الأحد: 29/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

فياض: القدس الشرقية العاصمة الابدية وسنواصل العمل لبناء مؤسسات الدولة

نشر بتاريخ: 26/04/2010 ( آخر تحديث: 26/04/2010 الساعة: 16:56 )
القدس- معا- أكد الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء أن القدس الشرقية هي العاصمة الابدية للدولة الفلسطينية المستقلة، متعهدا بمواصلة العمل لبناء مؤسسات الدولة وتعزيز صمود المواطنين خاصة في القدس الشرقية.

وقال فياض في كلمة أمام "مؤتمر القدس حاضر ومستقبل"، الذي تنظمه دائرة شؤون القدس بمنظمة التحرير الفلسطينية وجامعة القدس: "رغم ما تتعرض له مدينة القدس من حملة استيطانية غير مسبوقة، فنحن على ثقة بأن القدس، ستنال حريتها عاصمة لفلسطين، وستستعيد مكانتها في صنع وحماية الحضارة الإنسانية وقيم التعايش بين البشر".

وشدد د. فياض على أهمية حشد الدعم الدولي والجماهيري لدعم الجهود الفلسطينية لغقامة الدولة، معتبراً أن تعزيز قدرة الشعب على البقاء في مواجهة المشروع الاستيطاني الاحتلالي تمثل المربع الأول في اي جهد حقيقي يستهدف انهاء الاحتلال.

وفيما يلي نص كلمة رئيس الوزراء سلام فياض أمام "مؤتمر القدس حاضر ومستقبل":

يشرفني أن أكون معكم اليوم، في هذا المؤتمر الهام حول حاضر مدينة القدس ومستقبلها. واسمحوا لي أن أتوجه بالشكر لدائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية ولجامعة القدس، على تنظيم هذا المؤتمر لأهميته الفائقة في هذا الوقت الذي تتعرض فيه المدينة لهجمة استيطانية غير مسبوقة، وما يقتضيه ذلك من حاجة لتنفيذ مهمات وتوجهات تعزز صمود شعبنا، وتحقق المزيد من الاجماع الدولي في مواجهة المخاطر التي تتعرض لها المدينة ومكانتها لدى أبناء شعبنا وللبشرية جمعاء. فمدينة القدس تمثل لشعبنا وللعالم بأسره رمزاً ساطعاً لقيم السلام والعدالة، وتجسد تمسك شعبنا الفلسطيني واصراره العنيد، بمسيحييه ومسلميه، منذ قرون عديدة لتكريس هذه القيم على أرض الواقع تتويجاً لرحلة كفاحه المتواصلة من أجل العدالة والحرية والإستقلال والعودة وحقه في تقرير مصيره، والعيش بأمن وسلام وكرامة، في دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.

فالقدس هي قبلة مشروعنا الوطني، وهي عنوان الاخلاص الأبدي لرسالة الأنبياء، الذين رفعوا على مدى التاريخ راية الانسانية وقيمها السامية، وقاوموا كل اضطهاد مهما كان لونه أو طبيعته. وسيظل وفاؤنا للقدس رمز الوفاء لرسالة الأنبياء. فهي مفتاح السلام للبشر، وأمل أطفال فلسطين في الحرية والكرامة، وهي درة التاج وعنوان العدل والسلام.

رغم ما تتعرض له مدينة القدس من حملة استيطانية غير مسبوقة، بهدف تغيير معالمها، وفرض الأمر الواقع عليها، فنحن على ثقة بأن القدس، وبالتفاف شعبنا وكل قوى الخير والعدل والسلام، ستنال حريتها عاصمة لفلسطين، وستستعيد مكانتها في صنع وحماية الحضارة الإنسانية وقيم التعايش بين البشر. وإن انعقاد هذا المؤتمر حول حاضر ومستقبل القدس، يشكل رسالة للعالم برمته، حول المخاطر المحدقة، ليس فقط، بمستقبل المدينة جراء ما تتعرض له من سياسة فرض الأمر الواقع، بل وبالمخاطر المحدقة بالعملية السياسية جراء هذه السياسة التي تتناقض مع القانون الدولي ومرجعية عملية السلام. فالعالم بأسره يعلن أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وهي جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين التي نعمل على اقامتها. وعلى الجميع أن يدرك أن القدس هي عنوان السلام في المنطقة.

