السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

تحقيق بتسيلم: عطاف زلط قُتلت في صالون بيتها نتيجة إطلاق النار بصورة غير قانونية

نشر بتاريخ: 31/05/2006 ( آخر تحديث: 31/05/2006 الساعة: 18:18 )
القدس-معا- فندت منظمة بتسيلم - مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الانسان في الاراضي المحتلة اليوم الأربعاء رواية الجيش الإسرائيلي حول مقتل المواطنة عطاف زلط (34 عاماً) من ضاحية ذنابة في مدينة طولكرم بالضفة الغربية، والتي أدعى فيها بأنها قتلت نتيجة إطلاق "نار تحذيري"، يهدف إلى جعل مطلوب يسلم نفسه.

وأكد ت "بتسيلم"، عدم صحة إدعاء الناطق العسكري الإسرائيلي في رده على رسالى "بتسيلم"، والتي جاءت بعد الحادث بأكثر من أسبوعين، أن زلط قتلت نتيجة إطلاق "نار تحذيري"، حيث اتضح من تحقيق أجراه المركز، أن أياد معين المطلوب لم يسكن في شقة السيدة ولم يمكث بها، وأنه خلال إطلاق النار الفتاك لم تكن حياة الجنود معرضة لأي خطر.

وطالب "بتسيلم" المدعي العسكري الإسرائيلي الرئيسي، عدم الاكتفاء بالتحقيق الميداني، وإنما بإصدار أوامره الفورية لفتح تحقيق من قبل الشرطة العسكرية لاستبيان ملابسات الحادثة، والعمل على تقديم المسئولين عن هذه الأعمال إلى العدالة.

وكان جنود إسرائيليون من وحدة المستعربين "دوفدوفان"، الخاصة أطلقوا النار في الأول من الشهر الجاري، باتجاه الطابق الثاني في بناية سكنية بضاحية ذنابة، مما أدى إلى مقتل عطاف زلط، 34 عاما، وجرح ابنتيها الاثنتين أحلام(21 عاماً)، وأنسام (15 عاماً)، وذلك خلال حملة لاعتقال أحد المواطنين، بدعوة أنه مطلوب لإسرائيل.

وأشار تقرير المركز إلى أنه في الأول من شهر مايو _أيار الجاري، وعند الساعة الثالثة ونصف فجراً، اقتحم حوالي عشرين جندياً من وحدة "دوفدوفان" بيت المواطن عثمان رشيد عثمان، الموجود في الطابق الثاني من بناية الشقق الواقعة على بعد حوالي 30 متراً إلى الشرق من البناية التي يسكن فيها من تدعي إسرائيل بأنه مطلوب لها، وأنه في مرحلة معينة خلال العملية، سيطر جنود الوحدة على موقع إضافي في بناية أخرى تقع إلى الناحية الغربية من البناية التي يقطن بها الشاب المطلوب.

وأضاف التقرير، أنه عند قرابة الساعة 03:45 فجراً، استيقظ يوسف زلط على أصوات النداء عبر مكبرات الصوت، التي أطلقها الجنود مطالبين بـ "الخروج من البيت"، حيث اعتقد أن النداءات موجهة إلى سكان البناية المجاورة، ولهذا السبب فقد بقي مع أفراد عائلته داخل بيته، بعد مرور حوالي ربع ساعة، سُمعت أصوات انفجارات صادرة عن قنابل صوتية، فاستيقظ جميع أفراد أسرة زلط من نومهم واجتمعوا في صالون البيت، ولاحقاً انضم إليهم زوجين من عائلة المصري.

وبين تحقيق "بتسليم" أنه عند الساعة 05:10، ومباشرة بعد رنين المنبه الخاص في الهاتف النقال الخاص بإحدى بنات عائلة زلط، أُطلقت النار الغزيرة بصورة مفاجئه ولعدة ثوان تجاه منزل الأسرة، والذي تزامن في الوقت ذاته من بيت عثمان ومن بيت إضافي تمركز فيه الجنود، حيث وجهت النار التي أطلقت من بيت عثمان إلى شباك مطبخ عائلة زلط، المفتوح على صالون الشقة، حيت كان يمكث أبناء الأسرة والجيران.

