رئيس مجلس الامن الاسرائيلي يفتح فمه : الانسحاب من غزة خطأ تاريخي ولو انسحبنا من الضفة فلن تقوم دولة فلسطينية
نشر بتاريخ: 04/06/2006 ( آخر تحديث: 04/06/2006 الساعة: 19:39 )
بيت لحم - ترجمة معا- وصف رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي المنصرف غيئورا ايلاند خلال مقابلة مع صحيفة هأرتس الاسرائيلية الانسحاب من غزة بالخطأ التاريخي الذي لم يضف شيئا للامن الاسرائيلي مضيفا بان خطة اهود اولمرت الانطوائية لن تجلب الامن والاستقرار .
والقى ايلاند خلال المقابلة الضوء على طريقة اتخاذ اسرائيل للقرارات الاستراتيجية متهما اياها بعدم دراستها بطريقة منهجية وعلمية .
ونشرت صحيفة هأرتس مقتطفات من المقابلة التي اجرتها معه بمناسبة نهاية خدمته كرئيس لمجلس الامن القومي الاسرائيلي وكانت على النحو التالي :
س- غيورا ايلاند انت من وضع خطة الانسحاب من غزة بتكليف من حكومة شارون هل كان قرار الانسحاب صائبا ام لا ؟
ج- الانسحاب من غزة كان خطأ تاريخيا كبيرا واريد ان اوضح ذلك اذا سألتني هل اعتقد بضرورة وجودنا في غزة او هل يوجد لـ 7000 مستوطن حق البقاء في غزة مقابل 1:3 مليون فلسطيني سيكون جوابي "لا" .
ولكن لا نقوم بعمل دون ان ننظر خطوتين الى الامام وهنا لم ينظر مطلقا الى الامام وان عملية الانسحاب لن تساهم في اي شيئ من اجل حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي .
س-هل جرى بحث داخل المؤسسة الرسمية التي كنت جزء منها حول مدى صواب قرار الانسحاب او عدمه ؟
ج-الجواب "لا" وعندما استلمت منصبي في 18/1/2004 لم يكن هناك سوى مصطلح واحد اطلق في خطاب هرتسيليا هو "الانفصال " دون ان تكون هناك فكرة محددة وفقط كانت رغبة في تنفيذ الخطوة وسألت شارون حول الوقت اللازم لاعداد الخطة اجابني اربعة اشهر ولكن اتضح لي بان فايسغلاس كان في واشنطن ووعد الامريكيين بخطوة احادية الجانب كبيرة الحجم في الضفة وغزة وخلق انطباعا لدى الامريكيين بان الحديث يدور عن الانسحاب من 60-80 % من اراضي الضفة الغربية وفورا التزم شارون خلال مقابلة مع ليئور ماركوس بالانسحاب من 18 مستوطنة مقامة على اراضي غزة مما خلط الاوراق واخرج الجياد من حظيرتها ودمر خطة الانسحاب التي كنت قد اعددتها .
س- يعني ان فكرة غير مخططة او مدروسة تحولت الى خطة ملزمة حتى قبل الانتهاء من اعداد الخطط التنفيذية ؟
ج- صحيح
س- لكن هذه طريقة فوضوية في اتخاذ القرارات ؟
ج- هذه طريقة حولت عملية التخطيط الى شئ غير واقعي .
س- هل تساءل احدهم عن المقابل الذي من الممكن الحصول عليه مقابل الانسحاب من غزة ؟
ج- هذا السؤال طرح متأخرا جدا .
س- اليس هذا خطأ استراتيجيا ؟
ج- ان زيارة فايسغلاس لواشنطن والمقابلة مع ماركوس جعلت الانسحاب من غزة حقيقة لا يمكن التراجع عنها ، وعندما تقول بان اخلاء المستوطنات هو امر جيد لاسرائيل لا يمكنك طلب مقابل لهذا الانسحاب . وقد قالت لنا كونداليزا رايس ذلك بكل وضوح حيث قالت :" اسمحوا لي ان اشرح لكم ماذا تعني خطوة احادية الجانب انك تقوم بهذه الخطوة عندما تكون جيدة بالنسبة لك لذلك لا يمكنك توقع اي شئ مقابل شئ تقوم به لمصلحتك .
