والاتجاهات والاتهامات فإن فعلت يمكن أن يتجدد الرهان ليس بالادعاء وإنما بالفعل.

وإن ظل المزهو بنجاحه يواصل زهوه، والمفجوع بسقوطه يواصل فجيعته، فكل ما كان دافعا للتجدد والتقدم سيكون حتما عاملا جديدا من عوامل العودة إلى الدوران في الحلقة المفرغة.

آمل أن أكون مخطئا، فعكس ذلك هو ما أتمناه رغم أن أحدا لا يدركه!!

*عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية

نبيل عمرو