محاضرة فكرية في جامعة بيرزيت
نشر بتاريخ: 21/01/2010 ( آخر تحديث: 21/01/2010 الساعة: 17:16 )
رام الله- معا- عقدت دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية وبرنامج الماجستير في الدراسات العربية المعاصرة في جامعة بيرزيت، محاضرة فكرية، بعنوان: " اليهودي، العربي: تاريخ العدو" للبروفيسور جيل النجار من جامعة كولومبيا في نيويورك.
وافتتحت المحاضرة د. رنا بركات مرحبة بالبروفيسور النجار كأكاديمي بارز، ومثقف عضوي، ومناصر لقضايا التحرر ولفلسطين والشعب الفلسطيني. وبدأ البروفيسور النجار المحاضرة بمداخلة فلسفية حول التعريف بمفهوم "العدو" من خلال تعريف "الحب" و"الصداقة"، والفروقات بين الجوانب السياسية والروحية في الدولة والمجتمع وتطوره في التراث المسيحي الغربي.
وفي محاولته للإجابة على تساؤل: "من أين يأتي العدو؟" أحاب البروفيسور النجار:"التفرقة الأولى بين كينونة "الملك" الجسدية المرتبطة بسلطته الدنيوية، وتلك الروحية المرتبطة بسلطته الدينية المستمدة من الله. وبناء على هذا التقسيم، فإن من يعادي الملك بوصفه الجسدي-الدنيوي، فهو "عدو سياسي"، ومن يعادي سلطته الروحية فهو "عدو ديني".
ولتوضيح مجموعة من تحولات مفهوم العدو، يهودياً كان أو مسلماً، استخدم البروفيسور النجار التسمية التي كانت تطلق على اليهود الذين فقدوا الرغبة في الحياة، وأصبحوا غير فاعلين في معسكرات الإبادة النازية وخاصة في أوشفيتس. وقد أُطْلِقَ عليهم، في حينه، تسميات، نحو: "مسلم"، "هيكل سيار"، "قلعة فارغة"، "مور"...وغير ذلك للتدليل على تدني مكانتهم الإنسانية كعدو خامل ومستعبد. وقد صبغت هذه الصورة مفهوم العدو بشكل استشراقي منذ القرن التاسع عشر حيث أصبح "العربي" مثالاً للعدو السياسي الدوغماتي، وأصبح "العربي" نموذجاً للعدو الديني، كما أوضح إدوارد سعيد في كتابه ذائع الصيت "الاستشراق" الذي اتهم سعيد بعد نشره بأنه "لا-سامي" كذلك.
وفي نهاية محاضرته، التي أثارت جدلاً واسعاً في فترة النقاش، استنتج البروفيسور النجار أن "معاداة السامية"، التي شملت اليهود والعرب كعدوين لأوروبا، تحولت إلى "خوف من الإسلام" اليوم، في حين تصالحت إسرائيل، ابتداءً من رواد الحركة الصهيونية، مع فكرة أوروبا حول اللاسامية التي أرادت اليهود خارج أوروبا، فكانوا من هرتزل حتى اللحظة، على استعداد لأن يكونوا حلم اللاسامية نتيجة لرغبتهم في احتلال فلسطين كوطن لليهود الذين كانوا كابوس أوروبا.
كما استنتج البروفيسور النجار أن إسرائيل تبنت السياسة المسيحية الغربية في التفريق بين "المواطنة" و"الجنسية" لتفرق بين "اليهودي" كدين، و"العربي" كعرق، بدلاً من التفريق بين اليهودي والمسلم، أو الفلسطيني والإسرائيلي. وبذلك فقد التقى المشروع الاستعماري الأوروبي بمشروع تصفية وجود عدو أوروبا الديني "اليهود" في أوروبا، بمشروع محاربة الإسلام ونشر ظاهرة العرب منه كعدو "سياسي" اليوم.
يذكر أن النجار هو أستاذ مشارك في دائرة الأديان وقسم دراسات أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا في جامعة كولومبيا في نيويورك. ومن مؤلفاته "ساميون: العرق، الدين، الأدب (2008)؛ اليهودي العربي: تاريخ العدو (2003)، مكاننا في الأندلس: القابلاه، الفلسفة، والأدب في كتابات اليهود العرب (2002)". وهو محرر مجموعة جاك دريدا المعنونة: أفعال الدين (2002).
وقد قام البروفيسور النجار مؤخراً بترجمة كتاب مارك نيشانيان حول الإبادة الجماعية، بعنوان: انحراف التأريخية، من الفرنسية إلى الإنجليزية.