تقرير:أعمال تنكيل ارتكبها الجنود خلال اجتياح مخيم شعفاط بالقدس
نشر بتاريخ: 14/02/2010 ( آخر تحديث: 14/02/2010 الساعة: 23:07 )
القدس -معا- اتهم تقرير أصدرته وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية الشرطة الإسرائيلية بارتكاب أعمال تنكيل بحق المواطنين في مخيم شعفاط ، خلال حملة المداهمة العنيفة للمخيم الأسبوع الماضي.
وأكدت إفادات جمعها باحثو المركز الميدانيون من بعض الضحايا تعرضهم للعنف الشديد والضرب المبرح خلال مداهمة منازلهم ، ومطاردة الأطفال والفتية الذين كانوا يحتجون على أعمال الدهم العنيفة لمنازلهم والاعتداء على من فيها بالضرب.
كسر الأنوف
ففي الثامن من شباط الجاري وخلال مداهمة منزل في ساعات الفجر الأولى أصيب المواطن عبد الله خليل مصطفى الحواس، وهو متزوج/ عامل، وأب لثلاثة أطفال أصيب بكسر بالأنف نتيجة الاعتداء عليه من قبل الجنود، كما يقول. ويضيف:
" في فجر يوم الاثنين الموافق 8/2/2010، وعند حوالي الساعة 2:00 فجرا ، كنت نائما في منزلي بمخيم شعفاط ، فسمعت صوت صراخ :"ذبحونا ... ذبحونا..." وكان الصوت قادم من بيت اختي باسمة ابو التين الواقع مقابل بيتنا على بعد 10 أمتار ، وعندها توجهت الى خارج المنزل، ورأيت الناس تجمهرت أمام منزل دار اختي ، ووقفت امام باب منزل اختي من الخارج حيث كان يقف جنديان يرتديان زى حرس الحدود وكانا مقنعين، ومسلحين ببنادق ، وفجأة دفعني الناس الى الداخل نتيجة عملية التدافع على باب المنزل ، وكنت انا واشقائي الثلاثة : جمال في الاربعينات من العمر وكريم 36 عاما، وأكرم 34 عاما، وكان في ساحة المنزل الداخلية حوالي عشرة جنود ، وهنا صرخ علينا الجنود اخرجوا من المنزل . ولكن لا يمكن ذلك حيث يقف خلفنا حشد كبير من الناس، وهنا رأيت يدي ابن اختي محمد حسن ابو التين 18 عاما ، مقيدتين من الأمام ، وكان يصرخ " داعسين على رجلي ياخالي ..." علما بأنه لم تكن هناك إنارة كافية حيث كنت أقف في ساحة المنزل الخارجية ولذلك لم أر وجه ابن اختي بل رأيت يديه فقط مكلبشتين وقد ميزته من صوته. وفجأة وخلال ثواني شعرت بضربة على أنفي ولا اعرف الشخص الذي ضربني ولا الأداة التي تم ضربي بها ، وعندها شعرت بدوخة ووقعت ارضا وسمعت صوتا باللغة العبرية يقول "خذوه...خذوه" وهنا بدأت بالزحف الى خارج المنزل ، وحاولت الوقوف، ولكنني وقعت أرضا وأغمي علي . وبعد ذلك صحوت ورأيت ابن خالتي ابراهيم ابو التين ويعمل ممرضا في اسرائيل يمسك ذقني ويحاول رفع رأسي وكان الجنود يضيئون له المكان خارج ساحة المنزل ، واعتقد ان ذلك كان يتم يواسطة مصباح موجود على بنادق الجنود ، وكانت حالتي الصحية صعبة حيث كان الدم ينزف من انفي ولا اعرف كم من الوقت بقي ابن خالتي الممرض يحاول مساعدتي بالضغط على منطقة الذقن ، ولكني بدأت اشعر بأني اصحو من حالة الغيبوبة او الدوخة التي كنت امر بها بعد الضربة ، في حين أن ابن خالي محمود عبد الفتاح عبد الرحمن اصيب ايضا في عينه ، نتيجة الاعتداء عليه اثناء عملية اقتحام منزل اختي باسمة من قبل قوات الامن الاسرائيلية ، حيث كان سبب الاقتحام هو الاستفسار عن بعض الاسماء والمنازل في المخيم ، وقد قاما الجنود حينها باستجواب ابناء اختي نصر 19 عام ومحمد 18 عام ، حول تلك الاسماء . وقد تعرضا للضرب من قبل الجنود وهذا كان سبب حالة الصراخ التي انطلقت من منزل اختي .
