الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

مؤتمر مواطن- المتحدثون يدعون السلطة الى التحول لسلطة مقاومة مشروعة

نشر بتاريخ: 26/02/2010 ( آخر تحديث: 27/02/2010 الساعة: 11:01 )
رام الله -معا- دعا متحدثون في مؤتمر مواطن، "المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية" الخامس عشر والذي عقد في رام الله امس، السلطة الوطنية الى ان تتحول الى سلطة مقاومة مشروعة يكفلها القانون الدولي في اطار مواجهة التحديات الاسرائيلية والمخططات الهادفة لمنع اقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة بل دولة معزلة ومحاطة بالمستوطنات ومعسكرات الاحتلال ونقاط التفتيش والعبور".

وطالبو بضرورة ازالة الاغتراب الحاصل بين السلطة والفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير، وجعل السلطة مبادرة بشكل أساسي لمواجهة المبادرات الاسرائيلية العنصرية.

واوضحوا خلال افتتاح اليوم الاول من مؤتمر مواطن الخامس عشر الذي عقد في فندق البست ايسترن في رام الله تحت عنوان : الحاضر الفلسطيني: تشاؤم العقل، تفاؤل الإرادة؟"، ان الجميع يريد بقاء السلطة، ولكن على السلطة ان تقول لكافة اللاعبين الدوليين ان لهذا ثمن وهو الفهم الفلسطيني لإقامة الدولة.

مقياس النجاح والفشل

وقسم اليوم الاول للمؤتمر الى ثلاث جلسات ، ترأس الجلسة الاولى الدكتور ممدوح العكر، رئيس مجلس أمناء مواطن والمفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الانسان، وتحدث فيها الدكتور كميل منصور ، رئيس لجنة الابحاث في مؤسسة الدراسات الفلسطينية وعضو مجلس المفوضين في الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، والدكتور جورج جقمان، المدير العام لمؤسسة مواطن .

من جهته، شدد منصور في مداخلة له تحت عنوان " من اجل مقاربة اخرى لقياس النجاح والفشل في التجربة الفلسطينية" على ضرورة اعتماد معيار اضافي هو التطور التاريخي لميزان القوى بين اسرائيل والكيان الفلسطيني.

واشار الى ان ذلك يظهر جليا في اعتبار "ان معيار قرب او ابتعاد الدولة غير كاف، وقال : اعني بذلك اننا منذ العام 1991 نحكم على نجاحنا او فشلنا انطلاقاً من معيار مركزي وهو ان كان انشاء الدولة المستقلة على الابواب أم لا، حيث نضع انفسنا في حالة ترقب ايجابي ان بدا لنا ان الاحتمال وارد في فترة تقل عن ثلاث او اربع سنوات ونبدأ بمتاعبعة التصريحات الاميركية والاسرائيلية او الفلسطينية التي قد تؤشر على واقعية هذا الاحتمال، ثم بطبيعة الحال يبدو ان هذا الاحتمال يبتعد الى اجل غير مسمى فنشعر بخيبة امل ولكننا نرفض الاعتراف باننا نشعر كذلك فنحول خيبة املنا الفعلية الى اتهام القريب والبعيد ، حيث نتهم القريب بالتقصير ونتهم البعيد بالغدر".

وقال : " يجب ان اعلم تماما انه اذا قررت الدخول في التفاوض من الضروري ان امتنع عن بناء اوهام كالاعتقاد بأنه سيحقق طموحاتي او انه سيفضي الى اتفاق، مضيفا :" الذي يحقق طموحاتي ليس الجلوس مع الطرف الاخر في قاعة واحدة او في قاعتين متجاورتين، وانما الاوضاع الداخلية والاقليمية والدولية المحيطة بالطرف الاخر التي قد تقنعه بانه من مصلحته الانسحاب والاعتراف بحقوقي وانه من الاجدر له ان يتم ذلك حول الطاولة .

وتابع : هنا اطرح تساؤلاً هل ميزان القوى بالأمس واليوم يفرض مثل هذا الاستنتاج وهو " الاعتراف بحقوقي"، وقال : " لنلتفت اذن الى ميزان القوى كمعيار للحكم على اين وصلت القضية الفلسطينية .

