الخميس: 14/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مسرحية "الحبل السري" لملتقى "إبحار" صرخة جريئة في زمن الصامتين

نشر بتاريخ: 15/03/2010 ( آخر تحديث: 15/03/2010 الساعة: 07:39 )
غزة -معا- إدراكا وتلمسا للواقع المهترئ الذي يعشيه قطاع غزة نتيجة الانقسام، وألوانه القاتمة التي لم يعد يرغبها المواطن الفلسطيني لأنها ألوان بعيدة عن ذواتنا وهويتنا ألوان صفراء وحمراء وخضراء وسوداء أركع شعب بأكمله تحت شعارات خداعة فتدفقت أموالها لتعمق الانقسام ولتصبح الحبل السري الذي يعتمد عليه أبناء القضية.

هكذا صورت مسرحية الحبل السري التي نفذتها جمعية ملتقي الإبداع الفكري إبحار بتمويل من مؤسسة عبد المحسن القطان (ضمن مشروع تطوير حقل الفنون الأدائية بشراكة مؤسسة فورد)، والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، ومنتدى شارك الشبابي )واقع الانقسام السياسي الذي يعتبر الاستثمار الأكبر بالنسبة "لإسرائيل، والذي افرغ القضية من مضمونها .

حيث تتلخص وجهة نظر كاتب المسرحية في أن " البرامج السياسة هي الجنين المشوه لأنه لا يأكل ولا يشرب من الأم الأصيلة، لذلك وصلنا إلى الضياع، والتيه، و الحبل هو المال السياسي المدفوع، و الذي أدى إلى تفسيخ نسيج المجتمع الفلسطيني، فإذا أراد الشعب الفلسطيني بفصائله أن يكون له مستقبل وان يحرر ويبني يجب أولا أن يتخلص من المال السياسي".

فريق عمل هدفه المصلحة الوطنية
وضع مبدعو جمعية ملتقى الإبداع الفكري "إبحار" القادة الفلسطينيين في مواجهة شعبهم المتعطش لإنهاء الانقسام والفئوية والمحسوبية وكل أشكال التعصب والكراهية على خشبة المسرح.

ولأن المسرح لعبتهم المفضلة، فقد أضحك وأبكي مبدعو إبحار الجمهور الذي احتشد في قاعة مركز رشاد الشوا الثقافي بمدينة غزة لمدة ثلاثة أيام متتالية من خلال مسرحية "الحبل السري" التي عرضت مطلع الأسبوع الماضي

واستطاع طاقم إبحار كفريق عمل واحد هدفه المصلحة الوطنية وخدمة المجتمع، أن يقدم مسرحية كوميدية سياسية اجتماعية ساخرة عالجت الواقع الفلسطيني الشائك وحاكت مختلف جوانب حياة الناس اليومية وأحاديثهم وأخبارهم واحتياجاتهم بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة والانقسام الفلسطيني الذي ترك بصماته السوداء على أيامهم وأرزاقهم ومستقبل أبنائهم كما أرادها كاتب نصها إياد أبو شريعة في محاولته الأولى للكتابة المسرحية.

وبجدارة تمكن حازم أبو حميد مخرج المسرحية أن يحول الفكرة والكلمة إلى صوت وصورة أكملت المشهد وأطلقت الصرخة في اتجاه إعلاء مصلحة شعبنا على كل مصلحة خاصة , مثمنا قيمة الإنسان الذي هو خليفة الله في الأرض .

فيما عالج الكاتب سائد السويركي النص درامياً، كما وأشرف عليها فنياً المخرج مصطفى النبيه.

فالمسرح ليس إلا لغة تشخص المكان والزمان حيث ترتسم فيها كل الأفعال ،فهذه اللغة المعدة للحواس والمستقلة عن الكلام هي ديكورات المسرح فأبدع الفنان غانم الدن بتصميم ديكور مسرحية الحبل السري ,فتمثل المسرح بصورة مطابقة شوارع مخيمات اللجوء في قطاع غزة ، حيث ساهم في تنفيذه كل من طارق الهواري ومحمد المغاري، زهير وعلاء الحلاق، فيما صمم أزياءها ناصر الصفدي.

