شبح البطالة يطارد عمال الأنفاق ومالكوها بانتظار صفقات مربحة
نشر بتاريخ: 17/02/2010 ( آخر تحديث: 17/02/2010 الساعة: 14:01 )
غزة- تقرير معا- يقف اليوم عشرات العمال في قطاع غزة عاجزين عن جلب قوتهم، بعد أن توقفت غالبية الأنفاق- التي شكلت لهم على مدى عامين مصدر رزقهم- عن العمل، وبدا القطاع متخما بالبضائع المهربة من قطاع غزة، والتي انخفض سعرها في بعض الأحيان عن سعر بيعها في الدول التي تم جلبها منها.
ويُرجع أصحاب الأنفاق المنتشرة على الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر سبب إغلاقها، إلى أنها لم تعد مربحة في ظل تكدس كثير من البضائع المصرية المهربة إلى قطاع غزة، بينما لا يرى هؤلاء تأثيراً فعلياً بعد للجدار الفولاذي الذي تقيمه مصر تحت الأرض بين قطاع غزة وحدوها، في محاولة لمنع حفر الانفاق.
يقول "أبو علي" مالك أحد الأنفاق بمنطقة البراهمة الحدودية لوكالة "معا": "إن قرابة 80% من أصحاب الأنفاق أغلقوا أنفاقهم وتوقفوا عن العمل بسبب انخفاض الأسعار بصورة كبيرة ما أدى إلى تراجع دخل مالكي الأنفاق بشكل غير مسبوق، وهم بانتظار صفقات مربحة لتعود للعمل مجدداً".
وأوضح "أبو علي" أن معظم المواد التي تدخل الآن هي مواد بناء مثل الأسمنت والحديد، مشيراً إلى أن سعر طن الحديد المهرب من مصر يصل إلى 3700 جنية ما يعادل 2800 شيقل.
أما عن تأثير الجدار الفولاذي الذي تقيمه مصر على الشريط الحدودي قال: "إن الأنفاق لم تتأثر من هذا الجدار وتعمل بشكل عادي".
أحد العاملين في الأنفاق- فضل عدم ذكر إسمه- أكد لـ "معا" أن معظم الأنفاق في حي البراهمة والسلام ومنطقة بوابة صلاح الدين على الشريط الحدودي، توقفت عن العمل، مقدراً نسبة الأنفاق التي ما زالت تعمل هناك بحوالي 20% فقط.
وأدى توقف الأنفاق إلى تفشي البطالة في أوساط العمال، الذين تراجع دخلهم في الآونة الأخيرة كثيراً، فبعد أن كان يصل متوسط الدخل اليومي إلى 100 دولار أمريكي تراجع إلى 80 شيقلاً ( 22 دولار) فقط.
وعلى مدى عامين شكّلت الأنفاق فرصة عمل لكثير من الشبان والعاطلين عن العمل بما فيهم حملة الشهادات الجامعية، رغم خطورتها على حياتهم وحصدها أرواح العشرات منهم.
ويؤكد الدكتور معاوية حسنين مدير عام الاسعاف والطوارئ في مستشفيات القطاع، مصرع 139 وإصابة ما يربو على 630 مواطنا نتيجة العمل في الانفاق، مشيراً إلى تعدد أسباب الوفاة لهؤلاء العمال، فمنهم من قضى جراء قصف اسرائيلي لتلك الأنفاق، ومنهم من قضى جراء الانهيارات وانفجار بعض خطوط البترول ومواد حارقة.
كما بين حسنين إن طبيعة الإصابات تراوحت ما بين رضوض واستنشاق الغازات وحالات الاختناق والظروف النفسية الصعبة.
ومما يدفع أصحاب الأنفاق إلى الوقوف حائرين إزاء مستقبل يلفه الضباب، ما يترتب عليهم من مصاريف لقاء تشغيل انفاقهم، بدءاً من الثمن الباهظ لحفر النفق الذي يصل قرابة 30 ألف دولار لكل مائة متر حفر، وعادة ما يبلغ طول النفق ما بين 300- 500 متر، وصولا إلى حدوث وفاة لأحد العاملين فصاحب النفق مطالب بدفع الدية لأهله وفق الشريعة الإسلامية.
صاحب نفق قال لـ "معا"، غالبية الأنفاق التي ما زالت تعمل اليوم، بدأت تشتغل على مواد البناء، التي ما زال عليها طلب في القطاع بسبب الحصار والدمار الكبير الذي خلفته الحرب الاسرائيلية قبل أكثر من عام، لافتا أن طن الحديد يتم سحبه بمائة وخمسين دولاراً، و100 دولار لـ طن الأسمنت.
وأوضح أن منطقة الأنفاق أصبحت خطرة بسبب قرب الأنفاق من بعضها، فهناك أنفاق لا تبعد سوى خمسة أمتار وبعضها خمسة عشر مترا، ما يجلعها عرضة للانهيار، ووقوع خسائر في الأوراح، ما يترتب عليه تكاليف باهظة يتكبدها صاحب النفق.
"أبو حسن" صاحب محلات لبيع الأجهزة الكهربائية في رفح، قال "إن الأجهزة الكهربائية المهربة عبر الأنفاق أصبح سعرها في أسواق القطاع أرخص من أسواق مصر التي هي المصدر الرئيسي لها، بسبب عدم توفر السيولة والشغل وكثرة خطوط الأنفاق على الشريط الحدودي".
وأضاف لـ "معا": أن "سعر الثلاجة التي تدخل عبر الأنفاق أصبح الآن 3000 شيقل بدلا من 7000 قبل عام"، مشيرا إلى وجود الكثير من البضائع المكدسة في القطاع يفوق الاستهلاك المحلي.
أما عن حالة السوق، قال "أبو حسن"، نعاني من ركود منذ شهرين رغم كثرة البضاعة وأسعارها المنخفضة من السابق بسبب الاكتفاء الذاتي لدى الناس، مشيرا إلى أن البيع أصبح للمعارف والأصدقاء والعرسان.
وتقول مصر إن قيامها ببناء مقاطع من الجدار الفولاذي أسفل الحدود مع قطاع غزة قد حد من عدد الأنفاق التي يستخدمها "مهربون" من مصر وقطاع غزة لتهريب البضائع إلى القطاع الذي يعاني من حصار مشدد منذ أواسط عام 2007 بعد سيطرة حركة حماس على غزة.