"أصدقاء الإنسان" تصدر تقريراً مفصلاً عن واقع الأسرى الفلسطينيين
نشر بتاريخ: 06/02/2010 ( آخر تحديث: 06/02/2010 الساعة: 13:58 )
بيت لحم- معا- أصدرت منظمة أصدقاء الإنسان الدولية اليوم السبت تقريراً مفصلاً، عن واقع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي خلال العام الفائت 2009، أكدت فيه أن عام 2009 كان من أسوء الأعوام التي قضاها الأسرى على الإطلاق، "فإدارة السجون الإسرائيلية مارست أساليب جديدة ضدهم؛ تبغي الى زيادة الضغط النفسي والجسدي عليهم، ومواصلة احتجازهم في أجواء غاية في الصعوبة، أو إخراجهم أجساد بلا أرواح، بحيث لا يستطيعون العيش والاستمرار في الحياة، وقد تعدى الأمر عقاب الأسير وتدمير نفسيته ليصل إلى عائلته وأسرته من خلال سياسات تقوم بها مصلحة السجون الإسرائيلية كأن تحرم الأسير من زيارة ذويه لفترات طويلة جداً".
وقالت المجموعة الحقوقية أن الحركة الفلسطينية الأسيرة لا زالت تسطر أمثلة إنسانية؛ قل نظيرها في التاريخ، في الصبر ومكابدة المعاناة؛ في ظل ظروف مأساوية اضطُر خلالها عشرات الآلاف من الأسرى الفلسطينيين لتحمل أسابيع متواصلة بل أشهر عديدة، وهم يرزحون تحت التعذيب وسياط جلادي الإحتلال في أقبية التحقيق، ويتجرعون القهر سنوات مديدة على أيدي السجانين وأفراد الشاباص. وأن مجرد قدرة الاسير على تحمل تلك الظروف وبقائه إنساناً ليمثل معنىً عظيماً في عملية الدفاع عن الحق في الحياة.
وأشارت المنظمة أن عدد الأسرى في معتقلات الإحتلال بلغ في نهاية العام الفائت 2009، سبعة آلاف ومائتي وست وثمانون (7286) أسيرة وأسير، منهم (36) ست وثلاثون أسيره فلسطينية، وكذلك عشرون وزيراً ونائباً تم أسرهم من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى 250 طفلاً؛ أعمارهم اقل من 18 عاماً تحرم القوانين إعتقالهم.
كما تعتقل سلطات الإحتلال 319 أسيراً منذ ما قبل اتفاقية أوسلو للسلام التي وقعت بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي عام 1993؛ وهم ما يعرفون إصطلاحاً بالأسرى القدامى، ومن بين هؤلاء 115 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً، منهم ثلاثة أسرى مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاماً وهم كل من الأسير نائل البرغوثي والأسير فخري البرغوثي والأسير أكرم منصور.
ويتم التركيز في هذا التقرير على الأسرى الفلسطينيين الذين يُراد لهم التهميش من قبل سلطات الإحتلال، وهم أسرى منطقة القدس وأسرى المناطق الفلسطينية داخل الخط الأخضر، لأن سلطات الإحتلال ترفض الإفراج عنهم ضمن إتفاقات تبادل الأسرى مع الفلسطينيين، وقد بلغ عدد أسرى القدس في العام الماضي 273 أسيراً وأسيره، ويعتبر الأسير فؤاد الرازم من بلدة سلوان بالقدس المحتلة عميد الأسرى المقدسيين وقد اعتقل قبل 29 عاماً.
وبلغ عدد الذين قضوا في السجون الإسرائيلية من سكان القدس 14 أسيراً، وقد كان أولهم الأسير قاسم عبد الله ابو عكر؛ الذي قضى نتيجة التعذيب أثناء التحقيق في سجن المسكوبية عام 1969، أما آخرهم فكان الأسير جمعه كيالة، والذي توفي قبل ما يقرب من عام، بعد ان أمضى 13 سنة في مستشفى سجن الرملة.
وعن الأشقاء من أسرى القدس تقول المنظمة في تقريرها أن 31 أسيراً منهم يعانون مرارة الحياة في سجون الإحتلال، منهم 3 من الإخوه الأشقاء محكومين مدى الحياة وهم موسى وخليل وإبراهيم السراحنه والمعتقلين منذ عام 2002. أما أسرى العزل فيوجد منهم أسيرين مقدسيين وهما الأسير عبد الناصر الحليسي؛ معزول منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً، والأسير معتز حجازي معزول منذ تسع سنوات. ويوجد نائب مقدسي واحد أسير وهو النائب محمد ابو طير، والذي امضى ما يزيد عن خمسة وعشرين عاماً في سجون الاحتلال.