وقال : لا اظن ان احدا يشكك في اهمية ميزان القوى في المواجهة الفلسطينية الاسرائيلية، مضيفا: "على سبيل المثال ان تقدير القيادات الفلسطينية لميزان القوى في العام 1974، هو الذي ساهم في تحديد جوهر البرنامج الوطني الفلسطيني".

عناصر ميزان القوى
وتطرق منصور في مداخلته الى عناصر ميزان القوى وادوات الارصدة الفلسطينية ومنها : الميزان العسكري وهو واضح من خلال اجراء مقارنة بين القدرات العسكرية للطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، اضافة الى ان التكلفة اصبحت عالية اذا ما ارادت اسرائيل اعادة احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة ودخول المخيمات وهذه التكلفة اعلى بالتأكيد مما كانت عليه في ثمانينات القرن الماضي.

وقال : ايضا من تلك العناصر طبيعة النظام السياسي ودور الاحزاب وتمثيل الشعب بأكمله والقدرة على اتخاذ القرارات، ومدى الدور الذي تلعبه مكونات الشعب الفلسطيني من خارج الضفة وغزة ، اضافة الى الميزان الديمغرافي والارتباط بالارض والهجرة ، والايديولوجيا المحركة للمجتمع والمشروعية التي تتمتع بها مطالب كل طرف في أعين الذات وفي أعين الطرف الاخر"، اضافة الى درجة التماسك الداخلي ومأسسة المجتمع من جمعيات ونقابات ونوادي واعلام ومستوى التعليم في المدارس والجامعاتوقدرة الطالب على التعلم والنقد، والمستوى الاقتصادي والاستثمار ، ومشروعية مطالب ومواقف كل طلب في نظر القانون الدولي والتحالفات الخارجية على مستوى الدول، ودرجة مساندة الرأي العام العالمي لكل طرف.

وقال منصور في سياق مداخلته :" يجب علينا ان ننظر الى ميزان القوى بمنظارين : الاول بمعزل عن التحركات والتفاعلات الاقليمية والدولية ، والثاني مع اعتبار هذه التحركات والتفاعلات ككتلة ارصدة لطرف مقابل كتلة ارصدة للطرف الاخر.

واضاف : ليس لنا الادوات الكافية لانتزاع الاستقلال والسيادة في دولة تضم الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، وانه ليس لاسرائيل الادوات الكافية لتطبيق اي من الخيارات التالية لاسيما الضم الكامل والطرد الجماعي وهم يشكلان منطق النشاط الاستيطاني وهدفه.

وركز في نهاية مداخلته الى ضرورة ان يمتنع الجانب الفلسطيني عن استخدام اي رصيد من ارصدته اذا ما كانت نتائجه عكسية ، وهذا ينطبق بشكل خاص على المفاوضات وايضا على المقاومة المسلحة حتى وان كانت مشروعة في نظر القانون الدولي ، والمعيار هنا يجب ان يكون دائما تحسين ميزان القوى وليس ردود الفعل والعواطف، اضافة الى ضرورة التمسك الرسمي الشديدببرنامج الدولة المستقلة كون من شأن التخلي عنه فقدان الرصيد الدولي الذي نتمتع به ةاعطاء مشروعية للاستيطان، وعدم التنازل عما يعترف به القانون الدولي من حقوق فلسطينية ، وابتكار وسائل جديدة للمقاومة السلمية وتحسين العلاقات الفلسطينية مع الاطراف الاقليمية كافة والامتناع في الدخول في محور ضد اخر .

من جهته ، تطرق د. جقمان خلال مداخلة له تحت عنوان " الوضع الفلسطيني الراهن في انتظار ماذا؟" الى ضرورة العمل على ايجاد وسائل جديدة وداعمة للموقف الفلسطيني في اطار عدم الوقوف والانتظار والعمل دوما في اطار ان تكون السلطة مبادة لمواجهة الممارسات الاسرائيلية وفضحها على المستوى الدولي .

