الجمعة: 27/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

في لقاء الأشقاء- الصحافة الرياضية بين المهنية والتبعية *جوادعوض الله

نشر بتاريخ: 27/01/2010 ( آخر تحديث: 27/01/2010 الساعة: 17:54 )
بعد لقاء السودان الفاصل ،و فوز الجزائر بورقة التأهل لنهائيات كاس العالم بجنوب أفريقيا على حساب مصر، فشلت محاولات كثيرة لجمع المنتخبين في لقاء ودي، لترطيب الأجواء المشحونة بين المنتخبين والشعبين وأنصارهما، و شاءت الأقدار من خلال الأقدام ، أن يلتقي منتخبا مصر والجزائر ثانية ، عنوة، لا تكريما أو تقديرا لأية مبادرة رياضية للم شمل الكرة العربية ، وذلك في الدور نصف النهائي من بطولة أمم إفريقيا المقامة حاليا في انغولا.
وبعيدا عن توقع الفوز والخسارة لمن، والتحليل الفني لصالح من من الفريقين، فسنة اللقاءات الرياضية، أن ينتهي بفوز احد المنتخبين، أما الفروض والثوابت والمسلمات التي يجب أن نحرص عليها ونغذيها ونحتفي بها، هي وحدة دمنا ولغتنا وديننا ووطننا العربي الكبير،التي طالما تغنينا بها ،ممثلة بما قاله الشاعر:
بلاد العرب أوطاني من الشام لبغداني
حتى آخر القصيدة عندما قال:
فلا حد يباعدنا ولا دين يفرقنا ،
من هنا،لا لن نبارك نحن في الملتقيات الرياضية ، أن تكون الرياضة التي نعتبرها بوابة التواصل الأولى مع أشقائنا أن تصبح بوابة العدائية بينهما، فمن ارض فلسطين الأبية ندعو لمحاربة كافة مظاهر التعصب و التحريض والشحن والتأجيج المتعلقة بلقاء الأشقاء متمنين للفريقين واللاعبين التوفيق في تقديم نفسيهما ككبار منتخبات القارة السمراء،فهم كبار في الانتماء والعطاء والأداء ، وبأخلاقهم وانتمآتهم العربية،نضمن إبقاء المنافسة في إطار الروح الرياضية والتنافس الشريف داخل المستطيل الخضر،لا التحريض والوعيد ،حيث لوحظ بداية الحرب النفسية تنطلق على السنة اللاعبين ،عندما صرح اللاعب المصري "جدو " معقبا على لقاء الجزائر القادم ،قائلا: أخرجونا من كاس العالم،و سنخرجهم من أمم إفريقيا،اجل تصريحات اللاعبين سرعان ما تتحول ،بين أيد الصحفيين وأقلامهم ومقالاتهم وتقاريرهم إلى قذائف عنقودية إعلامية سرعان ما تنتشر وتصل في صداه إلى الجماهير والمتابعين ،فالإعلام الالكتروني حاضر للتعميم بسرعة البرق وأكثر،فيذهب المتابعين إلى المدرجات بمزيد من الشحنات والاحتقانات ومن ثم للفضائيات الإعلامية،التي لعبت الدور الكبير في نقل الاحتقان إلى الشعبين وأكثر.
نعم، انطلقت المهاترات السابقة عبر الفضائيات اولا واخيرا التي استندت إلى الكتابات المأجورة والمسعورة لإشعال الجماهير في اللقاءات الأخيرة بين الفريقين،ومن ثم ضلل الجمهور وتعصب انتصارا لمنتخب بلاده فانكب على متابعة كافة المنشورات والإصدارات الصحفية ،والراصد لمسيرة المنتخبين كان يرى نفاذ الصحف والملاحق الرياضية من الأسواق على مدار أسابيع ما قبل اللقاءات ،
التساؤل: في الوقت الذي رفضت فيه الدولتين المبادرات التصالحية ،هل ستسمح قيادة البلدين وأصحاب القرار في بعض الفضائيات ، تكرار واستمرار ماراثون المناكفات والمشاحنات الإعلامية ،التي ساهمت بشكل كبير في تفاقم الأزمة بين البلدين ، وفي ضوء ما شاب لقاءاتهما الرياضية التصفوية الأولى والفاصلة ، وما صاحبها من شد وجذب وتوتر وشغب وفوضى وشرخ في النسيج العربي عامة، والجماهير الرياضية خاصة،خاضته بعض القنوات الإعلامية الرياضية ، الالكترونية والصحفية والمرئية، وقادت حملة إعلامية غير حضارية،تحريضية و بعيدة عن المهنية ، عندما لعبت هذه الوسائل باعتراف المحللين والمتابعين دور المحرضين، لا الداعين إلى التنافس الشريف بروح رياضية في ظل الأخلاق والمبادئ الأولمبية ،
نعم ،هم في النهاية صحفيون ومتابعون لمسيرة الرياضة وأدرى بخباياها ، أما الجماهير الرياضية متابعون بالتسويق ومتلقون من الإعلاميين ومن ألسنتهم،ومن لفظ كلماتهم ترسم الجماهير خارطة طريقهم ومسار خطواتهم للمباراة ، فان هم هذبوا مصلحاتهم، تهذبنا في التشجيع والمتابعة،وان هم أشعلوها ، تجندنا بوقود من نوع سوبر لزيادة شعلتها ، وهذا ما حدث في اللقاءات الماضية حيث وصل هذا التحريض وامتد صداه من القواعد الشعبية وعبر الشوارع والمقاهي الرياضية وحتى المنافي وصولا إلى قمم الهرمية، وفي القيادة والعلاقات الدبلوماسية، في الدول المعنية،

