الأحد: 29/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

ظاهرة الاستغناء عن المدربين ما بين المنطق والعشوائية!!

نشر بتاريخ: 26/03/2010 ( آخر تحديث: 28/03/2010 الساعة: 22:37 )
بيت لحم - معا - عمر الجعفري - مع انتظام انطلاق البطولات الرسمية في الالعاب المختلفة على مدى موسمين متتاليين، وجدت العديد من الاندية نفسها مضطرة لتعيين مدربين لفرقها المختلفة وخاصة في كرة القدم وكرة السلة، وقد تختلف مهام المدرب وصلاحياته من فريق الى اخر "وفق اعتبارات متعددة" وان تشابه هؤلاء المدربين الى حد ما في مهامهم وصلاحياتهم ومدى ممارساتهم لهذه الصلاحيات على ارض الواقع.

ومن الملفت للنظر ان العديد من الفرق الفلسطينية لم تستقر على مدرب واحد في الموسم وبعضها لجأ الى استبدال مدربه مرة او مرتين وبعضها تكالب على فريقه خمسة مدربين.

والسؤال المهم والمطروح.. هل استبدال او تغيير المدرب يستند الى اسس علمية منطقية مثل عدم قدرة المدرب على قيادة الفريق، ام ان القضية مزاجية وغير مدروسة، بإعتبار المدرب هو الحلقة الاضعف وتحاول بعض الادارات اخفاء عيوبها عن طريق هذه الممارسة، وتلجأ اليها لارضاء جماهيرها المتعطشة للفوز او لتغطية فشلها في التنظيم والتخطيط... أم ان المدربين ولنَقل ان بعضهم غير قادر على قيادة الفرق التي اسندت لهم مهمة تدريبها لاسباب قد تكون فنية او ادارية او حتى تتعلق بشخصية المدرب وينظرون الى مهنة التدريب كمهنة اضافية تزيد من دخلهم ؟!

ويكفي ان نشير هنا انه في الاسبوعين الماضيين بلغ مجموع المدربين الذين استغنت عنهم ادارات انديتهم اكثر من ستة مدربين في لعبتي كرة السلة وكرة القدم.

هذه القضية طرحناها على بساط البحث والتقينا بالمدرب محمد الصباح وماهر مفارجة واللاعب منذر قريع والادري عزام اسماعيل فقالوا :

المدربون دفعوا ثمنا للصراعات الادارية
قال محمد الصباح مدرب المنتخب الوطني سابقا وفريق ثقافي طولكرم حاليا.. ان قضية المدربين الفلسطينيين سواء في كرة القدم او كرة السلة او غيرها من الالعاب غاية في الاهمية والحساسية، واذا اردنا الخوض فيها فنقول ان الظروف التي عشناها في الموسمين الماضي والحالي كانت ظروفا استثنائية، فمن جهة كان هناك انتظام للدوري وكانت هناك سياسة واضحة في عملية الصعود والهبوط، والقضية الثانية ان الناحية المادية أصبحت عنصرا أساسيا في عمل المدربين واستقطاب اللاعبين، فسعت جميع ادارات الأندية لتعين مدربين في الوقت الذي كانت فيه الكثير من الأندية عاجزة ماديا عن تغطية نفقات هؤلاء المدربين، وهناك قضية اخرى ان عدد الأندية في الدرجتين الممتازة والاولى اكثر بكثير من عدد المدربين المؤهلين القادرين على قيادة هذه الفرق.

وفي ظل هذه المعطيات اصبحت هناك فرصا لإدارات الاندية لاستبدال المدربين لعدة اسباب، الاول هو عدم الرضا عن النتائج التي يحققها، والسبب الثاني عدم قدرة الأندية على الوفاء بالتزاماتها تجاه هؤلاء المدربين وخاصة فيما يتعلق بالموضوع المالي، وهناك سبب ثالث وللأسف وهو عدم التوافق في داخل الإدارة الواحدة على منح الثقة للمدرب وبالتالي دفع المدربون ثمنا لصراعات الإدارة.

