الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

اسرائيل تعيد المياه لبحيرة الحولة بعد فشل اكبر مشروع زراعي صهيوني

نشر بتاريخ: 14/05/2006 ( آخر تحديث: 14/05/2006 الساعة: 20:33 )
كتب ناصر اللحام - بث التلفزيون الاسرائيلي الرسمي - القناة الاولى - تقريرا تلفزيونيا عصر الجمعة الماضية يؤكد فشل اكبر مشروع زراعي مائي صهيوني في تاريخ الدولة العبرية والذي تمثل في قيام اسرائيل بتجفيف بحيرة الحولة بدعوى استثمار الارض لاغراض الزراعة على طريقة ما فعل الهولنديون بارضهم او على طريقة ولايات امريكية قامت بتجفيف المستنقعات وتوفير الاراضي الصالحة لزراعة القمح وغيره .

ومنطقة سهل الحولة القريبة من الحدود اللبنانية لا تبعد كثيرا عن مدينة دمشق
وتشتهر قرى الحولة بزراعة الخضراوات وتحتوى أكثر من عشرة الاف شجرة زيتون كما تشتهر بزراعة الحبوب (قمح - شعير ) والبقوليات (فول - حمص الخ ) فيما كان معظم ابناء منطقة الحولة يتابعون دراستهم الجامعية في جامعات دمشق,حلب.

وبعد قيام الكيان الصهيوني شرعت اسرائيل بمشروع تجفيف الحولة في شهر تشرين أول 1950م، وكانت أولى خطواتها هي تجفيف المستنقعات المجاورة للبحيرة، وما إن أنتهت هذه المرحلة حتى بدأت في عام (1951) بتجفيف مياه البحيرة نفسها على ثلاث مراحل كلفت ما مجموعه (8) ملايين شيكل في ذلك الحين .

وقد أشرف على تمويل هذا المشروع الصندوق القومي اليهودي منذ بداياته حتى نهاياته في العام (1957).

ولاجل ذلك قامت اسرائيل بتوسيع وتعميق مجرى نهر الأردن بمقدار (4)م على طول (4,5)كم جنوب البحيرة. وتم من خلال هذه الخطوة نقل وتصريف ما يزيد عن (200-300)مليون متراً مكعباً سنوياً من بحيرة الحولة ومستنقعاتها إلى مجرى النهر .

واستعانت اسرائيل بالتنفيذ بشركة مقاولات أمريكية أحضرت معدات حفر عائمة، شقت طريقها وسط المستنقعات وحفرت (3) قنوات لتصريف المياه ونتج عن ذلك " استصلاح (12) ألف دونم ؛ و قامت بالإستصلاح شركة استصلاح أراضي الحولة؛ وهي شركة مشتركة بين الحكومة والوكالة اليهودية والصندوق اليهودي.

واشتمل العمل ايضا على إزالة السد الكبير الذي كان قد بني عند نقطة التقاء القناة الشرقية لبحيرة الحولة بنهر الأردن.

وأخيراً، وفي عام (1957) نجح الكيان الصهيوني الوليد حينها في إزالة العقبة البازلتية عند مخرج النهر من البحيرة، وهكذا اختفت البحيرة نهائياً، وتوفر للكيان (100)مليون متر مكعب لري مناطق واسعة تستوعب حوالي مائة ألف نسمة، وأما المناطق التي جففت (حوالي60 ألف دونم) فقد وزعت بالتساوي بين شركة استثمار الحولة، والمستوطنات المقامة بالمنطقة، والمستوطنات التي خطط لإقامتها، وازدهرت مستوطنتا (كريات شمونة) و(حاشور) وغيرهما.

واحتفظت جمعية حماية الطبيعة بمساحة (400) دونم كمنتزه وطني.
ولكن ورغم كل هذه السنوات فقد فشل الكيان الصهيوني في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات في انجاح المشروع الزراعي المنشود حتى قال البعض ان الله لعن هذه المشاريع ولم تنجح .