إنها مباراة حساسة،والمعظم يجمع بأنها ستكون حماسية منذ البداية ، ونأمل أن توفق الفرقتين في تقديم صورة رياضية حضارية للكرة العربية الأفريقية بعيدا عن التعصب والشغب والعنصرية.
وفي الوقت الذي نتفهم سلوك بعض اللاعبين ودوافعهم للفوز ، وربما نتفهم حماس الجماهير في تشجيع ومؤازرة منتخبات بلادهم ،لكن لا ، ولن أتفهم بالمطلق عدم ثبات الصحافة وأقلام الإعلام الرياضي على مهنيتها وموضوعيتها ،وسرعتها في تغير جلدها ورسالتها من اجل المال كما قال بعضهم وسعيا لتسويق هنا واستضافة هناك وتقرير هنا وتحليل هناك .لتقلب التعارف والصداقة والأخوة إلى احتقان مشاعر وعدائية .
والتساؤل : هل الموضوع سينتهي بتأهل احدهما للنهائي، في حال صاحب المباراة القادمة ما صاحب مثيلاتها السابقة ، و في حال اندلعت مصادمات وأحداث عنف لا قدر الله داخل الملعب وخارجة ،وامتدت إلى الجماهير في كلا البلدين بحكم النقل الفضائي المباشر حيث ستكون البلدين من رأس الهرم حتى قواعد الشعب تعايش الأحداث أول بأول،وكلاهما يستعد للاحتفال أو الانتقام إذا لم تضبط الأمور ، في ظل الاحتقان الموجود والرسائل والوعود الممررة عبر الأعلام بكل إشكاله ، فربما المشكلة لم ولن تتوقف تبعاتها وإفرازاتها داخل الملعب ، بل سيترتب على ذلك اختلال في منظومة العلاقة العربية ،وليس فقط الكروية الرياضية.وعليه فان المصلحة العربية تقتضي من القيادات في البلدين إصدار تعليماتهما بمنع كافة أشكال التحريض الإعلامي والتهيج الجماهيري حتى نضمن مرور اللقاء الرياضي المرتقب بأمن وأمان ودون ارتدادات وتبعات ومشاكل،ولتكن المناسبة فرصة للمصالحة العربية العربية،وكما أفسدت المباريات السابقة بعض الشئ العلاقة بين البلدين ،نأمل أن تكون المباراة اللاحقة فرصة للتواصل والمحبة ، ومن يفوز من الفرقتين نحن ندعمها ونبارك مجهودها ومن يخسر اللقاء نصفق له عاليا فقد قدموا مستويات جيدة تليق بمنتخبات بلدانهم،وثقتي باللاعبين في المنتخبين وبقيادة مدربيهم الخلوقين كبيرة أن يكونوا صمام أمان البلدين لا مشعلي حرائقها ،وعلى الإتحاد الأفريقي أن يعي حساسية المباراة وان يتخذ كافة الإجراءات التي تعبر بها إلى بر الأمان من طاقم التحكيم وضرورة مهنيته العالية ومواقع الجماهير وشرطة الملاعب وحسن إدارتها وحفاظها على امن وسير المباراة وغيرها .

بقلم : جواد عوض الله
[email protected]