الخميس: 26/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحديث ذو شجون *مصر .. التي في خاطري! بقلم :فايز نصار

نشر بتاريخ: 04/04/2010 ( آخر تحديث: 04/04/2010 الساعة: 18:58 )
كنا ..وما زلنا .. وسنبقى نحب شقيقتنا الكبرى مصر ، التي طالما قاسمتنا الجرح ، وكانت الملاذ الأكثر أمنا وأمانا لنا ... ووصل حبنا لمصر درجة العتب على من اختصموا معها في الملاعب ، حتى لو كان هؤلاء من أعز الناس على قلوبنا !

وللرياضة المصرية في قاموس الفلسطينيين معزة خاصة ، لان الجارة الجنوبية طالما كانت نافذتنا الرياضية الأولى ، من إعلامها الرياضي اطلعنا على الأحداث الرياضية العربية والدولية ، ومن معاهدها الرياضية تخرج الرعيل الأول من الرياضيين الفلسطينيين ، الذين اطلعوا بالريادة ، ووضعوا الحروف الأولى للرياضة الفلسطينية .

ولا يختلف فلسطينيان على الدور المصري في مختلف القطاعات الفلسطينية، ويعترف معظم الفلسطينيين بالتتلمذ على الثقافة المصرية ، حيث تعلم الفلسطينيون من الشقيقة الكبرى دروسا كثيرة ، كانوا يودون أن يكون الدرس الأخير فيها يتعلق بالوفاء بالعهود ، وحفظ المواثيق !

منذ أشهر أعلن الاتحاد المصري انه يوافق على اللعب في القدس الفلسطينية ، بمناسبة أعز الأيام "يوم الأرض" الفلسطينية ، التي تتعرض لمحاولات عبرية لم تتوقف لتهويدها ومسخ عروبتها . .. يومها اتخذ القرار المصري بالتوافق ، ولم يُرغَم الاتحاد المصري على قبول اللعب في القدس ، التي زارها الرئيس المصري أنور السادات ، قبل 33 سنة ، مبشرا بمرحلة جديدة من أساليب الصراع مع المحتل الأجنبي .

يومها ., رحبت الأوساط الرياضية الفلسطينية بالقرار المصري ، الذي يأتي بعد سنوات من زيارة شطر الكرة المصرية "الزمالك" إلى غزة الحبيبة ، حيث لعب أمام المنتخب الوطني ، وسط دهشة لاعبيه من الجمهور الفلسطيني الغزي ، الذي وزع تشجيعه بين المنتخب الأعز ، والنادي الذي يمثل الدولة الأعز!

ومن ذلك اليوم نشطت الخلايا الرياضية في كل مكان استعدادا للمناسبة الكبرى ، ليكون الترحيب في مستوى الضيف الكبير ، وليكون العرس مماثلا لكرنفال استقبال المنتخبين الأردني والتونسي ، الذين لعبا في القدس ، دون أن ينتقص الأمر من هويتهما ، ودون ينال اللعب قرب جدار الفصل العنصري من وطنيتهما !

وفي الوقت الضائع ، وعندما كان عشاق الكرة المصرية يعدون الأعلام المصرية ، التي سترفع إلى جانب الراية الفلسطينية ، صدم الشارع الرياضي الفلسطيني بقرار تأجيل اللقاء ، لأسباب واهية ، جعلت رئيس اتحاد الكرة اللواء جبريل الرجوب ، يسجل في حديثه لصحيفة الأهرام العربي احتجاجه الشديد ... وألمه وحسرته علي الثقافة التي قادت إلي هذا القرار الخاطئ بكل المعايير‏.

نعم انه قرار خاطئ ، لم يحاول الأشقاء في الاتحاد المصري تبريره ، لأنهم يقدرون حجم الضرر الذي خلفه القرار على الثقة بين الرياضيين الفلسطينيين والمصريين على حد سواء .

ولان اللواء الرجوب لم يتعود السكوت على مثل هذه التصرفات ، التي تحاول إحباط شعبنا قرر
إثارة الأمر في الاتحاد العربي لكرة القدم ‏,‏ لان التعامل مع الاتحاد الفلسطيني كان سيئا للغاية ويجب ألا يمر مرور الكرام‏,‏ "لقد كان التعامل معنا بشكل سطحي للغاية" قال الأخ أبو رامي لشيخة الصحافة العربية الأهرام .

لم يقدم المصريون للعب كرة القدم في القدس كما اتفق ، وتم التريث في الأمر الى حين ، ولكن لماذا اتخذ الاتحاد المصري هذا القرار الصعب ؟

الأمر حصره الأخ أبو رامي بثلاثة أسباب ، أحلاها مر ، لان البعض أرادوا اللعب في غزة وليس في الضفة ، كما فعل الزمالك ، لأهداف لا يبدو أنها تتعلق بالرياضة ، ولا نريد الخوض فيها الآن .. فيما يرى آخرون أن في الأمر تطبيعا رياضيا ، ومصر "تريد أن تكون أول من يوقع ، وآخر من يطبع " .. والله يعلم أن من يفكر في ذلك فانه يتجنى على الشعب الفلسطيني ، الذي يتصدى بصدره العاري للدبابات الإسرائيلية ، ولا يعقل أن يقبل التطبيع الرياضي ، ناهيك عن كون من يزور القدس للعب كرة القدم في فلسطين - مدعو من الفلسطينيين ، وبعمل يغيظ المحتلين- يقوم بعمل وطني من أعلى طراز ، خاصة وان من يقدم إلى مناطق السلطة الفلسطينية، لا يختم جواز سفره من المحتلين ، كما قال لي المعلق الرياضي المتألق عصام الشوالي ، الذي زار فلسطين مع منتخب الخضراء !

وقبل هذا وذاك ماذا يضير أهل الأسير إن سمح لهم المحتل بزيارته ، أليس من حقنا كشعب أسير بزيارات رياضية من أهلنا العرب ، بعيدا عن المزايدة على من دفعوا الضريبة الأفدح في مواجهة الاحتلال ؟

الظاهر أن دولة الاحتلال هي المتضرر الأول من حجّ المنتخبات العربية إلى القدس ، لان ذلك يفرمل مخططات التهويد والأسرلة ، وبالتالي فان كل من يعمل على عرقلة وصول الرياضيين العرب للعب مع الرياضيين الفلسطينيين ، يتساوق – عن قصد أو بدون قصد – مع أهداف الاحتلال !

نجاهر بأننا ضد التطبيع الرياضي ، ولا نقبل أن نلعب مع المحتلين حتى لعبة " الغلول" لان على الاحتلال أن يسحب جيشه من أراضينا ، ويطلق سراح معتقلينا ، ويعترف بالمسؤولية التاريخية عن المأساة التي تعرض لها شعبنا قبل التفكير في التطبيع الرياضي ... هذا موقفنا المجمع عليه فلسطينيا ، فهل في الأفق من يزاود علينا في مسالة التطبيع الرياضي ؟

من حق اللواء الرجوب أن يستغرب كون الصحافة المصرية هي من دفع في هذا الاتجاه ، فليست الصحافة - قال الرجوب - من يتخذ القرارات ، ويرسم السياسات ، وليس من حق الصحف المصرية أو غير المصرية توجيه بوصلتنا ، لأن للرياضيين تجارب نريد نسيانها مع بعض الصحفيين المصريين ، الذين ضربوا القيم الرياضية المصرية ، بمهاجمة نجوم مصر ، بعد كأس القارات ، وبمهاجمة مقدرات الثورة الجزائرية وشهدائها ، بعد موقعة الخرطوم .

ما زلنا نمني النفس بالعودة عن القرار الذي اتخذه الاتحاد المصري ، وما زلنا نطمح بتحديد موعد جديدة للزيارة الرياضية المصرية ، كما فعل الأردن ، وكما فعلت تونس ، وكما ستفعل البحرين ، وكما سيفعل كل الرياضيين العرب ، الذين يقدرون قيمة جس النبض الرياضي الفلسطيني المقاوم في عين المكان .

والحديث ذو شجون