ولفت التقرير إلى أن إطلاق النار، أسفر عن إصابة أحلام بيدها وفخذها، بينما أُصيبت أنسام ، بجروح طفيفة بفعل الشظايا، وبعد ثوان معدودة، أُصيبت الأم عطاف بعيار ناري اخترق رأسها، ولقيت حتفها على الفور.

وأوضح "بتسيلم" في تقريره، أنه بعد إطلاق النار فوراً، خرج يوسف زلط من البناية ويداه مرفوعتان إلى الأعلى من أجل طلب المساعدة، وتوجه إلى أحد الجنود في الشارع وطلب منه السماح لسيارة الإسعاف التي تقف في نهاية الشارع بالتقدم إلى مدخل البناية، من أجل إخلاء ابنتيه الجريحتين، حيث كان واضحاً له أن زوجته قد لفظت أنفاسها، إلا أن الجندي رفض الاستجابة لطلبه، لكنه وافق على السماح له بنقل ابنتيه إلى المكان الذي تتوقف فيه سيارة الإسعاف.

ونوه التقرير، إلى أنه بعد ذاك بوقت قصير، قام إياد معين بتسليم نفسه للجنود، وأن التقارير حول اعتقاله لم تشر إلى وجود ذخيرة في المكان، أي أنه يمكن الافتراض بأنه لم يكن مسلحاً، إضافةً إلى أن الإفادات التي قام "بتسيلم" بجمعها أكدت أنه على مدار الحادث كله لم تُطلق أي طلقة على جنود القوة، لافتاً إلى أنه بعد اعتقال معين، قامت جرافة عسكرية بتقويض الجدار الحجري المحيط بالبناية وهدم أحد جدران الشقة التي يعيش فيها معين.

وكانت مصادر في الجيش الإسرائيلي، أدعت أن الجنود أطلقوا النار بعد أن لاحظوا "حركة مشبوهة" في الشقة، الأمر الذي دحضته إفادات أفراد الأسرة الذين كانوا يمكثون في الشقة، والتي بينت أنه من غير الواضح ما هو الشيء الذي أثار الشكوك لدى الجنود.

ورأى "بتسيلم" أن الادعاء بخصوص الحركة المشبوهة، التي تبرر ظاهرياً الشروع في إطلاق النار، بحد ذاته غريب، على ضوء البعد القريب نسبياً، بين شقة عائلة زلط وما بين موقع المراقبة الخاص بالجنود في بيت عثمان، والذي يبلغ حوالي 30 إلى 40 متراً، لاسيما في ظل توفر وسائل الرؤية المتطورة، بما في ذلك الرؤية الليلية، الموجودة في غالب الأحيان تحت تصرف الجنود.

وأضاف التقرير، أنه حتى لو كان الجنود حقاً قد رصدوا "حركة مشبوهة"، كما تزعم المصادر، فمن غير الواضح بتاتاً كيف كان يمكن لمثل هذه الحركة أن تشكّل خطراً على حياة أفراد القوة، حيث كان الجنود الذين يطلون على الشقة من البنايتين المجاورتين يتمركزون من وراء الجدران، وبالتأكيد لم يكونوا مكشوفين لإطلاق النار، فيما الجنود الذين بقوا في الشارع، فقد وقفوا إلى جانب سيارتي جيب مصفحة نقلت القوة.

كما أشار التقرير، إلى رد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في كتابه يوم 18-5-2006، والتي سرد فيه قصة مختلة نوعاً ما حول سبب إطلاق النار، حيث أوضح أن الجنود لم يشرعوا بإطلاق النار باتجاه البيت كرد على "حركة مشبوهة" إنما في نطاق "إطلاق نار تحذيري"، الذي هدف لجعل المطلوب يسلّم نفسه للجنود، الأمر الذي اعتبره المركز بأنه إدعاء أغرب من الادعاء السابق، لأن الرصاصة التي أصابت رأس عفاف زلط لم تكن "رصاصة طائشة" اخترقت شقتها، كما يتضح من قصة المتحدث باسم الجيش، إنما كانت جزءاً من إطلاق نار وجّه إلى شبابيك الشقة واستمر لبعض الوقت.

