الحديث ذو شجون ..حتى لا ننسى ! * بقلم : فايز نصار
نشر بتاريخ: 28/02/2010 ( آخر تحديث: 28/02/2010 الساعة: 21:50 )
لم يسمح الرسول الكريم بكتابة شيء من كلامه الشريف عندما قال : " لا تكتبوا عني شيئا ، ومن كتب عني شيئا فليمحه " وفي المقابل اختار عليه السلام عددا من الصحابة لكتابة القرآن الكريم ، للمحافظة على كلام الله عزوجل ، الذي ضمن حفظ هذا الكتاب على مرّ العصور !
وبعد انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى ، اندلعت حروب الردة ، التي كان حفاظ القرآن ، ورواة الحديث الشريف في مقدمة شهدائها .. فكان أمر الصديق - رضي الله عليه - بجمع القرآن ، وأمر ذي النورين – رضي الله عنه – بتدوين القرآن الكريم في عدة نسخها ، أرسلت إلى الأمصار ، قبل زمن من انطلاق عميلة تدوين السنة النبوية ، ضمن عملية معقدة من التمحيص ، اطلع بها جيل من علماء الحديث .
ورغم الجهود الكبيرة التي بذلت ، إلا أن بعض الكذابين سربوا بعض الكلام غير الثابت عن أبي القاسم إلى كاب السنة ... والأمر نفسه تعرض له العرب عندما نسخوا الشعر الجاهلي ... فنجحوا في العملية بدرجة جيدة ، على عكس النثر الجاهلي الذي ضاع معظمه ، حتى قال العلماء : ما ضاع من الشعر عشره ، وما بقي من النثر عشره !
ولا يختلف اثنان في أهمية التدوين والأرشفة ، لان ما يرصد على السطور أبقى مما يحفظ في الصدور ، والأمر يقتضي ثورة في عالم التدوين ، للحفاظ على الموروث الحضاري للعرب ، على كل الصعد .
والرياضة الفلسطينية – كما افهمها - صفحة مشرقة من الموروث الحضاري للعرب الفلسطينيين ، حيث لعبت الحركة الرياضية الفلسطينية ، منذ مطلع القرن الماضي دورا فاعلا في الحفاظ على الهوية الفلسطينية ، وإسماع العالم صوت المعذبين الفلسطينيين ، قبل النكبة وبعدها ، وقبل قيام سلطتنا الوطنية وبعد قيامها !
وأخشى ما يخشاه أبناء الأسرة الرياضية النبيلة ، ان يسطو المحتل الدخيل على موروثنا الرياضي ، كما فعلت الحركة الصهيونية الدولية ، التي زعمت ان الاتحاد الإسرائيلي تأسس سنة 1928 ، وهو تاريخ تأسيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، الذي كان ثاني اتحاد عربي بعد الاتحاد المصري ، وثالث اتحاد آسيوي بعد الاتحادين الياباني والإيراني !
نخشى أن تطال يد المحتل الأجنبي تراثنا الرياضي ، كما فعل المحالون مع أكلاتنا ودبكاتنا وملابسنا الشعبية ، التي حاول العبريون سرقتها ، جهارا نهارا!
الحقيقة التي لا جدال فيها ، اننا لا نملك أرشيفا رياضيا واضحا ، يشكل مرجعية الرياضيين الفلسطينيين ، ويقتصر الأمر على محاولات فردية معزولة ، منها محاولة للمرحوم راسم يونس ، وأخرى الزميل أسامة فلفل ، وكلاهما سرد معلومات محددة عن وقائع رياضية ، لا تشمل الكل الفلسطيني ، زمانا ومكانا !
نعم .. نحن لا نملك أرشيفا رياضيا شاملا ، ولك أن تسٍال الأندية إن كانت تحفظ كل نتائج فرقها الرياضية ... وان رصدت هذه الأندية نتائج مبارياتها الرسمية ، فهل تستطيع هذه الأندية رصد كل المباريات الرسمية والودية ، ولكل المراحل السنية ، وفي كل الرياضات ؟
وهل يستطيع النادي الفلاني ان يقدم لنا ورقة حول كل مبارياته مع نادي العلنتاني.. او عن رصيد هدافيه عبر العصور ، او تشكيلات الفرق التي مثلته منذ تأسيسه ؟ حتى لا يأتي من يدعي يوما ما انه كان بطلا قوميا ، لأنه لا يوجد اكذب من شاب تغرب ، إلا ختيار ماتت أجياله !
المطلوب من اتحاد الكرة الاهتمام بهذا الملف ، وتشكيل لجنة خاصة ، مهمتها العناية بالأرشيف الرياضي ، ولتمنح كل الإمكانيات لجمع تراثنا الرياضي الفلسطيني ، من صدور صناع المجد الرياضي ، الذين نخشى ان يتخطف الموت من تبقى منهم ، فترحل معهم أسرارا وأخبارا رياضية نحن بحاجة ماسة لها ، وهؤلاء منتشرون في الوطن والشتات ، ولن يبخلوا على اللجنة بالمساعدة ، حتى لا ننسى !
والحديث ذو شجون