البروفيسور عبد الستار قاسم يقدم مبادرة جديدة للوفاق الوطني
نشر بتاريخ: 01/06/2006 ( آخر تحديث: 01/06/2006 الساعة: 20:12 )
خان يونس -معا- قدم البروفيسور عبد الستار قاسم رؤية جديدة (مبادرة للوفاق الوطني الفلسطيني) ، من شانها أن تكون أساسا للتعامل مع مختلف القضايا والتحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني ، وسلطة الوطنية ، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي ببعدية العربي والدولي حسب قول صاحب المبادرة .
وقال قاسم ان الهدف من المبادرة هو إيجاد إطار مرجعي لمختلف طبقات وفصائل الشعب الفلسطيني من اجل الوصول على حوار جدي بعيداً عن المجاملات والبرتوكولات ، التي لا تخدم كثيرا مجموع الأزمات التي نعاني منها ، وماتبعها من حالة احتقان كبيرة في الشارع الفلسطيني خاصة في ظل اختلاف البرامج السياسية .
وأكد الدكتور قاسم في حديث لوكالة "معاً " أن البيان الاولي الذي صدر عن الحوار الوطني الفلسطيني الذي عقد في رام الله وغزة ، لا يختلف كثيراُ عن البيانات السابقة ، فهو ملئ بالمجاملات والشعارات الجميلة ، وليس فيه اى جديد ممكن أن يقدم للشعب الفلسطيني ، على الرغم من انه من المبكر الحكم على نتائج الحوار .
وأوضح قاسم ، أن مبادرته يقدمها للشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى ولرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية للاطلاع عليها وقراءتها .
وقال قاسم :" أن الوفاق الوطني الفلسطيني عبارة عن هدف هام وكبير يجب إدراكه، ومن المتوقع أن يسارع كل فلسطيني غيور إلى البحث عن السبل الأفضل التي تفضي إلى حياة فلسطينية يسودها العمل الجماعي والتعاون المتبادل ومشاعر المحبة والاحترام ".
وأضاف قاسم: أن الوفاق الوطني الفلسطيني لا يقوم على ذوبان الأشخاص والفصائل والأحزاب في إطار عام، وإنما يعني وجود مبادئ وقيم عليا يحرص الجميع، أفرادا وجماعات، على تحقيقها؛ وهو لا يعني عدم الاختلاف، وإنما يعني التحلي بآداب الاختلاف.
وجاء نص مبادرة البروفيسور عبد الستار قاسم كما يلي :
الحقائق الموضوعية المحيطة:
ينطلق الوفاق الوطني من حقائق موضوعية تفرض نفسها علينا جميعا، ومن تطلعات تستجمع القوى من أجل تحقيقها. وهي تتلخص بما يلي:
أولا: نحن شعب نعاني من التشريد والاحتلال، ووطننا واقع تحت الاحتلال.
ثانيا: نحن أصحاب حق يفرض نفسه بقوة على محيطنا وعلى العالم كله، ونحن ضحايا عدوان مستمر.
ثالثا: عدونا قوي ومدعوم من قوى عالمية عظمى تمده بكل أسباب القوة، في حين تحرمنا منها وتعمل على إضعافنا.
رابعا: نحن لم نعتًدِ على أحد، ولا في نيتنا القيام بذلك؛ لكن الحقيقة التاريخية الموضوعية تدفع المظلوم إلى رد الظلم.
خامسا: المقاومة عبارة عن ظاهرة تاريخية موضوعية، وفي حالتنا الفلسطينية هي أيضا عبارة عن سلوك واع بحقوقنا وضرورة استردادها.
سادسا: من الحكمة أن يسترد المرء حقوقه سلما إن أمكن، والمقاومة بحد ذاتها لا تشكل هدفا.
سابعا: لا ثقة بأية جهة تقوم بدعم العدو بأي شكل من الأشكال. لا تغرنا أي جهة تقوم بأعمال معادية لنا وتمثل دور الصديق في آن واحد.
