السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

تيسير جابر رجل صديق بدرجة مناضل *السودان - عبد المجيد عبد الرازق

نشر بتاريخ: 18/04/2010 ( آخر تحديث: 18/04/2010 الساعة: 21:04 )
تيسير جابر واحد من العظماء الذين انجبتهم حواء فلسطين التي وضعها القدر في ان تنجب ابناءها وسط صوت البنادق والدبابات والطائرات في بلد الكل فيها يولد وهو حاملا كفنه على ظهره يتوقع الرحيل في اي ثانية ولكنه رغم ذلك يتمسك بالحياة يعيشها ويحلم بعودة الارض والحرية واستبدال الرصاصة بغصن زيتون..

* ولد تيسير مثل غيره من ابناء بلده فوجد نفسه امام مسئولية اسرية ووطنية حمل الحجارة وهو صغير وقذف بها مع ابناء جيله في وجه العدو الصهيوني، ضاق به العدو ولكنه كان قويا هاجر الى الجزائر فأكمل تعليمه حتى ما فوق الجامعة وعاد لوطنه في رام الله ليسهم في البناء، فالتحق بالاعلام اذاعة وصحافة كان يغامر وهو يوصل رسالة بلده في الصحف العربية الشرق الاوسط والرياضية والبيان وغيرها وفي القنوات الفضائية وآخرها الجزيرة الرياضية..

* صنع جيلاً من الاعلاميين الفلسطينيين من الجنسين وأسهم في تأهيلهم بدورات متعددة حتى اصبح النشاط الفلسطيني في كل الصحف والاذاعات والفضائيات العالمية ولعب دور الاداري مع اندية بلاده ومنتخبات بلاده في كل المشاركات وكان يواجه صعوبات ويتعرض لمضايقات من حكومة اسرائيل لدرجة منعه من مغادرة بلاده للمشاركة في مؤتمرات او أحداث رياضية..

* عرفت تيسير قبل اكثر من عشرين عاما فكان صديقاً وفياً تعلمت منه حب الوطن والوفاء للوطن وكان يحكي لي الكثير عن معاناته ومعاناة شعبه ومعاناة اسرته الصغيرة التي يتركها وحيدة في سفره ويقول لي دائما ان الله معهم وانهم كشعب فلسطيني يتوقع الواحد منهم الرحيل في اي وقت ولكنه يتمنى ان يرحل شهيداً في سبيل بلده.

* زار تيسير السودان مرافقا لبعثة منتخب حيفا الذي زار بلادنا بدعوة من وزارة الشباب والرياضة بمبادرة من الزميل كمال حامد ولعب الفريق بعطبرة ومدني والخرطوم وكان يقول لي دائما انها اجمل رحلاته بعد ان وجد شعباً طيباً محباً لفلسطين خاصة في مدينة عطبرة واصدق تعبير قاله عن تلك الرحلة انه لاول مرة يشاهد الابتسامة على وجه الشباب الذين ضمتهم البعثة ولأول مرة يشعرون بالحرية وهم يغنون ويتبادلون المزاح..

* كنا نلتقى كثيرا خارج السودان واذكر قبل سنوات كنا نشارك في ملتقي اعلامي نظمته قناة «اي. آر تي» بالقاهرة عن تغطية بطولة كأس العالم بالمانيا 2006م، فدعاني لمشاهدة فيلم (السفارة في العمارة) الذي عرض لاول مرة وبطله كما هو معروف النجم عادل امام ويتناول النضال ضد اسرائيل وكانت النهاية استشهاد الطفل الفلسطيني والقصة معروفة نظرت الي تيسير ووجدته منهمكاً في البكاء فبكيت معه وكان برفقتنا الصديق العزيز محمد قدري حسن الصحفي والمعلق الاردني المعروف الذي يعتبر توأماً لتيسير.

* أمس الأول اطلق تيسير جابر آخر انفاسه رحل عن دنيانا بعد صراع طويل مع المر ض اللعين الذي اجبره على البقاء علي السرير الابيض في غيبوبة لاكثر من شهر باحدى مستشفيات الاردن.

* رحل تيسير المناضل الذي قدم اعظم رسالة وان كان يتمنى ان يموت شهيداً فإننا نشهد له ان ماقدمه لبلاده لايقل عن ما قدمه اي شهيد، لا أعرف أأعزي نفسي أم اعزي الزملاء في الوطن العربي عامة الذين عرفوه اخا وصديق للجميع ام نعزي اسرته الصغيرة التي نسأل الله ان يعوضها وان يخرجها من هذه المحنة بعد ان اتصلت بهم امس الاول وبالزميل محمد جميل عبد القادر رئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية الذي قام بالواجب واكثر مع الشهيد منذ بداية المرض وحتى اللحظات الاخيرة من عمره.. وقد ورى ثراه امس برام الله الارض التي عشقها وضحى من اجلها.

* رحم الله تيسير الذي كانت حياته عبارة عن كتاب مفتوح ملئ بالمواقف والعبر تستحق ان نتوقف عندها ولا نملك غير ان نقول «إنا لله وإنا إليه راجعون» ونسأل الله ان يسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين..