السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

مصلح وقطان في سن الـ50 يركضان كالغزلان وراء الكرة

نشر بتاريخ: 02/04/2010 ( آخر تحديث: 05/04/2010 الساعة: 16:41 )
بيت لحم - معا - عمر الجعفري - في ثمانينات القرن الماضي عندما كنت متابعا وبنشاط كبير للفعاليات الرياضية التي تجري في مختلف ملاعب الوطن كنت اشاهد العديد من اللاعبين الذين تميزوا بأدائهم وفنهم واخلاقهم ولا زالت ذاكرتي تحتفظ من بين ما تحتفظ به بأسماء واداء اثنين من ابرز اللاعبين الذين لا زال عطاؤهم يتواصل حتى يومنا هذا، فلا زلت أتذكر اللاعب شارلي قطان وهو يداعب الكرة البرتقالية في ملاعب العمل الكاثوليكي وصالة طاليتا قومي وعيبال وغيرها من الملاعب التي كانت تكسوها طبقة اسفلتية في ذلك الوقت.

وفي كرة القدم تحفظ ذاكرتي اسم محمد مصلح وهو يصول ويجول في الملاعب الترابية ملاعب الظاهرية والخضر والحسين ونابلس وطولكرم وغيرها.

ولم تتوقف مسيرة شارلي في كرة السلة ومسيرة محمد في كرة القدم... فلا زال عطاؤهما يتواصل الى يومنا هذا، بالرغم من تقدم عمريهما الذي اصبح يطرق باب الـ50 عاما، وشارلي قطان لا زال يمارس هوايته في كرة السلة ضمن فريق بيت جالا ولا زال كما كان متألقا يشع وجهه نورا ويطمئن اللاعبين إذا ما كان الفارس موجودا يلعب بجانبهم في الميدان.

بالمقابل رأيت قبل ايام محمد مصلح رئيس نادي بيت امر ولاعبها ومدربها لا زال في كامل العطاء بالرغم من اكتساء رأسه شيبا، فتساءلت أليس من الغريب في هذا المجتمع الفلسطيني الشرقي ان يحافظ انسان على لياقته وقدرته بهذا الشكل ويواصل عطاؤه بالرغم من كل المعوقات الاجتماعية.

ذهبنا الى شارلي قطان ومحمد مصلح وكان لنا معهما هذا اللقاء:

بدأنا أولا من مدينة بيت جالا والتقينا شارلي يوسف خليل قطان المولود بتاريخ 25/12/1962 والذي يعمل مدرسا لمادة الكيمياء في مدرسة البطريركية اللاتينية في بيت جالا، شارلي متزوج واب لثلاث بنات وولدين، اكبرهم اليزابيث 18 ربيعا واصغرهم بيترو 8 اعوام.

سألنا قطان من منهم يمارس الرياضة، فأجاب: الرياضيون من ابنائي جورج 13 عاما وبيترو 8 اعوام، يتدربون كرة السلة في العمل الكاثوليكي على يد المدرب انور الهريمي.

وعن بدايته وكيف كانت خطواته الاولى نحو الرياضة...فقال، بدأت ممارسة هواياتي الرياضية في المدرسة، حيث لعبت مع فريق كرة القدم لمدرسة الفرير في بيت لحم، وفي المرحلة الاعدادية والثانوية لعبت كرة السلة وكرة اليد، وعام 1980 دخلت نادي السالزيان في بيت لحم ولعبت مع فريق كرة اليد بجانب لاعبين كبار منهم خالد الشرباتي وناصر الشرباتي وتوفيق حنضل وموريس روك وغيرهم، وفي العام 83/84 التحقت بالنادي العربي الاورثوذكسي في بيت جالا ولعبت مع فريق كرة السلة، وهنا لا انسى ممارستي للرياضة في جامعة بيت لحم حيث لعبت بين جنباتها وملاعبها كرة السلة وكرة اليد في الفترة الواقعة من 1981 ولغاية 1985.

