رحلة بين منازل المستوطنين والمواطنين في سلون بالقدس المحتلة
نشر بتاريخ: 16/02/2010 ( آخر تحديث: 16/02/2010 الساعة: 23:25 )
بيت لحم- معا - في زقاق ضيق وسط حي سلون في القدس المحتلة يقف مبنى سكني من ثلاثة طوابق تقيم في الطابق الثالث داخل شقة صغيرة مكونة من غرفة ومطبخ السيدة الفلسطينية نجاح رجبي وزوجها عواد وابنتهما فيما يقيم في الطابق الاول من المبنى داخل شقة مكونة من غرفتين ابنهما البكر " عايد " وزوجته واطفاله الاربع .
حتى الان يبدو الوضع طبيعيا وعاديا حتى نصل الى الطابق الثاني من المبنى شبابيك محمية جيدا ومكسوة بستائر زرقاء سميكة تخفي خلفها عائلة يهودية استوطنت المبنى وتدعى عائلة "تنعامي" مكونة من رجل يبلغ من العمر 35 عاما وهو خريج وحدة " اغوز " العسكرية الخاصه وزوجته الحامل وطفلين دون ان يعرف احد طبيعة عملهم الحالي وما يفعلونه وسط الحي الفلسطيني وداخل مبنى جل سكانه من الفلسطينيين الذي اطلقوا على الرجل اليهودي لقب " اليمني " وذلك استنادا لشكله الخارجي .
نال المبنى الذي استوطنته عائلة " تنعامي " قبل خمس سنوات اسم " بيت العسل " ويبعد 200 متر فقط من بيت اخر سيطر عليها المستوطنون واطلقوا عليه اسم " بيت ينوتان " والذي اثار قبل اسابيع عاصفة كبيرة اعلامية وسياسية لكن وسائل الاعلام وكذلك منظمات حقوق الانسان اغلقت في خضم العاصفة الحديث عن " بيت العسل " الذي لم يظهر حتى في تقارير المنظمات الحقوقية فيما ينتصب علم صغير على خارطة تعود للمنظمة الاستيطانية المعروفة باسم عطيرت كوهنين التي تتعاون مع منظمة العاد لتهويد " مدينة داود " التي تحمل الاسم الفلسطيني سلوان لابراز وتحديد مكان بيت العسل وفقا لما كتبه روني شاكيد في صحيفة "يديعوت احرونوت" الصادرة اليوم " الثلاثاء" .
"نحن تقريبا لا نشاهدهم فقط نسمع اصواتهم في بعض الاحيان نسمع صوت قافلة المرافقة الامنية وفي احيان اخرى نسمع صوت اعمال لثقب الجدران واليهودية لا تخرج الى الشرفة لتعليق الغسيل ولا تقول حتى كلمة مرحبا نحن نشاهد حراسهم الذين يتشاجرون احيانا مع اطفالنا واكثر ما نشاهده الجيب الاسود الذي يصل صباحا لنقلهم ليعود بهم مساء " تحدثت السيدة الفلسطينية نجاح الرجبي واصفه طبيعة الحال مع الجار المفروض بقوة الامن والسلاح .
تسكن العائلة المستوطنة في شارع لا اسم له وفي مبنى لا رقم له يطلق عليه الفلسطينيون اسم بيت العسلي نسبة لاسم العائلة الفلسطينية المالكة للمبنى وفضل اليهود اعتماد الترجمة العبرية لكلمة عسلي " بيت العسل " لتغيير الاسم لما لهذه التسمية من رمزية يهودية تشير بوضوح الى الامل في حياة هانئة داخل القرية او الحي الفلسطيني رغم ان مظهر البيت الخارجي لا يذكر ابدا بالسائل الاصفر حلو المذاق حيث غطت جدرانه الشعارات والاوساخ اضافة الى الابواب الفولاذية القوية بما يذكر بالخراب والهجران اكثر مما يذكر الناظر بالعسل .