المترتب على الحقائق الموضوعية:
يترتب على هذه الحقائق الأمور التالية:
أولا: التخلص من حالة التشريد والاحتلال يشكل الأولوية الأولى للشعب الفلسطيني.
ثانيا: يتطلب حل المشاكل الفلسطينية وضع الخطط الضرورية لمعالجة الهموم الحياتية للشعب، ووضع خطط أخرى على المستوى الاستراتيجي.
ثالثا: يتطلب التخطيط السليم وضوح رؤية، الأمر الذي لا يتحقق بدون اعتماد ميثاق أو دستور أو برنامج يتضمن حقوق الشعب الفلسطيني وأهدافه.
رابعا: تمهد الرؤية الاستراتيجية الطريق أمام الخطوات التكتيكية. أي خطوات تكتيكية لا تهتدي بهدي المنظار الاستراتيجي تنتهي إلى فوضى وتناقاضات.
خامسا: يستدعي استرداد الحقوق الفلسطينية حشد القوى والطاقات على نطاق واسع يمتد ليشمل محيطنا العربي والإسلامي وذلك بسبب الحجم الهائل للقوى المعادية.
سادسا: الحقوق الفلسطينية مقدسة، وأي تهاون فيها يسبب تصدعا في النسيج الاجتماعي الفلسطيني، ويقود إلى تدهور في النسيج الأخلاقي مما يضعفنا بالمزيد أمام العدو. الحقوق لا تخضع لفن الممكن، وتبقى مادة الإصرار على الممكن.
سابعا: الإصرار على الحقوق عبارة عن شرط مسبق لاستمرار الوحدة الوطنية الفلسطينية التي تشكل حجر الزاوية نحو اكتساب القوة.
خطوات إجرائية نحو استرداد الحقوق:
حتى يكون بمقدورنا استرداد حقوقنا، نعمل على اعتماد الخطوات التالية:
على الساحة الخارجية:
أولا: التركيز على استرداد حقوقنا في نشاطاتنا الإعلامية والسياسية والثقافية والفكرية الداخلية منها والخارجية. نحن مشردون وواقعون تحت الاحتلال ومحرومون من ممارسة الحياة الاعتيادية التي ينعم بها الناس في كل مكان، ومن الواجب نقل الصورة هذه للقريب والبعيد.
ثانيا: التركيز بصورة خاصة على القضايا الإنسانية والتي تشكل العامود الفقري للفكر الاجتماعي والإنساني الغربي حاليا. تأتي القضايا الإنسانية قبل القضايا السياسية.
ثالثا: تشكل قضية اللاجئين الفلسطينيين أقوى قضية إنسانية في الوقت المعاصر، ويجب أن نرمي بثقلها على العالم.
رابعا: بما أننا شعب ضحية لعدوان مستمر، فإنه ليس مطلوبا منا تقديم مبادرات سياسية لحل مشاكل إسرائيل. نحن فقط نصر على استرداد حقوقنا. وإذا كانت المبادرات السياسية ضرورية فنحن نسمع من غيرنا. لا منطق في قيام الضحية بتقديم مبادرات لا تخلو من المساس بالحقوق.
خامسا: كل مبادرة سياسية لا تتضمن نصا واضحا بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى بيوتهم وممتلكاتهم في الأرض المحتلة/48 لا تعتبر جادة.
سادسا: عودة اللاجئين وزوال الاحتلال وإقامة الدولة تشكل الهموم الفلسطينية الأولى، أما هموم غيرنا السياسية فلا يتم النظر بها إلا بعد زوال الهموم الفلسطينية.
يشكل القبول بهموم غيرنا السياسية مخاطرة ومجازفة كبيرتين قد تؤديان إلى التمزق الفلسطيني وضياع القضية الفلسطينية.
سابعا: الانفتاح على العالم عبارة عن ضرورة قصوى لما يشكل الرأي العام العالمي من أهمية.
ثامنا: تقوم الشرعية الدولية على القوة، وتقوم المبادرة العربية لحل القضية الفلسطينية على الضعف. لا هذه تقوم على العدل وليس تلك.