هذه الأسباب هي الرئيسية، وهناك اسباب أخرى هامشية منها تدخل اللاعبين في عمل المدربين وخاصة كبار السن او المؤثرين في الفريق والذين كانوا يشكلون دائما وسيلة ضعط على إدارات الاندية اتجاه هؤلاء المدربين.

افضل ان يتعاقد النادي مع المدرب منذ بداية الموسم
أما ماهر مفارجة، مدرب شباب الخليل، فقال... للأسف أنديتنا اليوم ترجع سبب فشل هيئاتها الإدارية وأخطاء إداراتها المتراكمة منذ سنوات عديدة وعدم تجهيز فرقها المصنفة والمساندة للبطولات المختلفة كالتي نشارك فيها اليوم وبالأخص دوري كرة القدم الذي هو شبيه بدوري المحترفين، الى المدربين فأي اخطاء تحدث مع الفريق يرجعون سببها الى المدرب متناسين اداء اللاعبين وإمكانياتهم ويحاولون مقارنة إمكانيات هذا الفريق او النادي بالفرق الأخرى والاندية في نفس الدرجة وبالتالي كل الأخطاء تلصق بالمدرب.

واضاف... اعتقد انه من الناحية العلمية ان اي ناد يريد ان يتعاقد مع مدرب فمن الافضل ان يتعاقد معه منذ بداية الموسم حتى نهايته، حتى يستطيع هذا المدرب أن يضع الخطط التي يعتقد انها مناسبة لنجاح الفريق، وهناك دليل في الدوري الفلسطيني على ذلك ان نادي جبل المكبر الذي يحتل اليوم صدارة الدوري مدربه تعاقد معه ولا زال منذ بداية الموسم.

على العكس من ذلك... نادي هلال القدس الذي كان أداءه في الدور الأول من أفضل الفرق واليوم ترتيبه الثالث نتيجة تغير المدربين حيث تعاقب على الفريق ثلاثة مدربين، وكذلك نادي شباب الخليل، وانا اعتقد ان المدرب يجب ان يأخذ فرصته من بداية الموسم حتى نهايته ومن ثم نستطيع عندها الحكم على المدرب وقدراته وامكانياته، وللأسف مدربنا المحلي مظلوم لأنه يعمل بالعاطفة وليس ضمن عقود احتراف كالآخرين.

لهذه الاسباب نجح الكابتن ياسر محسن
منذر قريع لاعب شباب ابو ديس لاعب عاصر العديد من المدربين سألناه عن صفات المدرب الناجح ومن هو المدرب الذي لا يزال يحفظ ذكراه وأثر فيه بشكل كبير، فقال... انا كلاعب خضت الدوري الفلسطيني منذ عام 2000 وصعدنا بفريقنا من الدرجة الأولى الى الممتازة ومنذ ذلك التاريخ عاصرت العديد من المدربين والعصر الذهبي لي كلاعب كان مع المدربين امجد جفال وياسر محسن، حيث وصلنا مع الكابتن امجد جفال الى دور الثمانية في بطولة كأس فلسطين عام 95 ووصلنا الى الدرجة الممتازة مع ياسر محسن، واعتقد ان سر نجاح الكابتن ياسر محسن هو انه لاعب قديم لعب مع فريق ابو ديس يعرف مكنونات الفريق ونفسية اللاعبين فهو يعرف كل كبيرة وصغيرة عنهم وقدرات كل لاعب هذه القضية الاولى.

واضاف قرقع... والقضية الثانية التي ساهمت في نجاحه هي فارق السن بيننا وبينه وهذا فرض علينا احترامه، والنقطة الثالثة وهي المهمة، ان اللاعب كان لا علاقة له بالإدارة وهمزة الوصل بين اللاعب والإدارة هو المشرف الرياضي فاللاعب واجبه ان يقدم أفضل ما لديه في الميدان بالمقابل احتياجاته متوفرة فلا يتدخل في عمل الإدارة، والنقطة الرابعة لم تكن الاعتبارات السياسية والحزبية لها أي دور داخل الملعب فالمصلحة هي مصلحة البلد والفريق، واما النقطة الخامسة فهي النظرة المادية حيث كان اخر ما يمكن ان نفكر به هو النقود، اما اليوم فقد أصبحت هذه الامور من أهم القضايا التي تواجهها الأندية وأصبحت إدارات الاندية رهينة في ايدي اللاعبين بالإضافة الى الابتزازات المالية التي تواجهها تلك الادارات.

