في مثل هذا اليوم قبل عام- الاحتلال استخدم قنابل الفسفور
نشر بتاريخ: 11/01/2010 ( آخر تحديث: 11/01/2010 الساعة: 11:46 )
غزة- معا- قبل عام من هذا اليوم كانت غزة الواقعة تحت القصف البري والبحري والجوي مع نوع جديد من العذاب فقد قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي قنبلة فسفورية (فسفور أبيض) أصابت بشكل مباشر منزل عائلة الراعي، الكائن في حي تل الهوا المكتظ بالسكان جنوب مدينة غزة وذلك عند حوالي الساعة 2:30 من فجر يوم الأحد الموافق 11/01/2009 وهو اليوم السادس عشر للحرب على غزة.
وعندما يلامس الفسفور الأبيض جسم الإنسان يسبب له ألماً شديدا ويسبب حروقا عميقة من الصعب القضاء عليها. كان أفراد عائلة الراعي في منزلهم عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية المنزل. ما أسفر عن إصابتهم بحروق من الدرجة الثالثة وكان من الصعب على الأطباء في مستشفيات غزة التعامل معها. تعتقد هبة، البالغة من العمر (22 عاماً)، بأن أطفالها ليلى، البالغة من العمر (8 أعوام)، وخضر، البالغ من العمر الآن (4 سنوات) تأثرت نفسيتهم بصورة كبيرة بفعل ذلك الاعتداء.
أجرى مركز الميزان لحقوق الإنسان مقابلة مع هبة وليلى جدة الأطفال، البالغة من العمر (50 عاماً). وكان محور المقابلة حول كيفية تأقلم الأطفال بعد مرور عام على الاعتداء على منزلهم.
'في البداية لم نر شيئا في المنزل. كل شيء كان يضيء ويشتعل. كان الأطفال يرتدون جرابين واشتعلت الجرابين بالنيران. وكانوا يصرخون طوال الوقت.' تتذكر ليلى. 'بدأت هبة بالجري وهي في حالة ذعر تحاول أن تجد طريقا لنخرج خارج المنزل.'.
محاصرون بالنيران
وفي إفادة مشفوعة بالقسم أدلى بها خضر الراعي، البالغ من العمر (54 عاماً)، وهو زوج ليلى وجد الأطفال لمركز الميزان لحقوق الإنسان في فبراير 2009 أوضح فيها بأن قذيفة فسفور أبيض سقطت في بيت الدرج من الناحية الجنوبية الشرقية مبعثرة كرات نارية في كافة الاتجاهات. التصقت بعض هذه الكرات في جدران المنزل وحوصر أفراد العائلة داخل المنزل المحترق. تمكن أفراد عائلة الراعي من الهرب عبر الشرفة الشرقية ورقدوا هناك وهم ينزفون منتظرين فرق الهلال الأحمر ليخلي المصابين. تم إبلاغهم بأن سيارات الإسعاف لا تستطيع الوصول إلى المنطقة بسبب انتشار الدبابات الإسرائيلية.
وفي نهاية الأمر تم إخلاء المصابين عند حوالي الساعة 8 من صباح اليوم التالي. تلقى معظم أفراد العائلة العلاج لعدة أسابيع في مستشفى الشفاء بمدينة غزة حيث كان الأطباء غير ملمين بعواقب قنابل الفسفور الأبيض وكانوا غير قادرين على إعطائهم العلاج المناسب لتلك الحروق. تم تحويل المصابين بعد ذلك إلى مستشفى أطباء بلا حدود حيث تلقوا العلاج هناك لمدة ما بين شهر إلى شهر ونصف.
الشفاء النفسي
هبة قلقة جدا بسبب الأثر النفسي الطويل المدى لذلك الاعتداء على أطفالها وخاصة ابنتها الكبرى ليلى. 'فهي شفيت تقريبا من ناحية جسدية وذلك بعد مرور عام تقريبا على الاعتداء. 'تشرح هبة 'بالرغم من أن عظم أقدام ابنتي أصيبت في الاعتداء فكان يؤلمها وبشكل كبير أن ترتدي أحذية غير التي اعتادت أن ترتديها قبل الهجوم. كان علينا أن نرسلها إلى المدرسة منتعلة 'شبشب' على مدار عدة أشهر وهذا كان يشعرها بالخجل الشديد. كانت ترفض الذهاب إلى المدرسة. كنت أذهب معها إلى المدرسة وأدخل معها الصف وأجلسها على مقعدها'.
أخبر المدرسون هبة والدة ليلى بأن أداء ابنتها في المدرسة قد تدهور خاصة بعد الاعتداء. 'قال مدرسوها بأن ليلى الآن أصبحت هادئة في الصف ولا تشارك في أي نشاط. تبدو وكأنها لا تعرف شيئا عما نشرحه في الفصل. أعرف أن كل أم تعتقد بأن أبنائها أذكياء ولكن ليلى كانت فعلاً ذكية قبل الاعتداء. كانت تحصل في معظم الأوقات على أعلى الدرجات أما الآن فهي تحصل على 13 أو 14 درجة من 20.'.
تركتني أمي في النيران
تلقى أطفال هبة علاج نفسي من مؤسسات خيرية محلية وذلك بعد الاعتداء ولكن بعد أن توقف ذلك العلاج أصبحت هبة حائرة ولا تعرف كيف تساعد أطفالها. 'لا أعرف ماذا أفعل ولا أعرف لمن أتوجه بالسؤال لكي يساعدني'. توضح هبة ' لا زالت ابنتي ليلى تبلل ملابسها وهي نائمة وهي تخاف من كل شيء الآن. حتى أنها تخاف مني أنا أمها وترتعش وترتجف من دون أي سبب. وهي لا تذهب إلى السطح لكي تلعب وإذا كان صوت التلفاز مرتفع تجري خائفة إلى غرفتها. كذلك ابني خضر أصبح عصبيا جدا وفقد الكثير من وزنه. وبعد الاعتداء بدأ يتكلم أثناء النوم و لا أفهم ما يقوله وهو نائم. قبل أسابيع قليلة كان هناك حفلة زفاف لجيراننا وكان هناك ألعاب نارية. وعندما سمع الأطفال صوت الطلقات النارية حزنوا كثيراً. لا أعتقد أن أطفالي سينسون ما حدث معهم بمن فيهم ابني خضر، الذي كان يبلغ من العمر (3 سنوات) وقت الاعتداء. وعندما يأتي الناس لزيارتنا يخبرهم خضر 'أمي تركتني في النار وهربت. هذا يؤلمني كثيراً.'.
وفقا لمنظمة هيومان رايتس ووتش (HUMAN RAIGHTS WATCH) فإن استخدام إسرائيل المكثف للفسفور الأبيض في الأحياء السكنية المكتظة شكل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني، وإن استخدام هكذا ذخائر يتطلب اتخاذ تدابير وقاية ملائمة لتجنب إيذاء المدنيين ومنع الاعتداءات العشوائية.