اما العلماء فيرون ان اسرائيل قد ارتجلت مشروع تجفيف البحيرة دونما دراسة مستفيضة وما ادى الى فشل زراعة الحبوب والقمح والموز واللوز وغيرها بسبب نسبة ملوحة الارض وكثرة القوارض والحشرات التي خلفتها المستنقعات .

اسرائيل عادت من جديد الى ضخ المياه الى بحيرة الحولة ، وبشكل لا يصدق عادت الحياة البرية الى تلك المنطقة ، وحلّقت مئات الاف الطيور القادمة من افريقيا في سماء 1800 دونم جرى غمرها بالمياه حتى الان .

الخبيرالاسرائيلي في حماية الطبيعة يوسي ليف الذي اعترف بفشل مشروع تجفيف الحولة قال " انا لا اريد ان يغضب مني دعاة الصهيونية ولكن اقول ان تجفيف الحولة كاكبر مشروع زراعي صهيوني قد فشل فعلا " .

وقد تحدّث الخبير بانفعال واضح وسعادة لا توصف لعودة المياه الى الحولة ، واعتبر ان مشروع تجفيف الحولة قد اضر بالتوازن البيئي في المنطقة بل في العالم لان هناك بعض الطيور قد انقرضت من العالم كله بسبب تجفيف البحيرة التي كانت محطة استراحة وتكاثر للطيور في طريق هجرتها من افريقيا الى اوروبا .

ولتجاوز مشكلة الفئران التي ملأت الحولة في اعقاب تجفيفها يستحضر خبراء الطبيعة الان الافا من طيور البوم ، ويقول الخبير اري ان كل طائر بوم يأكل 10 من الفئران يوميا ، كما ينصح باستيراد زرافات وقرود ووحوش برية اخرى يمكن ان تعيش في محمية طبيعية تشكل عامل جذب سياحي تعويضي عن الخسائر الزراعية .

وبالفعل فقد بث التلفزيون الاسرائيلي اسرابا من النسور وطائر الغرنيق والعقبان والجوارح الاخرى القادمة من افريقيا الى جانب اعداد لا تحصى من طائر الحود التي كانت تؤدي ما يشبه الرقصة الجماعية قبل ان تحط على اغصان اشجار الصفصاف .

يوسي ليف اري نصح تل ابيب ان لا تندفع الان وبعد اعادة الحياة الى ترخيص بناء الفنادق جريا وراء المال ، لان كثرة الضجيج ستؤدي الى هجرة الطيور للمكان ، ولكنه اقترح الاكتفاء ببناء فندق واحد يشمل 300 غرفة تلحق به حديقة حيوانات برية الى جانب قوارب للابحار في مياه الحولة .

يشار الى ان اسرائيل كانت نفذت عشرات المشاريع المائية في عيلبون والعوجا ونهر الاردن والليطاني والبحر الميت وقد عمل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر كل جهده لايقافها دون جدوى ، كما ان حركة فتح كانت انطلقت بتفجير انبوب مياه انشأته الحركة الصهيونية لتحويل مياه عيلبون ففجرت السد المقام هناك .

وما يثير الانتباه الان هو مقترح اسرائيلي فتح قناة مائية بين البحر المتوسط و البحر الميت بحجة اعادة احيائه وانقاذه من خطر الجفاف الذي يتهدده ، الا ان خصوم اسرائيل يؤكدون ان اسرائيل هي السبب في جفاف البحر الميت لانها اقامت سدودا في وجه نهر الاردن ومنعت تدفق المياه بكميتها الطبيعية اليه ، كما يأخذون على المشروع الاسرائيلي الجديد كونه سيدمر الزراعة في اخصب منطقتين فلسطينية واردنية وهما غور الاردن - سلة الخضار بالنسبة للدولتين - من خلال اغراق تلك المنطقة بالمياه .

اسرائيل تحاول اقناع الاردن بقبول المشروع وتحاول اغراء السلطة الفلسطينية بان قنوات المياه التي ستنقل الماء من المتوسط للميت ستستخدم في توليد الطاقة الكهربائية .