وتساءل قريع... فقال والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا العديد من ادارات الاندية عندها الاستعداد لهضم حقوق المدرب المحلي بالمقابل تغدق الاموال على المدرب غير المحلي علما انه قد يكون اقل كفاءة وقدرة حيث لجأت غالبية الاندية بعد فشلها مع المدرب غير المحلي للعودة الى المدرب المحلي، وهذه القضية خلقت هوة وفجوة بين إدارات الاندية والمدربين المحليين.

المسؤولية مشتركة على الاندية والمدربين
عزام اسماعيل نائب رئيس مؤسسة البيرة وعضو اتحاد كرة القدم قال... ان ظاهرة تغير المدربين تحدث في فلسطين وغيرها من البلدان ولكن في الدوري الفلسطيني عادة ما تحدث هذه القضية لان الكثير من المسؤولية تسلط على المدرب وقد يظلم المدرب في بعض الاحيان خاصة ان هناك بعض المدربين قد لا تتوفر لديهم الامكانيات لنجاح عملهم وبالتالي يعزون عدم قدرة المدرب على القيام بواجبه او تحقيق نتائج ايجابيه لفريقه الى عجزه وتقصيره.

بالمقابل... هناك بعض المدربين يرتكبون اخطاء معينة في ادارة الفريق مثلا، الا يوفق المدرب في قراءته للمباريات واحداث التغيير واستبدال اللاعبين المناسبين او قد يكون هناك اخفاق في اعداد الفريق للدوري.... وبدون شك اعتقد قد تكون المسؤولية مشتركة على الاندية او المدربين في بعض الاحيان فقد تجد مدربا موفقا في نادي معين بينما هو غير موفق في نادي اخر.

بالمقابل تغير المدرب اثناء فترة الدوري هو امر صعب قد يكون فيه مجازفة وخطورة وقد ينعكس سلبيا على الفريق... ولا بد من الاشارة هنا وبشكل واضح انه اثناء فترة الدوري يكون هناك شد عصبي سواء من قبل الادارة او اللاعبين او الجماهير وقد يكون لذلك تأثيرا في استبدال المدرب وفي مثل هذه الحالة تكون العاطفة هي السبب في تغيير المدرب معتمدين من اتخذوا القرار على النتائج دون ان يكون لهم قراءة فنية دقيقة لوضع الفريق.

واضاف اسماعيل ... اعتقد ان النادي الذي يغير مدربه اكثر من مرتين في الموسم ربما يكون الخلل في النادي أي في ادارة النادي اكثر ما يكون الخلل من المدرب... والمدرب بالذات هو الذي يعد الفريق بدينا ونفسيا وفنيا للمباريات وهو الذي يقود الفريق... وربما يكون شخصا عاديا او عضوا في الادارة تكون له قراءة للمباريات افضل من المدرب ولكن هذا الشخص لا يكون قادرا على اعداد الفريق بالشكل الذي يكون فيه هذا الفريق معد للمباراة من قبل المدرب.

واشار ان زيادة تغيير المدربين ينعكس سلبا على تطور اداء الفريق وعندما ينجح مدرب في قيادة فريق لمدة سنتين او ثلاث سنوات يكون لهذا المدرب رؤية او خطة لاعداد الفريق بشكل متدرج ومدروس مما قد يعطي ثمارا ايجابية على العكس عندما يتم تغيير المدربين فان ذلك يعني ان الخطط غير متكاملة... اما بشأن تغير المدربين فاعتقد انه يمكن النظر الى كل حالة على حده ففي بعض الاحيان قد يشعر المدرب بعدم قدرته على احداث التغيير في فريق ما وبالتالي قد يطلب هو عدم الاستمرارية والاستقالة.