لقد أكدت منظمة التحرير الفلسطينية، دوماً، التزامها الكامل بالسلام الذي يضمن لشعبنا حقوقه كما حددتها قرارت الشرعية الدولية، وعلى أن انجاز هذه الحقوق، خصوصاً فيما يتعلق بالقدس المحتلة، هو مفتاح الحل والسلام والأمن والاستقرار في المنطقة. وللأسف، ورغم هذا الالتزام الواضح بالسلام، تواصل حكومة اسرائيل تنكرها للالتزامات المترتبة عليها بموجب قرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي، وحتى للاتفاقات الموقعة، وللتعهدات والرسائل المتبادلة، بما فيها الرسائل المتعلقة بالقدس، والتي نصت على احترام المؤسسات الفلسطينية وعدم المساس بها، وكذلك عدم القيام بأي عمل يؤثر على قضايا الوضع الدائم، ومن ضمنها القدس. فقد استمرت اسرئيل في فرض سياسة الأمر الواقع، وأمعنت في تصعيد وتيرة الاستيطان، وواصلت بناء الجدار، في تحدٍ سافر لارادة المجتمع الدولي، وفتوى لاهاي، وكل الجهود المبذولة لإعادة المصداقية لعملية السلام، وقدرتها على تحقيق اهدافها المتمثلة أساساً في انهاء الاحتلال عن كامل الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وتمكين شعبنا من اقامة دولته المستقلة عليها. وما زالت اسرائيل تحاول نزع القدس الشرقية من محيطها الفلسطيني واخراجها من المفاوضات، في تناقض واضح مع القانون الدولي ومرجعية عملية السلام.

وهنا فإنني أؤكد على واجبنا ومسؤوليتنا الوطنية، ونحن نقاوم هذه السياسة، بأن نوحد جهودنا، ونعمل معاً من أجل بناء الحقائق الايجابية على الأرض، الأمر الذي يتطلب التغلب على عناصر الاحباط التي سببتها سنوات الاحتلال، وما أفرزته من انهزامية وعنترية على حد سواء. فالصمود الفلسطيني في القدس، وفي كل خربة وقرية ومخيم ومدينة من بلادنا يتجدد يومياً عندما يشق طفل فلسطيني طريقه للمدرسة، وفي كل يوم يحمي الفلسطيني أرضه ويفلحها، وتتعزز إمكانية عائلة فلسطينية في القدس والأرياف في البقاء على أرضها. بل إن المشروع الوطني نفسه، وبفضل هذا الصمود، يتجدد ويفتح أمام شعبنا آفاقاً رحبة من الأمل والارداة بفعل اتساع حجم الالتفاف الشعبي الذي يتعاظم يومياً حول برنامج عمل السلطة الوطنية، وبما يعطي لشعبنا الثقة بالانجاز والقدرة على تحقيق أهداف مشروعه الوطني بكل مكوناته... إن هذا الالتفاف يعزز إرادة شعبنا، واصرار السلطة الوطنية على مضاعفة جهودها لاستكمال بناء مؤسسات دولة فلسطين وبنيتها التحتية، في كامل الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها تلك المسماة المناطق (ج)، وبما يشمل الأغوار ومناطق خلف الجدار، وفي المقدمة من ذلك القدس الشرقية. نعم، في القدس الشرقية، فهذه مسؤولية شعبنا وسلطته ومؤسساته. هذا ما نقوم به، وهذا ما سنواصل القيام به وتوسيع نطاقه، وسنواصل القيام بكل ما نستطيع لحماية القدس.

