الخروج من الاسر مشاعر يختلط فيها الفرح بمشاعر الالم لفقد الاحبة
نشر بتاريخ: 30/01/2010 ( آخر تحديث: 31/01/2010 الساعة: 10:21 )
طولكرم- تقرير معا- يتأهب الجميع، ويبدأون بتزيين المنزل ومدخله، وممكن أن يصل الأمر لتزيين الحي بأكمله، عندما يتعلق الأمر بإستقبال عزيز غال سواء كان مسافراً او مغترباً وغالباً أسيراً في سجون الإحتلال الإسرائيلي، فيعلو صوت الأغاني الوطنية، ويتجمع الأهل والأحبة في محيط المنزل، ويصطفون للسلام وتقبيل "العائد" الى دياره.
ويتبادل الجميع الإتصالات الهاتفية لمعرفة الوقت المتبقي لوصول "العزيز" واين وصل، إلا انه لا يكترث لهم كثيراً ويقول: "سأتوجه اولاً لزيارة والدي ووالدتي في قبورهم، فقد توفاهما الله أثناء غيابي القصري بقوة الإحتلال".
الأسير المحرر المحامي عبد السلام جندب "أبو المجد" خرج الخميس الماضي من سجون الإحتلال، عقب قضاء عام وسبعة شهور "في السجنة الأخيرة " توجه قبل كل شئ الى قبر والدته، وأمسك (بالشاهد) بيديه الإثنتين، جالساً باكياً متنهداً، فهو لم يودعها ولم يشارك في رفع نعشها وحملها على كتفه، بل لم يدفنها بيده وهو آخر تكريم لها من قبله.
وبعد ان قرأ الفاتحة على روح والدته، توجه ابو المجد الى منزله، وكان في إنتظاره اسرته وعائلته واحبابة من أبناء الحي والبلدة التي يقطن بها "دير الغصون شمال طولكرم".
وفي حديثه لـ "معا"، اوضح "ابو المجد" انه وخلال اعتقاله في العام 1989 توفي والده وهو داخل السجن، وحرم من وداعة وإكرامه بحمل نعشة وتقبّل العزاء به والمشاركة في دفنه، وفي العام الماضي ايضاً توفيت والدته وهو بداخل السجن، فكان الألم كبير، والحزن شديد، مضيفاً: "لا شك ان كل من الوالدين يتمنى ان يكون ابناؤهما من يحمل نعشهما ويكونوا الى جانبهما حتى اللحظات الأخيرة".
واضاف ابو المجد، ان ما يخفف على الأسير في هذه اللحظات، وقوف إخوانه الى جانبه، ومواساته، والتخفيف عنه، حيث يكون كافة الأسرى يد واحدة في هذه الساعة.
وبخصوص قرار الحكومة الفلسطينية بتخصيص يوم 27/1 يوماً للتضامن مع الاسرى وتكثيف الفعاليات الداعمة لهم، قال ابو المجد "إن القرار جاء متأخراً، إلا اننا نقول، ان يأتي متأخراً خير من ان لا يأتي بتاتاً"، مؤكداً ان الأسرى يعيشون حالة من الحرمان والقمع والمعاناة، ويرون ان هنالك ضرورة لكل المؤسسات ان تحشد كافة الطاقات وتجييش الشارع ونصرة الأسرى.
واشار ابو المجد، ان الحركة الأسيرة في الفترة الحالية ليست بنفس المواصفات التي كانت بها الحركة الأسيرة في الفترة السابقة، هنالك حالة من الضعف والوهن والإنقسام، والوضع السياسي الخارجي يعكس حالة تلقائية بشكل جدي على وضع الحركة الأسيرة، وان اي محاولة للإحياء هي محاولة لإعادة الثقة، وإعادة الأمل.
وقال الأسير المحرر ابو المجد، ان إبتعاد الناس عن أي حراك جماهيري داعم للأسرى، أضعف وضع الحركة الأسيرة، فكل محاولات الحركة للدفاع عن نفسها تجاه ما يمارس ضدها تكون محاولات ضعيفة جداً، بالإضافة الى ان الوضع الداخلي صعب، كما ان النوعية الحالية للحركة الأسيرة تختلف كثيراً عن النوعية التي كانت موجودة سابقاً، حيث ان في السابق المعتقل كان يعلم ماذا يريد ومن هو، وما هي الأدوات التي يجب إستخدامها في مقارعة السجان، فاليوم الحركة الأسيرة تعيش حالة من الضياع، وكثير من الطاقات التي يمكن إستخدامها لغايات نبيلة اليوم تستخدم للطعن بالحركة الأسيرة.
وتطرق الأسير المحرر أبو المجد للوضع الفلسطيني والحالة الفلسطينية : " حالتنا في المجتمع الفلسطيني هي حالة قطع الأعضاء وتمزيق أجزاء الجسم الفلسطيني " داعياً كافة العقلاء من الكادر التنظيمي والقيادة الفلسطينية ان يرتقوا لمستوى المسؤولية، وان يعلموا ان الوطن فوق الجميع وتجاوز الثغرات الضيقة.
واضاف، : " شعبنا كان حالة مفخرة وعز لبقية الشعوب، لكن اليوم الحالة للأسف مخزية إلا انها ليست نهاية المطاف، ويجب ان يترجم الجميع (فلسطين فوق الجميع).
وختم الأسير " أبو المجد " برسالة موجهه للأسرى : " أنا اشعر بفرحة ليست من باب الترداد الممجوج فرحة منقوصة، تساوي بالنسبة لي الفرح والألم"، مشدداً على ضرورة القراءة والدراسة والثقافة،" وبدون العلم لا إمكانية ان نثبت ذاتنا ونقارع الإحتلال"، مطالباً إياهم ان يضعوا قواعد عامة والإبتعاد عن الفقاعات الحزبية الضيقة، وتوجيه كل الطاقات ضد الإحتلال ".