وعن الأسيرات المقدسيات ذكرت المجموعة التي تعنى بحقوق السجناء حول العالم، أن 4 أسيرات من بيت المقدس هن: الأسيرة إبتسام عيساوي محكومة 14 عام، من سكان جبل المكبر، وآمنة منى أقدم أسيرة مقدسية وهي من سكان البلدة القديمة ومحكومة مدى الحياة وكذلك الأسيرة سناء شحادة وهي من سكان مخيم قلنديا أصدر بحقها نفس الحكم هي الأخرى، وأخيراً الأسيرة ندى درباس من سكان بلدة العيسوية وهي محكومة لمدة 4 سنوات.
وفي سياق عرضها لأحوال أسرى القدس، أعادت المنظمة إلى الأذهان أن أكبر أسير مقدسي سناً هو الأسير علي حسان عبد ربه شلالده والبالغ من العمر 61 عام ونصف، ومعتقل منذ 19 عام ويقضي حكما بالسجن لمدة 25 عام، ولديه من الأبناء 12، تزوج منهم 8 وهو يرزح في الأسر.
وعن صاحب أعلى حكم في تاريخ الأسرى المقدسيين ذكرت أنه الأسير وائل محمود قاسم من بلدة سلوان، محكوم بالسجن المؤبد 35 مرة إضافة إلى 50 عام وهو متزوج وأب لأربعة أطفال. وأعلى حكم كان لشقيقين وهما الأسير المقدسي رمضان عيد مشاهرة وشقيقه فهمي عيد مشاهرة؛ حُكما بالسجن المؤبد 20 مرة، وقد قامت قوات الإحتلال الإسرائيلي بهدم منزليهما. وسمت الأسيرين المقدسيين الضريرين وهما الدكتور عبد العزيز عمرو والمحكوم بالسجن مدى الحياة والأسير علاء الدين البازيان والمحكوم كذلك بالسجن مدى الحياة.
بالنسبة للاسيرات الفلسطينيات أكدت المنظمة الحقوقية أن 36 أسيرة فلسطينية يرزحن في سجون الاحتلال في ظروف قاسية، منهن 27 أسيره من مناطق الضفة الغربية، و4 أسيرات من القدس، و4 أسيرات من مناطق فلسطينية داخل الخط الأخضر وأسيرة واحده من قطاع غزه. أما الأسيرات الأمهات فهناك خمسة في المعتقلات ولديهن أبناء وأحكامهن تتراوح من 13 سنة إلى 3 مؤبدات وثلاثين سنة، وهن ايرينا بولي سراحنه لديها ابنتين، وابتسام عبد الحافظ لديها 6 أبناء، وقاهرة سعيد السعدي لديها 4 أبناء، وإيمان محمد غزاوي لديها طفلين ولطيفة محمد أبو ذراع ولديها 7 أبناء.
وعن الأسرى الأحداث ذكرت المنظمة أنه يوجد بين المعتقلين الفلسطينيين 250 أسيراً من الأحداث؛ الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، ويتعرض هؤلاء الأطفال لنفس الإنتهاكات التي يتعرض لها الأسرى من كبار السن؛ من تعذيب ومحاكمات جائرة ومعاملة لا إنسانية وانتهاكات لحقوقهم الأساسية.
أما عن أسرى المناطق الفلسطينية داخل الخط الأخضر فقد أشارت المنظمة إلى أن سلطات الإحتلال تفرق في التعامل معهم، وتعتبرهم مواطنين إسرائيليين، وفي ذات الوقت لا تتعامل معهم بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع السجناء اليهود في ظل سياسة التفريق العنصري السائدة. وترفض الحكومة الإسرائيلية إدراج أسمائهم ضمن أي إتفاقات تبادل للأسرى. ويبلغ عددهم 109 أسير وأسيره يتوزعون على عدة سجون، ويعتبر الأسير سامي يونس (78 عاما) عميدهم وقد اعتقل قبل 27 عاماًً.
بشأن الإنتهاكات بحق الأسرى، تبرز قضية تشكيل لجنة وزارية إسرائيلية رسمية ومعلنة في آذار (مارس) الماضي والتي تعتبر أخطر ما شهده العام 2009؛ هدفها هو دراسة أوضاع الأسرى الفلسطينيين وتقييمها، بهدف التضييق عليهم. وبالفعل فإن تلك اللجنة إتخذت العديد من القرارات والإجراءات الظالمة، حيث وصل التضييق عليهم ذروته منذ ذلك الحين، علماً أنه يوجد أكثر من ألف أسير في السجون مصابون بأمراض مزمنة ويتعرضون لسياسة الإهمال الطبي. وكذلك هناك أكثر من 1500 أسير فلسطيني محرومون من رؤية ذويهم منذ فترات طويلة، منهم 775 أسير من قطاع غزه مُنعت زيارتهم منذ فرض الحصار على القطاع عام 2006، وكذلك هو حال الباقين من أبناء الضفة الغربية، يمنعون من رؤية ذويهم دون إبداء الأسباب من قبل سلطات الإحتلال، سوى التذرع بالأمن.