إن توجهات عملنا في القدس الشرقية تستهدف التصدي لسياسة الاحتلال وممارساته، وتعزيز صمود المدينة وأهلها، وذلك من خلال النهوض بدور المؤسسات الفلسطينية فيها، وتمكينها من القيام بمسؤولياتها في مختلف المجالات. ويشهد هذا العمل تطوراً ملموساً في مدى الاستجابة العملية للعديد من المبادرات في مجالات التعليم والصحة والمرأة والشباب والرياضة والثقافة، والحقوق القانونية، والتصدي لسياسة هدم المنازل ومصادرة حق المواطنة، وغيرها...، وبما يستهدف أساساً، وكما ذكرت، الاستجابة لاحتياجات المواطنين المختلفة، وتعزيز قدرتهم على البقاء، ومواجهة ممارسات الاحتلال. وقد رصدت السلطة الوطنية في موازنتها لهذا العام ما يمكّن من تنفيذ العديد من المبادرات الحيوية. وهنا فإنني أدعو كافة المؤسسات الفلسطينية العاملة داخل القدس الشرقية لبلورة المزيد من هذه المبادرات القابلة للتنفيذ السريع والكفيلة بتلبية المزيد من احتياجات المواطنين، وفي متخلف المجالات.

وفي هذه المناسبة فإنني أتوجه بالشكر إلى أشقائنا في الدول العربية والاسلامية وكل دول وشعوب العالم على دعمهم ومساندتهم لشعبنا وسلطته الوطنية، وتمكينها من تحمل مسؤولياتها في المدينة. كما أحيي قرار القمة العربية الأخيرة بتخصيص الدعم المالي لتعزيز صمود القدس. وآمل أن يتم إيصال هذه الأموال في أسرع وقت ممكن حتى نقوم بتنفيذ العديد من التوجهات والمشاريع والمبادرات التي قمنا باعدادها، للمساهمة في توسيع مجالات عملنا، والنهوض بواقع المدينة ومؤسساتها التعليمية والصحية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى صعيد المرأة والشباب والرياضة، ومشاريع الاسكان.. وغيرها، وبما يساهم في التصدي الفاعل لمحاولات مصادرة عروبة المدينة، وحماية مقدساتها الاسلامية والمسيحية، والدفاع عن مكانتها الانسانية.

أجدد أمامكم مرة أخرى اصرارنا على التغلب على العراقيل والمعيقات الاسرائيلية. فالقدس الشرقية لن تكون إلاّ عاصمة أبدية لدولتنا المستقلة، واكرر ما قاله الرئيس الراحل والزعيم الخالد أبو عمار "ليس فينا، وليس منا، وليس بيننا من يفرط بذرةٍ من ترابك يا قدس". وسنواصل تنفيذ خطة عملنا، لبناء مؤسسات دولة فلسطين، وتعزيز صمود شعبنا، وخاصة في القدس الشرقية، كما في كافة المناطق المهددة والمتضررة من الاستيطان والجدار. فهذا واجبنا، وهذه مسؤوليتنا. وشعبنا مصمم على متابعة الطريق لانجاز مشروعه الوطني، المتمثل أساساً في انهاء الاحتلال عن كامل الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وما يتطلبه ذلك من ضرورة الاسراع في انهاء حالة الانقسام، واعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، تمهيداً لاقامة دولة فلسطين المستقلة في قطاع غزة، والضفة الغربية، وفي القلب منهاالقدس الشرقية العاصمة الأبدية لدولتنا. وستظل القدس أكبر من الجميع.

إن جوهر برنامج عمل الحكومة، يرتكز أساساً على استكمال بناء مؤسسات دولة فلسطين وبنيتها التحتية، تمهيداً لاقامة الدولة، وبما يوفر في الوقت نفسه مقومات الصمود لشعبنا ويعزز قدرته على حماية أرضه. وهذا المسار يتكامل عضوياً مع مسار المقاومة الشعبية السلمية لاستنهاض عناصر القوة الذاتية، وإسناد مسار النضال السياسي الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية مع كافة الأطراف الدولية وفي كافة المحافل، وهي في مجملها حلقات مترابطة وركائز أساسية لانجاز مشروعنا الوطني.

