السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

إلزام الداخلية الإسرائيلية منح هوية دائمة لمواطن من دورا

نشر بتاريخ: 29/01/2010 ( آخر تحديث: 31/01/2010 الساعة: 10:35 )
بيت لحم - معا- لأول مرة منذ عام 2002 وبعد أشهر من تقديم التماس ضد الداخلية إلى محكمة القدس المركزية بواسطة المحامي نجيب زايد, إضطرت الداخلية الإسرائيلية مؤخراً منح بطاقة هوية زرقاء دائمة بدلاً من المؤقتة لموكله المواطن الفلسطيني رزق حسن أحمد دودين (41) من قرية دورا (الخليل) وذلك من خلال إتمام معاملة جمع شمل قدمتها زوجته المقدسية عزيزة ابراهيم اسحق سلمان من بيت صفافا الغربية (داخل الخط الأخضر) بعد أن تم تجميدها عدة سنوات.

يذكر أن الزوجين متزوّجان مُنْذُ عام 1997 ورُزٍقا بأربعة أوْلاد وقد قاما بتقديم طلب جمع شمل لدى وزارة الداخلية في نفس السنة وقد وافقت الأخيرة عليه بعد ثلاثة أعوام (عام 2000) ومنحت الزوج بطاقة هوية مؤقتة تتجدد سنوياً بشرط أن يستوفي الزوج عدة شروط أهمها الحياة الزوجية المشتركة وإثبات مركز حياة (سكن, عمل ومدارس الأولاد وغيرها) داخل إسرائيل والخلو من الموانع الجنائية (أي عدم ممانعة الشرطة) ومن الموانع الأمنية (أي عدم ممانعة جهاز المخابرات "الشاباك"). وقد استمر وضع الزوج على هذه الحال دون أن توافق الداخلية منحه حق الإقامة الدائمة من خلال بطاقة هوية دائمة, حيث جمّدت الداخلية جميع الطلبات وامتنعت عن تحسين مكانة الفلسطينيين أصحاب طلبات جمع الشمل ومنح بطاقات هويّة مؤقتة بدل التأشيرات المقرونة بالتصاريح أو بطاقات هويّة دائمة بدل المؤقتة.

فقام الزوجان بالتوجه إلى المحامي نجيب زايد فقام بدوره بإخطار الداخلية مطالباً منح موكله بطاقة هوية دائمة إلا أن الداخليّة رفضت الطَلب مسوغة قرارها بالاستناد على حاجز قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل حيث يمنع الداخلية منح هويات لمواطنين فلسطينيين. فقام المحامي نجيب زايد في شهر شباط-فبراير من العام الماضي بالتوجه باسم الزوجين وأولادهما بالتماس ضد الداخلية إلى محكمة القدس المركزية مطالباً فَسْخ قرار الرفض وإلزام الداخلية منح بطاقة هوية للزوجة موجَّهاً من خلال مرافعته انتقاداً شديدَ اللّهجة لوزارة الداخلية وجهاز المخابرات الشاباك متهماً إياهما بالتّقْصير تجاهَ مُوَكّليهِ وتعطيلهم عن الحصول على بطاقة الهوية دون وجه حق.

إلا أن الداخلية بواسطة نيابة لواء القدس اتخذت موقفاً رافضاً للالتماس مدعية أنّ الزوج لم يستوف شروط الحصول على بطاقة الهوية وأن القانون لا يسمح بمنحه هذه البطاقة. جاء ذلك في معرض المُسَوّغات ضمن لائحة جوابية ردّتْ بها الداخلية على الدُّفوع التي استند عليها المحامي زايد في الالتماس وقامت الدولة بحصر بيّنتها حول الموانع التي استندت عليها في رفضها لطلب الهوية مطالبة المحكمة رد الالتماس وَتَضْمين المُلْتَمِسين مصاريف وأتعاب المُحاماه.

رفض القاضي موشيه سوبل موقف الداخلية في جلسة المرافعة التي عقدت يوم 30/9/2009 وحذرها بإصدار قرار يلزمها بمنح مواطنة للزوج بما أن الزوجة تحملها وبسري عليهما نظام التجنس. فما كان من الداخلية إلا أن تطلب من المحكمة مهلة للردّ. وَبعد حوالي شهر من الإنتظار أعلنت الداخلية عن موافقتها منح الزوج بطاقة هوية دائمة لتتجنب قراراً يلزمها بالمواطنة وقَد جاءَت مُوافَقة الدّاخليّة ضِمْن اتفاق أبْرٍمَ بَيْن نيابة لواء القدس والمحامي نجيب زايد وقد صادقت المحكمة المركزية على الإتفاق مانحة إياه مفعول قرار حكم.

