خلال ورشة لـ"ديوان المظالم" الدعوة لاقرار قانون خاص بالأحداث الجانحين
نشر بتاريخ: 28/02/2010 ( آخر تحديث: 28/02/2010 الساعة: 18:41 )
الخليل- معا - دعا مشاركون في ورشة العمل التي نظمها مكتب جنوب الضفة الغربية في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، والتي جاءت بعنوان (دور مراقبي السلوك في قضايا الأحداث الجانحين) إلى إقرار قانون فلسطيني خاص بالأحداث الجانحين.
وقد شارك في الورشة ممثلون عن وزارات الشؤون الاجتماعية، الداخلية، والتربية والتعليم العالي، والشرطة الفلسطينية والنيابة العامة ورئيس المحكمة العسكرية في جنوب الضفة والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال ومركز تأهيل ضحايا التعذيب وجمعية الهلال الأحمر وجمعية التعاون الثقافي الخليل- فرنسا وإذاعة منبر الحرية.
وقدم المحامي فريد الأطرش مدير مكتب جنوب الضفة في الهيئة ورقة عمل أشار فيها إلى القوانين المطبقة والسارية في الأراضي الفلسطينية بخصوص الأحداث وتحديداً تلك المعمول بها في الضفة الغربية، منوهاً إلى افتقار التشريعات الوطنية الفلسطينية إلى قانون موحد، علماً أن القانون الساري والذي تعمل به المحاكم والمؤسسات الفلسطينية ذات العلاقة هو القانون الأردني رقم 16 لعام 1954 بشأن الأحداث، والذي نص على وجود مراقبي السلوك وحدد صلاحياتهم واختصاصاتهم، كما نص على تعريف الحدث ووضع معايير حددت من هو الحدث ذلك أن القانون اعتبر الحدث هو من 9 أعوام ولغاية 18 عاماً وأن الولد هو من سن 9 لغاية 13 ، وأشار الأطرش إلى أن القانون لم يتضمن أي عقوبة بحق الفئة الأخيرة، بل نص على أن عقوبة الحبس الواقعة على الأحداث يجب أن تكون في مراكز رعاية الأحداث.
كما أشار إلى وجود تعارض واضح بين قانون الطفل الفلسطيني وقانون إصلاح الأحداث الأردني المطبق في الضفة الغربية خاصة ذلك البند المتعلق بمرشد حماية الطفولة الذي تضمنه القانون الفلسطيني والذي أعطاه صفة وصلاحية الضابطة القضائية على الرغم من عدم وجود هذه الصفة لمراقب السلوك.
كما وأشار إلى التداخل الحاصل في صلاحيات كل من مراقب السلوك ومرشد حماية الطفولة وتحدث الأطرش عن ضرورة توحيد قانون الطفل وإصلاح الأحداث ودمجها في قانون واحد لكي يحقق الغاية المقصودة من تشريع هذا القانون .
كما وتحدث عن الإشكاليات المتعلقة في التطبيق العملي لدور مراقبي السلوك وخصوصا أن عدد مراقبي السلوك لمحافظة مثل محافظة الخليل 2 حيث يبلغ تعداد سكانها حسب آخر إحصائيات بما يقرب عن 600 ألف نسمه علما أن هذا العدد من مراقبي السلوك غير كافي إطلاقا لتغطية وتلبية مقتضيات الواقع السكاني والمساحة الكبيرة للمحافظة ، هذا عدا عن أن أرقام الأحداث في تزايد في حين لا يوجد مركز رعاية أحداث واحد في هذه المحافظة لا بل في الضفة الغربية باستثناء مركز رئيسي للأحداث الذكور ألا وهو دار الأمل الموجود في وسط الضفة في رام الله. وآخر للفتيات الجانحات في بيت لحم.
وأوضح إسلام التميمي من الهيئة أن الواقع والحاجة الملحة هما اللتان دفعتا الهيئة إلى الإسراع بجمع الأطراف ذوي العلاقة وطرح هذا الموضوع على بساط البحث والنقاش، كما أشار التميمي إلى أن زيارات الهيئة المتكررة لدار الأحداث والنظارات المؤقتة الخاصة بهم قد كونت لدى الهيئة تصوراً ورؤية حقيقية عن طبيعة الظروف التي تعيشها هذه الفئة بالإضافة إلى دور الهيئة في مراجعة التشريعات والقوانين النافذة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية قد لمست من خلالها أن هنالك إشكالية تشريعية لعدم وجود نصوص موحدة ، وأكد التميمي على ضرورة إعمال ما ورد في التشريعات الدولية المتعلقة بعدالة الأحداث.
