الإثنين: 18/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ما القادم في التجربة الكروية الفلسطينية؟

نشر بتاريخ: 26/04/2010 ( آخر تحديث: 27/04/2010 الساعة: 01:03 )
بيت لحم - معا - إبراهيم ربايعة -منذ أن بدأ اللواء جبريل الرجوب قيادة دفة الحركة الكروية الفلسطينية باستحقاقه منصب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بدورته الحالية 2008-2012 وعملية البناء الممنهج مستمرة على كافة الجبهات الرياضية، وقد قامت سياسة الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم حتى الآن على مجموعة من الأسس والمحددات التي من الممكن إجمالها حسب مستوى العمل سواء كان محلياً أو عربياً أو عالمياً:

أولاً: على المستوى المحلي: ويمكن أيضاً تقسيم العمل على المستوى المحلي إلى عدة محاور والتي منها محور التمكين البشري ومحور تمكين البنية التحتية ومحور التمكين المجتمعي ومحور التمكين المؤسسي.

• التمكين البشري: قام على بناء قدرات بشرية ترفد الحركة الرياضية بكافة المؤهلات التي تحتاجها عن طريق استقدام مدربين أو إبتعاث متدربين أو استثمار الإمكانات المحلية في تدريب داخلي، وقام هذا التدريب على شق تأسيسي وآخر بنائي وشمل التدريب حقول التحكيم وتدريب المدربين والتدريب الإداري والإعلام الرياضي وغيرها من الحقول .

• تمكين البنية التحتية: بوقت قياسي أضحت فلسطين تمتلك مجموعة هائلة من الملاعب المميزة والصالحة لعقد مباريات الدوري المحلي، ومعظم هذه الملاعب قابلة للتطور والتميز في حال دعت الحاجة لذلك من حيث بناء مدرجات مكملة أو إضافة ملاعب تدريبية ومرافق أخرى في محيطها، ولا يزال العمل مستمراً من أجل إنشاء ملاعب ومنشآت رياضية في كل محافظات الضفة الغربية.

• التمكين المجتمعي: لقد خلقت الحالة الرياضية في الضفة الغربية هوساً جماهيرياً والتفافاً حول الفرق المشاركة، وأشاد كل ضيوف فلسطين بالتواجد الجماهيري في الملاعب الفلسطينية والذي فاق كل توقعاتهم،ولم تكن الشركات التجارية والمؤسسات الرسمية والأهلية بمعزل عن هذه الحالة، فقد استطاع الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إيجاد صيغة من التعاون الرياضي بين القطاع الخاص والأندية والاتحاد وكان لهذا التقارب أثر إيجابي على الأندية والمسابقات بشكل عام.

• التمكين المؤسسي: انطلق هذا التمكين على مستوى إعادة بناء مؤسسة الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم على أسس وقواعد مهنية وتأهيل الكوادر والكفاءات العاملين في حقلي الإدارة والإشراف وتوفير كل الخدمات المساندة من أجل رفع سوية وجودة العمل الرياضي وترشيق الأداء على أرض الواقع، وتضاف إلى هذه الخطوات عملية التواصل والوصول إلى وفاق رياضي وقدرة الاتحاد الفلسطيني على كسر حالة الجمود عن قطاع غزة في المجال الرياضي.

ثانياً: على المستوى العربي و الدولي: وقد قامت آلية عمل الاتحاد على المستوى العربي على مجموعة من القواعد والمرتكزات التي تمثلت أبرزها في ما يلي:-

1- كسر العزلة الكروية عن الملاعب الفلسطينية واستقدام منتخبات وفرق عربية ودولية إلى فلسطين من اجل تثبيت أحقية المنتخبات والأندية الفلسطينية اللعب على ملاعبها البيتية كشكل من أشكال السيادة والسير نحو الأهلية الكروية الفلسطينية الدولية الكاملة المتكاملة.

2- فتح آفاق التعاون مع العديد من دول العالم على قاعدة استثمار العلاقات الفلسطينية الخارجية من أجل رفد القاعدة الكروية الفلسطينية بالخبرات التراكمية لهذه الدول كبريطانيا وإسبانيا وغيرها من دول العالم عبر برامج الزيارات المتبادلة والتدريب.

3- تطوير العلاقة مع الإتحاد الدولي لكرة القدم والإتحاد الآسيوي لكرة القدم لتصل إلى أعلى مستوياتها بهدف الاستفادة من برامج هذه الاتحادات واستثمار إمكاناتها من أجل تطوير الكرة الفلسطينية.

لقد وصلت عملية البناء خلال العامين الماضيين إلى مستوى رفيع من التقدم والتطور والرقي ما استدعى الإشادة والإعجاب من كافة المراقبين المحليين والدوليين، ولم تتوقف هذه العملية للحظة من اللحظات ولم تثبطها أي من المعيقات التي تواجه ربان السفينة وركابها، وكان الجميع على قدر المسؤولية حتى اللحظة، ولكن ومع استمرار التطور الرياضي فلا بد لنا من أن نتنبه إلى مجموعة من النقاط قد نكون غفلنا عنها.