واضاف الكاتب روني شاكيد " رحلتنا الي بيت العسل بدات من الحديقة الوطنية التابعه لمدينة داوود حيث وقف على المدخل جيب حراسة اسود امريكي الصنع وحديث الطراز حصنت نوافذه الامامية والخلفية بالشبك المعدني على غرار سيارات المستوطنين في الخليل جلس في داخله خمسة حراس يرتدون " تي شيرت " ويتضاحكون حيث بادرنا احدهم بالقول " الفلسطينيون يقذفوننا بالحجارة وقد اعطبوا لنا حتى الان ثلاث سيارات جيب ، وعلى الجانب الاخر من الطريق يوجد موقع مغلق وقد رفعت عليه يافطة كبيرة تشير الى وجود موقع اثري وبجانبة يقف مبنى من الحجر المقدسي مكون من ثلاث طوابق رفع على سطحة باهمال وفوق سارية معوجة علم اسرائيل وصلنا سيرا باتجاه " عين شيلوح " فكانت فلسطينية ترتدي الحجاب بصحبة ابنتيها "4-5 " سنوات يرتدين الفساتين الحمراء يصعدن الطريق ما ادى الى اغلاقها وعلى بعد عدة مترات في المنحدر كانت مجموعة من المستوطنين ارتدى بعضهم الملابس العسكرية يدفعون عربة من الحديد ثقيلة الوزن ومن منطقة عين شيلوح ظهرت امامنا القرية الفلسطينية المكتظة بالمنازل التي تسبق سفح الجبل ويدعي المستوطنون ان جميع منازل القرية التي شاهدناها شيدت دون ترخيص لذلك سمحوا لانفسهم بالبناء دون ترخيص ردا على البناء العربي ".
وواصل شاكيد رواية تفاصيل رحلته في بلاد المستوطنين قائلا " لم يكن من الصعب وسط المنازل المكتظه تمييز " بيت ينوتان " الذي يحمل اسم " ينوتان بولارد " حيث تدلى علم اسرائيلي كبير من اعلى البيت الى الطابق الثاني منه وواصلنا طريقنا عبر الزقاق الضيق نحو المدرسة الفلسطينية وتوقفنا بالقرب من بقاله حيث بادرنا صاحبها بالقول " احمد الله بانني لا اسكن بالقرب من المستوطنين " ومن هناك توجهنا شرقا باتجاه الزقاق الذي يقود الى بيت ينوتان وبيت العسل حيث يسكن " اليمني " وفقا للتسمية الفلسطينية ودارت عجلات السيارة حول نفسها وبصعوبة شقت طريقها داخل الزقاق وقطعنا مسافة 400متر تقريبا لنجد امامنا منظرا اسوأ مما في قطاع غزة او مخيم جنين حيث تدلت الاسلاك الكهربائية وكوابل الهاتف القريبة من السقوط فيما يقافز الفتية الفلسطينيون حفاة داخل الزقاق وارتدت جميع النسوة فيه غطاء الرأس والنقاب واطلقن نحونا نظرات الشك والريبة وحين يمر جيب الحراسة الكبير وسط الزقاق يضطر المشاة والسابلة الفلسطينيون الى الالتصاق بقوة بالجدار خشية ان يدوسهم ".
"انهم يسيرون بسرعه مثل الطائرة دون ان يهتموا باي احد انهم يعتقدون بانهم يسيرون في اتوستراد تل ابيب " قال اكرم الجعبري احد سكان الحي مضيفا " لقد اصابوا سياراتنا عدة مرات والشرطة قالت لنا بان نأخذ من السائق تفاصيله وتفاصيل المركبة ولكن من يستطيع التحدث معهم ؟!" .
يطلق الفلسطينيون على الزقاق اسم " حوش المرجة" وذلك تيمنا باسم العائلة الخليلية الكبيرة التي تقطن فيه حيث قال احد افرادها " م.م " بان ملكية الارض التي اقيم عليها بيت ينوتان تعود لعائلته تم الاستحواذ عليها بالخديعه من قبل منظمة عطيرت كوهنيم معترفا بتورطه ببيع بيت العسل وفقا لصحيفة يديعوت احرونوت والكاتب روني شاكيد مؤكدا بانه لا يرعف المستوطن الذي يقيم في المنزل لان الصفقة تمت مع عطيرت كوهنيم .