ولا زال شارلي قطان يتذكر رفاق الدرب اللاعبين توفيق حنضل، عاصم بركات، سمير حويلة، جورج كتناشو، كريم شاهين، ايمن صبوح، مهند راضي واضاف هؤلاء لا يمكن ان انساهم فقد قدموا للرياضة الشيء الكثير.

ويرى قطان ان أولاده جورج وبيترو يلعبان كرة السلة سيخلفانه في الملعب فهو يذهب معهما الى التدريب ويتدرب معهما واعتقد والقول له انهما سيكونا خير خلف لي.

ويعتبر شارلي ان سنوات أوائل الثمانينات عندما كان يلعب كرة اليد في نادي السالزيان حيث فريق السالزيان قويا كما قال، حيث حصل الفريق على وصيف بطولة الاستقلال عام 98 اعتبره حدثا مهما في حياته.

وقارن شارلي قطان بين لاعب اليوم ولاعب ايام زمان ... فقال ايام زمان كان هناك انتماء عند اللاعب اكبر واكثر مما هو موجود اليوم حيث كان اللاعب يقدم كل شيء ولا يأخذ من النادي اي شيء على عكس اليوم فيقدم للاعب كل شيء وبالرغم من ذلك لا يوجد عطاء ولا انتماء، وأضاف كان زمان كلمة المدرب مسموعه اكثر من اليوم أما اللاعبين اليوم فينظرون الى المدرب على انهم يفهمون اكثر منه ثم تابع القول... كان ايام زمان هناك التزام بالوقت فتجد اللاعب يحضر قبل المباراة وقبل التدريب بوقت ويبذل جهدا في التدريب على عكس الكثير من اللاعبين اليوم رغم توفر الملاعب والقاعات.

وفي موضوع الاعتزال قال شارلي انه سيعتزل اللعب ان شاء الله العام القادم، اما فيما يتعلق بترتيبات الاعتزال ومهرجان الاعتزال فقال سأترك القضية الى
النادي لعمل ما يراه مناسبا، وانه من الممكن ان يتجه بعد الاعتزال الى التدريب ولن يتجه بأي شكل من الاشكال الى التحكيم.

شارلي قطان بالرغم من تقدمه في السن الا انه لا يشعر بالتعب اثناء المباريات كما قال وأضاف ان لياقته البدنية عالية لانه لا يتغيب عن التدريبات وقال انا لاعب ملتزم ولا أدخن وهذه قضية مهمة.

انتقلنا بعد ذلك الى بيت امر والتقينا محمد مصلح عبد الفتاح عوض المولود بتاريخ 6/5/1961.

ويعمل محمد مصلح كما يعمل شارلي قطان مدرسا لكن في تخصص مختلف فمحمد مصلح يعمل مدرسا للتربية الرياضية في مدرسة ذكور بيت امر الثانوية، ومتزوج واب لـ 6 اولاد وبنتين، اكبرهم مصلح 22 عاما واصغرهم سلطان 9 اعوام، ويمارس اربعة من ابناء محمد الرياضة وهم مصلح، محمود، علي وعمر وجميعهم يلعبون كرة القدم.

حدثنا محمد مصلح عن بداية خطواته في عالم المستديرة فقال.. بدأت ألعب كغيري من اطفال الوطن في الحارات في الملاعب الصغيرة ثم اصبحت لاعبا في فريق المدرسة وعندما كان عمري 15 عاما لعبت مع فريق النادي وكنت اصغر اللاعبين عمرا عام 1987، وعندما انهيت دراستي الثانوية التحقت بمعهد خضوري وأصبحت لاعبا في فريق المعهد، كما انني لعبت مع فريق الظاهرية في الفترة ما بين 1980- 1983 بعدها انتقلت الى شباب الخليل كان ذلك في العام 1989 ثم عدت ادراجي الى نادي بيت امر ولا زلت حتى يومنا هذا.