وبسبب عدم السماح بدخول " نجمة دواد الحمراء " الى داخل المخيم كما كان يقول الناس حينها ، فقد ذهبت برفقة الجنود انا وابن خالي المصاب بعينه واخي جمال كمرافق لنا في سيارة الاسعاف التي كنا نتوقع انها تنتظرنا عند حاجز مخيم شعفاط ، وتم نقل المصابين بواسطة سيارات الجيب العسكرية التابعة لحرس الحدود كلً على حدة : انا وابن خالي محمود ، بينما استقلت زوجة ابن خالتي ابراهيم الممرض-سيارة ابن الجيران نور خضر ، و التي كانت قد اصيبت بانتفاخ بزواية الجبين نتيجة تلقيها ضربة على رأسها اثناء عملية اقتحام منزل اختي وهي بالمناسبة سلفة اختي . وكانت ترافق زوجة ابن خالتي امه يسرى اي خالتي ، بينما لحقنا المرافقون غير المصابين بواسطة سيارات مدنية خاصة من المخيم ، ومكثنا حوالي النصف ساعة على الحاجز العسكري في البرد ، لان الجنود قالوا لنا انه قد تأخرنا بالوصول الى الحاجز العسكري ولذلك فقد ذهبت سيارة الاسعاف التي كانت تنتظرنا ، وانه سيتم استدعاء سيارة اسعاف اخرى .ولكن بعد عملية الانتظار تلك قررنا العودة الى منازلنا فعدت انا وزوجة ابن خالتي المصابة وزوجها وخالتي بواسطة سيارة ابن الجيران نور خضر ، والذي كان قد تعرض لمخالفة سير من قبل شرطية اسرائيلية بحجة انه لا يضع حزام الامام ، وهذا حصل عندما كان قد نقل بسيارته خالتي يسرى وابنها ابراهيم وزوجته المصابة ، حيث قام بوضع السيارة بالقرب من الحاجز، وحين هم بالنزول من سيارته ، جاءت الشرطية واعطته مخالفة سير ، حيث ادعت انه لا يضع حزام الامان .
إطلاق النار على المارة
ويروي شاب آخر من المخيم يدعى محمد مصطفى خليل حباس كيف أطلق الجنود النار الحي عليه ما أسفر عن إصابته ، فيقول:
"في يوم الثلاثاء الموافق 9-2-2010 ، وبينما كنت عائدا من عملي في معاليه ادوميم، وعند الساعة 3:30 مساء وصلت للحاجز العسكري على مدخل المخيم ، حيث نزلت من سيارة رب العمل التي كانت تقلني قبل الحاجز ، وتوجهت مشيا على الاقدام الى منزلي ، وكانت تدور في هذه الاثناء مواجهات أطلق الجنود خلالها قنابل صوت بأتجاه شبان كانوا يقومون برشق الحجارة على الجنود الذين كانوا يرتدون زيا عسكريا اخضر اللون، فيما كان الجنود يقفون على مسافة 5 أمتار من الحاجز بأتحاه مخيم شعفاط – وكنت على مسافة 3 أمتار من الجنود . ونتيجة كثافة عملية رشق الحجارة واطلاق قنابل الصوت ، وقفت الى الجهة اليسرى من جانب الطريق حتى اتفادى اصابتي بالحجارة التي كانت تلقى باتجاه الجنود ، وفي الجهى اليمنى من الشارع كان هناك عدد كبير من الناس يسيرون بانجاه المخيم من النساء والأطفال والرجال ، سرت مرة أخرى لمسافة سبعة أمتار ،وكنت ما زلت على الجهة اليسرى من الطريق ، وحينها خرج من بين الناس حوالي ستة أشخاص مقنعين وبعضهم يضع لفحات لونها ابيض على رقابهم –مستعربين - ، وكان يقف في منتصف الطريق مستعرب اخر ، فصرخ على احد المستعربين :"امسكه ...امسكه" وكان ذلك المستعرب يبعد عني مسافة مترين ، في حين فوجئت بوجود مستعرب آخر يقف أمامي مباشرة على مسافة قريبة جدا حوالي المتر ، وكان يرتدي بنطلون جينز ازرق وجاكيت لونه بتنجاني ، ويضع حطة لونها احمر ، وكانت الحطة تغطي منطقة اسفل الانف من وجهه ، وقد تمكنت من رؤية رأسه من الخلف وطرف وجهه عندما استدار ليمسكني ، ولكني لم اسمح له بمسكي ،حيث ابتعدت عنه وهربت من امامه، وركضت باتجاه المدخل الرئيس للمخيم ، ولكن ذلك المستعرب الذي كان يحمل مسدس بيده اليمنى ، قام بأطلاق النار بأتجاهي فاصبت برصاصتين ، حيث دخلت رصاصة منطقة الكاحل بالقدم اليسرى وخرجت منه ، ورصاصة دخلت وخرجت من منطقة بطة الرجل اليمنى . ولكن رغم اصابتي استطعت الركض حتى مدخل اول المخيم لمسافة لااستطيع تقديرها رغم اصابتي وذلك خوفا من اعتقالي ، وقام الشباب بنقلي بواسطة سيارة مدنية الى مركز د. حازم الزغير الطبي في المخيم ، حيث تم تقديم الاسعافات اللا زمة لي ، واستدعاء سيارة اسعاف من الهلال الاحمر الفلسطيني ، ليقوم بنقلي الى المستشفى . ولكن الجنود اعاقوا مرور سيارة الاسعاف التي كانت تقلني لمدة عشرين دقيقة ، وكان معي عمي عبدالله وامي ، وقد سأل جنود الحاجز العسكري للمخيم امي وعمي عن الشخص الذي أطلق النار على قدمي، وقاموا بتصويري داخل سيارة الاسعاف ، وانا شخصيا لم اكن حينها بكامل الوعي ، ولكن عمي وامي شرحا لي ما حدث على الحاجز العسكري وانا بسيارة الاسعاف .
