الخميس: 26/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

اتجاهات استخدام الآيات القرآنية في البيانات السياسية!

نشر بتاريخ: 13/05/2006 ( آخر تحديث: 13/05/2006 الساعة: 17:07 )
كتب ناصر اللحام - دخل علي احد طلبة الجامعة في فترة الانتخابات الاخيرة بجامعة القدس المفتوحة وطلب مني ان استذكر له آية من القرآن الكريم بشرط ان تكون مناسبة للرد على كتلة اخرى منافسة وتوجعها بشدة، فضحكت، مما زاد من ارتباكه ، فسارع ليقول ، ما رأيك بهذه الآية ؟ "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون " ... صدق الله العظيم.

فقلت له: اياك يا رجل، انت تسعى لتكفير الكتلة الاخرى، ولكنه لم يصغ اليَّ وفعل ذلك ّ!! هذه الحادثة، دفعتني للعودة الى ارشيف البيانات التي صدرت عن القوى والفصائل والكتل والجماعات الفلسطينية بين شهر آذار 2005 وآذار 2006 ، ومراجعة الآيات القرآنية الكريمة التي استخدمتها بيانات الفصائل الفلسطينية فتح وحماس وحزب التحرير وكتائب قطاع غزة والضفة الغربية.

وبحسب معرفتي فإن الآيات القرآنية ترقى الى مستوى الدواء للامراض النفسية عند المواطنين وانها تستخدم في الاستشفاء اعتماداً على الرسول الكريم " شفاء امتي في ثلاث آية من قرآن وكيّة من نار ورشفة من عسل " ولم اسمع ابداً ان الآيات القرآنية تستخدم في مقام السَّم الذي يدس هنا او هناك للايقاع بطرف آخر.

ومن خلال الارشيف المتوفّر لدينا ، يتضح ان الجهات السياسية المذكورة تستخدم وبشكل غير مسؤول الآيات القرآنية للنيل من طرف آخر ، وللتجريح بموقفه عن طريق التشويه والحط من مكانتة الى مكانة الكفار او اصحاب النار ، كما استخدمت هذه الجهات الآيات القرآنية للدفاع عن نفسها ورفع مقامها الى مصاف الانبياء والصدّيقين والمبشّرين بالجنة ، واتضح ان اكثر آية قرآنية تستخدمها الجهات السياسية الفلسطينية هي " وسيعلم الذين ظلموا اي منقلبٍ ينقلبون".

ومن الايات الاخرى التي تستخدم ساسيا:

"يا أيها الذين آمنوا اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلت نادمين".

"ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " .

"وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون " .

"يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة وسوء الدار" .

"ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء " .

"او كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم بل اكثرهم لا يؤمنون " . صدق الله العظيم

وبعد تشكيل حركة حماس للحكومة ، ازداد استخدام حركة فتح المعارضة للآيات القرآنية في بياناتها في اطار المنافسة السياسية، وكما تحاول حماس سحب بساط السياسة من تحت رجلي فتح وتحاول فتح سحب بساط التدين من تحت رجلي حماس ، وحين توجهت بالسؤال لاحد قادة فتح حول كثافة استخدام الايات القرآنية ضد حماس قال بأن لديه اثباتات ان ممثلي حماس قالوا للنسوة والعجائز ان من ينتخب فتح سيذهب الى جهنم ، وانهم الان يردون الصاع صاعين لحماس .

من جانبه النائب الفتحاوي محمد اللحام اعتبر استخدام الايات القرآنية في البيانات السياسية التي يتراشقها هذا الطرف مع ذاك، ظاهرة خطيرة ويجب ان يتداركها السياسيون والعلماء فوراً حتى لا تستفحل في الثقافة السياسية والاجتماعية، وبشكل يؤدي الى تحويل الاختلاف السياسي الى فسخ ثقافي وايديولوجي يستنفذ قدرة الفلسطينيين على الصمود والمقاومة وتعزيز ثقافة الاقصاء وتخوين او تكفير كل طرف للآخر .

اما النائب عيسى قراقع ، رئيس نادي الاسير سابقاً فاشتكى من ظاهرة استخدام منابرالمساجد وصفحات الانترنت في تمرير وجهات نظر سياسية من طرف ضد طرف آخر وبصورة لا تستند الى اساس ديني .

وبالفعل توجهنا بالسؤال الى المفكر الاسلامي الفلسطيني د. عبد الرحمن عباد رئيس تحرير مجلة الاسراء الاسلامية والذي قال : " ان الثقافة الاسلامية تحترم التعددية السياسية واسست لها من خلال آيات كثيرة في القرآن الكريم، فالله سبحانه وتعالى خلق الناس مختلفين " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين " صدق الله العظيم ..

ويضيف : " معنى ذلك ان مشيئة الله ان يخلق الناس مختلفين فلو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ، ومحاولة فرض وجهة نظر واحدة على الناس هي خارج المشيئة ومعنى هذا الامر ان البعض يعاكسون مشيئة الخالق ولا يجوز لمسلم ان يتجاوز هذه المشيئة .

ومما سبق يتضح ان محاولة القوى السياسية الفلسطينية " اللعب " بمعاني القرآن الكريم لخدمة مصالح حزبية داخلية بحتة يستدعي مراجعة الامر من جديد على طاولة اصحاب القرار الديني والسياسي .