ويقول محمد مصلح المدرب واللاعب في فريق بيت امر ورئيس النادي ان افضل سنوات عمره كانت عندما تأسس نادي بيت امر وكذلك هاذين الموسمين الرياضيين "الماضي والحالي" حيث بنينا فريقا لكرة القدم ومقرا للنادي وصعدنا الى الدرجة الممتازة " أ " ونحن بصدد اقامة استاد رياضي كما ووعدنا اللواء جبريل ببناء ستاد رياضي والامور تسير في هذا الموضوع في الاتجاه الصحيح.. وتنهد محمد مصلح وقال انه يندم على انه درب بعض اللاعبين وتعب عليهم وغادروا الى اندية اخرى.

وقارن الاستاذ محمد مصلح استاذ التربية الرياضية في مدرسة بيت امر بين الجيل السابق والجيل الحالي فقال.. الفارق واسع بين شباب اليوم وشباب ايام زمان خاصة في اخلاقيات الشباب، لكن في السابق كان اللعب فرديا اما اليوم فهو اثر جماعية، كان هناك ايام زمان انتماء ويشعر الفرد بالانتماء بوجوده في المؤسسة، بالرغم من قلة الامكانيات فقد كان اللاعب يجهز نفسه بنفسه ويدفع المواصلات من جيبه لكن اليوم نجد السيارة والحافلة تنتظر اللاعب "ومش معجبه" اليوم وبعد كل مباراة تقدم الكنافة والحلويات ويقدم عشاء للاعبين بينما كنا ايام زمان عايشين على البساطة.

قديما كان هناك كرة واحدة اما اليوم فعشرين كرة في الملعب، قديما كنا نلعب على التراب والحجارة "الصرار" بينما اليوم نلعب على الملاعب المعشبة والغريب اننا كنا معافين ولا توجد اصابات بين اللاعبين لكن اليوم بالرغم من الانجيل والملاعب المعشبة ففي كل مباراة هناك اكثر من اصابة حتى في التدريب تحدث الاصابات.

ويتذكر محمد مصلح ابناء الجيل السابق فيقول كان من ابرز اللاعبين حاتم صلاح، حسين حسونة، بلال ابو علان، صايل سعيد، احمد حسان، ايمن الحنبلي، عارف عوفة، محمود عايش، محمد الاسمر، خالد ابو عياش، غسان جمعه.

سألناه اذا ما كان يرغب بالاعتزال ام لا ومتى.. فقال سأعتزل اللعب عندما اتقاعد من وظيفتي الحالية "التعليم" وسيكون ذلك بعد 3 سنوات وسيكون ان شاء الله بعد ان يتوظف ابنائي الكبار ثم سأعتزل اللعب.. وأبو مصلح محمد مصلح يقول لا اشعر بالتعب بالعكس انا لا ارتاح الا وانا في الملعب حتى اذا غضبت اذهب الى الملعب.. وعن ابنائه قال لا استطيع ان اميز بين واحد واخر الا انني اشعر ان مصلح كونه يلعب مهاجما هو خليفتي في الملعب.

واضاف ابو مصلح انه سيذهب الى مزرعته التي تحتوي كافة انواع الاشجار ويفكر ان ينشء مزرعة للمواشي ليقضي وقته هناك.

الاسئلة الصعبة
* كيف يمكن لنا ان نحافظ على لياقتنا البدنية في ظل تقدمنا بالسن ؟
* هل لا زالت بيت جالا بحاجة الى شارلي قطان بالرغم من هذا العمر ؟
*هل لا زالت بيت امر بحاجة الى محمد مصلح بالرغم من هذا السن ؟
*كيف يمكن لشارلي قطان ومحمد مصلح ان يصنعا بديلين عنهما ليأخذا مكانيهما في الملعب ؟
*لماذا اللاعبين لم يفكرا بعد الاعتزال بالانضمام الى سلك التحكيم ؟
* تعتقد انه من المجدي ان يكون الانسان لاعبا ومدربا ورئيسا للنادي ؟
*كيف يمكن لمؤسساتنا ان تكرم مثل هذه الظواهر التي قدمت الكثير للرياضة ؟
*لولا كان اللاعبين يلعبان مع فريقين غير بلدهما هل من الممكن ان يستمرا بهذا الشكل ؟