واوضح ان الفراغ السياسي الحالي يفتح المجال امام عودة الصراع الميداني ، وان انسداد أفاق المستقبل سيؤدي الى اعادة الصراع".

وقال د. جقمان: "منذ مؤتمر مدريد في نهاية العام 1991، مرت ثمانية عشر عاماً في المفاوضات، ثلاث اتفاقيات بعد مؤتمر مدريد أدت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية (1993 إعلان المبادئ، 1994 غزة وأريحا أولاً، 1995 اتفاق إنشاء السلطة الفلسطينية). ثم مفاوضات مستمرة حتى كامب ديفيد في تموز 2000. ثم طابا في كانون الثاني2001، ثم خارطة الطريق في 2003، ثم مسار أنابوليس حتى نهاية العام 2008.

البحث عن البدائل
واضاف :"بعد كل هذا، من المتعذّر رؤية ثمانية عشر عاماً أخرى من المفاوضات، متى إذاً يجب القول إن المفاوضات وصلت إلى نهاية الطريق، إلى جدار مسدود، ومتى سيتم الاعتراف علناً أننا الآن نرى الجدار المسدود؟ هل توجد غشاوة على العين؟ وهل توجد صعوبة خاصة تمنع إزالة هذه الغشاوة؟.

وقال : "منذ بداية العام 2009، كان الجميع في انتظار أوباما. لكن مع نهاية هذا العام تبين أن رئيس الولايات المتحدة ليس أوباما شخصياً، وإنما صراع القوى وتوازن القوى داخل الولايات المتحدة، وإسرائيل طرف قوي في هذا الصراع. الرئيس هو حصيلة هذه التوازنات. قد يكون أن البعض ما زال يأمل أن يكون الرئيس هو أوباما، ولكن لا يوجد دليل على هذا حتى الآن، بل العكس.

وقال: " حالةُ الانتظار هذه ما زالت ملازمةً للبعض لكن، انتظارُ ماذا؟ حالةُ الانتظار ساكنة فاقدة للمبادرة الفعالة. صحيح أن تجوال العالم لشرح وجهة النظر الفلسطينية أمرٌ مطلوب وضروري، ولكنه غيرُ كافٍ دون مبادرات أخرى تترك أثراً ملموساً".

واضاف : "إسرائيل تبادر باستمرار: تستولي على الأرض، تبني المستعمرات، تهوّد القدس، تصادر هويات المقدسيين، تعتقل، تغتال، ثم يجول ممثلوها العالم لشرح وجهة نظرهم. ماكينة إعلامية فعّالة لكنها تعتمد على مصادر القوة، من بينها أنها تبادر. ما ينقص إسرائيل اليوم هو أمر واحد فقط: مفاوضات مستمرة لتعبئة الفراغ السياسي الحاصل الآن، ولإضفاء "العادية" على الوضع الراهن، بما في ذلك مبادراتها المختلفة. المهم هو تعبئة الفراغ السياسي بمفاوضات، وليس من المهم أن تأتي بنتيجة، أو إن أتت، أن تكون مقبولةً للحكومة الحالية في إسرائيل.

الفراغ السياسي

واوضح ، ان الفراغ السياسي خطر، فهو يفتح المجال أمام عودة الصراع الميداني وتداعي الترتيبات الجارية حالياً في الضفة الغربية، التي هي بحاجة لمسار سياسي. الجميع يعرف ذلك، وقد قال الرئيس أبو مازن ذلك صراحة في مقابلة مع جريدة اللوموند الفرنسية يوم السبت الماضي (20 شباط 2010)، إن انسداد آفاق المستقبل سيؤدي إلى عودة الصراع. المشكلة تكمن في أن إسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية "المعتدلة"، تريد على ما يظهر إبقاء وهم عدم انسداد الآفاق. فهي تضغط الآن على السلطة الفلسطينية للعودة للمفاوضات بصيغة "غير مباشرة" أولاً، ثم مباشرة ثانياً. مشكلة السلطة هي ضعف مصادر القوة، لأنها غير مبادرة حتى لو كان مجال المناورة محدوداً.

