الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

استراتيجية فتح بعناصرها الاربع تشق طريقها رغم عقبة الانقسام الداخلي

نشر بتاريخ: 01/04/2010 ( آخر تحديث: 01/04/2010 الساعة: 09:34 )
رام الله - معا- هل تنجح حركة فتح في انجاز إستراتيجيتها للمرحلة المقبلة؟، هذا السؤال الذي يبدأ يدور في أعقاب اعلان قيادات من أعضاء اللجنة المركزية للحركة عن عناصر هذه الإستراتيجية التي تدور حول أربعة عناصر رئيسية ، أولها تصعيد الحراك الشعبي من خلال دعم المقاومة الشعبية السلمية لمواجهة مخططات الاحتلال وسياساته ، و ثانيها تصعيد الحراك الدولي من اجل استقطاب وتجنيد أوسع تضامن دولي مع الموقف الفلسطيني في مواجهة إسرائيل، وثالثها العمل من اجل انجاز الوحدة الوطنية الداخلية وإنهاء الانقسام الداخلي، ورابعها مواصلة بناء المؤسسات وتقويتها تمهيدا لمرحلة الدولة المنتظرة.

ومن الواضح ان هذه العناصر الرئيسية لإستراتيجية فتح ورغم اقترابها مع كافة الفصائل والقوى الوطنية من خلال تبني هذه الرؤية ، الا انها بحاجة بالأساس الى اعادة ترتيب اوضاع فتح الداخلية والقضاء على كافة اشكال الخلافات الداخلية بما يساهم في تجميع كافة القوى والقيادات الفتحاوية خلف رؤية موحدة تستظل بإستراتيجية واحدة وتمضي في عملية نضالية متكاملة من اجل تحقيقها.

ورغم ان مسؤولين كبار في حركة فتح يؤكدون تبني هذه الاستراتيجية بعناصرها الرئيسية الاربع، الا انه من الواضح ان ترتيب هذه العناصر من حيث الأولويات مازالت بحاجة لنقاشات جدية خاصة ان أي تعارض لاحد مكونات هذه الإستراتيجية يؤثر بصورة مباشر على بقية العناصر الاخرى.

مفوض العلاقات الدولية في حركة فتح، د.نبيل شعث، يأخذ على عاتقه شرح وتفصيل هذه الإستراتيجية في كل مناسبة، ويؤكد أهمية جدولة هذه العناصر حسب الأولويات بما يضمن تحقيقها، مؤكدا ان تصعيد الحراك الشعبي والتحركات السلمية يمثل احد مقومات هذه الإستراتيجية خاصة في ظل الإجماع الوطني غير المعلن على عدم إمكانية اللجوء إلى المقاومة المسلحة في هذه المرحلة الامر الذي يجعل خيار المقاومة الشعبية السلمية منهجا سياسيا مقاوما خاصة ان هذا النهج يحظى بدعم دولي ويزيد من تفاعل المجتمع الدولي مع حركة الجمهور الفلسطيني، اضافة الى انه يساهم في احراج اسرائيل التي حسب شعث، انها باتت مرعوبة منه وتسعى لتقويضه بشتى الطرق والوسائل والادوات.

واكثر ما يعزز جدية قيادة فتح بتبني هذا الخيار ، حرص قياداتها على المشاركة في قيادة هذه التحركات والتظاهرات واستعدادهم لدفع الثمن الناتج عنه رغم التهديدات والتحذيرات الاسرائيلية التي نقلتها الى قيادة السلطة الوطنية وقيادة فتح التي اكدت من خلالها ان مشاركة هذه القيادات سيكون له ثمن ولن ترضى سلطات الاحتلال بهذا الأمر ، حيث لجأت اسرائيل الى سحب بطاقات الـ (VIP) من بعض قيادات اللجنة المركزية لحركة فتح والتي ردت على ذلك بتجميع بقية البطاقات وتسليمها للجانب الإسرائيلي، ما دفع إسرائيل الى مضاعفة الإجراءات التي كان منها اعتقال عضو اللجنة المركزية للحركة عباس زكي الذي مازال رهن الاعتقال.

قيادات فتح تدرك ان مشاركتها مع عامة المواطنين في هذه التظاهرات والاحتجاجات الشعبية، يزيد من التصاقها بالجمهور الذي كان ينظر اليها لفترة طويلة بانها تخلت عن الميدان وباتت اسيرة المكاتب.