والجدير ذكرها انه بعد عملية فحصي في مستشفى هداسا العيساوية في قسم الطوارىء ، جاء محقق اسرائيلي بزي مدني وبرفقة شرطي ، وسألني عن تفاصيل ما حدث معي ، وان كان لي اعداء ، أو أن احد أعدائي قد أطلق النار علي؟!
ضرب دون رحمة
في حين يستدل من إفادة أدلى بها المواطن محمود عبد الفتاح خضر عبد الرحمن الذي أصيب يوم
8-2-2010 تعرضه للضرب دون رحمة من قبل الجنود الإسرائيليين.
يقول:" في يوم الاثنين الموافق 8-2-2010 ، وعند حوالي الساعة الثانية فجرا، وبينما كنت نائما ، سمعت صوت صراخ لنساء وشباب في الشارع الذي يقع خلف بيتي ، فنهضت من سريري ، ووقفت على الفرندة ورايت اخي محمد يركض ويقول " هجموا على منزل عمتي باسمة ابو التين ، ولكنه لم يفصح عن هوية المهاجمين . وكنت ارتدي ملابس النوم وهو عبارة عن "تريننغ" ، فلبست حذائي ، وركضت باتجاه بيت عمتي الواقع خلف شارع منزلنا ، وهو على بعد دقيقتبن من منزلنا ، وكان هناك ثلاث جنود مقنعين واعتقد انهم من القوات الخاصة حيث كانوا يرتدون زيا عسكريا أسودا مسلحين ببنادق ، وكان الناس قد تجمهروا امام منزل عمتي . وهنا قام الناس بدفع ثلاثة مقنعين كانوا يقفون داخل ساحة المنزل ، فدخلنا انا وشباب الحارة ، ونتيجة عملية التدافع وقفت على على الجهة اليمنى من حائط ساحة مدخل المنزل المكون من درج يؤدي الى بيت عمتي بالطابق الارضي ، ودرج اخر يؤدي الى الطوابق العلوية من المنزل حيث يقيم اشقاء زوج عمتي . رايت رغم الانارة الضعيفة احد أفراد القوات الخاصة يمسك برأس شقيقة عمتي وتدعى ام طارق، وكان يحاول سحبها الى الاسفل عن الدرج المؤدي الى بيت عمتي، وكانت تقف أمامي مباشر ة . وعلى الفور قمت بمسك يد هذا الجندي وابعدتها عن مؤخرة رأس ام طارق ، فيما كان يقف خلفي ايضا احد افراد القوات الخاصة، وهو برتبة ضابط ، فقام هذا الفرد من القوات الخاصة بضربي على طرف العين اليسرى ، اي بزواية العين ولمرة واحدة فقط –وقال لي ابن خالي جمال خليل مصطفى حواس الذي تواجد في المكان ان ذلك الضابط قد ضربني بواسطة مخشير كان يحمله بيده - فوقعت ارضا حيثما كنت اقف ، وقام جاري ابو طالب بسحبي الى اسفل الدرج وابعد الناس عني وكنت حينها اشعر بدوخة والم بزاوية العين ، وبعد خمس دقائق تقريبا صحوت من حالة الدوخة التي كنت امر بها وعدت الى حيث كنت اقف قبل تلقي الضربة ، بينما غادرت القوات الخاصة في هذه الاثناء المنزل ، فلحقت بهم ومشيت خلفهم لمسافة قصيرة ، وهنا قال لي احد الضباط : انه يتوجب على المصابين الصعود إلى الجيبات العسكرية وهي من النوع الذي يستخدمه حرس الحدود، ولكن لم يكن هناك جنود من حرس الحدود، وكان هناك مصابين اثنين هما عبدالله حواس، وكذلك زوجة الممرض ابراهيم ابو التين وكانت قد اصيبت داخل المنزل الذي اصبت فيه ولا اعرف من ضربها . وذهبنا جميعنا إلى منطقة الحاجز العسكري لمخيم شعفاط وكان برفقتي اين عمي جمال حواس كمرافق لي على اعتبار انه سيتم نقلنا بسيارات الاسعاف ، وبقيت لمدة ساعتين تقريبا انتظر سيارة الاسعاف ولكن لم تأت سيارة الاسعاف . وقال لنا الجنود انه قد تأخرنا بالوصول الى الحاجز العسكري ، ولذلك فقد غادرت تلك السيارة! ولذلك عاد كل منا الى منزله ، بعد استرداد بطاقات الهوية من الجنود وكانت الساعة حوالي الساعة الرابعة فجرا ، وكان الطقس بارداً فقضينا الوقت واقفين على الحاجز العكسري لانه لا يوجد مكان نجلس فيه . وفي منزلي حاولت ان انام ، ولكني لم اتمكن من ذلك، من شدة الالم والوجع الذي كان يصدر عن منطقة العين حيث ضربت .