وقد سُجلت إنتهاكات جديدة، فعلى سبيل المثال تم إستخدام المعتقلين كدروع بشرية خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وقامت قوات الإحتلال باحتجاز الأسرى في حُفر أمام مرمى النيران، وكذلك حولت بيوتاً للفلسطينيين للإستخدام كثكنات عسكرية، بينما قامت باحتجاز الأسرة صاحبة البيت في إحدى غرفه الفارغة.
وارتفع عدد حالات إحتجاز وإعتقال الصيادين في عرض البحر بقطاع غزة ومصادرة قواربهم ومعداتهم وابتزاز البعض منهم، كما قامت قوات الإحتلال بإعتقال مرضى والتحقيق معهم؛ أثناء توجههم للعلاج عبر معبر بيت حانون " ايرز"، والضغط عليهم للتعامل مع أجهزة المخابرات التابعة لها. وأكدت المنظمة أن جميع من اعتقلوا تعرضوا لأحد أشكال التعذيب أو الإهانة، وأن ممارسة التعذيب بأشكاله المختلفة شكلت ظاهرة وسياسة ثابتة في التعامل مع المعتقلين.
وعن الاعتقال الإداري قالت "أصدقاء الإنسان" في تقريرها أنه يتم احتجاز الأسير بموجبه لسنوات طويلة من دون توجيه تهمه محدده له، وقد يمتد سنوات طويلة تتجاوز الخمسة أعوام، وهناك أسرى تم تحويلهم إلى الإعتقال الإداري بعد أن أنهوا مدد الأحكام الطويلة التي صدرت بحقهم. ويعتبر الأسير فتحي الحايك رئيس مجلس قروي زيتا جماعين أقدم أسير إداري حيث تجاوزت مدة اعتقاله الأربع سنوات. ونوهت المنظمة أنه تم انخفاض كبير في عدد المعتقلين الإداريين خلال العام حيث بقي 280 معتقل اداري في المعتقلات.
وبالنسبة للأسرى المعزولين أشارت المنظمة إلى اتفاقية جنيف الرابعة، الماده (119) التي نصت بشكل واضح على عدم جواز استمرار عزل الأسير أكثر من ثلاثين يوماً؛ بغض النظر عن المخالفة التي قام بها، وهو ما لم تراعيه سلطات الإحتلال، فعزلت العديد من الأسرى منذ مدد طويلة، ، فالأسرى محمود عيسى وعبدالله البرغوثي وحسن سلامة معزولون منذ عام 2002، والأسيرين معتز حجازي واحمد المغربي معزولين منذ عام 2004 والأسير جمال أبو الهيجا معزول منذ عام 2005.
وفي سابقه كانت الأولى من نوعها، إعتقلت سلطات الإحتلال الإسرائيلي منذ منتصف عام 2006، 51 نائباً من النواب والوزراء الفلسطينيين، وحكمت على غالبيتهم بأحكام قاسية، خرج قسم كبير منهم بعد أن امضوا ما يقرب من أربعة أعوام في الأسر، وبقى إلى الوقت الحالي في تلك السجون 20 نائباً ووزيراً، مأسورين في عدة سجون وفي ظل ظروف غاية في الصعوبة.
كما أرادت سلطات السجون عام 2009 فرض اللون البرتقالي لزي الأسرى بدل الزي البني، وهي بذلك تريد أن تشابه بينهم وبين المحتجزين في سجون أمريكا في غوانتانامو؛ فإذا ما شاهد المرء الأسرى الفلسطينيين في مثل هذه الثياب يتبادر إلى ذهنه الشبه المفترض بين الفئتين، لكن القرار قوبل بالرفض من قبل الأسرى وصبروا على العقوبات، وأدركت إدارات السجون أنها لن تكون قادرة على تمريره فأجلت تطبيق ذلك.
وذكرت "أصدقاء الإنسان" أنه تم خلال العام الماضي تسجيل 15 حالة من الإعتقالات بحق فلسطينيين جلهم من سكان قطاع غزة وفق صفة ما يسمى "مقاتل غير شرعي"، من هؤلاء المعتقلين من تم اعتقاله خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ومنهم من صدرت بحقهم قرارات تعتبرهم "مقاتلين غير شرعيين" بعد انتهاء فترة محكومياتهم في السجون الإسرائيلية، وحسب ذلك تم إبقائهم في المعتقلات. هذا الإجراء الظالم مخالفة كبيرة لمبادئ حقوق الإنسان ومعايير المحاكمة العادلة، حيث لا يتمكن المعتقل الفلسطيني من ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه ولا يتم توجيه تهمة محددة له، ويستمر احتجازه دون نهاية محددة.