من ناحيته تناول الرائد أكرم الهوارين مدير مركز شرطة دورا والتي توجد بها حسب تعبيره نظارة مؤقتة غير دائمة لاحتجاز الأحداث الجانحين، مقدماً نبذة حول تجربة المركز في إدارة ورعاية الأحداث في ظل الإمكانيات المتوفرة في المركز والظروف الخاصة والاستثنائية التي تعيشها النظارة من حيث واقع الاحتجاز والإقامة فيها، بما يتضمن أيضا من عدم وجود طاقم متخصص مؤهل ومدرب للتعامل مع قضايا الأحداث.
واشتكى الهوارين من قلة الزيارات التي تقوم بها المؤسسات ذات العلاقة مثل النيابة والشئون الاجتماعية والمؤسسات التي تعنى بقضايا الطفولة . علما أن القضاء لم يقم بأية زيارة، وبعض هذه المؤسسات لا يأتي إلا بعد أن نقوم بدعوتهم لزيارة النظارة، باستثناء الزيارة الشهرية التي تقوم بها الهيئة، وبعض الزيارات غير المنتظمة التي تقوم بها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.
واشار إلى عدم وجود نظام فصل للأحداث في النظارة حيث يتم توقيفهم وبتهم متعددة ومختلفة في مكان واحد. وذكر الهوارين أن مجموع الأحداث الذين دخلوا النظارة خلال العام 2009 حوالي 171 حدثا، مشدداً على ضرورة إنشاء مركز لرعاية الأحداث الجانحين في محافظة الخليل تكون تحت إشراف الشئون الاجتماعية.
من جهته أشار الأستاذ فؤاد العواوده وكيل نيابة الخليل إلى وجود حاجة ماسة لتشريعات واضحة تحدد دور مراقبي السلوك واختصاصاتهم وعن ضرورة وجود نصوص ملزمه لحضور مراقب السلوك لجلسات المحكمة الخاصة بالأحداث، وعن ضرورة وجود محاكم ونيابة وشرطة أحداث مستقلة.
هذا وقد أشار العواودة إلى ضرورة القيام بحملات إعلامية لوقاية تعرض الأحداث لمشكلات أو اعتداءات ، كما أكد العوادة إلى أهمية تعديل العقوبات على الأحداث.
وأشارت ابتسام أبو علان مراقب السلوك في مديرية الشؤون الاجتماعية في الخليل إلى أن مراقب السلوك يؤدي عمله بكل أمانة وانه على أتم الجاهزية بالتواجد على مدار 24 ساعة من أجل حماية الأحداث، كما وتطرقت إلى بعض العقبات والتحديات التي يواجهها مراقب السلوك في الميدان هو العمل بطاقة كبيرة ويعمل في أكثر من حقل تخصص حيث توكل مهام وظيفية إضافية له، معربة عن قلقها هذا لعدم وجود تنسيق فاعل بين المؤسسات التي لها علاقة بالأحداث والى افتقار المحافظة الى وجود مؤسسة تعنى بقضايا ومشاكل الأحداث.
أما مرشدة حماية الطفولة في مديرية شؤون الخليل السيدة خلود الشرباتي فقالت بأن العاملين في هذه المهنة يتمتعون بالأمانة وبالأخلاقية العالية فهم يتعاملون مع فئة خاصة في المجتمع، وان نصوص القانون سواء فيما يتعلق بمراقب السلوك أو مرشد حماية الطفولة بحاجة إلى إمكانيات مادية والتزامات من جانب السلطة يجب تخصيصها حتى نتمكن من أداء المهمة المطلوبة بالشكل الصحيح.
أما خضرة الهور مراقب السلوك في مديرية شؤون يطا فقد أشارت إلى وجود إشكاليات على ارض الواقع في التعامل مع قضايا الأحداث، وان هناك أسباب كثيرة وراء جنوح الأحداث وانه يجب التركيز على توعية المجتمع في هذا الإطار.