وقال في سياق مداخلته : "لقد اتخذ "أبو مازن" خطوة أولى بإعلانه عن عدم عزمه الترشح لرئاسة السلطة. كانت هذه خطوة في هذا الاتجاه، ولكنها خطوة غير مكتملة، لأنه من غير المعروف ما هي الخطوات بعد ذلك. وقد ألمح الرئيس "أبو مازن" إلى أنه توجد خطوات أخرى قد يقوم بها ولكنه لم يفصح، وإن غياب العلنية هنا يفقد المبادرة قوتها الممكنة، وقد لا تؤخذ بجدية من قبل جميع الأطراف. السلطة تخشى من حرق جسور تحالفاتها، لأن هذا قد يضع وجود السلطة نفسها كما هي الآن، على المحك. لم تصل بعد إلى هذه المرحلة، وربما لن تصل إليها، وهذه هي نقطة ضعفها".

واشار الى ان الجميع يريد بقاء السلطة إسرائيل تريد بقاءها كما هي؛ أي أن تعمل كبلدية كبرى لإدارة شؤون السكان، ولا مانع أن تسمى دولة، بشرط أن تكون فاقدة للسيادة من ضمن شروط أخرى، فهي لا تريد تحمل أعباء الاحتلال المباشر مرة أخرى، والاحتكاك مع المدنيين بشكل دائم ومستمر. هذه هي عبرة الانتفاضة الأولى". وقال د. جقمان : " الولايات المتحدة تريد بقاء السلطة لأن إسرائيل تريد ذلك، ولأغراض إقليمية أيضاً. ودول "الاعتدال" أيضاً التي تخشى من تأجج الوضع في فلسطين لأنه يؤرقها داخلياً، ويعزز الحرائق الإقليمية، ويوفر "للجهاد المعولم" قضايا إضافية".

وتابع : ان مصادر قوة السلطة الفلسطينية، ما زالت مصادر ضعف، لأن السلطة لم تتمكن من جعل الآخرين يدفعون ثمن بقائها؛ أي دولة ذات سيادة بالفهم الفلسطيني للدولة، يريدون ثمناً غيرَ مكلف. مثلاً، اقتراح وزيري خارجية فرنسا وأسبانيا الأخير: الاعتراف بدولة فلسطينية في غضون سنتين على الأكثر، بمعزل عن أية تفاصيل حول ماهية هذه الدولة. والغريب أن الحكومة الإسرائيلية اعترضت على هذا الاقتراح، مع أنه يبان على أنه جيد من وجهة نظرها، فتترك كل القضايا للمفاوضات مرة أخرى، ولكن بين دولتين: الحدود، واللاجئين، والسيادة، والقدس، والمصادر الطبيعية. سنوات أخرى من المفاوضات وربما عقود أيضاً. هل ترى السلطة أنها وصلت إلى طريق مسدود من خلال المفاوضات فقط؟ ربما أنها ترى ذلك، ولكنها لم تقل ذلك علناً، ولم تقم بأي عمل ينمُّ عن أنها على وشك انتهاج خط سير آخر مبني على ما تملكه من مصادر قوة، حتى لو كانت محدودة".

فصائل المنظمة وحماس
وتابع : "أما الفصائل الفلسطينية، فصائل منظمة التحرير، فوضعها لا يختلف عن وضع السلطة: مستكينة في كنفها، وفي حالة انتظار أيضاً، ولكن انتظار ماذا؟ لا أحد يعرف، هي أيضاً فاقدة للمبادرة الفعالة. توجد أفكار واقتراحات نعم. لكن الفعل غائب. فالفعل في يد السلطة الفلسطينية ورئيسها".