س- هذا اساس الخطأ او تفويت الفرصة في نظرك ؟
ج- نعم الانسحاب كان خطأ استراتيجيا لان اسرائيل والعالم وصلوا عام 2003 الى حقيقة مفادها " يجب التوصل الى حل النزاع بسرعة وفي المقابل الظروف الحالية لا تسمح بحله-
لماذا لا يمكن حله ؟
لان الحد الاقصى الذي من الممكن ان تقدمه اسرائيل لا يصل الى الحد الادنى لما يجب ان يعطى للفلسطينيين ولا يوجد نقطة التقاء بين الموقفين لذلك ساد الاعتقاد باننا يجب ان نفكر في اتجاه اخر وننظر خارج الصندوق المغلق وانا شخصيا كنت اعتقد باننا امام فرصة تاريخية لتقديم نموذج اخر للحل ولكن الاسنحاب من غزة قال بوضوح ان الاحتلال امر سئ، ولا يمكن التوصل الى اتفاق طالما هناك احتلال لذلك تعالوا نقلص مساحة الاحتلال وهو نفس المنطلق الذي تنطلق منه خطة اولمرت الانطوائية ، صحيح انه يوجد بعض المنطق في هذا القول لمنهعا لن تجلب الاستقرار والامن على المدى البعيد وهذا التفكير يقودنا الى الحل القائم على دولتيين لشعبين وهذا الحل لن يطبق .
س- فسّر لي ماذا تقصد ؟
ج- عندما نتحدث عن دولتيين لشعبين نضع فرضيتين هما " هناك امكانية لحل النزاع ضمن المنطقة الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الاردن - والفرضية الثانية سينظر للحدود بين الدولتيين على انها حدود الرابع من حزيران مع بعض التعديلات الطفيفة وانا شخصيا لا اعتقد بصحة الفرضيتين واكفر بهما لانني لا ارى امكانية من حيث المساحة لحشر دولتيين بين البحر والنهر وكذلك اذا اردنا حدود قابلة للدفاع عنها يجب ان نسيطر على 12% من مساحة الضفة الغربية وحود الرابع من حزيران وخطة الرئيس الامريكي السابق كلينتون لا تعطي لاسرائيل حدودا ذات قابلية دفاعية او يمكن الدفاع عنها .
س- لماذا ؟
ج- عندما يقع الطريق رقم 6 تحت سيطرة نيران الاسلحة الرشاشة وقذائف ال ار بي جي ستكون سرائيل في مشكلة كبيرة وعندما ستكون مواقع حساسة واستراتيجية في دولة اسرائيل على مرمى صارخ ساغر وستتضاعف مشكلة اسرائيل وعندما تكون لديك احدث الطائرات في العالم ولا تستطيع ان تقلع لوقوع المطار في مرمى النيران اذن انت في مشكلة حقيقية .
واضاف : وانا شخصيا اعتقد باستحالة حفظ امن دولة اسرئيل دون هضبة الجولان ونحن نحتاج معظم مساحة الهضبة حتى يتوفر لدينا الحد الادني من المدى الجغرافي لاستخدام السلاح الموجه من صواريخ وطائرات دون طيار ضد الضفة الغربية بصورة ناجعة عدا عن عدم معرفتنا بشكل الاردن بعد خمس سنوات .
او كيف سيتطور الوضع في العراق ؟ دون ان ننسى المحافظة على قوتنا في مواجهة ايران لذلك فان السيطرة على خط التلال المطلة على مطار بن غريون وخط رقم 6 هو امر حيوي لامن اسرائيل وكذلك توسيع المضيق حول القدس مما يعني ان الـ 12% من مساحة الضفة هي الحد الادنى لتوفير الامن الاسرائيلي .
س- هل ترى بدولة فلسطينية على مساحة 88% من الضفة الغربية دولة قابلة للحياة ؟
ج- هذا هو ادعائي الثاني حيث ادعي بان دولة فلسطينية مقامة على 100% من مساح غزة و97% من مساحة الضفة لن تكون قابلة للحياة وسيسيطر عليها الفقر والحاجة وستكون دولة متطرفة وستبقى تحت الضغط الديموغرافي الكبير اذا عرفنا بان عدد سكان غزة سيبلغ عام 2020 اثنين ونصف مليون نسمة فيما ستبقى مساحته البالغة 365 كلم مربع على حالها الامر الذي سيقود بالضرورة الى الانفجار وفي احسن الحالات ستعود ظاهرة الفدائيين التي سادت في سنوات الخمسينيات وفي اسوء الحالات قديحصل الانهيار التام وتقع المواجهة الشاملة لذلك فان النموذج التقليدي لدولتيين بين البحر والنهر غير قابل للتطبيق .