وشارك في تكثيف وتجسيد الواقع مسرحياً في دور "الشعب" كل من الفنانون مؤمن شويخ، وائل حجو، سعيد عيد، كاظم الغف، إيناس السقا، زهير البلبيسي، محمد النبيه، كميليا أبو سمك، زكي السرحي، وإبراهيم درابيه.

فيما شارك عن الفصائل الفلسطينية الأكبر كل من كمال أبو ناصر، ورامز حسن، ومحمد عويضة، وطارق جبريل الذي كتب أشعار المسرحية، والتي لحنها وغناها الفنان وائل اليازجي، ومن توزيع الفنان سعد هنية.

وفي ختام المسرحية بعث اطفال مركز القطان الامل في نفوس المشاهدين من خلال الاستعراض الذي صممه الفنان وحيد ابو شحمة .

مشاهد من "الحبل السري"
لافي، شاب على بركة الله، تلمسه للواقع المرير جعله انسان متعقل لحد الجنون، هذا الدور الذي لعبه مؤمن شويخ في الحبل السري.

سأل لافي احد قادة الفصائل الفلسطينية الذين وافقوا بعد وساطات عربية ودولية على الجلوس مع شعبهم والاستماع لشكواه "بشوف جايبيين معكم ملفات؟؟ شو فيها؟" قال أحد ممثلو الفصائل." إنها برامج سياسية يا لافي"

ويكرر لافي السؤال علي فصائلنا الفلسطينة "بشوف برامجكم السياسية مربوطة بحبال". فتابع متسائلا كاظم الغف في دور أبو خالد أحد كبار الحارة، " وهاي الحبال من وين جاية ووين رايحة؟".

يتابع الممثلان القديران سعيد عيد و وائل حجو في دور أبو جلدة وأبو خيري في وصف هذه الحبال التي هي سبب الانقسام قائلين "بشوف في حبال خميلة وحبال رفيعة؟...و كل حبل لون؟...أصفر..أخضر..أحمر..أسود......

ساخرة وضاحكة هكذا جسدت الممثلة إيناس السقا دور أم الشهيد تحت اسم "أم زكي"

وتقول: "يمكن حسب لون عنين الأم"، وظهرت الممثلة كميليا ابو سمك علي خشبة المسرح في دور "أم سرور" العاقر متسائلة " عن سبب كون هذه الحبال ممدودة من الخارج إلى الداخل وليس العكس مضيفة أم سرور أن "هذه البرامج شكلها مش طبيعية زراعة ...أنابيب".

تضج القاعة بالضحك الممتزج بالمر في حلوقهم وقلوبهم على هذا الواقع الصعب، ليرسم الممثل القدير زهير البلبيسي في دور القهوجي فواز ملامح النهاية "هذه الحبال في بينها وبين بعضها حرب بس مش على أرضها على أرضنا، حرب إحنا بندفع ثمنها من دمنا ودم أولادنا.

ويتابع الممثل محمد النبيه في دور الشاب محمد أن" هذه الحبال هيه اللي قسمتنا وخلت منا جماعات وعائلات وأفراد وأحزاب وتنظيمات، وكذلك الممثل زكي السرحي في دور المثقف ياسر "هذه الحبال ضيعت الحب بينا وخلت الأخ يشوف أخوه زى العمى".

ويختم لافي المسرحية بإطلاق حكم الشعب " هذه الحبال ضيعت ماضينا و حاضرنا....إحنا مابنرفض وجودكم (الفصائل ) ، انتم منا وإحنا منكم، بس هذه الحبال من هالقيت راح نقطعها علشان نحفظ مستقبلنا ومستقبل أولادنا و أحفادنا..هاي الأحبال لازم نقطعها".