على الساحة الداخلية:
أولا: سياسة الاعتماد على الذات ما أمكن تحظى بالأولوية في مختلف السياسات الداخلية، والهدف هو اكتساب القوة وإحراز التقدم.
ثانيا: اعتماد التفكير العلمي في ترتيب أوضاعنا الداخلية، وفي وضع الخطط التطويرية في مختلف المجالات. يجب أن يكون للعلماء دور بارز في صنع القرار.
ثالثا: التمييز بين الأمن المدني والأمن الوطني بحيث يكون الأمن المدني من مهام السلطة، ويكون الأمن الوطني من مهام الفصائل.
رابعا: يتطلب الأمن الوطني السرية التامة والكتمان الشديد. ومن هذه الزاوية يتم إعادة تقييم أدوار الأجهزة الأمنية عدا الشرطة التي تتولى مسؤوليات الأمن المدني.
خامسا: يعاد ترتيب الأوضاع الاقتصادية بحيث يكون الإنتاج هو أساس النشاط الاقتصادي، والذي من المفروض أن يستوعب أعداد الموظفين الذين لا يقدمون أي خدمة للشعب الفلسطيني.
سادسا: الحرص على سيادة القانون وفق معايير صارمة.
سابعا: الوظائف المدنية هي وظائف مهنية وليس فصائلية أو حزبية أو سياسية.
ثامنا: حرية الاختيار عبارة عن قيمة عليا يجب احترامها. الأغلبية تتولى الإدارة دون حرمان الأقلية من حقها في استقطاب الجمهور إلى جانبها.
تاسعا: فلسطين أكبر من الضفة الغربية وقطاع غزة؛ وشعب فلسطين يشمل الفلسطينيين الذين يتواجدون في فلسطين وخارجها.
عاشرا: الوفاق الفلسطيني يمس جميع الفلسطينيين، والمشاركة في صياغته يجب أن تكون من حق الجميع.
أحد عشر: شكلت منظمة التحرير الفلسطينية مظلة تاريخية أظلت الشعب الفلسطيني ومثلته، وحتى تبقى كذلك ويتوسع ظلها يتم تخويل خبراء ومختصين فلسطينيين بصياغة ميثاق جديد لها وأسس التمثيل فيها وطرقه. ومن ثم يتم التفكير بالوسائل الأمثل للمشاركة واتخاذ القرار.
على الساحة العربية الإسلامية:
أولا: القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين فحسب، إنما هي قضية العرب والمسلمين.
ثانيا: العرب والمسلمون ليسوا محايدين، ومدى التعاون معهم مرتبط بقدر انحيازهم للحقوق العربية والإسلامية. وعليه، لا يمكن التجاوب مع سياسات التطبيع مع إسرائيل التي تنتهجها بعض الدول العربية والإسلامية.
ثالثا: يتعزز الموقف الفلسطيني بقدر اقترابنا من الشعوب العربية والإسلامية.
رابعا: الدفع باتجاه إحداث توازن عسكري إقليمي، أو تطوير قوة ردع إقليمية تعجل في اعتراف القوى المعادية بحقوق الشعب الفلسطيني.
خامسا: إذا كان للشعب الفلسطيني أن يمد يده للحصول على عون اقتصادي ومالي، فالعرب والمسلمون هم العنوان.
نحن ندرك صعوبة الأوضاع وقسوتها وشراسة الأعداء وتهاون الأصدقاء والأقرباء، لكن المرحلة التاريخية لا بد أن تنضج.
الضعيف لا يبقى ضعيفا، ولا القوي قويا، والتاريخ يبقى في حركة مستمرة؛ فإذا تقاعسنا أصبحنا مادة التاريخ، وإن شحذنا إرادتنا أصبحنا صناعه.
من هنا إلى هناك، ستكون المسيرة شاقة، لكن هذا هو الثمن الذي يفرضه الظالمون. وإذا قررنا الانحناء، فإن التاريخ يشهد بأن الظالم يمعن بالمزيد في ظلمه، والمظلوم لا يحصد إلا المزيد من الآلام والأحزان.