وقال: "أما حماس، فمشكلتها مختلفة، فهي تواجه معضلتين في الوقت نفسه. الأولى، إنه تحت الاحتلال لن يمكنها أن تكون سلطة ومقاومة في الوقت نفسه. هذه هي العبرة من حصار الرئيس الراحل ياسر عرفات واغتياله، مع أنه حاول تمويه الجانب المقاوم في الانتفاضة الثانية؛ أي ظهور كتائب شهداء الأقصى كجسم مستقل عن السلطة الفلسطينية. "حماس" لا تموه وتقول هذا صراحة. وهذا هو معنى الحصار السياسي والاقتصادي الذي فرضته إسرائيل عليها، وهذا أيضاً هو معنى العدوان الآثم على القطاع".

واضاف :"أما المعضلة الثانية فهي إستراتيجية، تتعلق بالأمد الأطول، حتى لو كانت الخطوة الأولى تكمن في تشكيل حكومة مباشرة بعد انتخابات العام 2006، ثم حكومة "الوحدة الوطنية"؛ أي الحكومة الثانية بعد الأولى؛ أي الحكومة الحادية عشرة بعد الحكومة العاشرة. هنا يوجد سؤال حول تفكير "حماس" وتقديراتها بخصوص إمكانيات النجاح أو الفشل إستراتيجياً، وليس فقط إزاء ردود فعل إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وإنما الدول العربية أيضاً؛ خصيصاً الدول العربية. فكما هو معروف، لا يوجد تداول فعلي على السلطة في جميع الدول العربية، بمعنى أنه في إمكان المعارضة، أياً كانت، الوصول إلى السلطة من خلال الانتخابات. ففي الدول العربية يوجد ما يمكن أن يسمى بـ "صمام أمان"، تجري اللعبة الانتخابية تحت سقفه. صمامُ الأمان هذا هو نظم حكم وراثية، أميرية أو ملكية، أو حتى جمهوريات وراثية أو شبه وراثية. "صُمَّام الأمان" هذا يوفر من خلال صلاحيات واسعة، بما فيها حل البرلمان المنتخب، إن وجد، "استقرار" السياسات الخارجية، والتحالفات، والسياسات الاقتصادية والأمنية.

وقال: "الحالة الفلسطينية حالة فريدة من نوعها في العالم العربي، بحيث يمكن للمعارضة، أياً كانت، الوصول إلى قمة هرم السلطة بفعل الانتخابات، إن عُقدت، وإن كانت نزيهة؛ أي إمكانية وجود تداول فعلي على السلطة. هذه سابقة خطيرة من منظور النظام الرسمي العربي، لأنه نموذج قد يحتذى به إن قدر له الحياة والاستمرار، وسوف يعزز تطلعات المعارضة في تلك الدول؛ سواء أكانت إسلامية أم غير إسلامية. وبما أن المعارضة الإسلامية بأنواعها المختلفة هي الأقوى في عدد من تلك الدول، بما في ذلك المملكة العربية السعودية أيضاً، فإن نموذج "حماس" في الحكم بفعل الانتخابات يشكل خطراً داهماً لا بد من درئه.

وتابع "هذا لا يفسر فقط موقف تلك الدول من "حماس"، وإنما السؤال الأهم هو: ما هي رؤية "حماس" الإستراتيجية لمسارها ودورها إن أرادت أن تكون في الحكم أيضاً وليس مقاومة فقط؟ لا أدري ما هي الإجابة عن هذا التساؤل، وأفترض أنه يوجد نقاش داخلي حول هذه المواضيع، ولا بد أنه يوجد أكثر من وجهة نظر. ويمكن أيضاً أن البعض داخل "حماس" يرى أنها "تورطت" من خلال مسعاها لتشكيل الحكومة، ولم يمكنها أن تتراجع .

واضاف "في كل الأحوال، حماس أيضاً ما زالت في حالة انتظار. الحصار مستمر ، لكن هذا وضع قلق وغير قابل للاستمرار إلى ما لا نهاية. حالة انتظار، وكل الاحتمالات مفتوحة. السؤال الأساسي هنا هو: من يبادر؟ من يمتلك زمام المبادرة؟ من يفرض قواعد اللعبة؟ هذه هي نقطة الضعف الفلسطينية. السلطة و"حماس" سيان، ومعهما باقي فصائل منظمة التحرير.

