"الحق" تعرب عن قلقها من استمرار بعض الانتهاكات في الضفة الغربية
نشر بتاريخ: 10/02/2010 ( آخر تحديث: 10/02/2010 الساعة: 23:09 )
رام الله-معا- أعربت مؤسسة "الحق" عن قلقها من استمرار أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية بارتكاب العديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان، داعية الحكومة الفلسطينية إلى التدخل لوقفها.
جاء ذلك خلال مذكرة أرسلتها "الحق" إلى رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، قدمت فيها شرحا وافيا لما تراه "جملة من التحديات التي تشكل خطرا حقيقيا على الحقوق والحريات بل قد يؤدي بقائها واستمرار وجودها، إلى انتقال المجتمع الفلسطيني ومؤسساته المدنية إلى مسار السلطة البوليسية" حسب تعبيرها.
وتناولت المذكرة المكونة من ثماني صفحات، مسألة الاعتقال التعسفي على خلفية الانتماء السياسي، موضحة أن أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية، لا تزال تمارس إجراءات الاحتجاز بحق المدنيين الفلسطينيين المتهمين بالانتماء لحركة حماس، بناء على مذكرات اعتقال وتوقيف صادرة عن هيئة القضاء العسكري، استنادا لقانون العقوبات الثوري لعام 1979، على الرغم من عدم مشروعية هذا الإجراء لمخالفته الصريحة لأحكام المواد ( 11و 12 ) من القانون الأساسي الفلسطيني، وقانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (3) لسنة 2001م، بل وقرارات أعلى مرجعية قضائية فلسطينية المتمثلة بالمحكمة العليا الفلسطينية والتي أكد مضمونها على عدم جواز توقيف القضاء العسكري للمدنيين الفلسطينيين.
وأضافت أن هذا الإجراء يتعارض كذلك مع القانون الأساسي الفلسطيني الذي قد أكد صراحة بمقتضى المادة (112) على حصر جهة الاعتقال والتوقيف للمدنيين، حتى في حال الطوارىء، بالنائب العام أو المحكمة المختصة، ولهذا يجب على الأجهزة الأمنية المالكة لصلاحية الضبط القضائي أن تحترم هذا الإجراء وتعمل به حال توقيفها واحتجازها لأي مدني.
وتطرقت إلى مسألة عدم إبراز أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية لأي مذكرات قانونية حال الاعتقال والتفتيش، وإنما الاكتفاء بالتعريف الشفوي على أنفسهم ومهامهم، مبينة أن ذلك يشكل خرقا للإجراءات الواجب مراعاتها في هذه الأحوال، إذ ألزمت نصوص كل من المواد (29 و30و39 و40 و41، 48 و50) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (3) لسنة 2001، المكلفين بإنفاذ القانون بضرورة إبراز مذكرات الاعتقال والتفتيش، إضافة إلى إلزام المادة (41) لهم بإنفاذ بضرورة تنفيذ أعمال تفتيش المنازل نهاراً وعدم دخولها ليلاً، إلا إذا كانت الجريمة متلبساً بها، أو كانت ظروف الاستعجال تستوجب ذلك.
وركزت المذكرة أيضا على مسألة تحايل الأجهزة الأمنية على قرارات الإفراج الصادرة عن المحكمة العليا الفلسطينية، موضحة انه رغم صدور قرار واضح وقطعي من رئيس الوزراء بوجوب احترام وتنفيذ الجهات الرسمية والأمنية لقرارات المحاكم، إلا أن الأجهزة الأمنية تتعامل مع الأمر بنوع من التضليل، بحيث تلتزم من حيث المبدأ بتطبيق قرار المحكمة العليا بالإفراج، ثم لا تلبث أن تقوم بتوقيف واحتجاز الشخص على ذمة قضية أخرى، بل بلغ الأمر احتجاز المفرج عنه داخل مقر الجهاز نفسه فور الانتهاء من إجراءات الإفراج عنه بحجة التوقيف على ذمة قضية أخرى، وفي حالات أخرى يتم تبادل الأدوار بين الأجهزة إذ يلتزم الجهاز المخاطب بقرار المحكمة بأمر الإفراج، ويتم على الفور وخلال ساعات وربما يوم أو يومين اعتقال ذات الشخص من قبل جهاز آخر، ما يعني عمليا تجريد أمر الإفراج من قيمته فضلا عن إرهاق ذوي الموقوف جراء اضطرارهم للعودة مجددا للمحكمة العليا لغاية إصدار أمر جديد.