يُذْكر أنه حتى العام 1996 حصل الأزواج الفلسطينيون مباشرة على بطاقات هوية دائمة تشمل حق الإقامة الدائمة وتحمل رقماً وطنياً في أعقاب الموافقة على طلبات جمع الشمل. منذ عام 1997 وفي أعقاب تكاثر الزواج بين الفلسطسنيين حاملي بطاقة الهوية الإسرائيلية وبين حاملي بطاقة هوية السلطة الوطنية بدأت الداخلية الإسرائيلية العمل بنظام جديد يلزم الأزواج بانتظار خمس سنوات وربع وهي فترة تجريبية منذ صدور الموافقة على طلبات جمع الشمل يحصل الزوج الفلسطيني على وضعيات قانونية بشكل تدريجي.

ففي البداية يحصل على تأشيرة لمدة 27 شهرا يتوجه من خلالها إلى مكتب التنسيق والإرتباط المدني في الضفة الغربية للحصول على تصاريح للدخول إلى إسرائيل, وبعدها يحصل على بطاقة هوية تتجدد سنوياً تشمل حق الإقامة المؤقتة وتحمل رقما وطنياً لمدة 3 سنوات وبنهاية الفترة التجريبية يحصل على بطاقة هوية دائمة تحمل نفس الرقم الوطني. أما إذا كان أحد الزوجين يحمل الجنسية الإسرائيلية فقد عملت الداخلية منذ 1999بنظام تَدْريجيّ يلزم الأزواج بانتظار فترة تجريبية أربع سنوات منذ صدور الموافقة على طلبات جمع الشمل يحصل الزوج الفلسطيني من خلالها على بطاقة هوية تتجدد سنوياً لتصل إلى بطاقة هوية تشمل حق المواطنة والجنسية. ففي البداية يحصل على تأشيرة لمدة 6 أشهر ً, يتوجه بواسطتها إلى مكتب التنسيق والارتباط المدني في الضفة الغربية للحصول على تصريح للدخول إلى إسرائيل, وبعدها يحصل على بطاقة الهوية المؤقتة التي تحمل رَقَماً وَطَنياً لمدة 4 سنوات, وعند نهاية الفترة التجريبية يحصل على الجنسية.

إلا أنه في عام 2001 وإثر الخوف من تغيير الوضع الديموغرافي بدأت المخابرات الإسرائيلية بالشروع بمشروع تجميد معاملات لم الشمل وخاصة لأولئك الذين كانوا على وشك الحصول على بطاقات هوية. في شهر آذار 2002 قام وزير الداخلية بإصدار قرار بتجميد جميع المعاملات بحجة تنفيذ عملية انتحارية بواسطة من حصل على لم شمل آنذاك. وفي أيار 2002 أصدرت الحكومة الإسرائيلية قراراً بتجميد إجراءات ومعاملات جمع الشمل للأزواج الذين يحملون بطاقة الهوية الفلسطينية أو ينحدرون من أصل فلسطيني بحجة "الوضع الأمني" إثر أحداث الانتفاضة. كما وفي عام 2003 سنّت الكنيست قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل مصادقة بذلك على قرار الحكومة ومانحة إيّاه الصبغة التشريعية. وفي العام 2005 تم تعديل القانون بحيث سُمِحَ للأزواج الفلسطينيين الحصول على مكانة قانونية يتم من خلالها منح الزوج الفلسطيني تأشيرة تتجدد سنويا يتوجه من خلالها إلى مكتب التنسيق والإرتباط المدني في الضفة الغربية للحصول على تصاريح نصف سنوية للدخول إلى إسرائيل بشرط أن يستوفي المواطن الفلسطيني شروطاً أهمّها شرط السن (للرجل 35 وللمرأة 25). كذلك تم تعديل القانون عام 2007 وأضيفت لائحة لدول لا يمكن لمواطنيها أن يحصلوا على لم شمل وهي إيران سوريا لبنان والعراق كما تمّت إضافة قطاع غزه للقائمة عام 2008.

وفي شهر أيار 2006 أصدرت محكمة العدل العليا (بهيئة مؤلفة من أحد عشرة قاضياً) قراراً رَفَضَ التماساً جماعياً لمؤسّسة "عدالة" ضد الكنيست والحكومة يطالب إلغاء قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل. كل تلك القرارات والقوانين تحول دون حصول الأزواج على بطاقات هوية جديدة تحمل رقماً وطنياً حيث تم كسر التجميد بواسطة المحامي زايد منذ عام تقريباً في سلسلة قرارات أهمها قرار الزوجين صباح ونبيل عويسات وقرار الزوجين إيمان ومحمد عرامين.

وقد ناشد المحامي زايد المواطنين الذين يعانون من نفس المشكلة وقضيتهم تشبه هذه القضية عدم التّقاعُس وانتهاز الفرصة والإسراع باتخاذ إجراءات قضائية ضد وزارة الداخلية تضمن الحصول على هويات من خلال الثغرة القانونية التي ظهرت نتيجة سلسلة نجاحات لتلك القضايا وتكسر حاجز التجميد الذي أقَرَّته الحكومة والكنيست وذلك في سبيل إحقاق الحقّ للحياة الأسريّة التي تشمل حقوق الزواج والأبوّة والأمومة والبنوّة التي تُعْتَبَر من الحقوق الدُّسْتوريّة.