ودعا جقمان فسي ختام مداخلته الى إزالة الاغتراب الحاصل بين السلطة الفلسطينية والأحزاب وفصائل منظمة التحرير من جهة، والقوى المجتمعية الفاعلة والرأي العام الفلسطيني من جهة أخرى. وقد بان هذا الاغتراب بوضوح في موضوع تأجيل بحث تقرير "غولدستون" في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

وقال "هذا الاغتراب حصل لأن القوى المجتمعية الفاعلة والرأي العام الفلسطيني يريد من السلطة أن تكون مبادرة؛ أي أن تبادر إلى المقاومة الدبلوماسية والقانونية والحقوقية في مجالس شرعية. لم يطلب أحد أن تكون السلطة مقاومة مسلحة. فقط مقاومة من خلال القوانين الدولية التي لها علاقة بالحالة الفلسطينية. يريدون فعلاً مبادراً مقاوماً تستجيب له أغلبية من دول العالم، ولا يمكن أن يوصم بالإرهاب".

وقال "الخطوة لإزالة الاغتراب يكمن في مبادرة السلطة الفلسطينية بدعم توجه الرأي العام الفلسطيني، واتخاذ خطوات دبلوماسية مدروسة أو خطوات قانونية بالتنسيق مع دول أخرى، من نوع ملفات جرائم الحرب تجاه أشخاص محددين في مناصب حالية أو سابقة في الحكومة الإسرائيلية، أو في الجيش، أو أي مسعى قانوني أو دبلوماسي آخر، من شأنه أن يوفر زمام المبادرة لها.

واضاف " قوة السلطة الفلسطينية تكمن في أن الجميع يريد بقاءها. لكن على السلطة أن تقول لهم إن لهذا ثمناً وهو الدولة الفلسطينية المستقلة، وبالفهم الفلسطيني للدولة. عدا عن ذلك، يجب وضع وجود السلطة على المحك من خلال تحولها إلى سلطة مقاومة بطرق تلقى دعم دول أخرى، وحركات اجتماعية وسياسية في أرجاء العالم المختلفة. إن انسداد الأفق السياسي، يوفر لها فرصة لإزالة اغترابها عن الجمهور، وسيستمر هذا الاغتراب ما دامت هناك مفاوضات من أجل المفاوضات.
تغيير الوضع القائم

من جهته قال النائب الدكتور مصطفى البرغوثي امين عام المبادرة الوطنية في مداخلة له في الجلسة الثانية التي ترأستها نجوى ارشيد، عضو مجلس امناء مواطن، تحت عنوان : "الخيار الاستراتيجي لتغيير الوضح الفلسطيني" :" ان المعضلة الاساسية في معالجة القضية الفلسطينية بالنسبة للقيادات الرسمية منذ توقيع اتفاقية اوسلو تمثلت في صعوبة ادراك حقيقة " ان محاولة الهروب لا تلغي وجود الصراع".

واضاف :" ان البديل الوحيد للهروب من الصراع هو خوضه من اجل حله والانتصار فيه وهذا يعني الاقرار بأننا مازلنا في حالة حركة تحرر وطني وان العمل السياسي والدبلوماسي جزء من عملية ادارة الصراع وليس بديلا له".

وقال :" ان الهدف الاستراتيجي للنضال الفلسطيني يجب ان يكون جعل تكلفة الاحتلال والابارتهايد الاسرائيلي متصاعدة الى درجة لايمكن احتمالها".
واضاف : " ارى ان الاستراتيجية الفلسطينية يجب ان تقوم على اربعة اعمدة هي المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني والتي يقرها القانون الدولي، ودعم الصمود الوطني، وتعزيز الوحدة الوطنية وبناء قيادة وطنية موحدة للشعب الفلسطيني، وبناء وتعزيز حركة التضامن الدولية وحركة فرض العقوبات على اسرائيل".