إلى ذلك، بين تقرير "بتسيلم" أنه منذ بداية العام 2004 ولغاية هذه الحادثة، قتلت قوات الأمن الإسرائيلية 157 شخصاً خلال عمليات اعتقال من تدعي بأنهم مطلوبون في الضفة الغربية، وأن 35 قتيلاً على الأقل من بين القتلى كانوا من مدنيين لا علاقة لهم بأهداف العملية بأي شكل من الأشكال، إلى جانب 54 قتيلاً كانوا من مطلوبين، لكنهم لم يكونوا مسلحين أو لم يستعملوا السلاح أثناء إطلاق النار عليهم وقتلهم.

ولفت "بتسيلم" إلى أن ظاهرة قتل المواطنين الأبرياء والمطلوبين الذين لم يشكلوا خطراً على الجنود خلال عمليات الاعتقال ليست مجرد جُملة من "الأخطاء المؤسفة" أو نتيجة "لا يمكن تجنبها"، لظروف وملابسات كل حادث من الحوادث، حيث إن الحديث يدور عن نتيجة مباشرة لسياسة الجيش.

وذكر المركز، أنه منذ اندلاع الانتفاضة الثانية، قام الجيش الإسرائيلي بتغيير تعليمات الشروع بإطلاق النار عامة، وتعليمات الشروع بإطلاق النار المتبعة عند عمليات اعتقال المطلوبين بصورة خاصة، بطريقة تشجع انتهاج "السبابة الخفيفة على الزناد"، حيث يتم توجيه الجنود إلى الإطلاق الحي للنيران حتى في الأحوال التي لا يكونون فيها معرضين للخطر.

وأضاف، أنه يتم إعطاء التعليمات للجنود بصورة شفهية، وفي بعض الأحيان بصورة غامضة وضبابية، الأمر الذي يُبقي مساحة واسعة من التفاسير ويترك مجالاً واسعاً للنقل الجزئي أو الخاطئ للتعليمات، إضافةً إلى أنه ومنذ بداية الانتفاضة، تمتنع النيابة العسكرية الإسرائيلية، عن الشروع بتحقيقات من قبل الشرطة العسكرية بخصوص مقتل الفلسطينيين جراء إطلاق النار من قبل الجنود الإسرائيليين، الأمر الذي يولد جواً من الحماية والحصانة من تقديم الحساب والمساءلة.

ويتضح من تقرير "بتسيلم" لشهر أيار-مايو 2005، والذي يشتمل على وصف وتحليل مفصل لأربع عمليات لاعتقال المطلوبين، خلال السنة السابقة لنشر التقرير، أن الجنود عملوا من خلال هذه الحملات، وكأنما الحديث يدور عن عملية اغتيال وليس عن عملية اعتقال، من خلال الانتهاك الفاضح لتعليمات القانون الإنساني والدولي.

وذكر التقرير، أنه في حالتين من بين الحالات، حاصر الجنود البيت الذي مكث به الشخص المطلوب، وأطلقوا النار على شخص آخر كان يعيش في البيت فور قيامه بفتح الباب، وهذا دونما تحذير مسبق، ودون أن يُمنَح أي فرصة لتسليم نفسه.
وقد كان القتلى في هذه الحالات غير مسلحين ولم يشكلوا خطراً بأي حال من الأحوال على حياة الجنود.

وبين أنه في الحالتين الباقيتين، نجح الجنود في السيطرة على المطلوبين، ومع هذا، فقد أطلقوا النار عليهم وقتلوهم، لافتاً إلى أنه في إحدى الحالات رفع المطلوب يديه دلالة على الاستسلام، وبعد ذلك، جرى إطلاق النار عليه، وفي الحالة الثانية، أُصيب المطلوب بجراح جراء نيران الجنود بعد أن حاول الهرب، وجرى الإجهاز عليه عن طريق إطلاق النار عليه وهو ملقى على الأرض، بعد أن سُحب سلاحه منه.