نعم، إن التنامي الملموس لحالة الوعي والالتفاف الشعبي حول المقاومة الشعبية السلمية، والجهد الوطني المبذول لبناء مؤسسات دولة فلسطين وبنيتها التحتية، كمسارين متلازمين، يتكاملان مع مسار النضال السياسي لتوسيع قاعدة الاجماع الدولي، ونقله من تأييد حقوق شعبنا العادلة، ودعم خطة سلطته الوطنية لاقامة مؤسسات دولة فلسطين، إلى تدخل فاعل ومباشر في العملية السياسية لضمان انهاء الاحتلال، وتمكين شعبنا من تحقيق اهداف مشروعه الوطني. "فالبقاء مقاومة"، وتعزيز قدرة شعبنا على البقاء في مواجهة المشروع الاستيطاني الاحتلالي تمثل المربع الأول في اي جهد حقيقي يستهدف انهاء الاحتلال. وإن هذا الأمر يترافق مع ما نشهده من تنامٍ واضح في الوعي الدولي بشأن المشروع الاستيطاني الاسرائيلي، بكل ما يمثله من خطر على أية امكانية لضمان تحقيق حل عادل ودائم، وبما يكفل لشعبنا حقه في العيش بحرية وكرامة في وطن له. وقد بدا ذلك جلياً في الموقف الذي عبر عنه الاتحاد الاوروبي في شهر كانون أول – ديسمبر العام الماضي، وفي بيان اللجنة الرباعية في موسكو في الشهر الماضي، بكل ما تضمناه من عناصر قوة أساسية مساندة لحقوقنا وقضيتنا العادلة. حيث أعلن العالم بوضوح أنه لا يعترف بضم القدس الشرقية، وأن وضع القدس يشكل قضية أساسية من قضايا الوضع النهائي، ويجب حلها وفق مرجعية واضحة تقوم على قرارات الشرعية الدولية، وقواعد القانون الدولي، وعلى أساس حدود الرابع من حزيران عام 1967، ورفض الاعتراف بأي تغيير في هذه الحدود من طرف واحد. كما أكد دعمه الواضح لخطة السلطة الوطنية الفلسطينية في مجال البناء والاعداد لقيام الدولة،.. فالعالم يقف اليوم موحداً مع حق شعبنا في العيش بحرية وكرامة في دولة مستقلة له. وفي هذا كله عناصر قوة اضافية لشعبنا في هذه المرحلة من مراحل نضاله الطويل، علينا أن نحسن استثمارها، ونتحرك وفقها، وبما يمكن شعبنا من انجاز حقوقه الوطنية، بما فيها حقوقنا في القدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطين.

لقد آن الآوان أن يدرك المجتمع الإسرائيلي عواقب سياسة الاستيطان على مستقبل حل الدولتين. وعليه أن يدرك أن الاستمرار في هذه السياسة لن يجلب للشعب الاسرائيلي حالة الأمن والاستقرار التي يتطلع إليها. ناهيكم أنه لن يجلب الأمن والاستقرار للمنطقة. فطريق السلام واضح، ومفتاحه انهاء الاحتلال، والقدس عنوان هذا السلام. وفي نفس الوقت، وإذ نؤكد على اصرار شعبنا على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، فإننا نؤكد استعداد شعبنا لأن تكون القدس مدينة مفتوحة لكل بني البشر تأكيداً على سماحة الشعب الفلسطيني، وسيره على خطى الأنبياء في هذه الأرض، وتمسكه بالمكانة الروحية والحضارية والثقافية للقدس، وبالقيم التي جسدها شعبنا على مدى القرون، رغم الظلم التاريخي الذي ما زال يتعرض له، ومنذ ما يزيد عن ستة عقود من التشرد والمعاناة.

هذا هو موقف شعبنا، وهذا بالطبع هو موقف السلطة الوطنية. فلا يمكن القبول بحلول وسط مع الاستيطان. كما ولا بد من الغاء نظام التحكم والسيطرة، وقرارات الترحيل، ولا بد من رفع الحصار عن شعبنا، وخاصة في قطاع غزة، ووقف الاجتياحات، ومحاولات تقويض جهود السلطة الوطنية لتوفير الأمن لشعبنا. أقول هذا من موقع تحملنا لمسؤولياتنا، وإصرارنا على متابعة الوفاء بما توجبه علينا. فنحن مصممون على تعزيز قدرة شعبنا على الصمود، وتمكينه من نيل حريته وكرامته وحقه في تقرير مصيره، واقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967.

وقبل أن أختم حديثي، أكرر شكري لكم جميعاً، ولكل من ساهم في تنظيم هذا المؤتمر. وإني على ثقة بأن شعبنا، وهو يتسلح بالأمل والارادة سيحقق أهدافه التي ضحى من أجلها وعانى الكثير على درب تحقيقها.

إنى على هذا الارض باقون