السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

كــلام في جـنـون الـريـاضـة !!! * بقلم:مـنـذر قـريـع

نشر بتاريخ: 09/02/2010 ( آخر تحديث: 09/02/2010 الساعة: 20:55 )
غريب أمر الرياضة الفلسطينية والعاملين فيها، فقدت جميع معانيها السامية،وأصبحت أهدافها مغلوطة، أصبح الحليم حيران، والمتصاغر مؤدب، وحبيبها مجنون، وفاعل الخير فيها مشبوه، والعاملين عليها متهمين إلى حين أثبات وإلصاق التهمه بهم.

صديقي عدنان والذي يشاطرني الصفحة الرياضية يوميا- على الرغم من كونه غير رياضي- أثناء تناول كأس من الشاي يعاد تصنيعه أكثر من مرة ولأسباب عديدة يوميا وعلى نفس المكتب، والذي عايش أحداث عامين كاملين معي في الرياضة تعرف خلالها على صغائر الأمور في الرياضة الفلسطينية وهمومها ومشاكلها وما تعانيه الأندية الفلسطينية وتحديدا في المجالات المالية، والجهود التي تبذل من اجل توفير النفقات التشغيلية للأندية، وكيفية أدارة الأندية والمستلزمات اليومية والشهرية وأصبح يفتي ويتوقع، لم يكن مقتنع أن هذا الكم الهائل من العمل المبذول سيكون بدون
مقابل، وعندما كنت أقول له على عضو الإدارة بعد نهاية ولايته أن يحمد الله إذا لم تلصق له تهمه أو يصاب بمرض مزمن أو معدي أو موت مفاجئ....كان يبتسم ابتسامة المجامل غير المقتنع شايحا وجهه إلى الفضاء عبر نافذة المكتب الكبيرة.

وقع المحظور معي، وصدقت نبوءتي، تجهم وجه صديقي عدنان، وفضل الصمت على التعليق، وكره الرياضة والرياضيين والأندية والولاة عليهم، وبعد فترة من صمته الطويل أرسل إلي رسالة لقصة، فيها الكثير من المعاني والعبر دعاني في النهاية إلى القرار، ووجدت نفسي عاجزا، فقلت لعل وعسى أن أجد من يسعفني بالرأي ويعتبر.فتقول القصة....

أن مرض الجنون نزل في نهر يجري في احد البلاد، كلما شرب منه احد أصابه الجنون، وكان المجانين يجتمعون ويتحدثون بلغة لا يفهمها العقلاء، حارب الملك الجنون ولكن دون جدوى.

في احد الأيام استيقظ الملك، وإذا بالملكة قد جنت وأخذت تجتمع مع المجانين تشكو إليهم حال الملك المجنون، نادى الملك على الوزير لائما من جنون الملكة وتقصير الحرس، فكان رد الوزير أن الحرس جنوا، فقال لعل العلاج عند الطبيب، فقال الوزير قد جن هو الأخر، فقال : العراف إذا، فقال الوزير جن يا مولاي.فقال الملك: من بقي لم يجن في هذه البلدة؟ فقال الوزير: أنا وأنت فقط يا مولاي، فقال أأحكم مدينة مجانين؟؟فرد الوزير:يا مولاي: المجانين يدعون أنهم هم العقلاء ولا يوجد في هذه المدينة مجنون سوى أنا وأنت لأننا لم نشرب من النهر، وأنهم شربوا لكي يتجنبوا
الجنون! هم الآن الأغلبية وهم يملكون الحق والعدل والفضيلة وهم الذين يضعون الحد الفاصل بين العقل والجنون وما نحن الآن إلا حبتا رمل يا مولاي.

صعق الملك، ونادى بالوزير أغدق علي بكأس من نهر الجنون، إن الجنون أن تظل عاقلا في دنيا المجانيين !!

بالتأكيد الخيار صعب .. عندما تنفرد بقناعة تختلف عن كل قناعات الآخرين .. عندما يكون سقف طموحك مرتفع جدا عن الواقع المحيط .. هل ستسلم للآخرين وتخضع للواقع .. وتشرب الكأس؟ هل قال لك احدهم : معقول فلان وفلان على خطأ وأنت وحدك على صواب؟ إذا وجه إليك هذا الكلام فاعلم انه عرض عليك لتشرب من الكأس؟

عندما تدخل مجال العمل بكل طموح وطاقة وانجاز وتجد زميلك الذي يأتي متأخرا وانجازه متواضعا، يتقدم ويترقى وأنت في محلك، هل يتوقف طموحك؟ وتقلل من انجازك؟ .. وتشرب الكأس؟

أحيانا يجري الله الحق على لسان شخص غير متوقع .. وأحيانا لا يكتشف الناس الحق إلا بعد مرور سنوات طويلة.غاليلوا الذي اثبت أن الأرض كروية لم يصدقه احد، وسجن حتى مات في سجنه، وبعد 350 سنه من موته، اكتشف العالم أن الأرض كروية وان غاليليوا العاقل الوحيد في ذاك الزمان.

أنا شخصيا عرض علي الكأس مرات عديدة، اشربه حينا وارفضه أحيانا كثيرة، الأمر كله يعتمد على، إيماني بالقضية وثقتي في نفسي والآخرين من حولي، وهذا نابع من خبرتي.

أما أنت، إذا عرض عليك الكأس، هل تفضل أن تكون مجنونا مع الناس؟؟أو تكون عاقلا وحدك ؟؟ فهل ستشرب الكأس ؟؟
[email protected]