س- هل يوجد لديك اقتراح اخر او بديل لهذا النموذج ؟
ج- الاقتراح الذي اعددته عام 2004 وقدمته الى رئيس الوزراء شارون ويقضي بايجاد حل اقليمي يقوم على اضافة 600كلم مربع من اراضي شمال سيناء لقطاع غزة من اجل اقامة مطار وميناء دوليين اضافة الى مدينة تتسع الى مليون فلسطيني مقابل اعطاء اسرائيل 600كلم مربع من اراضي الضفة الغربية من اجل ضمان خط حدود قابل للدفاع واعطاء مصر تعويض اقليمي في منطقة النقب الجنوبي بمساحة 150 كلم مربع اضافة الى تقديم مساعدات دولية وتطوير الاقتصاد المصري وشق قناة تربط مصر والاردن مرورا بمدينة ايلات مقابل منح الفلسطيني مساحة 100 كلم مربع خلف نهر الاردن لتصبح المساحة التي يسيطرون عليها 105% مما يطالبون به حاليا وبهذا يخرج الحل من نطاق المنطقة الحصورة بين البحر والنهر ويكون جميع الاطراف من الرابحين .
س- الفلسطينيون مستعدون لبحث مثل هذا الاقتراح ؟
ج- جميع اعضاء فتح الذين طرح عليهم الاقتراح مثل ابو علاء ومحمد دحلان اظهروا اهتماما واضحا بالاقتراح والفلسطينين عمليين اكثر مما نعتقد وهم يدركون اهمية توسيع قطاع غزة واقامة دولة قابلة للحياة.
س- ماذا عن الاردنيين والمصريين ؟
ج- انا واثق من قدرتنا على تقديم اقتراح يجذبهم ويشد اهتمامهم
س- خطة اولمرت عمليا تقضي على اخر فرص حلك الاقليمي اليس كذلك ؟
ج- ليس فقط خطة الانطواء ولكن هناك اخطاء استراتيجية اسرائيلية كثيرة ومستمرة ولا يمكن التساهل معها او نسيانها ومنها اننا وخلال 30 عاما اصدرنا للعالم رسائل مفادها ان حل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي ممكن في المنطقة الواقعة بين البحر والنهر وفي هذه القضية وقعت ستة اخطاء هي اتفاقية السلام مع مصر و اجتياح لبنان رفض اقتراح الكنفدرالية الاردنية الفلسطينية واتفاقية اسلو وكامب ديفيد اضافة الى خطة الانطواء التي يبشر بها اولمرت وهذه الاخطاء قادتنا الى طريق مسدود .
عام 2003 كنت هناك فرصة للعبور الى طريق واتجاه اخر والخروج من الفخ الا ان اسرائيل اضاعت هذه الفرصة واليوم ظروف اسرائيل اسوء مما كانت عليه حينها وقبل سنتيين ونصف لم يخطر على بال احد بان اسرائيل ستخلي مستوطنات وكان من الممكن ان نحصل على ثمن مرتفع جدا مقابل اخلائها لكن اليوم يبدو امر اخلاء المستوطنان وكأنه تحصيل حاصل ولا يمكن استخدامه كما كان عام 2004 وهذا هو مصدر احباطي .