وتحدث المستشار القانوني لمديرية داخلية الخليل عيسى القصراوي عما وصفه بوجود "مشكلة واضحة في التشريعات والقوانين النافذة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، ولا بد من أعادة النظر ومراجعة كافة التشريعات المتعلقة بهذا الخصوص".
أما وائل حجازي المستشار القانوني لجمعية التعاون الثقافي الفرنسي فقد لمح إلى أن هنالك قصوراً تشريعياً وإجرائيا فيما يتعلق بعدالة الأحداث يقع على عاتق السلطة الوطنية تداركه سواء على المستوى التشريعي او التنفيذي.
وتحدث النقيب عطا جوابرة مدير دائرة حماية الأسرة والطفل في شرطة الخليل عن التداخل في الصلاحيات بين مرشد حماية الطفولة ومراقب السلوك وعن إشكاليات تتعلق بالتطبيق وعن ضرورة التوعية القانونية وتعديل القوانين وتوحيدها .
أما المحامية منى أبو اسنينة من الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فقد تحدثت عن أهمية رفد وزارة الشئون الاجتماعية والجهات التي تتعامل مع الأحداث بالكوادر والإمكانيات المطلوبة للنهوض بواقع الأحداث الجانحين، مشددة على ضرورة وجود مراقب سلوك منذ التحقيق مع الحدث في الشرطة والنيابة والمحكمة، وتوفير المساعدة القانونية للأحداث من خلال وجود نصوص تلزم توكيل محام لهم ودعت إلى ضرورة الاهتمام بحقهم في التعليم من خلال توفير الأجواء المناسبة من كتب ومدرسين وهذا يتطلب تعاون من قبل وزارة التربية والتعليم لتسهيل الأمر، مشيرة إلى أن مؤسستها لديها رؤية بصدد تبني قضايا الأحداث في المحاكم الفلسطينية.
كما تم استعراض دور شبكة حماية الطفولة في متابعة قضايا الأحداث، وتحدث موسى أبو الجرايش من جمعية الهلال الأحمر قسم الإرشاد النفسي والاجتماعي عن ضرورة التشبيك والتنسيق ما بين المؤسسات ذات العلاقة، مؤكداً أن الواقع يتحدث عن نفسه فيما يتعلق بظاهرة جنوح الأحداث في ظل غياب تشريعي وإجرائي من شأنه وضع تدابير حمائية ووقائية بحقهم.
وبدوره نوه بلال الملاح من مركز تأهيل ضحايا التعذيب إلى أهمية معاملة الأحداث داخل النظارات المؤقتة معاملة حسنة، وبضرورة الإسراع في إنشاء دار للأحداث في محافظة الخليل كونها كبرى محافظات الضفة.
وقد خرجت الورشة بجملة من التوصيات أهمها ضرورة وجود قانون وتشريع موحد لرعاية الأحداث، أو تعديل البنود التي تشكل تعارض مع قانون الطفل أو دمجهما في قانون موحد . وإصدار لائحة تنفيذية، ضرورة تفعيل دور مراقبي السلوك وزيادة عدد الكادر وتوفير الإمكانيات الضرورية لهم، التنسيق الفاعل بين المؤسسات والجهات ذات العلاقة بقضايا الأحداث، إيجاد وإنشاء مركز لرعاية الأحداث في محافظة الخليل يكون تحت اشراف الشئون الاجتماعية ويكون وفق المعايير الدولية، السرعة وعدم المماطلة في إصدار الأحكام القضائية على الإحداث، ضرورة إنشاء محكمة ونيابة وشرطة خاصة بالأحداث يكون أعضاؤها متخصصون ومؤهلون ومدربون على التعامل مع قضايا الأحداث، إيجاد خطة وطنية شاملة لحماية الطفولة والأحداث، ضرورة تصنيف الأحداث الجانحين داخل نظارة الأحداث ومراكز الرعاية الخاصة بهم، وتفعيل دور الجهات التنفيذية في تنفيذ القوانين المتعلقة بالأحداث، وخاصة تلك المتعلقة بتطبيق قانون مراقبة سلوك الأحداث.