الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الرئيس يحذر من "العواقب الوخيمة" للانتهاكات الاسرائيلية للمقدسات

نشر بتاريخ: 06/03/2010 ( آخر تحديث: 07/03/2010 الساعة: 11:51 )
رام الله - معا - حذر الرئيس محمود عباس من" العواقب الوخيمة " للانتهاكات الاسرائيلية لحرمة المقدسات الاسلامية والمسيحية في الاراضي الفلسطينية، والتي تهدد بتقويض الجهود الدولية والعربية والفلسطينية الرامية الى تحقيق السلام الشامل في المنطقة.

واعتبر الرئيس عباس 'إن استمرار إسرائيل في سياستها القائمة على الاستيطان والتوسع على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، واستمرارها في انتهاك حرمة المقدسات الفلسطينية، الإسلامية منها والمسيحية يُنذِر بعواقب وخيمة، ويهدد بتقويض كل الجهود الدولية والعربية والفلسطينية الرامية إلى تحقيق السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط، ويفتح الباب على مستقبل قاتم ينتظر الجميع في غياب السلام والاستقرار الذي نتطلع إلى تحقيقه لنا ولجميع شعوب ودول المنطقة"

واكد الرئيس عباس في كلمته خلال احتفال وزارة الاوقاف والشؤون الدينية بذكرى المولد النبوي " على ان لا دولة بدون القدس، ولا سلام بدون القدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين الحرة المستقلة، وان استعادة وحدتنا ستبقى أحدَ أهم أهدافنا الرئيسة، كما سنظل حريصين على الممارسة الديمقراطية التي هي حق خالص لشعبنا".

وقال : 'نعاهد الله ونعاهد شعبنا وأمتنا أن نظل الأوفياء لهذه الأمانة، وألا نقبل حتى يأتي أمر الله، ويتحقق لشعبنا المرابط ما يصبو إليه من الحرية والاستقلال والكرامة الوطنية في ظل دولته الحرة المستقلة كاملة السيادة على جميع الأراضي التي احتلت عام 1967 ودُرتُها القدس.

وفيما يلي النص الكامل لكلمة سيادته:

بسم الله الرحمن الرحيم

'يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسـراجاً منيراً'

صدق الله العظيم


أيها الإخوة والأخوات

نلتقى اليوم لنُحيي ذكرى عزيزة غالية على قلوبنا، لها مكانتها وقَدْرُها في قلب وعقل كل مؤمن ومؤمنة، تلكم هي ذكرى ميلاد سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وهداية للحائرين، فبلّغ رسالة الله كما أراد الله، و تحمّل في سبيل الله ما تحمّل حتى أكمل الله به الدين وأتم به النعمة، فتركنا على الحنيفية السمحة، لا يزيغ عنها إلا هالك، ولا يتنكّبُها إلا ضال.

تحل علينا هذه الذكرى العطرة -أيها الإخوة والأخوات– ونحن نمر بمرحلة غاية في الصعوبة والحساسية، بعد أن وصلت عملية السلام إلى طريق شبه مسدود بسبب تعنت الحكومة الإسرائيلية، ورفضها الاستجابة للجهود الدولية والعربية الرامية إلى إعادة إطلاق المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها، وعلى أساس مرجعيةٍ واضحةِ المعالم تقودُ إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضينا التي احتلت عام 1967 بما فيها القدس الشريف، وكذلك تفكيك المستوطنات، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وحل مشكلة اللاجئين.

إن استمرار إسرائيل في سياستها القائمة على الاستيطان والتوسع على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، واستمرارها في انتهاك حرمة المقدسات الفلسطينية، الإسلامية منها والمسيحية، وآخر ذلك القرار الإسرائيلي بضم المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل ومسجد بلال بن ربـاح في مدينـة بيت لحم وأسوار القدس إلى ما تسميه التراث اليهودي، كل ذلك يُنذِر بعواقب وخيمة، ويهدد بتقويض كل الجهود الدولية والعربية والفلسطينية الرامية إلى تحقيق السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط، ويفتح الباب على مستقبل قاتم ينتظر الجميع في غياب السلام والاستقرار الذي نتطلع إلى تحقيقه لنا ولجميع شعوب ودول المنطقة.

إن حقوقنا الوطنية والسياسية التي أقرتها وكفلتها الشرعية الدولية، ثابتة وواضحة، وهي غير قابلة للتنازل عنها أو المساومة عليها أو التصرف بها، وفي مقدمتها القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية، التي هي أمانة الدين وأمانة التاريخ في أعناقنا، ونحن نعاهد الله ونعاهد شعبنا وأمتنا أن نظل الأوفياء لهذه الأمانة، وألا نقبل حتى يأتي أمر الله، ويتحقق لشعبنا المرابط ما يصبو إليه من الحرية والاستقلال والكرامة الوطنية في ظل دولته الحرة المستقلة كاملة السيادة على جميع الأراضي التي احتلت عام 1967 ودُرتُها القدس أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومهد سيدنا المسيح عليه السلام، ومهوى قلوب المؤمنين من كل أرجاء الأرض، فلا دولة بدون القدس، ولا سلام بدون القدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين الحرة المستقلة.


