د.نبيل الخطيب.. الصحفي الفلسطيني الذي كسر قواعد الخبر في الوطن العربي
نشر بتاريخ: 02/05/2006 ( آخر تحديث: 02/05/2006 الساعة: 22:11 )
دبي- العربية .نت- معا - كان الاعتقال الذي تعرض له الطفل نبيل الخطيب عام 1978 على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء عودته من السينما بعدما شاهد فيلما لبروس لي محطة فارقة في حياته جعلت منه صحفيا يدير الآن فريق الأخبار في قناة "العربية" محاولا أن يقدم فلسفة جديدة للخبر الذي يتلقاه المشاهد العربي تجعله أقرب إلى قضاياه المحورية التي غابت عن نشرات الأخبار لعقود طويلة.
ونشرت صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية الاثنين 1-5-2006م تقريرا مطولا حول قناة العربية ركزت فيه على الحياة الإعلامية والرؤية المهنية لمدير الأخبار نبيل الخطيب، وأوضحت من خلال مقابلة أجرتها معه في مكتبه بدبي هدفه الأسمى وهو نقل الحقيقة للمشاهد العربي وإعطاؤه الفرصة ليتوصل بنفسه للنتائج وذلك دون تدخل أو تلوين للخبر من جانب المحرر أو القناة.
وأصر الخطيب، الذي يعتبر يوم اعتقاله على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية في 26 سبتمبر "أيلول" عام 1978 البداية الحقيقية لعمله كصحافي، على أن المعركة الحقيقية التي يخوضها تتعلق بإحداث تغيير حقيقي في الشرق الأوسط. وتساءل، في معرض حديثه للصحيفة، "من يمكنه أن يحقق هذا التغيير؟" مجيبا أن هذا دور الإعلام ولا شيء غيره. "أعطني المعلومات والفرصة لأن أتوصل للنتائج بنفسي. إننا هنا نحاول أن نعيد تعريف الأخبار."
نبيل الخطيب فلسطيني يعمل مديرا للأخبار في قناة العربية وكان قد حصل على منحة لدراسة الصحافة الاشتراكية في الاتحاد الاتحاد السوفيتي السابق عام 1980 فدرس في جامعة روسيا البيضاء في مينسك. وعاد للضفة الغربية حيث عمل مراسلا فمديرا لمكتب شركة الشرق الأوسط للإعلام (MBC) وسرعان ما أصبح مديرا لمكتب الشركة هناك قبل أن يلتحق بالعربية عام 2004.
صحافي بالفطرة:
ويتذكر الخطيب كيف أن إلقاء قوات الاحتلال الإسرائيلي بالقبض عليه في نابلس وهو في طريقه للمنزل بعد مشاهدته أحد أفلام بروس لي قد كتب كلمة البداية في مشواره المهني. "أنت محرض"، تذكر الخطيب تلك الجملة التي أخبره إياها المحقق الإسرائيلي وأخبر الواشنطن بوست كيف أنه سأل أخيه الأكبر -الذي كان وقتها طالبا في جامعة بيرزيت- بعد إطلاق سراحه عما تعنيه تلك الكلمة فأجابه بأنها "نوع من الصحافة". وقال للصحيفة الأمريكية: "فكرت وقتها أنه لو كانت هذه هي الصحافة فيجب إذن أن أصبح صحافيا."
وعندما قامت إسرائيل باجتياح لبنان عام 1982، كان الخطيب يدرس في الاتحاد السوفيتي وكان في التاسعة عشرة وقتها وقرر أن يعود ليقاتل مع القوات الفلسطينية. ولكنه لم يصل أبدا لبيروت المحاصرة ووجد نفسه عالقا في وادي البقاع بلبنان بعيدا عن أرض المعركة بلا تدريب ولا مساندة وكان لديه كثير من الوقت للتأمل.
وقال الخطيب للواشنطن بوست معلقا على تلك الواقعة: "وجدتني أسأل نفسي عن سبب وجودي في ذلك المكان". وبدأ الشك يساوره حول السياسة وألاعيبها. "كسياسي، تجد نفسك مضطرا لاستغلال الناس وأنا لا أحب أن يستغلني أحد ولا أن أستغل أحدا وهذه لعبة تتم ممارستها حول العالم وهي لا تروقني ولا أريد أن أكون جزءا منها."
وتركت تلك التجربة أثرا بالغا في الخطيب فيما يتعلق بادعاءات اليقين. "منذ ذلك الوقت والشيء الوحيد الذي أجدني أحمل له مشاعر قوية هو ألا تكون أحكامي فيما يتعلق بالصواب والخطأ قاطعة."