ولمواجهة هذه الظاهرة التي اثرت على علاقة المدربين بادارات الاندية وحتى على الثقة بين الطرفين... طرحنا السؤال التالي كيف يمكن الحد او تخفيف حجم هذه المشكلة؟!

فقال محمد الصباح ان الحل يكمن في تصنيف المدربين وتأهيل مدربين جدد، واعتبار التدريب مهنة، وعدم السماح للمدربين لتدريب اكثر من ناد، وفصل الأجهزة التدريبية للمنتخبات عن تدريب الاندية، وعلى الاتحاد الزام الفرق او الاندية بالتعاقد مع مدربين مؤهلين، ويجب على المدربين ان يشكلوا جسما له صفة اعتبارية ويمكن ان يكون من خلال اتحاد كرة القدم.

واضاف الصباح قائلا.. هذه النقاط ممكن ان تعالج جزءا كبيرا من المشكلة التي ظهرت في الموسمين الأخيرين، وهناك مسؤولية تقع على عاتق اتحاد كرة القدم وكرة السلة وهي التأخر في تصنيف وتأهلين مدربين جدد قادرين على تدريب هذه الفرق.

فيما قال ماهر مفارجة ان الحل يكمن في عمل دورات للمدربين المحليين من قبل اتحاد كرة القدم، والتعاقد مع المدربين الأكفاء، يجب انشاء مدرسة مدربين ينضم إليها مدربين واعدين لاستلام المهمة مستقبلا، وتصنيف المدربين، يجب على المدربين عمل نقابة او جسم خاص للمحافظة على حقوقهم.

اللاعب منذر قريع قال.. ومن هنا اعتقد ان اتحاد كرة القدم مطالب مثلما منع لاعبي تعزيز ان يمنع الاستعانة بالمدربين غير المحلين كما ان المطلوب من اتحاد كرة القدم ان يعقد الدورات بشكل مستمر للمدربين.

أما عزام اسماعيل يعتقد ان نجاح اي مدرب في مهمته انه من الضروري ان يشارك في اعداد الفريق قبل بداية أي مسابقة كروية في فترة لا تقل عن 3 اشهر حتى يتعرف على امكانيات اللاعبين ونفسياتهم.

الاسئلة الصعبة
* ما هي المعايير التي تستند عليها ادارة ما في تعيين مدرب لفريقها ؟
* لماذا لم يتخل اي مدرب فلسطيني عن تدريب فريق ما دام هذا الفريق يحقق نتائجا ايجابية ؟
* هل تعيين المدربين في بعض الاحيان يكون من اجل انهاء او الحد من الصراعات داخل الفريق ؟
*هل تلجأ بعض الادارات الى تعين المدرب من اجل الحد من تدخل افراد الادارة في الفريق ؟
*ما معنى ان يتكالب على فريق معين اكثر من ثلاثة مدربين في الموسم الواحد ؟
*لماذا تلجأ بعض الادارات الاندية الى الاستغناء عن مدرب ما ثم لا تلبث بعد فترة وتعود عن قرارها ؟
*لماذا يقبل بعض المدربين تدريب فرق هم غير قادرين على قيادتها ؟
*لماذا لم يطور مدربينا قدراتهم وبالتالي لا زالت امكانياتهم محدودة ؟
*لماذا بعض الفرق لم يتطور اداء لاعبيها بالرغم من ان اداراتها رصدت ميزانيات هائلة لمدربيها ؟
*لماذا تذعن بعض الادارات لنداءات الجمهور بتغير المدرب بعد خسارة مباراة مثلا ؟
* هل يعتبر بعض المدربين التدريب مهنة اضافية يكسبون من وراءها دخلا اضافيا بغض النظر عن وضع الفريق الذي يدربونه ؟
* هل تلعب العلاقات الشخصية دورا في تعين مدرب ما بغض النظر عن كفاءته؟
*لماذا لم تدفع العديد من ادارات الاندية مستحقات المدربين المالية والتي مضى عليها وقت طويل ؟
* ماذا يعني ان فريقا لكرة السلة استغنى عن مدربه بعد مباراتين من تدريبه ؟