الإثنين: 20/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

مركز القدس يتهم اسرائيل بتصعيد سياسة الإبعاد عن البلدة القديمة

نشر بتاريخ: 28/03/2010 ( آخر تحديث: 28/03/2010 الساعة: 15:42 )
القدس- اتهم مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية السلطات الإسرائيلية في تقرير أصدره اليوم بتكثيف عمليات الإبعاد عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى، ومنع دخولهما، إضافة إلى فرض قيود مشددة على حرية الحركة والتنقل لعشرات المواطنين من خلال استمرار احتجاز بطاقاتهم الشخصية بعد اعتقالهم والإفراج عنهم، فيما طالت هذه الإجراءات أطفالا دون سن الخامسة تم إبعادهم عن مساكنهم إلى مدن أخرى مثل أريحا وتل أبيب، ما حرم هؤلاء الأطفال من رعاية أسرهم، ومنعهم من حقهم في التعليم.

وقال تقرير أولي أعدته وحدة البحث والتوثيق في المركز وستصدر نتائجه كاملة في وقت لاحق، أن ما يقارب الخمسين مواطنا من البلدة القديمة ومن داخل الخط الأخضر أبعدوا بقرارا ت صادرة عن محاكم إسرائيلية، وعن الجيش الشرطة الإسرائيليين عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى بعد مواجهات "يوم الغضب" الأخيرة ، وطالت أيضا بعض حراس المسجد الأقصى ورجال دين.

وكان آخر قرار أصدرته الشرطة الإسرائيلية أمس بمنع الشابين محمود عبد الكريم حجاجرة من قرية الحجاجرة، وبلال محمد زيدان- من قرية كفر مندا- داخل الخط الأخضر بعد احتجاز وتحقيق لمدة خمس ساعات ، بحجة أن الاثنين التقطا صورا عن طريق الهاتف النقال لمجموعة من السياح الأجانب وأفراد الشرطة الإسرائيلية داخل الجامع القبلي المسقوف في المسجد الأقصى المبارك ، صباح أمس الثلاثاء.

وأكد الشابان أنهما كانا في زيارة عادية بهدف الصلاة في المسجد الأقصى ، وأنهما التقطا صورا عادية لمعالم المسجد الأقصى، لكن الشرطة ادعت خلال التحقيق مع الشابين أن هدف مثل هذا التصوير هو نشر الصور على مواقع الإنترنت وتبيان وجود قوات من الشرطة الإسرائيلية داخل الأقصى ومن ثم تأليب الرأي العام العربي والإسلامي على المؤسسة الإسرائيلية.

وقال الشاب محمود عبد الكريم حجاجرة ، أن أفرادا من الشرطة توجهوا إليهما، وسألوهما عن التصوير ثم قاموا باعتقالهما، ونقلهما إلى نقطة شرطة خارج المسجد الأقصى ، ثم إلى محطة الشرطة في القشلة ، وهناك تم التحقيق معهما لنحو خمس ساعات ، كل على انفراد.

وكانت محكمة الصلح مددت أمس توقيف حارسي المسجد الأقصى طارق هشلمون وجميل عباسي حتى الأول من نيسان القادم، فيما مددت أمس الأول توقيف الشاب موسى خليل العباسي رئيس برلمان شباب فلسطين لمدة شهر. وكانت وحدة المستعربين اعتقلت العباسي في أحداث يوم الثلاثاء الماضي في حي ألصوانه ، ولم يتم عرضه على المحكمة في اليوم الثاني للأحداث بسبب تحويله للمستشفى لإصابته برضوض في جسده نتيجة الاعتداء عليه بالضرب المبرح خلال اعتقاله.

في حين مددت محكمة إسرائيلية توقيف الشابين المقدسيين علي قلمبو (28 عاما) أحد أبناء الجالية الإفريقية في القدس والشاب فادي سدر (26 عاما) من سكان حي الست أمينة في باب المجلس لمدة 24 ساعة.