وتقر بعض قيادات الحركة بان السلوك السابق الذي ساد عمل اغلبية القيادات الفتحاوية ساعد حماس في توسيع قاعدتها وتفاعلها مع الجمهور الذي كان يشعر بابتعاد قيادات فتح عنه وتركه لوحده، ولكن من الواضح ان حركة فتح استفادت من التجربة السابقة وبدأت تتخذ خطوات عملية لاستعادة علاقتها الطبيعية مع الجمهور.

ومن الواضح ان تاثيرات وتوسيع نطاق هذا الخيار، بات من غير الممكن ان يصل الى مداه في ظل حالة القلق الرسمية لدى السلطة الوطنية من امكانية انفلات الامور من عقالها اذا ما زادت حدة التحركات والتظاهرات الشعبية، حيث ترى قيادات فتحاوية ان وجودها على رأس هذه التحركات يبدد مخاوف انزلاقها الى مربعات يصعب السيطرة عليها.

وبينما ينظر الى هذا العنصر باعتباره مقدمة لتنفيذ الاستراتيجية الفتحاوية، فان هذا العنصر مرتبط بشكل موضوعي بالعنصر الثاني هو تصعيد الحراك الدولي واستثمار حركة التضامن الدولي التي تتمثل في تواجد المتضامنين الاجانب الدائم في التحركات والتظاهرات الشعبية السلمية الامر الذي يحقق مصداقية عالية بطبيعة النضال الوطني العادل، واهمية قيادة العمل الدبلوماسي للترويج الى النضال السلمي على المستوى العربي والدولي وتجنيد اوسع دعم وتأييد وقطع الطريق على اسرائيل على وسم النضال الوطني بـ"الارهاب".

ورغم امكانية التوافق على هذه العناصر، الا ان هناك اجماع عام بان كل هذه العناصر ستكون رهينة بالاساس بامكانية انجاز الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام ، ويذهب شعث بالحديث الى اكثر من ذلك حينما يقول " لا امكانية لنجاح هذه الاستراتيجية دون انهاء الانقسام كونه يؤثر على بقية العناصر الاخرى لهذه الإستراتيجية ".

وتؤكد قيادات فتحاوية ان عدم انجاز الوحدة وانهاء الانقسام يؤدي الى اضعاف المشاركة الشعبية في هذه المقاومة الشعبية اضافة استمرار ما تصفه بحالة رعب فتح من حماس في الضفة ورعب حماس من فتح والسلطة في غزة، وهذا بدوره يلقي بظلاله على بقية العناصر الاخرى لإستراتيجية فتح وسط بروز اصوات بضرورة ان تجعل فتح عنصر انهاء الانقسام هو المقدمة في إستراتيجيتها وتحقيق التوافق الوطني على وسائل النضال والمقاومة ومن ثم الانتقال الى مرحلة التطبيق وليس العكس.

وفي الوقت الذي تولي قيادات فتح الاهمية القصوى لهذه العناصر، فان العنصر الرابع يكون ايضا مطروحا على الطاولة كونه مرتبطة ببناء مؤسسات السلطة الوطنية والاستمرار في تقويتها تمهيدا لمرحلة اقامة الدولة، لكن السؤال المطروح هل هذا العنصر الوارد في استراتيجية فتح يعني قبول فتح بأغلبية قياداتها بان خطة بناء الدولة وانهاء الاحتلال التي طرحها رئيس الوزراء د.سلام فياض هي خطة فتح ام العكس ؟، الامر الذي يتطلب اجابة حاسمة لانهاء التعارض في الخطط والبرامج ، لانه اذا كانت هذه الإستراتيجية الفتحاوية تحظى بدعم رئيس الوزراء فان ذلك يتطلب منه تجنيد كل سبل الدعم على مختلف المستويات( السياسي، المالي، الامني)، اما اذا كان بمعنى ان حركة فتح تتبنى خطة حكومة فياض فان ذلك يتطلب منها توفير كل عناصر الدعم والاسناد لانجاح هذه الخطة باعتبارها خطة وطنية لابد من الاستمرار بها وانهاء اية تعارضات وصلاحيات قد تنشأ وتعيق عملية التنفيذ.

ومهما تعددت الاجتهادات وتبابينت الاراء بشأن هذه الاستراتيجية ، فانه من الواضح حدوث تغييرات دراماتيكية في التفكير الفتحاوي والممارسة على الارض الذي بحاجة تطويره ودعمه استنادا الى الدور التاريخي لهذه الحركة التي تسعى الى اعادة توطيد علاقتها مع الجمهور الواسع الذي يمثل الضمانة الاكبر في الحفاظ على دور القوى الوطنية والاسلامية والاستمرار في النضال الوطني من اجل نيل الحرية والاستقلال.