ما رأيك في عملية الانطواء بحد ذاتها ؟
ج- تثير الكثير من المشاكل الواجب استيضاحها اولها مشكلة مسار الانطواء وكلما كان اقرب الى الشرق تقلص عدد المستوطنات الواجب اخلاؤها ويبتعد من تحت انف اسرائيل لكن بخطا كهذا ستنعدم فرص الاعتراف بشرعيته دوليا وكلما ذهب المسار باتجاه الغرب حاز على شرعية دولية اكثر ولكنه يضعنا امام معضلة اخلاء اكثر من 70 الف مستوطن اي عشرة اضعاف مستوطني غزة عدا عن كون المناطق التي سيتم اخلائها ذات اهمية استراتيجية اكبر من غوش قطيف حيث تعتبر مستوطنة عوفرة وبيت ايل وكريات اربع ضمن الاجماع الاسرائيلي وهن قلب سويداء قلب ارض اسرائيل وكذلك العملية العسكرية الهعادفة الى تنفيذ خطة الانطواء معقدة جدا وتكلفتها تصل الى 100 مليار شيكل ، انا لا ادعي بان المهمة مستحيلة ولكن اذا لم يتم ادارتها بشكل جيد ستؤدي الى تحطم المجتمع الاسرائيلي .
س- هل هناك اي احتمال ان تحصل على الاعتراف الدولي بالجدار كحدود دائمة فيما ذا انسحبت خلفه ؟
ج- لا يوجد اي فرصة لان الجداريقتطع بـ 7% من مساحة الضفة واذا اكتفينا بـ3% ربما نحصل على اعتراف دولي بالخط الجديد
س- ماهي المعضلة الامنية المترتبة عن خطة الانطواء ؟
ج- اذا لم يخرج الجيش من المناطق التي سيتم اخلائها فمعنى ذلك استمرار الاحتلال والاحتكاك مع الفلسطينين مما سيضع اسرائيل في ضائقة على الساحة الدولية وفي المقابل اذا خرج الجيش من تلك المناطق بشكل نهائي مثلما فعل في قطاع غزة ستخلق مشاكل امنية لا اعرف كيف سيتم حلها .
س: مثل ماذا ؟
ج- اطلاق صاروخ محلي باتجاه القدس او نتانيا او اقامة جسر جوي بين ايران والضفة الغربية لا تستطيع اسرائيل وقفها .
س: كيف ستؤثر خطة الانطواء على الاردن ؟
ج: اذا احتفظت اسرائيل بقطاع من الاراضي بين الاردن والضفة سيستمر الاحتلال والاحتكاك وسيتضاعف الضغط الدولي على اسرائيل وفي المقابل اذا اخليت المنطقة الدولة الفلسطينية التي ستنشأ ستكون دولة حماس ستسيطر على خط حدود بطول 140 كلم مع الاردن مما سيخلق وضعا غير جيد للاردن .
س- هل تحدثت مع اولمرت حول خطة الانطواء ؟
ج- لا
س- كيف ؟
ج- قرأت عنها في الصحف مثل اي مواطن اخر ، وكما يبدو لا يرى اولمرت اية ضرورة
لاستشارة رجل مثلي وانا اقول ذلك دون ان اشعر بالمرارة وهذا جيد ولا يوجد لي اشكالية مع ذلك فهو رئيس ورزاء مجرب وصاحب قدرة على اتخاذ القرارات ويدير الامور بشكل مثير للانتباه .
س- يعني قرار خطة الانطواء اتخذ دون دراسة او الية منضمة لاتخاذ القرارات مثلما حدث مع قرار الانسحاب من غزة ؟
ج- اذا قرر رئيس الوزراء بانه سمع وعرف ما يكفي فلا يوجد مشكلة فلماذا يستشير اخريين
س- لكن المؤسسة الرسمية لم تناقش فيما اذا كانت خطة الانطواء جيدة لاسرائيل ؟
ج- صحيح
س- يبدو لكن منطقيا ان دولة منظمة تتخذ قرارات استراتيجية بهذا الحجم بهذه الطريقة ؟
ج- لقد اتخذ اهم قرار منذ 40 عاما وانا اقدر رئيس الوزراء على قدرته على اتخاذ مثل هذا القرار وهو مؤمن بطريقه ولم اكن شريكا بقراراته ، لذلك من ناحيتي النتيجة واضحة وهي " يجب علي اخلاء منصبي لاخرين يحظون بثقه اكبر ومن المهم ان اؤكد بانني لست معارضا لخطة الانطواء وانما اشير الى القضايا بهدف دراستها وفحصها ومن يؤمن بنموذج دولتيين بين البحر والنهر من المنطقي ان يدعم هذه الطريق وانا من قبلي اثير الكثير من الشكوك حول هذا النموذج .