وكان قلمبو ضمن أل 15 شابا الذين اعتقلوا في 16 آذار وأبعدوا عن البلدة القديمة لمدة أسبوعين والتوقيع على كفالة بقيمة خمسة آلاف شيكل، لكنه رفض الامتثال لقرار الإبعاد.

وفيما يتعلق بالشاب سدر, فقد صودرت بطاقة هويته الشخصية قبل خمسة أيام من قبل أحد ضباط الشرطة في البلدة القديمة, وكان يتجول طوال تلك الفترة بدون بطاقة هوية.

وخلال مداهمة حي باب المجلس, جرى الاعتداء على والدة الشاب سدر واعتقال شقيقيه شادي وجهاد وإبعادهما عن البلدة القديمة من القدس لمدة أسبوعين.

أما أصغر المبعدين سنا، فهو الطفل محمد حبيب احمد القاضي من سكان حي الجالية الإفريقية قرب المسجد الأقصى، والذي أبعد إلى مدينة أريحا لأسبوعين، بعد اعتقاله من داخل منزله في الحي بتهمة المشاركة في أحداث "يوم الغضب".

وكان فتى من حي رأس العمود يدعى عبد الرحمن الزغل أبعد قبل خمسة أشهر عن مسكنه في الحي إلى مدينة تل أبيب حيث يعمل شقيقه هناك إثر مواجهات اندلعت في الحي ، ومكث مبعدا نحو شهر ، قبل أن تسمح له محكمة إسرائيلية بالعودة لكن بعد حبسه منزليا، وتحديد حركة انتقاله إلى مدرسته فقط وبرفقة أحد والديه.

كما شملت أوامر المنع من دخول القدس والمسجد الأقصى أكاديميين ورجال دين من داخل الخط الأخضر. ففي الثامن عشر من آذار الجاري اصدر الجيش الإسرائيلي بمنع الدكتور حكمت نعامنة مدير مؤسسة عمارة الأقصى والمقدسات " من دخول المسجد الأقصى " والبلدة القديمة بالقدس لمدة شهرين.

واستدعت الشرطة الإسرائيلية في "مسجاف" الدكتور حكمت نعامنة من سكان قرية عرابة وسلمته قراراً عسكريا من الجيش الإسرائيلي يمنعه من دخول الأقصى والقدس القديمة لمدة شهرين ، وأرفق القرار العسكري بخارطة توضح المناطق التي يمنع الدخول أو المكوث فيها .

وحاء في القرار العسكري الذي أصدره " قائد الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي " ، وذلك بموجب قانون الطوارئ الانتدابي :" أمر : بموجب صلاحياتي من البند 108و109 ، ولاقتناعي بضرورة الأمر وأهميته لتأمين أمن الدولة ، والحفاظ على أمن الجمهور والنظام العام ، فإني أصدر هذا القرار بحق حكمت نعامنة ، وهو منعه من دخول البلدة القديمة بالقدس، وهي المنطقة المشار إليها في الخارطة المرفقة ، والذي يشكل جزءا لا يتجزأ من هذا الأمر " ، كما جاء في القرار العسكري أن مدته سارية لشهرين ابتداء من تاريخ 1732010م وحتى تاريخ 1752010م.

واعتبرت وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس هذه الإجراءات بأنها عقاب جماعي، ينتهك حرية الأفراد في الحركة والتنقل، ومس جسيم بحرية العبادة والوصول إلى الأماكن المقدسة، عدا عن أنه ينتهك حقوق الأطفال والفتية القاصرين الذين ينتزعون من أسرهم وعائلاتهم ويحرمون من حقهم في التعليم.
واستندت وحدة البحث والتوثيق في تأكيدها على عدم قانونية أوامر وقرارات الإبعاد هذه على مجموعة من المواثيق والاتفاقيات الدولية من أبرزها:
اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

أكدت اتفاقية جنيف الرابعة على حماية المدنيين في النزاعات المسلحة وتعتبر حجر الزاوية للقانون الدولي الإنساني ويمثل حظر إبعاد وترحيل السكان المدنيين أثناء الاحتلال جانباً هاماً من هذه الحماية وهذا ما يتضمن عليه فهي المادة 49 من الاتفاقية حيث جاء إنه : "يحظر النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو ترحيلهم من الأراضي المحتلة إلي أراضي دولة أخري محتلة أو غير محتلة أياً كانت الدواعي".