إن بناء كادر بشري قادر على التطور الاستثمار، وتطوير قدرات المدرب واللاعب والإداري الفلسطيني ليس بالأمر السهل وليس بالأمر الذي من الممكن أن يتأتى بين ليلة وضحاها، فهذه الكوادر تتراكم قدراتها وخبراتها ولا يمكن قطف ثمارها على بأشهر وهذا بكل تأكيد ما يعيه الإتحاد من خلال عمليته المتراكمة، ولكن التسأول الآن أين دعائم الكرة الفلسطينية الذين كانوا قوام المنتخب الفلسطيني في نهاية العقد الماضي؟

وأعتقد هنا أن لاعبين كبار كصخرة دفاع المنتخب الوطني وكابتن الفدائي السابق صائب جندية الذي لا يزال في قمة عطائه على أرض الملعب والنجوم زياد الكرد الذي صال وجال في الملاعب الفلسطينية والعربية قبل أن يعتزل ونجم جمال الحولي والمدفعجي الخلوق خلدون فهد الذي تألق مع الوطني وغيرهم من نجوم الفريق الذهبي الذي أبكانا فرحاً حيناً وحزناً حيناً آخر يستطيعون رفد الحركة الكروية الديناميكية بالكثير من خلال ما اكتسبوه من خبرة محلية وخبرة دولية.

وللعلم فإن العديد منهم حاصل على شهادة من الاتحاد الآسيوي كمدرب من الفئة C وهنا فإن ما تعلموه من تعاقب المدربين والمشاركات على كل المستويات، وعلى مستوى آخر أليس حرياً بنا العمل على الاستفادة من حراس المرمى أصحاب التاريخ الكروي والفكر العالي في المجال التدريبي خاصة وأن فلسطين تعاني شحاً في مدربي حراس المرمى وهو المنصب الذي أصبح ضرورة ملحة في ظل التقدم بثقة نحو الاحتراف، فلؤي حسني الحارس السابق للفدائي أظهر بكل وضوح توجهه نحو التدريب من خلال عمله في هذا المجال مع أكثر من فريق محلي،.

ولا ننسى زميله إسماعيل الخطيب الذي أثبت علو كعبه على البساط الأخضر وربما تنقصه الخبرة والمهارة التدريبية من أجل أن يبدع في هذا المجال، ربما يقول قائل ليس بالضرورة أن من يبدع على البساط الأخضر يتألق على أطرافه، وهذا بكل تأكيد كلام صادق وسليم ولكن ليس أقرب من اللاعب إلا من كان به خبيراً، وليس أقدر على فهم التدريب إلا من مارس الكرة في الملعب بكل قوة، ولا ضير من إعطاء الفرصة لهذه الكوكبة في التدريب والإدارة أيضاً، فاللاعب المعتزل إن كان يمتلك ملكةً إدارية ربما يكون الأقدر على معرفة تفاصيل وهموم الساحرة المستديرة.

وفي جزئية التمكين المجتمعي ربما ندعى أن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم نجح وبكل اقتدار بفرض قوته على المستوى الوطني عبر عمله الدءوب والمتفاني، واستطاع أن يربط بين القطاع الخاص والنادي، فيما عززت الأندية قاعدتها الجماهيرية بعد تحرك عجلة الدوري ودوران دولاب المنافسات، ولعلاقة النادي مع الجمهور بعد مرتبط بالنشأة والدور الاجتماعي الذي تقوم به هذه المؤسسات الرياضية والتي رسخت العلاقة على مر السنوات.

ولكن العلاقة مع القطاع الخاص بحاجة لتفاعل وخطط عمل أكبر من قبل الأندية التي أصبحت بحاجة لخلق استدامة مالية في ظل الاحتراف، فالأندية اليوم مطالبة بإيجاد رعاية طويلة ومجدية إضافة إلى العمل على إيجاد مشاريع تخلق دخلاً ثابتاً وكبيراً لها برؤية استثمارية تنموية، ويقع العبء على الأندية أيضاً في التحول من صيغة المحاصصة والقبلية داخل المؤسسة إلى صيغة إدارية احترافية تقوم على تقاسم المسؤوليات والصلاحيات على أسس مهنية والعمل على قاعدة تخطيطية تخرج من إطار ردات الفعل والهبات والمزاجية.

استطاع الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ومنذ الافتتاح التاريخي لاستاد الشهيد فيصل الحسيني بالقدس من وضع فلسطين في بؤرة الاهتمام الكروي العالمي عبر تواجد كوكبة من أبرز صناع القرار في الاتحاد الآسيوي والاتحاد الدولي لكرة القدم، وتبعت هذه الخطوة بعشرات الخطوات التالية المؤثرة بكل تأكيد، ولكن ما أصابنا بالإحباط موقف بعض الدول الشقيقة القريبة كل القرب من قلوبنا بعدم اللعب إلا بعد زوال الاحتلال، وهذا ما لم يكسر من إرادة الاتحاد وعمله من أجل استقدام منتخبات بديلة، ولكن أين هي الأندية من كل هذه المحاولات؟ فالواجب على الأندية التحرك لنسج علاقات إيجابية مع أندية عربية كبرى من أجل الاستفادة من خبراتها واستقدامها هنا وربما عقد توأمة ناجعة معها لتطوير ورفد القدرات المحلية بالتجربة العربية المتراكمة سواء في الخليج العربي أو في دول شمال إفريقيا.

إن هذه التجربة الغنية التي تستحق رفع القبعات من كل حدب وصوب بحاجة إلى أصوات الجميع وملاحظاتهم من أجل تطوير الأداء والرقي بالنتائج إلى مستوى الطموح، وبكل تأكيد فإن هذا المركب سيصل إلى ما نرنو إليه وسننتظر اليوم القريب الذي تقارع به كافة فرقنا ومنتخباتنا الفرق العربية والعالمية المميزة، فقد أثبتنا بكل خطوة قمنا بها أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة.