الخميس: 03/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

افتتاح مؤتمر "مبادئ الفصل بين السلطات في النظام السياسي الفلسطيني"

نشر بتاريخ: 15/04/2010 ( آخر تحديث: 16/04/2010 الساعة: 07:29 )
اريحا -معا- افتتحت مؤسسة الملتقى الفكري العربي ومقرها مدينة القدس، مؤتمر "مبادئ الفصل بين السلطات في النظام السياسي الفلسطيني" والذي أقيم في فندق الانتركنتننتال في بمدينة أريحا بدعم من مشروع نظام الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ويستمر لمدة يومين وذلك بحضور فعاليات فكرية وسياسية وقانونية.

وفي افتتاحه للمؤتمر أشار عبد الرحمن أبو عرفة مدير عام الملتقى الفكري العربي إلى أن الهدف من وراء تنظيم هذا المؤتمر هو فتح ملف الفصل بين السلطات كاملا من الداخل ومن الخارج ومن الجوانب كما في العمق وكما في المظاهر الخارجية "ولأننا لا نكتشف شيئا جديدا عن التحدث عن مبادئ الفصل بين السلطات فكان من الضروري أن نستهل المؤتمر لاستعراض أهم نماذج الفصل بين السلطات في الأنظمة السياسية المختلفة".

وتحدث الدكتور علي خشان وزير العدل، بكلمة مطولة أكد فيها أن فكرة الحرية السياسية للمواطن لم تعد تمر عبر دروب مبدأ فصل السلطات التي سيطرت على النقاشات الدستورية والسياسية في الماضي، ولا تزال تسيطر عليها في الوقت الحاضر وتلقي بظلالها دون تفكير على الواقع السياسي في معظم دول العالم، ولكنها يجب أن تمر بالإضافة إلى ذلك عبر منظومة الحريات التي يتمكن بواسطتها الشعب من فرض احترامه وإرادته على الحاكمين.

وأشار إلى أنه نظرا لحساسية الظروف السياسية التي يمر بها الشعب الفلسطيني ولخصوصية الواقع الذي يعيشه منذ اتفاقية اوسلو وتداعياتها ومن ثم الانتفاضة الثانية وما أفرغته من نتائج طالت جوانب وأعماق النظام السياسي الفلسطيني عدا عن التداعيات الخطيرة الناتجة لعمليات الاستيطان وبناء الجدار والتهجير القصري والمطاردات والاجتياحات الاسرائيلية المتعاقبة للأراضي الفلسطينية، وعزلها عن بعضها البعض والذي أدى إلى المساس بشكل جوهري بالسيادة وسيؤدي في حالة عدم وقف هذه الممارسات الاسرائيلية من المجتمع الدولي إلى انحصار الثقة في السلطة الوطنية بمكوناتها المختلفة بما فيها المبادئ السياسية لسيادة القانون مما أثر سلبا على طبيعة الخيار السياسي الفلسطيني وإمكانيات الاستقلال، مشيرا إلى أن الرئيس أبو مازن وضع ضمن أولوياته عقب انتخابه العمل على انسحاب الأسرائيلي ومحاربة الفوضى والفلتان باعتبارها أهم العوامل التي تعيق تطبيق مبدأ سيادة القانون.

من جانبه أكد القاضي فريد الجلاد رئيس المحكمة العليا، رئيس مجلس القضاء الأعلى على أن وجود الفصل ما بين السلطات الثلاث يعتبر مبدأ أساسيا في كل دول العالم، وبالتالي لا بد أن تتمتع كل سلطة بصلاحيات محددة حسب ما ينص عليه القانون الأساسي، ولا يجوز استئثار أي سلطة بصلاحيات السلطات الأخرى وخاصة عند تنفيذها المهام الموكلة لها.

واستعرض الجلاد ما يحدث على أرض الواقع بين السلطتين التشريعية والقضائية من غياب واضح للسلطة التشريعية وعدم اصدراها للقوانين المتعلقة بالشأن القضائي أو النيابة العامة، الأمر الذي أدى إلى إصدار قوانين عبر مراسيم رئاسية.

أما واقع العلاقة بين السلطتين القضائية والتفيذية فهناك عدة تحديات قامت في الماضي ومنسوبها ينحدر تدريجيا مؤكذا أن العلاقة اليوم تختلف عنها في الأعوام، 2002، 2005، و2006 فالتدخل في عمل السلطة القضائية آن ذاك كان أمرا شائعا، ولابد أن تأتي الحصانة من جانب القضاء ذاته، فهو الذي يحصن نفسه من التدخلات الخارجية، وأضاف أن معاناة أخرى تعانيها السلطة القضائية من عدم تنفيذ السلطة التفيذية لقرارت المحاكم، واصفا هذه المعاناة بالمؤرقة حيث قال "عانينا منه ردحا من الزمن" رغم حرص رئيس الوزراء، ووزير العدل، ووزير الداخلية على وجوب تنفيذ قرارات المحاكم.

كما تطرق لما أسماه تجاوز بعض الهيئات العامة عند تنفيذ القرار القضائي، وخاصة الأجهزة الأمنية التي تحاول بمختلف السبل إعاقة تنفيذ قرارت المحاكم.

وأشار الجلاد إلى تعطل مرفق القضاء في قطاع غزة جراء الانقلاب الذي قامت به حركة حماس الأمر الذي يعتبر سابقة في التاريخ الفلسطيني، قائلا :"كان يجب أن يبقى القضاء بعيدا عن السجالات السياسية ولكن للأسف تم المس بالقضاء وجرى تعطيله".

بدوره ركز النائب في المجلس التشريعي برنارد سابيلا في حديثه عن شلل المجلس التشريعي الفلسطيني وآثاره المدمرة على مبدأ فصل السلطات الثلاث من جراء حالة الانقسام الخطيرة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، مما أحدث العديد من الإخلالات وجرى تهميش دور المجلس التشريعي ونوابه الذين يفترض بهم تمثيل الشعب الذي جاء بهم إلى السلطة التشريعية، وضرب مثلا على ذلك أن النواب يمارسون ضغوطا حتى يوافق رئيس الوزراء والوزراء على الالتقاء بهم لإثارة قضايا حساسة تمس الشعب ومصالحه، وقال إن الانتخابات التشريعية لعام 2006 نسفت عمليا الفصل بين السلطات.

ورأى نبيل اسعيفان مدير عام مشروع نظام أن التجربة الفلسطينية بين السلطات تجربة تتسم بالحداثة وقد تأثرت بالمفاهيم العصرية في هذا المجال، إذ عكست نصوص القانون الأساسي رؤية متقدمة وطموحا قويا لدى المشرع الفلسطيني في مجال أعمال مبدأ الفصل بين السلطات، ولكنه رأى أيضا أن هذا الطموح عاد وانكفأ تحت مظلة النقل غير المدروس للتشريعات وخصوصا في مجال تنظيم السلطة القضائية حيث تأثر المشرع في هذا المجال بتشريعات الدول المجاورة والتي بنيت سياستها التوجيهية والدستورية على توجه مغاير تبناه المشرع الفلسطيني للقانون الأساسي مما أوجد حالة من عدم انسجام هذه التشريعات مع مقتضيات التشريع الأساسي في مجال الفصل المتوازن والمرن.

ودعا إلى ضرورة وضع حد لهذه العشوائية وهذا المخاض الطويل للعمل والتطوير والبناء، وإرساء دولة القانون التي تقوم على تكامل في أدوار مكوناتها والتوازن في صلاحيات السلطات الثلاث فيها.

وكان الدكتور عباس عبد الحق رئيس الهيئة الإدارية للملتقى الفكري العربي قد سرد أحداثا تاريخية حصلت على أرض الواقع مؤكدا أن فلسطين ظلت تحت الانتدابات المختلفة رغم انتهاء الانتداب البرطاني فقد أدى قيام اسرائيل في عام 1948 واحتلالها لأجزاء كبيرة من الأرض الفلسطينية إلى قيام انتداب اردني على الضفة الغربية وانتداب مصري على فطاع غزة، وفي عام 1967 جرى احتلال فلسطين كاملا حيث خسرت كل من الأردن ومصر موقعها الانتدابي وعرفت الضفة الغربية وقطاع غزة بالمناطق المحتلة أو المناطق كما تسميها اسرائيل، والتي شكلت بدورها ما عرف بالإدارة المدنية، أي هيئة منتدبة من الدولة الاسرائيلية، وبقي الحال كذلك إلى عقد اتفاقية أوسلو وما تبعها من إجراءات أوحت للعالم بأن الاحتلال لم يعد قائما وهناك مناطق محررة تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، إلا أن سلطة الاحتلال على الأرض بقيت قائمة بالتالي فإن اتفاقية أوسلو هو عبارة عن انتداب من الإدارة المدنية إلى السلطة الفلسطينية للممارسة مهام محددة دون وجود أفق حقيقي لإنهاء هذه الحالة الشاذة.

وبعد ذلك انبرى الحضور إلى الاستماع للجلسة الأولى والتي تمحورت حول المكونات والوظائف في الفصل بين السلطات، وقدم فيها عدد من أوراق العمل وترأسها داوود اسطنبولي رئيس مركز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في رام الله، وكانت الورقة الأولى حول الرقابة المتبادلة بين السلطات كضمانة لسيادة القانون وحقوق الانسان قدمها الدكتور صلاح البشير وزير الخارجية السابق، أما الورقة الثانية فكانت بعنوان الفصل بين السلطات في النظام الرئاسي الأمريكية وقدمها لاري جيربر مستشار في مكتب رئيس العمليات في الوكالة الأمريكية للتمنية الدولية، أما الورقة الثالثة فكانت تحت عنوان الفصل بين السلطات في النظام البرلماني الاسرائيلي وقدمها النائب طلب الصانع الذي أناب عنه أحد المخامين، أما الورقة الأخيرة فكانت حول الفصل بين السلطات في النظام المختلط الفرنسي وقدمها جون فيليب كوت وهو خبير سياسي فرنسي.

هذا وستتواصل أعمال المؤتمر يوم الجمعة من خلال عقد خمس جلسات تعرض فيها العديد من أوراق العمل والمداخلات.