قبل يومين قدم "م.م " شكوى للمفتش العام للشرطة وللمستشار القضائي للحكومة ولرئيسة المحكمة العليا طلب فيها تنفيذ قرار المحكمة واغلاق بين ينوتان " اطلب من حضرتكم اخذ الموضوع على محمل الجد خاصة وان اسرائيل دولة قانون وديموقراطية لا فرق من حيث القرارات القضائية بين اليهود والعرب " كتب م,م هذه العبارات التي لا تلائم من يعرف طبيعة معركة شراء المنازل التي تخوضها عطيرت كوهنيم بالتعاون مع وزراء الاسكان المتعاقبين .
واستطرد شاكيد قائلا : تغلق بوابة فولاذية كبيرة مدخل بيت العسل وعلى يساره تنتصب كومة كبيرة من النفايات حيث اعتاد السكان الفلسطينيون القاء نفاياتهم هناك كما يمكن ملاحظة كاميرتي امن على يسار ويمين البوابة واخرى الى جانب النافذه وطرقنا على الباب وقرعنا الجرس وبعد انتظار طويل فتحت البوابة الكبيرة لنجد امامنا حارسا يلبس سترة واقية من الرصاص يحمل في يده جهاز اتصال فيما تسمرت الاخرى بالقرب من جراب مسدسه فيما جلس حارس اخر على كرسي منخفض داخل غرفة انتظار لا تزيد مساحتها عن متر مربع واحد وسارعنا بالتعريف بهدف زيارتنا قائلين " نريد ان نتحدث مع السيد تنعامي " وهنا اغلق الحارس البوابة ليعود بعد ثلاث دقائق ليخبرنا بان المستوطن لا يريد التحدث معنا فتركنا بطاقة تحمل رقم هاتفنا دون ان تراودنا اية فكرة عن احتمالية ان يتصل بنا .
في بقالة تماما قبالة بيت السعل التقينا بالسيد ناصر ابو نيب الذي يسكن في منزل قريب من بيت العسل وتعرض قبل ايام مع شقيقه للضرب على ايدي الحراس فقال لنا " شتم احد الحراس امي واختي ولن نستطع السكوت على هذا فتفجر شجار " واصطحبنا ناصر الى منزله ليطلعنا على الصور التي التقطتها كاميرا الحراسة التي ركبها هو الاخر على سطح منزله ليستخدمها كأثبات في حال اعتقلته الشرطة ودخلنا الى منزل عائلة ابو نيب الذي ترفض الحيوانات العيش في مثل ظروفه حيث لا اثاث والاسرة ملتصقة بالجدران والفراش على الارض ليخبرنا بانه تلقى امرا باخلاء منزله .
لماذا ؟
ج: اضفت لشقتي غرفه صغيرة قبل 60 سنة كان هنا كنيس لليمنيين انا رأيت اثاره لذلك يريد اليهود الاستيلاء على البيت وفي مرات عديدة عرضوا على جدي الكثير من المال ومنذ ان رفضنا وهم يفتشون عن طريقة لاخراجنا منه .
وقفنا على سطح المنزل على بعد مترين او ثلاثة من نوافذ عائلة المستوطن واننفضت اليانا نجاح الرجبي التي تسكن فوق منزل تنعامي وقالت فورا " انتم من حقوق الانسان " وبدأت من فورها بطرح شكواها قائلة " اشترينا المنزل قبل 5 سنوات ومالكه باعه مرة اخرى لليهود الذين اتوا ودخلوا البيت واستوطنوا فيه لقد كان عندنا كل شيئ تقريبا مطبخ بـ 20 الف شيكل لكن الشرطة طلبت من زوجي اخراج جميع الاغراض من المنزل فغضب زوجي وقال لهم " انا لن اخرج اغراضي لان المنزل لي " والان اليمني وزوجته يهنؤون بمطبخي ذهبنا للمحكمة وقرر القاضي بان اليمني " اللقب العربي للمستوطن " ملزم باخلاء المنزل ومر على هذا خمس سنين وكل مرة يتم تأجيل المحكمة ، قبل عام خلال الامطار تسربت المياه الى منزل اليمني الذي وجد طريقة لتسريب المياه عبر احداث فتحه في ارضية المنزل وترك المياه تتسلل الى منزل ابني ، والله حرام " اختتمت نجاح قصتها مع المستوطن .