الحلول الاسرائيلية ودور الدول العربية في رفضها

واوضح الدكتور محمود محارب ، استاذ العلوم السياسية والدراسات الاسرائيلية في جامعة القدس في مداخلة له تحت عنوان " مكانة اسرائيل ودورها واستراتيجيتها تجاه فلسطين والدول العربية والحل الذي تسعى الى فرضه، ان هناك مفارقات بالنسبة للصراع العربي الاسرائيلي، حيث ان المفارقة الاولى ان الصراع هو اطول صراع في العصر الحديث، ولكنه اقل صراع يؤدي الى خسائر بشرية .

وقال :" ايضا في ظل احتلال اسرائيل لكامل الاراضي الفلسطينية واجزاء من بعض الدول العربية ، نرى ان الدول العربية تتخلى بشكل كامل عن الحل العسكري والمقاومة وتحصر الحلول في الحل السلمي فقط".

واضاف : ان اسرائيل تنطلق في علاقتها مع الدول العربية وفلسطين من خلال الصراع والقوة وموازين القوىولها ما تستند عليه من مصادر قوة، لا سيما الاقتصاد والقوة العسكرية اضافة الى الطاقة البشرية العالية، واحتكار السلاح النووي وعدم السماح لأي من الدول لامتلاكه حتى تبقى القوة المسيطرة على الصعيد الاقليمي".

واوضح ، امير مخول في مداخلة له في الجلسة الثالثة التي ترأسها الكاتب خليل شاهين حول :" خطاب الحق وخطاب الحل ، ان هناك حاجة لاعادة تعريف الحاضر الفلسطيني ، وهو ان يكون الضفة والقطاع والشتات وكل مكان موجود فيه فلسطيني .

وقال:" اسرائيل تضيق الخناق على فلسطينيي الداخل من هدم للبيوت ومن محاولات نزع الشرعية عن فلسطينيي الداخل اضافة الى محاولات ابعادهم عن القدس والاقصى ، داعياً الى استنهاض الهمم كون الركيزة الشعبية هي الاساس".

وقال مضر قسيس ، عضو هيئة تدريسية في دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت في مداخلة له حول :" تأطير القضية الفلسطينية وأشكلتها: الحاجة الى اعادة صياغة الخطاب النضالي الفلسطيني"، الى التركيز على ضرورة احلال تقرير المصير ، وهذا ما جرى تغييبه في الخطاب الفلسطيني ، فحق تقرير المصير لا اقامة الدولة يجب ان يشكل محور الخطاب التحرري الفلسطيني ، فمنبع الحق الفلسطيني الذي يخص كل الفلسطينيين هو حق الشعب في تقرير المصير".

من جهتها اوضحت سامرة اسميرة استاذة مساعدة في قسم البلاغة في جامعة كاليفوزميا واستاذة زائرة في جامعة بيرزيت ، في مداخلتها تحت عنوان : " فلسطين : قوانين الخفاء والتجلي ، ان قواعد القنون الدولي المطبقة على جرائم الحرب ليست عمياء ، ومن هنا على الشعب الفلسطيني الاستفادة منها، والعمل دوما الى الوصول الى المجتمع الدولي من خلال القانون الذي يدين الاستعمار ".

وتطرقت الى التقييم القانوني للعنف الممارس في الحرب، وقالت :" ان السلطة الفلسطينية هي مؤشر على الاحتلال وليس نفيا له اذ انه قد تتشارك في الوجود بعض مؤسسات الدولة مع وجود الاحتلال، وقالت " ففي القانون الدولي ليس من تناقض بين الاثنتين".

وقالت : ان الوظيفة التحضيرية للقرن العشرين والعاملة تحت شعار " الامن والسلام العالمي والتي اصبحنا موضوعا لها منذ اوسلو ان هذه الوظيفة تمارس وحشيتها الضرورية الخاصة ن وعليه فان الوعد بالانضمام الى عائلة الامم المتحدة ان نجحنا في اجتياز امتحانات المهمة التحضيرية للسلام واذا تمكنا من مغادرة حاضرنا ان هذا الوعد يعني اننا كباقي الدول يجب ان نتعلم التفريق بين العنف الجيد وهو "عنف السلام والحروب العادلة" والعنف الرديء وهو "عنف الارهاب واجرام الحرب.