الإثنين: 18/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحديث ذو شجون .. رجال من "أم النور" * بقلم : فايز نصار

نشر بتاريخ: 16/05/2010 ( آخر تحديث: 16/05/2010 الساعة: 18:59 )
فتحت خليل الرحمن قلبها ، وازدانت دواليها ، احتفاء بالغوالي القادمين من فلسطين العميقة ، لمصافحة الصابرين في المدينة العتيقة ، تزامنا مع الهبة الشعبية المباركة ، التي تدافع من خلالها كل الفلسطينيين ، للمشاركة جماعيا في إحياء الذكرى الثانية والستين لجرح الوطن المفدى .

كان مؤذن الحرم الخليلي يرسل تكبيراته من مآذن المسجد المقسم عندما كان "الفحميون" الأصايل يحثون الخطى الجريئة لتقاسم الجرح الفلسطيني ، مؤكدين أن كل فلسطين تقف في خندق متقدم إلى جانب الخلايلة ، لإحباط محاولة ذراع اليمين اليهودي الغليظة ، "الحاخام بيبي" لإلحاق بيت إبراهيم الخليل بالتراث اليهودي المزعوم .

من قناطر الخليل المعتقة مر الفوج القادم من "أم النور" في ضيافة أحفاد أبي الضيفان ، قبل الوقوف القصري أمام الحواجز الاحتفالية ، التي تحاول منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه... أمام الحاجز العبثي وقف ممثل "كل العرب" الزميل سعيد حسنين شامخا ، وفي عينيه ذروة التحدي لقضبان العنصرية .. تماما كما سجل التاريخ على الدولة العبرية ،محاولة منع كرسي المعلم سليم حمدان ، الذي جاء الخليل مبايعا ضمن موكب وحداتي ، فهزم السجان بإصراره على دخول الحرم بكرسيه الخضوع لأبجديات محاكم التفتيش قبل سنوات .

المشهد الفلسطيني ظل يتكرر كلما شدّ الرياضيون العرب الرحال إلى خليلهم ، مبايعين على مواصلة النضال في الملاعب الفلسطينية وغير الفلسطينية ، لإحقاق الحق الفلسطيني ، وفي مقدمته عودة أبناء الوطن المفدى للصلاة آمنين في مساجده ، لأنه ليس عند الله أظلم ممن هدم مساجد وبيع وصلوات يذكر فيها أسمه !

المهم أن أبناء أم النور صلوا في الحرم قبل التنقل إلى بيت الخلايلة الرياضي ، للتنافس فوق المستطيل الأخضر ، في لقاء كروي أعاد إلى الذاكرة ملامح اللقاء الأول ، الذي جمع العميد الخليلي بفريق كفر كنه قبل خمس عشرة سنة ، فقص شيخ الأندية شريط اللقاءات ، التي لم تتوقف بين الفلسطينيين المنتشرين كالأكسجين على دفتي جدار الفصل العنصري ، لتصبح الرياضة عنوان التواصل الأول بين كل الفلسطينيين ، وليتحول اللقاء الذي ضم لاعبين من كل أقاليم فلسطين التاريخية إلى رسالة جسدت الوحدة الفلسطينية ، في مواجهة الخارجين عن النص الفلسطيني ، ممن يقدمون جدلية البيض والدجاج على استحقاق الوحدة الوطنية !

في ملعب الحسين العامر كان ما يقرب من ثمانية آلاف متفرج في انتظار القادمين من الشمال ، فتأججت المشاعر في لقاء حميمي قالت فيه الدموع كلمتها ، لأن الشيخ خالد حمدان الذي ناب عن الشيخ رائد صلاح تأكد أن الخلايلة على العهد الفلسطيني باقون ، خاصة وان سواد الجماهير الأعظم ، ممن جاءوا للترحيب بحملة البيارق لم يعاينوا أم الفحم بسبب الجدار الآثم ، ولم يسعفهم الحظ بالتقاط صورة في كفر كنا على خلفية عنجهية جندي حبشي ، ولم يحققوا حلمهم في تنفس أكسجين شفا عمرو لأن غريبا تلموديا ما زال يحلم بتغيير الوقائع التاريخية .

الجمهور كان حميميا ، وتفاعل مع اللوحة الكروية الجميلة التي طرزها لاعبو الفريقين ، من خلال أداء كروي رفيع المستوى ،جعل الزميل سعيد حسنين ، الذي رافقني في نقل المباراة على أمواج إذاعة الخليل ، يطلق العنان لخياله ، حالما بيوم فلسطيني حر ، يلعب فيه كل الفلسطينيين كرة القدم ، يومها اخي فايز ، قال أبو محمود : سنسمع الدنيا صوت الإبداع الفلسطيني ، في كل المجالات ، لأننا شعب نستحق أكثر ، ولأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة .

كان اللقاء حميميا ، شرفه في حفل الغداء معالي وزير الحكم المحلي ، المهندس خالد فهد القواسمي ، ممثلا لدولة رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض ، بما يؤكد أن القيادة الفلسطينية ،حاضرة في مختلف الفعاليات الرياضية ، ونقل من خلاله رئيس بلدية ام الفحم خالد حمدان تحية الفارس الفلسطيني رائد صلاح ، الذي يخوض بشجاعة معاركه الفلسطينية في مواجهة المارقين ، ويقود جحافل المعذبين في الأرض ، في مواجهة المفسدين على هذه الأرض ! واتحاد الكرة كان حاضرة أيضا من خلال تحيات باعث الحراك الرياضي الفلسطيني ، اللواء جبريل الرجوب ، عندما نقال رئيس الشباب الحاج كعاوية القواسمي تحياته للفريقين ، ومن خلال

التحسن الكبير في المستوى ، الذي جعل المدرب عيسى يبدى ثقته بمستقبل الكرة الفلسطينية المحترفة ز

اللوحة الفلسطينية كانت حافلة ، المدرب سمير عيسى يقود فيالق المثلث ، ومعه الحربي والجمال ، وناصر الدين ، الذي خاله البعض خليلا ، من عائلة ناصر الدين المغاربية ، التي لبت نداء فلسطين من عمق المغرب العربي ، في مواجهة الصليبيين ... انه خليلي الأصل قال صاحبي مداعبا ، والحارس خليلي كمان ، اسمه يدل على أصله وفصله !

لم يسـأل من فاتهم العرس الكروي الكبير عن النتيجة ، ولم يهتموا بمن سجل الأهداف ، وانصبت الأسئلة على لاعبي الضيوف ،وشيخهم المعلم ، وانصبت أسئلة كثير منهم عن الثوب الجديد لعميد الأندية ، الذي ظهر بتشكيلة لم يألفها الجمهور ، و ضمت الحارس محمد شبير ، ومراد إسماعيل وشادي فرحان ، ورائد فارس وأبو حبيب وحسام زيادة ، وكلهم من النجوم الجدد ، الذين انضموا للعميد المحترف ، في انتظار صفقات جديدة وعد بها كبير الأسرة الشبابية أبو المجد .

لم يخسر بلدي أم الفحم المباراة .. رغم الأهداف الأربعة التي هزت شباكه ، بل حقق الفوز قبل بداية المباراة ، وبعدها لان زيارته إلى الخليل تحمل من الرمزية ما جعلنا نتذكر كل شيء في يوم النكبة ، وكان في مقدمة العائدين في هذا اليوم من قضوا نحبهم في المعارك البطولية التي خاضها رجال الجليل والمثلث والنقب ، للحفاظ على الهوية ، فخاب رهان بن غوريون ، لأن الآباء رحلوا ، ولكن الأبناء لم ينسوا !

والحديث ذو شجون .