وعلى مكتب الخطيب يوجد تمثال لرمز العمل أحضره له زميل من كمبوديا، وللتمثال ثمانية أذرع يحمل كل منها أداة عمل مثل منشار ومطرقة وغيرهما. وتعليقا على ذلك، قال للصحيفة: "لو كان لدى المرء ثمانية أذرع و40 ساعة يوميا بدلا من 24 لكانت الحياة أكثر إثارة".
الناس أولا:
ويرى الخطيب أنه حان الوقت لإحداث تغيير حقيقي في اهتمامات الناس في الوطن العربي وأن دور الإعلام الحقيقي يتمثل في فتح مواضيع ظلت بعيدة عن التناول لعقود طويلة رغم أهميتها وحيويتها للناس مثل الصحة والتعليم وغيرهما.
ويضيف: "على مدار نصف قرن ظل العرب جميعا يسمعون ويشاهدون أخبارا عن الإسرائيليين والفلسطينين والأمريكيين والقمم العربية...إلخ، ولكنهم لا يسمعون شيئا عن الأجوبة الحقيقية للأسئلة الحقيقية المتمثلة في أسباب كونهم (معظم الشعوب العربية) فقراء ومحبطين وغير راضين عن مستوى الرعاية الصحية والتعليم المتوفر لأولادهم. تلك هي الأمور التي تشغل بال أي إنسان وأي عربي، ولكن لو سألت أحدهم عن أهم ما يشغله فسيقول لك القدس أو العراق لأن هذا ما تواصل أنت (الإعلام) إخباره به."
ويرى أن مهمته، من خلال عمله مديرا للأخبار في قناة العربية، هي جعل المشاهد أكثر تفاعلا، وتقديم قصص إخبارية تتناول موضوعات مختلفة بعيدا عن القصص السياسية التقليدية، فهو يتمنى أن تشمل نشرات الأخبار موضوعات تحمل بعدا واهتمامات إنسانية أكثر مثل كسوف الشمس وشخصا فقد 80 رطلا من وزنه، ويريد الخطيب من مراسليه أن يحثوا الناس على التحدث في القضايا الحساسة التي نادرا ما تتم مناقشتها في العالم العربي المعروف بتحفظه مثل مشكلات المخدرات والدعارة وحقوق الشواذ.
وقال للصحيفة الأمريكية: "إننا هنا نخترع تقليدا أساسيا وهو أن نتسم بالحساسية تجاه الصالح العام، ونحتاج لأن نقاتل من أجل هذا التقليد."
المعركة اليومية
وتحدث الخطيب عن عمله اليومي مديرا للأخبار بقناة العربية الذي يتطلب منه الدوام منذ التاسعة صباحا وحتى الحادية عشرة مساءا كل يوم حيث يحاول دائما أن تتسم الأخبار بالبعد عن الانفعالية والأحكام غير الموضوعية، وغالبا ما يصطدم بنقص الحرية التي يعاني منها مراسلوه في البلدان التي يعملون فيها إضافة للمفاهيم التقليدية السائدة حول العمل الإعلامي.
ويقول: "إنها معركة يومية، فهناك دائما قلق حول المضمون وحول السعي نحو العدالة والمنافسة والدقة وحول أن تظهر بصورة جيدة أمام المشاهد وأمام الإدارة وأمام الزملاء. كل هذا يحتاج وصفة سحرية لم أعثر عليها بعد"، ويضيف أنه كان يظن أنه بحاجة لثلاثة أشهر كي يفرض رؤيته على المحررين ومراسلي القناة ولكن "مر الآن 18 شهرا ولا أزال أجهل متى يحدث ذلك".
وكان الخطيب قد انصرف في التاسعة مساءا في اليوم السابق على الحوار مع الجريدة الأمريكية تلبية لطلب زوجته ولكن انتهى به الأمر على الهاتف مع المحررين من المنزل حتى الثانية صباحا بسبب خبر عاجل وعاد للمكتب في التاسعة والنصف صباحا. وأكد الخطيب على اعتقاده بإمكانية تحرك الأمور بصورة جيدة ولكنه أردف: "لست ساذجا كي أقول أن الأمر يحتاج فقط لوقفة ثورية." وأضاف: "أعتقد أن الله وحده يعلم، سنرى."
وأشارت الصحيفة إلى أن شعار قناة العربية الذي يقول "معنا أنت أقرب للحقيقة"، وقالت إن القناة الشابة تقدم أخبارها المتنوعة على مدار الساعة لملايين المشاهدين حول العالم، منذ تأسيسها عام 2003 بواسطة شركة الشرق الأوسط للإعلام (MBC)، ويعمل في مكاتبها نحو 330 شخصا.