ويتبين ذلك من الملاحظات الآتية:

أ- إن هذا النص المذكور لم يميز بين حالات الإبعاد والترحيل القسري سواء حالات الإبعاد الفردية أو الجماعية للأشخاص ، ولكنه جاء شاملا لكل حالات الإبعاد ويعتبر جميع أنواع الإبعاد محظورة وممنوعة ومحرمة دوليا.

ب- لم يفرق النص بين الوجهة والمكان التي يتم الإبعاد إليه سواء إلى أراضى دولة الاحتلال أو إلي أي أرض دولة محتلة أو غير محتلة.

ج- إن المادة49 التي حظرت الإبعاد والترحيل القسري واعتبرته غير مشروع وأعيد التأكيد علي عدم المشروعية في نص المادة 147 " حيث نصت علي أن المخالفات الخطيرة : هي التي تتضمن أفعال إذا اقترفت ضد أشخاص محمية أو ممتلكات محمية بالاتفاقية مثل القتل العمد والتعذيب أو المعاملة غير الإنسانية والإبعاد والترحيل غير المشروع.

د- إن مبدأ تطبيق تلك النصوص من - اتفاقية جنيف الرابعة - يبدأ سريانها بمجرد أن يتم ترحيل السكان قسراً من أماكن إقامتهم العادية وليست حسب مزاعم سلطة الاحتلال.

هـ- إن نص المادة 146 من الاتفاقية نفسها ألقت علي عاتق الأطراف التزاماً باتخاذ الإجراءات التشريعية لفرض عقوبات جزائية علي الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية ومن جهة أخري فإن الاختصاص القضائي للنظر في مثل هذه المخالفات يتجلي في أن كل طرف في الاتفاقية يلتزم بملاحقة المتهمين لارتكاب هذه المخالفات الجسيمة أو أن يأمر بارتكابها وتقديمهم إلى المحاكمة أمام المحاكم المختصة.

و-وإن الإبعاد والترحيل القسري للمدنيين هو اختصاص عالمي وهي تندرج ضمن طائفة الجرائم الدولية التي لا تسقط بالتقادم.

البروتوكولان الإضافيان لاتفاقيات جنيف لسنة 1977

لقد نصت المادة 85 من البرتوكول الأول بشكل صريح علي حماية المدنيين من الإبعاد والترحيل تعتبر الأعمال التالية بمثابة انتهاكات جسيمة لهذا البرتوكول:-

أ‌- إذا اقترفت عن عمد مخالفة للاتفاقيات أو البرتوكول.

ب‌- قيام دولة الاحتلال بنقل بعض سكانها إلى الأراضي التي تحتلها أو ترحيل أو نقل كل أو بعض سكان الأراضي المحتلة داخل نطاق تلك الأراضي أو خارجها مخالفة للمادة 49 من الاتفاقية الرابعة.

* كما عملت الفقرة الخامسة من المادة 85 سالفة الذكر علي بيان التكيف القانوني واعتبرتها جرائم حرب.

* كذلك الحال فقد تكفلت المادة 86 من البرتوكول الأول بيان الالتزام الملقي علي عاتق أطراف النزاع والمتمثل في منع كافة الانتهاكات لهذه الاتفاقية ، وأكدت عدم إعفاء الرؤساء من تحمل المسئولية الجنائية في حالة قيام المرؤوسين بانتهاك هذه الاتفاقيات أو هذا البرتوكول إذا لم يتخذوا كل ما في وسعهم من إجراءات مستطاعه لمنع نقل السكان المدنيين من رعايا سلطة الاحتلال إلي الأراضي المحتلة أو خارجها.

أما المادة 17 من البرتوكول الثاني الملحق باتفاقية جنيف فقد نصت علي عدم جواز إرغام الأفراد المدنيين علي النزوح عن أراضيهم لأسباب تتصل بالنزاع.

4- الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان لعام 1950 وملحقها.

إن المادة "1" من البرتوكول رقم "7" الملحق بالاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان لعام 1950 حظرت الإبعاد الفردي.

5- الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969م .

لقد نصت المادة "22" الفقرة "9" من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969 حظرت الطرد الجماعي.
6- الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1979 .

إن نص المادة "12" الفقرة "5" من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1979 حظرت الطرد الجماعي.

ثانياً : العرف الدولي

من ضمن الأشياء التي استقرت عليها الأعراف الدولية والتي كانت ترعها الدول في تصرفاتها هو ما أصدرته وزارة الدفاع الأمريكية لضبط تصرفات جيوشها في الميدان حيث نصت المادة "23" من الأمر رقم"100" علي أنه يجب عدم قتل المدنيين أو ترحيلهم …… وقد أعتبر فقهاء القانون الدولي عمليات الإبعاد والترحيل والطرد للمدنيين إلى خارج نطاق الإقليم المحتل بأنها تتعارض مع القواعد العرقية للقانون الدولي .

ثالثاً : القضاء الدولي :

1- محكمة نومبررج :

كان لمحكمة نومبررج موقف من أبعاد وترحيل المدنيين ووصفته بأنه جريمة دولية واستندت في ذلك إلي لوائح لاهاي والعرف الدولي ، وأدانت محكمة نومبرج عمليات الإبعاد والترحيل القسري إلي خمسة ملايين عامل من الأقاليم المحتلة في فرنسا الدانمارك ،لوكمسبورج ،بلجيكيا ،هولندا ،روسيا .


2- المحكمة الجنائية الدولية :

لقد اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية أن الإبعاد يعتبر جريمة دولية وجريمة ضد الإنسانية وهي جريمة عدوان ، حيث نصت المادة "7" من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية معتبرة الإبعاد وترحيل السكان المدنيين جريمة دولية ، ويجب محاكمة مرتكبيها وتقديمهم إلي المحكمة الجنائية الدولية باعتبارهم مجرمي حرب.

اتفاقية جنيف الرابعة
• تعرِّف "التسفير أو الإبعاد غير القانوني، أو الحبس غير القانوني للأشخاص المحميين" بأنه يشكل انتهاكاً خطيراً للاتفاقية، ويعتبر بالتالي جريمة حرب (المادة 147).

• تحظر "العقوبات الجماعية وجميع أعمال الترويع المماثلة"، بالإضافة إلى "أعمال الانتقام ضد الأشخاص المحميين وممتلكاتهم". (المادة 33)
• تنص على أن: "عمليات الإبعاد الفردية أو الجماعية، بالإضافة إلى عمليات تسفير الأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي الدولة التي تحتلها أو إلى أراضي أي بلد آخر، سواء محتلاً أم لا، تعتبر محظورة بصرف النظر عن دوافعها" (المادة 49).
• تنص على أن "الأشخاص المحميين المتهمين بارتكاب جرائم يجب أن يحتجزوا داخل بلدهم المحتل، وأن يقضوا فيه مدة حكمهم في حالة إدانتهم" (المادة 76).

قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية:
• يعكس القانون الدولي العرفي
• يعرف التسفير أو الإبعاد القسري للسكان بأنه يعني "التهجير القسري للأشخاص المعنيين عن طريق الطرد، أو غيره من أفعال الإكراه، من المنطقة التي يتواجدون فيها بشكل قانوني من دون أسباب يبيحها القانون الدولي".
• يعرف "تسفير أو إبعاد جزء من سكان الأراضي المحتلة أو جميعهم، سواء داخل أراضيهم أو خارجها" على أيدي قوة الاحتلال، على أنه جريمة حرب، وذلك بموجب المادة 8 (2) ( b)( .(viii
• ينص على أن التسفير أو الإبعاد القسري للسكان يشكل كذلك جريمة ضد الإنسانية في حالة تنفيذه على نطاق واسع أو بطريقة منظمة كجزء من سياسة حكومية (المادة 7 (د)).