أيها الإخوة والأخوات

لقد قبلنا بالسلام القائم على العدل، وقبلنا بحل الدولتين طريقاً لتحقيق هذا السلام، لكن الحكومة الإسرائيلية لا تزال تراوغ وتتهرب، من أجل كسب الوقت وتكريس السيطرة على أراضينا المحتلة لمنع أية إمكانية واقعية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة المتصلة جغرافياً والقابلة للاستمرار والحياة، الأمر الذي وضع عملية السلام برمتها في وضع حرج للغاية، بسبب الاستيطان الذي يجب أن يتوقف، وكذلك بسبب محاولات تغيير الوضع الجغرافي والديمغرافي في الأراضي الفلسطينية التي يجب أن تتوقف أيضاً، والاحتلال الذي يجب أن ينتهي إلى غير رجعة لكي يعم السلام ربوع هذه الأرض المباركة. تعلمون ايها الإخوة إننا في الأشهر الماضية، سعينا وجلنا في كل إرجاء الدنيا من اجل استعادة حقوقنا ومن اجل البحث عن العدل في إجراء هذا العالم، وهناك مساع كما تعلمون من قبل أميركا وكل الدول تقريبا، من اجل العودة إلى عملية السلام، ونحن من اجل هذا اجتمعنا مع جامعة الدول العربية، اجتمعنا مع لجنة المتابعة العربية قبل بضعة أيام من اجل ان يتحمل العرب جميعا المسؤولية معنا، لان قضية فلسطين ليست فلسطينية وليست عربية فحسب، بل هي قضية إسلامية، لذلك ذهبنا إلى لجنة المتابعة العربية لنضع إمامها كل الحيثيات الأزمة لنأخذ القرار معهم وبهم، واليوم وغدا، لدينا اجتماعات للقيادة الفلسطينية، أيضا لنبلور رايأ واقعيا موضوعيا من اجل المستقبل، ومن اجل عملية السلام، وما يتخذ اليوم وغدا سنبلغ به الإطراف العربية والدولية.

اذا هذه هي المساعي كلها من اجل وضع الأمور في نصابها الصحيح، ومن اجل ان يتحمل كل مسؤول مسؤوليته .

أيها الإخوة والأخوات

لقد مضى ما يقارب ثلاث سنوات على الانقلاب الأسود الذي قامت به حركة حماس في قطاع غزة، ذلك الانقلاب الذي خلف وضعاً مأساوياً في قطاعنا الحبيب، ما بين مطرقة الاحتلال الإسرائيلي والحصار الذي يفرضه على أهلنا وشعبنا، وسندان الظلم والانفلات الذي يسيطر على القطاع من قبل حركة حماس، فضلاً عما سببه ذلك الانقلاب من انقسام داخلي أضعف الموقف السياسي الفلسطيني، وأعطى ذريعة لمن يريد أن يطعن أو يشكك في شرعية التمثيل الفلسطيني.

ورغم كل ذلك، فقد آلينا أن نعضَّ على جرحنا، وأن نضع مصالح شعبنا فوق جميع الاعتبارات، فبذلنا أقصى ما يمكننا من أجل إنهاء حالة الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وأبدينا تعاوناً وتجاوباً غير محدود مع الجهود التي بذلتها جمهورية مصر العربية مشكورة، ووقعنا على وثيقة المصالحة التي جاءت ثمرة أشهر من الحوار بين المنظمات الفلسطينية، غير أن حركة حماس، وتحت ضغوط ومصالح ضيقة من جهات إقليمية معروفة لم توقع بعد هذه الوثيقة، ولا زالت تصر على التهرب من المصالحة الوطنية التي هي واجب شرعي وضرورة وطنية لا يجوز التلاعب فيها أو تأخيرها .

إننا نعتقد أيها الإخوة والأخوات، إن إنهاء الانقلاب والانقسام وتحقيق المصالحة وفق الوثيقة المصرية هي الخطوة الأولى التي لابد منها لترتيب البيت الفلسطيني وتقوية موقفنا السياسي والوطني، كما إننا نؤمن أن صناديق الاقتراع هي الحَكَم، ولذلك دعونا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الرابع والعشرين من كانون الثاني الماضي، الأمر الذي تهربت منه حركة حماس وعملت على تعطيله، ثم قبلنا بالموعد الذي تضمنته الورقة المصرية لإجراء الانتخابات وهو الثامن والعشرين من شهر حزيران القادم، بينما لا تزال حماس تتهرب من الانتخابات و من المصالحة استجابة لضغوط الجهات الإقليمية التي تخضع لها.