وتابعت المذكرة أن عملية التحايل لا تقتصر على قرارات المحكمة العليا فحسب، وإنما المحاكم العادية أيضا، بحيث يتم في بعض الحالات تنفيذ قرار الإفراج عن موقوف ما ومن ثم دعوة ثانية للمقابلة، وإعادة احتجازه وتوقيفه.
وقالت:" يدلل (هذا) على مدى استخفاف أفراد الأجهزة الأمنية بسيادة القضاء وقدسية أحكامه التي يتضح عدم نيلها حتى هذا الوقت لأي وزن أو اعتبار، كما يحمل في طياته دليلا واضحا على تأصل وشيوع ثقافة "التحايل والالتفاف" على سيادة القانون و القضاء إذا ما تعارضت مع رغبات وتوجهات هذه الأجهزة، وفضلا عن ذلك يعتبر مثل هذا العمل جريمة استنادا لمضمون المادة (106) من القانون الأساسي الفلسطيني التي جاء بنصها (الأحكام القضائية واجبة التنفيذ والامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها على أي نحو جريمة يعاقب عليها بالحبس، والعزل من الوظيفة إذا كان المتهم موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة، وللمحكوم له الحق في رفع الدعوى مباشرة إلى المحكمة المختصة، وتضمن السلطة الوطنية تعويضاً كاملاً له)".
واستنكرت المذكرة استمرار القضاء العسكري بإصدار مذكرات اعتقال وتوقيف بحق المدنيين الفلسطينيين، استنادا لقانون العقوبات الثوري لعام 1979، وذلك رغم صدور عشرات القرارات عن المحكمة العليا الفلسطينية بعدم جواز وشرعية ممارسة القضاء العسكري لولايته على المدنيين الذين يخضعون لولاية واختصاص القضاء النظامي.
وبينت أن إخضاع المدنيين الفلسطينيين لولاية القضاء والنيابة العسكرية الفلسطينية، يمثل انتهاكا صارخا لأحكام القانون الأساسي وتحديدا نص المادة (101) فقرة 2 التي أكدت على عدم اختصاص المحاكم العسكرية خارج نطاق الشأن العسكري، إضافة إلى المادتين (6) و(30) من القانون الأساسي اللتين تنصان على مبدأ سيادة القانون وحق الالتجاء إلى القاضي المختص.
كما نبهت المذكرة رئيس الوزراء إلى استمرار وزارة الداخلية بانتهاك أحكام قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية، إذ رغم نص القانون على حظر تدخل الجهات الرسمية في سير اجتماعات هذه المؤسسات أو انتخاباتها أو مجالس إدارتها أو عدد أعضائها، إلا إن الداخلية ما تزال تصر حضور اجتماعات هيئاتها العامة وإقرار انتخاباتها، فضلا عن تدخلها أحيانا في تعيين أعضاء مجالس إداراتها وفرضها أو استبعادها لبعض مرشحيها.
ورحبت المذكرة بتراجع ظاهره التعذيب وإساءة معاملة المحتجزين داخل سجون السلطة في الضفة الغربية، بحيث باتت هذه الممارسة اقرب إلى السلوك الفردي والاستثنائي إن وجدت، ولكنها في ذات الوقت، أكدت أن عدم التطرق لهذه الجريمة سوى في نص بالمادة 208 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 المطبق بالأراضي الفلسطينية، وإدراجها ضمن بند الجنح وليس الجنايات، يؤدي إلى تعزيز شعور البعض بغياب المساءلة وإمكانية الملاحقة ويساعد في شيوع هذه الممارسة، مشددة على ضرورة وجود قانون لحظر وتجريم ممارسة التعذيب.
وتناولت المذكرة سياسة التوظيف المتبعة على صعيد مؤسسات السلطة، موضحة انها لا تزال قائمة على سياسة المسح الأمني، بحيث تمتنع الجهات الإدارية عن توظيف أي شخص لا توصي الأجهزة الأمنية الفلسطينية بتوظيفه أو التعاقد معه بذريعة "انتمائه السياسي لحركة حماس" أو غيرها من التيارات الفكرية القريبة من الحركة، إضافة إلى فصل المئات من الموظفين استنادا لذات البعد، ما بات عمليا يكرس سياسة ونهج تمييزي رسمي قائم على التمييز في الانتماء حال التعامل مع حق المواطن في تقلد الوظائف العامة.