ورغم ذلك فسيبقى موقفنا من الوحدة الوطنية ثابتا وستبقى استعادة وحدتنا هذه أحدَ أهم أهدافنا الرئيسة، كما سنظل حريصين على الممارسة الديمقراطية التي هي حق خالص لشعبنا وها نحن نقوم الآن بالإعداد لإجراء الانتخابات المحلية يوم السابع عشر من شهر تموز القادم أن شاء الله تعالى.

أيها الإخوة والأخوات

إن ذكرى المولد النبوي الشريف تجدد فينا الثقة والأمل بالحرية والاستقلال وإنهاء معاناة شعبنا لكي يعيش كبقية شعوب العالم حراً آمناً كريماً مستقلاً في دولته المستقلة فلسطين بعد عقود الصبر والمصابرة والرباط، وما ذلك على الله ببعيد.


وكان الاحتفال بذكرى المولد النبوي فد استهل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، وبكلمة القاها وزير الأوقاف والشؤون الدينية د.محمود الهباش، قال فيها أن هناك قيم وجب علينا التركيز عليها في ذكرى مولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وقال: 'القيمة الأولى التي يجب علينا الوقوف عندها هي الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى، ونبينا عليه الصلاة والسلام هو الذي اعطى الانسان قدره بجعل قتله اشد من هدم الكعبة، ولكن اليوم وبسبب ترك تعاليم سيدنا محمد اصبح الانسان مهانا، ودمه وعرضه ممتهنا.

وأضاف، لكننا اليوم نجد من يقول إن سلامة الحركة أهم من دماء المسلمين، الحركة التي تفترض أن الله غايتها والرسول قدوتها والقرآن دستورها تحط من قيمة الإنسان تقول ان قتل انسان هنا او هناك ليس له قيمة، فهل هذا هو الاقتداء الحقيقي برسول الإنسانية.

وتابع الهباش حديثه قائلا: ان غزة وفي خضم جراحها، والموت يملي شوارعها، خرج احدهم ليقول، ان الحركة لم تخسر الحرب، وكأن الموت والدمار وقتل الانسان ليس له قيمة، والقيمة الوحيدة ان الحركة باقية.

وأكد د.الهباش أن الإنسان أغلى ما نملك لأنه مستقبل أرضنا وقضيتنا، ومصالح الناس وحياتهم هي الشغل الشاغل للسلطة الوطنية .

واشار، إلى ان القيمة الثانية التي اوصى بها سيدنا محمد( صلى الله عليه وسلم)هي بقاء الامة واحدة موحدة لله تعالى، وهذه القيمة اخدت من مساحة الدعوة الاسلامية، لان الوحدة الوطنية هي السبيل الوحيد للحفاظ على قوة الامة وثباتها امام الاخطار.

وقال الهباش، رسولنا سلك كل السبل والطرق التي تحافظ على وحدة الامة وتماسكها، ولكننا نجد اليوم من يقبل على نفسه الغرق في نتن الفتنة، ويتهرب من قوة القضية والشعب.

واضاف، ان المطلوب الان هو رص الصفوف والتوحد امام الاخطار المجدقة بالامة، وان الذين يأجلون المصالحة تحت ذرائع واهية قد وقعوا في نتن الانقسام الذي حذر منه رسولنا الكريم.

وختم الهباش حديثه، عن القيمة الثالثة والمهمة التي اوصى بها سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) قائلا، هي الاجتماع على ولى الامر وعلى قيادة رجل واحد لكل الامة، لان وحدة الامة هي اهم شئ ، ونحن اليوم مجتمعون على ولي امر واحد له علينا واجب الطاعة، ومن يريد ولي اخر ، فانه يريد تدمير الامة وعقيدتها.

من جانبه، عدد مفتى الديار القدس والديار المقدسة الشيخ محمد حسين، مآثر ومناقب الرسول الكريم ، مشيرا إلى ان ولادة الرسول كانت فاتحة خير لكل العالم اجمع.

وقال الشيخ حسين، ان العرب رحموا بمولد النبي عليه الصلاة والسلام، الذي جاءهم بالاسلام، وبالتالي نقلهم من ظلام الجاهلية إلى رحابة الاسلام.

واضاف، ان الوفاء للرسول الكريم، يكون من خلال المرابطة في بيت المقدس واكنافها، والصمود في ارض الرباط، مشددا على ان الرسول العظيم علمنا ان الصبر والثبات كفيلان بتحقيق النصر.

ودعا مفتي القدس، إلى اخذ العبر من اجراءات الاحتلال التي تهدف إلى تهويد المدينة المقدسة، وبناء المستوطنات والجدار العنصري، والتوحد خلف كلمة واحدة موحدة نخاطب بها العالم اجمع، ومن اجل التصدي للاحتلال الغاشم الذي ينتهك حرمة المسجد الاقصى، امام سمع وبصر العالم الاسلامي والدولي.